الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لوجودها حسا ومشاهدة بخلاف الأقوال؛ لأن اعتبارها موجودة بالشرع والقصد من شرطه إلا إذا كان فعلا يتعلق به حكم يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص، فيجعل عدم القصد في ذلك شبهة في حق الصبي والمجنون.
قال: والصبي والمجنون لا يصح عقودهما ولا إقرارهما لما بينا،
ــ
[البناية]
لزمهما الضمان في الحال م: (لوجودها) ش: أي لوجود الأفعال م: (حسا ومشاهدة) ش: أي من حيث الحس والمشاهدة، فإذا حصل بها الإتلاف من قطع أو قتل أو إراقة شيء لا يمكن أن يجعل كالإتلاف.
م: (بخلاف الأقوال، لأن اعتبارها موجودة) ش: أي حال كونها موجودة م: (بالشرع) ش: أي حاصل بالشرع وهو خير، لأنه أراد أن اعتبار أقوال هؤلاء بالمشروع، والشرع لم يجعل الإقرار لهوا لهم فيما تردد من النفع والضرر، معتبرة في حق النفاذ م:(والقصد من شرطه) ش: أي القصد من شرط ذلك الاعتبار وليس للصبي والمجنون قصدا لقصور العقل، فينتفي المشروط به، وأما في العبد فالقصد وإن وجد منه لكنه غير معتبر للزوم الضرر على المولى بغير اختياره.
فإن قيل: الأقوال موجودة حسا ومشاهدة، وهما شرط اعتبارها موجودة شرعا بالقصد دون الأفعال، فالجواب من وجهين: أحدهما أن الأقوال الموجودة حسا ومشاهدة ليست عين مدلولاتها، بل هي دلالات عليها ويمكن تخلف المدلول عن دليله فيمكن أن يجعل الموجود بمنزلة المعدوم، بخلاف الأفعال، فإن الموجود منها عينها فبعدما وجدت لا يمكن أن تجعل غير موجودة.
والثاني: أن القول قد يقع صدقا وقد يقع كذبا وقد يقع هزلا، فلا بد من القصد، ألا ترى أن القول في الحر العاقل البالغ إذا وجد هازلا لم يعتبر شرعا، فكذا في هذه الثلاثة، بخلاف الأفعال، فإنها حيث وقعت حقيقة فلا يمكن تبديلها.
م: (إلا إذا كان فعلا) ش: استثناء من قوله دون الأفعال، أي هذه المعاني الثلاثة لا توجب الحجر في الأفعال إلا إذا كان ذلك الفعل فعلا م:(يتعلق به حكم يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص فيجعل عدم القصد في ذلك شبهة في حق الصبي والمجنون) ش: حتى لا يجب عليهما الحد بالزنا والسرقة وشرب الخمر وقطع الطرق والقصاص بالقتل، أما في حق العبد فللزوم الضرر في حق المولى من غير اختياره، فلهذا يتوقف على إجازته.
[العقود التي يجريها الصبي والمجنون]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (والصبي والمجنون لا يصح عقودهما) ش: أي لا ينفذ عندنا، ولكن ينعقد موقوفا على إجازة الولي خلافا للثلاثة م:(ولا إقرارهما لما بينا) ش: أشار
ولا يقع طلاقهما ولا عتاقهما لقوله عليه الصلاة والسلام: «كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمعتوه»
ــ
[البناية]
به إلى قوله والقصد من شرطه.
فإن قلت: لم أعاد هذه المسألة؟
قلت: أعاد تفريعا على الأصل المذكور أن هذه المعاني الثلاثة فوجب الحجر عن الأقوال لتساق القوليات في موضوع واحد.
م: (ولا يقع طلاقهما ولا عتاقهما) ش: أي طلاق الصبي والمجنون وإعتاقهما م: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمعتوه» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ لم يثبت، وإنما أخرج الترمذي في الطلاق عن عطاء بن عجلان، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه المغلوب على عقله» .
وقال: حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان، وهو ضعيف، ذاهب الحديث والعجب العجب من صاحب الرعاية مع ادعائه التعمق في العلوم وكونه في ديار الحديث وكتبه الجمة يقول بعد قوله صلى الله عليه وسلم:«كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي، والمعتوه» ، رواه الترمذي، عن أبي هريرة وكيف يعزوه إلى الترمذي بهذا المتن، وقد بينت لك ما أخرجه الترمذي. فهل هذا إلا استهتار عظيم بالألفاظ النبوية، اللهم اجعلنا ممن ينتبه لهذا، وممن ينتقد الجيد والزيف.
والاستدلال في هذا الموضوع بحديث رفع القلم عن ثلاث أولى وأحسن على ما لا يخفى، لأنه روي من طرق صحاح وحسان، وقد رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم:
الأول: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ولحديث طرق أمثلها ما رواه أبو داود من طريق ابن وهب عن جرير بن حازم عن سليمان بن مهران وهو الأعمش عن أبي ظبيان حصين بن جندب عن ابن عباس، قال: «مر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمجنونة بني فلان وقد زنت فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجمها فردها علي رضي الله عنه وقال لعمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين أترجم هذه قال: نعم، أما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم" قال صدقت فخلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
عنها» .
ورواه الحاكم في "المستدرك " وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الدارقطني في كتاب " العلل ": هذا الحديث يرويه أبو ظبيان واختلف عنه فرواه سليمان الأعمش عنه، واختلف عليه فرواه جرير بن حازم عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس فرفعه إلى النبي عليه السلام، عن علي وعمر رضي الله عنهما تفرد به ابن وهب عن جرين بن حازم وخالفه فضيل ووكيع فروياه عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس، عن علي، وعمر موقوفا ورواه عمار بن زريق عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علي وعمر موقوفا، ولم يذكر ابن عباس، وكذلك رواه سعيد بن عبيدة، عن أبي ظبيان موقوفا، ولم يذكر ابن عباس.
ورواه أبو حصين، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، عن علي، وعمر موقوفا، واختلف عنه فقيل، عن أبي ظبيان عن علي موقوفا قاله أبو بكر بن عباس، وشريك، عن أبي حسين.
ورواه عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، عن علي وعمر رضي الله عنهما مرفوعا من حديث حماد بن سلمة وأبي الأحوص وجرين بن عبد الحميد وعبد العزيز بن عبد الصمد وغيرهم. وقول وكيع وإن فضيل أشبه بالصواب. وروى أبو داود أيضا عن أبي الضحى وهو مسلم بن صبيح بضم الصاد وفتح الباء الموحدة عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يكلف وهو منقطع» ، قال الشيخ تقي الدين: وتابعه الشيخ زكي الدين المنذري أبو الضحى لم يدرك علي بن أبي طالب.
وروى أبو داود أيضا، عن أبي الأحوص جرير كلاهما، عن عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، قال: «أتى عمر رضي الله عنه بامرأة قد فجرت فأمر برجمها، فأتى علي رضي الله عنه فأخذها فخلى سبيلها، فأخبر عمر رضي الله عنه، فقال: ادعوا إلي عليا، فجاء فقال: يا أمير المؤمنين، لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رفع القلم عن ثلاث، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يبرأ"، وأن هذه معتوهة بني فلان لعل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الذي أتاها وهي في بلائها، قال: فقال عمر رضي الله عنه: لا أدري، فقال علي رضي الله عنه وأنا لا أدري» .
وأخرجه النسائي في الرجم، عن عبد العزيز بن عبد الصمد، عن عطاء بن السائب به، وأخرجه أحمد في مسنده، عن حماد بن سلمة، عن عطاء به، وقال في آخره: فلم يرجمها، قال الشيخ تقي الدين: وهذه الرواية يتوقف اتصالها على إدراك أبي ظبيان لعلي وعمر رضي الله عنهما؟ لأنه حكى الواقعة ولم يذكر أنه شاهدها فهي محتملة الانقطاع، ولكن الدارقطني أثبت لقاءه لهما فسئل في علله هل لقي أبو ظبيان عليا وعمر رضي الله عنهما فقال: نعم، قال وعلى تقدير الاتصال فعطاء بن السائب اختلط بآخره، قال الإمام أحمد وابن معين: من سمع منه حديثا فليس بشيء ومن سمع منه قديما قبل، وأيضا فهو معلول بالوقف. كما رواه النسائي من حديث أبي حصين بفتح الحاء وكسر الصاد، عن أبي ظبيان، عن علي رضي الله عنه وقال النسائي وأبو حصين أثبت من عطاء بن السائب.
وأخرجه ابن ماجه عن القاسم بن زيد، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن الصغير والمجنون والنائم» ، قال الشيخ تقي الدين تابعا لشيخه المنذري: القاسم هذا لم يدرك عليا رضي الله عنه وكذلك في أطراف ابن عساكر، وأخرجه الترمذي في الحدود والنسائي أيضا في الرجم، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل» وقال الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي عن علي رضي الله عنه من غير وجه ولا نعرف للحسن سماعا من على رضي الله عنه.
وأخرجه النسائي، عن يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن، عن علي رضي الله عنه قوله: ثم قال: وحديث يونس أشبه بالصواب من حديث همام. قال ابن عساكر في أطرافه:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
قلت: قد رواه سعيد، عن قتادة، عن الحسن «أن عمر رضي الله عنه أراد أن يرجم مجنونة فقال له علي رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل" فدرأ عنها عمر رضي الله عنه الحد» . وعن هشيم عن يونس، عن الحسن، عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المصاب حتى ينكشف عنه» .
والثاني: أبو قتادة رضي الله عنه أخرج حديثه الحاكم في "المستدرك " في الحدود عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن أبي رباح عن أبي قتادة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن المعتوه حتى يصح وعن الصبي حتى يحتلم» ، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
والثالث: أبو هريرة رضي الله عنه أخرجه حديثه البزار في مسنده حدثنا حمدان بن عمر، حدثنا سعيد بن عبد الحميد، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» وسكت عنه.
والرابع: ثوبان.
والخامس: شداد، أخرج حديثهما الطبراني في مسند الشاميين، ثنا عبد الرحمن بن سكم الرازي، ثنا عبد المؤمن بن علي الزعفراني ثنا عبد السلام بن حرب عن برد بن سنان عن مكحول عن ابن إدريس الخولاني رضي الله عنه قال: أخبرني غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثوبان وشداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، والصبي حتى يكبر» .
والسادس: عائشة رضي الله عنها أخرج حديثها أبو داود وابن ماجه والنسائي، عن حماد بن سلمة عن حماد وهو ابن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن