الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب دعوى الغلط في القسمة والاستحقاق فيها
قال: وإذا ادعى أحدهم الغلط وزعم أن مما أصابه شيئا في يد صاحبه وقد أشهد على نفسه بالاستيفاء لم يصدق على ذلك إلا ببينة، لأنه يدعي فسخ القسمة بعد وقوعها، فلا يصدق إلا بحجة. فإن لم تقم له بينة استحلف الشركاء، فمن نكل منهم جمع بين نصيب الناكل والمدعي، فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما، لأن النكول حجة في حقه خاصة.
ــ
[البناية]
[باب دعوى الغلط في القسمة والاستحقاق فيها]
م: (باب دعوى الغلط في القسمة والاستحقاق فيها) ش: أي هذا باب في بيان دعوى المتقاسمين الغلط في القسمة وظهور الاستحقاق فيها، وإنما أخره لكونه من العوارض، والوجه تأخيره.
م: (قال: وإذا ادعى أحدهم الغلط) ش: أي قال القدوري في "مختصره": أي إذا ادعى أحد المتقاسمين الغلط في القسمة م: (وزعم أن مما أصابه شيئا في يد صاحبه) ش: أي من الذي أصابه من العقار مثلا شيء وقع في يد صاحبه، وفي بعض النسخ شيئا بالنصب وهو الوجه، لأنه اسم أن.
ووجه الرفع على لغة البعض كما في قوله سبحانه وتعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63](طه: الآية 63) م: (وقد أشهد على نفسه بالاستيفاء) ش: أي والحال أنه قد أشهد على نفسه، وفسره في المبسوط أي أقر بالاستيفاء.
وكذا قال تاج الشريعة: أي أقر أنه استوفى نصيبه م: (لم يصدق على ذلك إلا بينة) ش: أي لم يصدق على ما ادعاه من الغلط إلا بحجة م: (لأنه يدعي فسخ القسمة بعد وقوعها فلا يصدق إلا بحجة) ش: كالمشتري إذا ادعى لنفسه خيار الشرط، فإن أقامها فقد نوى دعوى، وإن عجز عنها وهو معنى.
م: (فإن لم يقم له بينة استحلف الشركاء) ش: قيد بقوله استحلف الشركاء لأنهم لو أقروا بذلك لزمهم، فإذا أنكروا واستحلفوا عليه لرجاء النكول، وكان حق التركيب أن يقول استحلف شريكه، لأنه قال ولا. وإذا ادعى أحدهما الغلط م:(فمن نكل منهم) ش: أي من الشركاء م: (جمع بين نصيب الناكل والمدعي فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما؛ لأن النكول حجة في حقه خاصة) ش: لأن الناكل كالمقر، وإقراره حجة عليه دون غيره، ولو فسر هذا التركيب من وجهين، الأول: أن الجملة وقعت خبرا وهي عارية عن الضمير فلا يجوز، والثاني: في قوله أنصبائهما.
قلت: أما الأول فلأن اللام في قوله الناكل، أعني عن الضمير، وأما الثاني فهو من قبيل
فيعاملان على زعمهما. قال رضي الله عنه: ينبغي أن لا تقبل دعواه أصلا لتناقضه وإليه أشار من بعد. قد استوفيت حقي وأخذت بعضه فالقول قول خصمه مع يمينه. لأنه يدعي عليه الغصب وهو منكر. وإن قال: أصابني إلى موضع كذا فلم يسلمه إلي ولم يشهد على نفسه بالاستيفاء.
ــ
[البناية]
قَوْله تَعَالَى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4](التحريم: الآية 4)، م:(فيعاملان على زعمهما) ش: أي فيعامل الناكل والمدعي على حسب زعمهما بفتح الزاي وسكون العين من زعم يزعم، من باب نصر ينصر، وهو يستعمل في الأمر الذي لا يوثق به، ويجوز ضم الزاي أيضا، وأما زعم مثل علم يعلم فمعناه طمع، ومصدره زعم بفتحتين.
م: (قال رضي الله عنه: ينبغي أن لا تقبل دعواه أصلا) ش: يعني وإن أقام البينة، والقائل هو المصنف رحمه الله م:(لتناقضه) ش: أي لتناقض المدعي، فإنه إذا أشهد على نفسه بالاستيفاء فبعد ذلك بقاء حقه في يد آخر يناقض، فينبغي أن لا يسمع دعواه، كذا في " المبسوط " " وفتاوى قاضي خان " واعتذر بعضهم في هذا فقال: التناقض عفو في موضع الخفاء كالعبد يدعي الحرية بعد إقراره أنه رقيق.
وقال الحاكم الشهيد في " الكافي " وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - في رجل مات وترك دارا وابنين فاقتسما الدار وأخذ كل واحد نصيبه وأشهد على القسمة والقبض والوفاء ثم ادعى أحدهما ما في يد صاحبه لم يصدق على ذلك، إلا أن يقر صاحبه، فعلم بهذا أنه لا تقبل بينته بعد الإقرار بالاستيفاء كما قال صاحب " الهداية " م:(وإليه أشار من بعد) ش: إلى ما ذكرنا أشار القدوري في قوله وإن قال أصابني إلى موضع كذا فلم يسلمه إلي ولم يشهد على نفسه بالاستيفاء.
وقال تاج الشريعة: ويحتمل أن تكون الإشارة في المسألة الثالثة وهو إذا لم يشهد على نفسه بالاستيفاء والحكم فيها التحالف، لأنهما اختلفا في قدر المقبوض وقد وجد هذا المعنى في المسألة الأولى ولم يشرع التحالف على أن عدم التحالف في المسألة الأولى للتناقض.
م: (وإن قال: قد استوفيت حقي وأخذت بعضه فالقول قول خصمه مع يمينه) ش: هذا لفظ القدوري م: (لأنه يدعي عليه الغصب وهو منكر) ش: وقوله استوفيت بضم التاء إذا استوفى، وقوله وأخذت بفتح، أي أنت أخذت بعض حقي لأنه يدعي عليه الغصب وهو منكر، والقول للمنكر مع يمينه.
م: (وإن قال: أصابني إلى موضع كذا فلم يسلمه إلي) ش: هذا لفظ القدوري، أي وإن قال أحد المتقاسمين للآخر م:(ولم يشهد على نفسه بالاستيفاء) ش: أي والحال أن المدعي لم يشهد