الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما تجب فيه الشفعة وما لا تجب
قال: الشفعة واجبة في العقار، وإن كان مما لا يقسم. وقال الشافعي رحمه الله: لا شفعة فيما لا يقسم؛
ــ
[البناية]
[باب ما تجب فيه الشفعة وما لا تجب]
[الشفعة في جميع ما بيع من العقار]
م: (باب ما تجب فيه الشفعة وما لا تجب)
ش: أي هذا باب في بيان ما تجب فيه الشفعة وما لا تجب. ولما ذكر تعقب الشفعة مجملا شرع في بيانه مفصلا، والتفصيل يكون بعد الإجمال.
م: (قال: الشفعة واجبة) ش: أي قال القدوري، وأراد بالوجوب الثبوت لا الوجوب الذي يكون تاركه آثما م:(في العقار) ش: وهو كل ما له أصل من دار أو ضيعة.
وقال الكرخي في "مختصره": الشفعة واجبة في جميع ما بيع من العقار دون غيره بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الدور والمنازل والحوانيت والحانات والفنادق والمزارع والبساتين والأقرحة والأرجاء والحمامات وسائر العقار إذا وقع البيع على عرصته إن كانت في مصر أو نحوه أو سواء أو غير ذلك من أرض الإسلام إذا كان ذلك مملوكا لا يجوز بيع مالكه فيه، فكان البيع بيعا قاطعا ليس فيه خيار شرط، وإن كان فيه خيار شرط وكان الشرط لمشتريه لا لبائعه ففيه الشفعة، وإن كان لبائعه أو لهما فلا شفعة فيه. انتهى.
م: (وإن كان) ش: أي العقار م: مما لا يقسم) ش: كالحمام والرحى والنهر والبئر والطريق.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا شفعة فيما لا يقسم) ش: وبه قال مالك وأحمد في رواية وإسحاق وأبو ثور، وبقولنا قال مالك في رواية وأحمد في أخرى وابن شريح من الشافعية، وهو قول الثوري أيضا.
ولو كانت البئر واسعة يمكن أن يبني فيها ويجعل بئرين والحمام كثير البيوت يمكن جعله حمامين أو يمكن أن يجعل كل بينت بيتين، أو الطاحونة كبيرة تجعل طاحونتين لكل واحدة حجران يثبت فيها الشفعة عند الشافعي على الأصح، وبه قال أحمد وإن لم يكن كذلك وهو الغالب في هذه العقارات فلا شفعة فيها على الأصح، كذا في " شرح الوجيز ".
لهم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا شفعة في بناء ولا طريق ولا منقبة» والمنقبة الطريق الضيق، رواه ابن الخطاب. وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال:"لا شفعة في بئر ولا نخل".
لأن الشفعة إنما وجبت دفعا لمؤنة القسمة، وهذا لا يتحقق فيما لا يقسم. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:«الشفعة في كل شيء، عقار أو ربع»
ــ
[البناية]
ولنا حديث جابر عنه صلى الله عليه وسلم: «الشفعة في كل شيء» على ما يأتي الآن. وحديث أبي الخطاب غير معروف، وحديث عثمان يمكن أن يكون مذهبه إن ثبت، والشفعة شرعت لدفع سوء الجوار، وهذا يشمل الكل.
م: (لأن الشفعة إنما وجبت دفعا لمؤنة القسمة) ش: وهو الضرر الذي يلحق الشريك بأجرة القسام م: (وهذا) ش: أي دفع مؤنة القسمة م: (لا يتحقق فيما لا يقسم) ش: فلا تجب الشفعة فيه.
م: (ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: «الشفعة في كل شيء، عقار أو ربع» ش: هذا الحديث رواه إسحاق بن راهوية في "مسنده" أخبرنا الفضل بن موسى ثنا أبو حمزة السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء» .
وروى الطحاوي في " شرح الآثار " حدثنا محمد بن خزيمة بن راشد حدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن إدريس وهو عبد الله الأودي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء» .
ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في "أحكامه" وزاد في إسناده هو القراطيسي، يعني يزيد بن عدي. وقال ابن القطان: وهو وهم فيه، ليس في كتاب الطحاوي ولكنه قلد فيه ابن حزم وقد وجدنا لابن حزم في كتابه كثيرا من ذلك، مثل تفسيره حماد بأنه ابن زيد ويكون ابن سلمة.
والراوي عنه موسى بن إسماعيل، وتفسيره شيبان بأنه فروخ وإنما هو النحوي وهو قبيح. فإن صفتهما ليست واحدة، وتفسيره داود عن الشعبي بأنه الطائي وإنما هو ابن أبي هند، ومثل هذا كثير قد بيناه وضمناه بابا مفردا فيما نظرنا في كتابه " المحلى ".
إلى غير ذلك من العمومات، ولأن الشفعة سببها الاتصال في الملك، والحكمة دفع ضرر سوء الجوار على ما مر، وأنه ينتظم القسمين ما يقسم وما لا يقسم وهو الحمام والرحى والبئر والطريق
ــ
[البناية]
والقراطيسي إنما هو يوسف يروي عن مالك بن أنس وغيره. وروى عنه الرازيان قاله أبو حاتم ووثقه هو وأبو زرعة، وأما يوسف بن يزيد القراطيسي فهو أيضا ثقة جليل مصري ذكره ابن يونس في "تاريخه"، توفي سنة سبع وثمانين ومائتين، وقد رأى الشافعي، ومولده سنة سبع وثمانين ومائة.
قوله عقار بدل مولد له شيء وقد فسرنا العقار. والربع المنزل الشتاء والصيف في الربيع. وقيل الدار. ويجمع على ربوع وأرباع وأربع ورباع. وأصله من أربع بالمكان إذا أقام به. وفي " الجمهرة " الربع المنزل في الشتاء والصيف، والربع المنزل في الربيع، ويقال الربع الدار حيث كانت م:(إلى غير ذلك من العمومات) ش: هذا حال من قوله صلى الله عليه وسلم، والتقدير ولنا قوله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا منتهيا إلى غيره من النصوص العامة المتناولة لما يقسم ولما لا يقسم، والعمومات جمع عموم جمع عام وهي الأحاديث التي مرت فيما مضى.
م: (ولأن الشفعة سببها الاتصال في الملك) ش: أي الاتصال بين الملكين م: (والحكمة دفع ضرر سوء الجوار) ش: أي الحكمة في مشروعيتها دفع ضرر السوء الحاصل بسبب الجوار؛ لأن الاتصال على وجه التأبيد والقرار لا يقرر عن ضرر الدخيل بسبب سوء الصحبة وأذى المجاورة م: (على ما مر) ش: في أوائل كتاب الشفعة م: (وأنه) ش: أي دفع ضرر سوء الجوار م: (ينتظم القسمين ما يقسم وما لا يقسم) ش: قوله ما يقسم وما لا يقسم تفسير للقسمين، ويجوز أن يكون حظهما من الإعراب النصب على البدلية، ويجوز أن يكون الرفع على تقدير أحدهما ما يقسم والآخر ما لا يقسم م:(وهو) ش: أي ما لا يقسم م: (الحمام) ش: بتشديد الميم واحد الحمامات المبنية، وأصله من الحميم وهو الماء الجاري.
م: (والرحى) ش: والمراد به بيت الرحى؛ لأن الرحى اسم للحجر، ومنه يقال رحوت الرحى ورحيتها أنا إذا أدرتها. قال الجوهري: الرحى معروفة مؤنثة، والألف منقلبة من الياء بقولهما رحيان، وكل من قال: رحاء ورحا وأرحية مثل عطاء وعطا وأعطية جعلها منقلبة من الواو، ولا أدري ما حجته وما صحته وثلاث أرح، والكثير أرحاء. وقال الصنعاني في " مجمع البحرين ": يقال في تثنية الرحى رحوان كما يقال رحيان، وتكتب بالياء والألف.
م: (والبئر والطريق) ش: وكذا النهر والدور والصغار، والحاصل أن المراد بما لا يقسم أي لا ينتفع به بعد القسمة الحسبية مثل انتفاعه قبل القسمة ويفوت جنس الانتفاع كما في الحمام؛ لأنه لا يحتمل التجزئ والقسمة في ذاته؛ لأنه ما من شيء في الدنيا إلا ويحتمل التجزئ في نفسه.