الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا
اشترى ذمي بخمر أو خنزير دارا وشفيعها ذمي
ــ
[البناية]
كذلك يشترط الطلب عند العلم بالبيع، حتى لو سكت بطلت شفعته كما ذكرنا.
[اشترى ذمي بخمر أو خنزير دارا وشفيعها ذمي]
م: (قال: وإذا اشترى ذمي بخمر أو خنزير دارا وشفيعها ذمي) ش: أي القدوري، وقيد بقوله اشترى بخمر أو خنزير احترازا عما اشتراه بالميتة فإن البيع فيه باطل ولا شفعة فيه.
قوله وشفيعها ذمي احترز به عما إذا كان مرتدا فإنه لا شفعة له سواء قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب ولا يورثه؛ لأن الشفعة لا تورث عندنا وأحمد، خلافا للشافعي ومالك إذا مات بعد الطلب، وإن كان شفيعها مسلما أخذها بقيمة الخمر والخنزير.
واعلم أن الشفعة تجب للذمي على الذمي بلا خلاف للعلماء، وهل يثبت لكافر على مسلم فيه خلاف. قال أحمد والحسن والشعبي: لا شفعة له على مسلم، لما روى الدارقطني بإسناده عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا شفعة لنصراني» وعندنا والشافعي ومالك والنووي والنخعي وشريح وعمر بن عبد العزيز له الشفعة لعموم الأحاديث التي مر ذكرها في هذا الباب، وحديث أنس ليس على عمومه فإذا ثبت له إذا كان شريكه نصرانيا بالإجماع مع أنه غير مشهور.
وأما الحربي المستأمن في حق الشفعة له وعليه في دار الإسلام كالذمي؛ لأنه من المعاملات، وبه التزم حكم المعاملات، ثم إذا جرى البيع بين ذميين بخمر أو خنزير وأخذ الشفيع بذلك لم ينقض ما فعلوه، وإن كان التناقض جرى بين المتبايعين دون الشفيع وترافعوا إلينا فعندنا يحكم بالشفعة وبه قال أبو الخطاب الحنبلي، وقال الشافعي وأحمد لا يحكم به؛ لأنه يبيع عقد بخمر أو خنزير، فصار كبيعهم بالميتة واعتقادهم حل الخمر والخنزير لا يجعلهما مالا.
وفي " المغني " اشترى الذمي عن ذمي كنيسة وبيعه فللشفيع الشفعة إذا كان من ديانتهم أن الملك لا يزول بجعله بيعة أو كنيسة، الحربي المستأمن في حق الشفعة كالذمي لالتزامه أحكام المعاملات، فلو اشترى الحربي في دار الإسلام دارا ولحق بدار الحرب فالشفيع على شفعته متى لقيه؛ لأن لحاقة [
…
] ، وموت المشتري لا يبطل الشفعة.
أخذها بمثل الخمر وقيمة الخنزير؛ لأن هذا البيع مقضي بالصحة فيما بينهم، وحق الشفعة يعم المسلم والذمي والخمر لهم كالخل لنا، والخنزير كالشاة فيأخذ في الأول بالمثل والثاني بالقيمة.
قال: وإن كان شفيعها مسلما أخذها بقيمة الخمر والخنزير، أما الخنزير فظاهر، وكذا الخمر لامتناع التسليم والتسلم في حق المسلم، فالتحق بغير المثلي. وإن كان شفيعها مسلما وذميا أخذ المسلم نصفها بنصف قيمة الخمر، والذمي نصفها بنصف مثل الخمر اعتبارا للبعض بالكل، فلو أسلم الذمي أخذها بنصف قيمة الخمر لعجزه عن تمليك الخمر، وبالإسلام يتأكد حقه، لا أن يبطل،
ــ
[البناية]
ولو اشترى مسلم في دار الحرب وشفيعها مسلم ثم أسلم أهل الدار لا شفعة للشفيع؛ لأن حق الشفعة من أحكام الإسلام لا يجري في دار الحرب، فكل حكم يفتقر إلى القضاء يثبت ذلك في حق المسلم في دار الحرب، كما لو زنيا ثم خرجا لا يحكم بالحد، وكل حكم لا يفتقر إلى القضاء كصحة البيع والشراء والاستيلاء ونفاذ العتق ووجوب الصلاة والصوم يحكم في حق من أسلم في دار الحرب بينونة.
م: (أخذها بمثل الخمر وقيمة الخنزير لأن هذا البيع مقضي بالصحة) ش: أي محكوم بالصحة م: (فيما بينهم، وحق الشفعة يعم المسلم والذمي) ش: لعموم النصوص م: (والخمر لهم كالخل لنا، والخنزير كالشاة فيأخذ في الأول) ش: وهو الخمر م: (بالمثل) ش: لأنه يصح ضمانه له بأقل م: (والثاني بالقيمة) ش: أي يأخذ الثاني وهو الخنزير بالقيمة لأنه لا مثل له.
م: (قال: وإن كان شفيعها مسلما) ش: أي قال القدوري م: (أخذها بقيمة الخمر والخنزير أما الخنزير فظاهر) ش: لأنه من ذوات القيم، ووجوب القيمة من ذوات القيمة أمر ظاهر.
فإن قيل: يشكل بأن قيمة الخنزير لها حكم عن الخنزير، ولهذا لا يعشر العاشر من قيمته كما تقدم في باب من يمر على العاشر.
وأجيب: بأن مراعاة حق الشفيع واجبة بقدر الإمكان، ومن ضرورة ذلك دفع قيمة الخنزير، بخلاف ما إذا مر على العاشر.
م: (وكذا الخمر لامتناع التسليم والتسلم في حق المسلم فالتحق بغير المثلي) ش: لأن المسلم لا يجوز أن يضمن تسليم الخمر في ذمته، ويجوز أن يلزمه قيمتها لحق الذمي كما لو استهلكها عليه م:(وإن كان شفيعها مسلما وذميا أخذ المسلم نصفها بنصف قيمة الخمر، والذمي نصفها بنصف مثل الخمر اعتبارا للبعض بالكل) ش: يعني لو كان كل الشفعة للمسلم يأخذها كلها بقيمة الخمر، فكان إذا كان نصفها له ونصفها للذمي كذلك م:(فلو أسلم الذمي أخذها بنصف قيمة الخمر لعجزه عن تمليك الخمر، وبالإسلام يتأكد حقه) ش: لأن الإسلام سبب لتأكد حقه م: (لا أن يبطل) ش:
فصار كما إذا اشتراها بكر من رطب فحضر الشفيع بعد انقطاعه يأخذها بقيمة الرطب، كذا هذا.
ــ
[البناية]
أي حقه.
م: (فصار) ش: أي حكم هذه المسألة م: (كما إذا اشتراها) ش: أي الدار م: (بكر من رطب فحضر الشفيع بعد انقطاعه) ش: أي انقطاع الرطب عن أيدي الناس فإنه م: (يأخذها) ش: الدار م: (بقيمة الرطب، كذا هذا) ش: أي ما نحن فيه حيث يأخذ بنصف قيمة الخمر.
فإن قلت: كيف يعرف قيمة الخمر والخنزير؟
قلت: ذكر في " المبسوط " طريق معرفة قيمة الخمر والخنزير الرجوع إلى من أسلم من أهل الذمة أو إلى من تاب من فسقة المسلمين، فلو وقع الاختلاف في ذلك فالقول قول المشتري، كما لو اختلف الشفيع والمشتري في مقدار الثمن وفيه أيضا: ولو أسلم المتبايعين والخمر غير مقبوض والدار مقبوضة وغير مقبوضة ينقض البيع بينهما لفوات القبض المستحق، ولكن لا تبطل في حق الشفيع.
وفي " الشامل " اشترى بيعته تجب الشفعة فيها؛ لأنها لم تصر وقفا عند أبي حنيفة، وعندهما أيضا؛ لأنه ليس بمباح. وقال أيضا باع المرتد دارا ثم قيل لا شفعة فيها عند أبي حنيفة خلافا لهما. وقال أيضا اشترى المسلم دارا والمرتد شفيعها فقيل لا شفعة له ولا لورثته.