الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانوا مجبورين على ذلك فيرجعون.
قال: ومن تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أولادا فولاء أولادها لمواليها عند أبي حنيفة رحمه الله
ــ
[البناية]
يصير ولدا له بعد فتبين أن النسب كان ثابتا من الأب حين جنى، وأن موجب جنايته على عاقلة الأب وأجبر عاقلة الأم على القضاء فيرجعون عليهم بذلك، وهو معنى قوله:
م: (وكانوا مجبورين على ذلك) ش: أي وكان عاقلة الأم مجبورين على القضاء م (فيرجعون) ش: على عاقلة الأب؛ لأنهم قضوا دينا، عن غيرهم بحكم القاضي فلهم الرجوع.
[تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أولادا لمن ولاؤهم]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن تزوج من العجم) ش: وهو جمع عجمي، وهو خلاف العربي وإن كان فصيحا م:(بمعتقة من العرب فولدت له أولادا فولاء أولادها لمواليها عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وكذا أموالهم لذوي أرحامه، حتى لو ترك هذا الولد عمة أو خالة لم يكن لها شيء في وجود معتق الأم وعصبته.
وفي " الزاد " و" شرح الأقطع " صورة المسألة بالحر العجمي الذي ليس بمعتق ليس بمعتق لأحد سواء كان له ولاء موالاة أو لم يكن. وفي " الفوائد ": هذه المسألة على وجوه.
إن زوجت نفسها من عربي فولاء الأولاد لقوم الأب في قولهم؛ لأن الشرف بأنساب الأعراب أقوى.
وإن زوجت نفسها من العجمي الذي له آباء في الإسلام فولاء الأولاد لقوم الأب عند أبي يوسف رحمه الله بلا ريب، وعلى قولهما اختف المشايخ، حكي عن أبي بكر الأعمش وأبي بكر الصفار أنه لقوم الأب، وقال غيرهما لقوم الأم.
وإن زوجت نفسها من رجل أسلم من أهل الحرب والى أحدا أو لم يوال وهي مسألة الكتاب.
وإن زوجت نفسها من عبد أو مكاتب فولاء الولد لموالي الأم إجماعا، إلا إذا أعتق العبد فيجد الولاء، وفي " المبسوط ": إذا كانت الأمة معتقة إنسان والأب مسلم نبطي لم يعتقه أحد فالولد مولى لمولي الأم، وكذا إذا كان نبطي كافر ثم أسلم ووالى رجلا فعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله يكون الولد مولى لموالي الأم، وعند أبي يوسف رحمه الله في الفصلين لا يكون الولد مولى لموالي الأم ولكنه منسوب إلى قوم أبيه؛ لأنه كالنسب والنسب إلى الآباء.
وفي " مغني الحنابلة ": إذا كان الأب حر الأصل فالولد يتبعه ولا يكون عليه ولاء وهو قول أكثر أهل العلم، سواء كان الأب عربيا أو عجميا، وسواء كان مسلما أو ذميا أو مجهول النسب
قال رضي الله عنه: وهو قول محمد. وقال: أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حكمه حكم أبيه؛ لأن النسب إلى الأب كما إذا كان الأب عربيا، بخلاف ما إذا كان الأب عبدا؛ لأنه هالك معنى.
ــ
[البناية]
أو معلومه، وهو قول أبي يوسف ومالك رحمه الله وابن شريح من أصحاب الشافعي.
وقال ابن اللبان من أصحاب الشافعي: وقيل هذا قول أبي حنيفة، وبه قال القاضي الحنبلي إن كان مجهول النسب يثبت الولاء على ولده إلى الأم إن كانت موالاة، وهو ظاهر مذهب الشافعي رحمه الله وبه قال القاضي الحنبلي.
وقيل هذا قول أبي حنيفة ومحمد وأحمد رحمهم الله، ولكن ذكر في " الحلية ": فإن كان الأب حر الأصل والأم معتقة ثبت الولاء على الولد، سواء كان الأب عربيا أو عجميا. وقال أبو حنيفة: إن كان عجميا يثبت الولاء على الولد وبناؤه على أصله في جواز استرقاق عبدة الأوثان من العجم دون العرب.
فإن كان الأب معتقا والأم حرة الأصل فهل يثبت الولاء على الولد، فيه وجهان: أحدهما أنه لا يثبت، والثاني أنه يثبت، أما إذا كان الأب مجهول النسب محكوما بحريته بالظاهر والأم معتقة قيل يثبت الولاء على الولد لمولى الأم. قال أبو العباس: قياس قول الشافعي لا يثبت، كما لو كان معروف النسب. وقال ابن اللبان: يثبت وهو قول أبي حنيفة ومحمد وأحمد.
م: (قال رضي الله عنه: وهو قول محمد) ش: أي قول أبي حنيفة هو قول محمد بن الحسن أيضا م: (وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حكمه حكم أبيه) ش: فلا يكون عليه ولاء إعتاقه، وإنما يورث ماله حين انعدام ذوي أرحامه، كما إذا كان الأب عربيا والأم معتقة فلأنه لا يكون ولاؤه لموالي أمه م:(لأن النسب إلى الأب كما إذا كان الأب عربيا) ش: إنما كان النسب إلى الابن لأنه منسوب إليه، قال عز وجل:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] فصار ملحقا بالأب، فأخذ حكمه، كأنه حي من كل وجه لأنه حر.
م: (بخلاف ما إذا كان الأب عبدا) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال لما كان النسب إلى الإماء وجب أن يستوي الأب الحر والعبد، وليس كذلك. فأجاب بقوله بخلاف ما إذا كان الأب عبدا م:(لأنه) ش: أي لأن العبد م: (هالك معنى) ش: لأنه لا يملك شيئا، ولأنه أثر الكفر والكفر موت حكمي، قال الله تعالى:{لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121]{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122](سورة الأنعام: الآية 122) ، فصار حال هذا الولد في الحكم حال من الأب له فنسب إلى موالي الأم، وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا؛ لأن الحرية حياة باعتبار صفة المالكية والعرب والعجم فيه سواء.
ولهما أن ولاء العتاقة قوي معتبر في حق الأحكام حتى اعتبرت الكفاءة فيه والنسب في حق العجم ضعيف، فإنهم ضيعوا أنسابهم، ولهذا لم تعتبر الكفاءة فيما بينهم بالنسب والقوي لا يعارضه الضعيف، بخلاف ما إذا كان الأب عربيا لأن أنساب العرب قوية معتبرة في حكم الكفاءة والعقل كما أن تناصرهم بها فأغنت عن الولاء، قال: رضي الله عنه: الخلاف في مطلق المعتقة والوضع في معتقة العرب وقع اتفاقا.
ــ
[البناية]
فإن قلت: لو كان هالكا لما جرى القصاص. قلت: جريانه لآدميته لا لحريته ورقه ولا نقصان في ذلك.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله م: (أن ولاء العتاقة قوي معتبر في حق الأحكام) ش: لأنه ولاء نعمة م: (حتى اعتبرت الكفاءة فيه) ش: أي في ولاء العتاقة، حتى لا يكون معتق العجم كفئا لمعتقة العرب، ولهذا يجوز إبطال حرمة العجم بالاسترقاق م:(والنسب في حق العجم ضعيف فإنهم) ش: أي فإن العجم م: (ضيعوا أنسابهم) ش: حيث لم يعتبروا ذلك قبل الإسلام، وكان تفاخرهم وتقييدهم بعمارة الدنيا حتى جعلوا من له أب واحد في الإمارة ليس كفئا لمن له أبوان في ذلك. وتفاخرهم بعد الإسلام بالإسلام، وإليه أشار سلمان رضي الله عنه حين قيل له سلمان ابن من؟ فقال سلمان رضي الله عنه:
أبي الإسلام لا أب لي سواه
…
إذا افتخروا بقيس أو تميم
م: (ولهذا) ش: أي ولأجل كونهم ضيعوا أنسابهم م: (لم تعتبر الكفاءة فيما بينهم بالنسب والقوي لا يعارضه الضعيف، بخلاف ما إذا كان الأب عربيا؛ لأن أنساب العرب قوية معتبرة في حكم الكفاءة والعقل، لما أن تناصرهم بها) ش: أي بالأنساب م: (فأغنت عن الولاء) ش: أي أغنت أنسابهم عن التناصر بالولاء.
م: (قال رضي الله عنه: الخلاف) ش: المذكور بين أبي حنيفة رحمه الله وصاحبيه م: (في مطلق المعتقة) ش: إنما قال ذلك لأن محمدا رحمه الله ذكر المعتقة مطلقا، حتى لو تزوج بمعتقة غير العربي كان كذلك م:(والوضع في معتقة العرب وقع اتفاقا) ش: أي وضع القدوري هذه المسألة في "مختصره " بقوله: ومن تزوج من العجم بمعتقة العرب وقع على سبيل الاتفاق له القصد، قيل تعليل قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله في قوله والنسب في حق العجم ضعيف يرجح ولاء العتاقة إذا كانت المعتقة من العرب؛ لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، والنسب في حق العرب قوي، فكذلك معتقهم يحكي حكاية النسب، فكان قربا فرجح حينئذ معتق العرب على المنسوب في المعجم لا مطلق المعتق.