الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا أبق العبد صار محجورا عليه. وقال الشافعي رحمه الله يبقى مأذونا لأن الإباق لا ينافي ابتداء الإذن فكذا لا ينافي البقاء وصار كالغصب ولنا أن الإباق حجر دلالة لأنه إنما يرضى بكونه مأذونا على وجه يتمكن من تقضية دينه بكسبه بخلاف ابتداء الإذن؛ لأن الدلالة لا معتبر بها عند وجود التصريح بخلافها وبخلاف الغصب؛ لأن الانتزاع من يد الغاصب متيسر
قال: وإذا ولدت المأذون لها من مولاها فذلك حجر عليها خلافا لزفر رحمه الله، وهو يعتبر البقاء بالابتداء ولنا: أن الظاهر أنه يحصنها بعد الولادة
ــ
[البناية]
[الحكم لو أبق العبد المأذون له في التجارة]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا أبق العبد صار محجورا عليه. وقال الشافعي رحمه الله يبقى مأذونا) ش: فلا ينحجر.
وقال مالك وأحمد وهو قول زفر رحمه الله أيضا ذكره في " المبسوط " م: (لأن الإباق لا ينافي ابتداء الإذن) ش: حتى لو أذن الآبق يجوز؛ لأن الإذن باعتبار ملكه، ولا يختل ذلك بالإباق م:(فكذا لا ينافي البقاء) ش: يعني يبقى إذنه بعد إباقه م: (وصار كالغصب) ش: يعني إن المولى لو أذن للعبد المغصوب يصح، ولو غصب العبد المأذون لا يبطل الإذن، كذلك هاهنا.
م: (ولنا أن الإباق حجر دلالة) ش: لأن الإذن مقيد دلالة بشرط قدرة المولى على قضاء ديونه من كسبه، وهو معنى قوله م:(لأنه) ش: أي لأن المولى م: (إنما يرضى بكونه مأذونا على وجه يتمكن من تقضية دينه) ش: أي دين العبد م: (بكسبه) ش: لو لحقه الدين، ولما أبق لا يتمكن من ذلك لجواز إتلاف العبد الاكتساب عند وجود التصريح.
م: (بخلاف ابتداء الإذن؛ لأن الدلالة لا معتبر بها عند وجود التصريح بخلافها) ش: أي الحجر يكون هنا دلالة، ولا اعتبار للدلالة عند التصريح بخلافها م:(وبخلاف الغصب؛ لأن الانتزاع من يد الغاصب متيسر) ش: باستدعاء القاضي أو السلطان عليه، حتى لو لم يمكن الانتزاع من يده بأن جحد الغاصب ولا بينة لا يصح ابتداء الإذن ولا بقاؤه، ذكره في " الذخيرة ". وإن عاد من الإباق هل يعود الإذن، لم يذكره محمد رحمه الله والصحيح أنه لا يعود.
[الاستيلاد وأثره على الإذن والحجر]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا ولدت المأذون لها من مولاها فذلك حجر عليها) ش: أي الاستيلاد حجر على الأمة، قال المحبوبي: تأويل المسألة إذا استولدها من غير تصريح الإذن حتى لو قال بعد الاستيلاد لا أزيد الحجر عليها لا تنحجر م: (خلافا لزفر رحمه الله، وهو يعتبر البقاء بالابتداء) ش: يعني زفر يعتبر البقاء بالابتداء، أو يعني إذا أذن لأم الولد ابتداء يجوز، فكذا إذا صارت الأمة أم ولد وهو القياس، وهو قول الثلاثة أيضا. م:(ولنا: أن الظاهر أنه يحصنها) ش: أي أن المولى يحصن الأمة م: (بعد الولادة) ش: فلا يريد خروجها واختلاطها
فيكون دلالة الحجر عادة بخلاف الابتداء؛ لأن الصريح قاض على الدلالة، ويضمن المولى قيمتها إن ركبتها ديون لإتلافه محلا تعلق به حق الغرماء، إذ به يمتنع البيع، وبه يقضى حقهم. قال: وإذا استدانت الأمة المأذون لها أكثر من قيمتها فدبرها المولى فهي مأذون لها على حالها لانعدام دلالة الحجر، إذ العادة ما جرت بتحصين المدبرة، ولا منافاة بين حكميهما أيضا، والمولى ضامن لقيمتها لما قررناه في أم الولد. قال: فإذا حجر على المأذون فإقراره جائز فيما في يده من المال عند أبي حنيفة رحمه الله، ومعناه أن يقر بما في يده
ــ
[البناية]
بالناس م: (فيكون دلالة الحجر عادة) ش: أي فيكون تحصنه إياها دلالة الحجر عليها من حيث العادة ودلالة العادة معتبر عند عدم الصريح، بخلاف ما ترى أن تقدم المائدة بين يدي إنسان يجعل إذنا في التناول عرفا وعادة. قال: فأما إذا قال بعد التقديم لا تأكل لم يكن ذلك إذنا كذا في " المبسوط " م: (بخلاف الابتداء؛ لأن الصريح قاض على الدلالة) ش: يعني بخلاف ما إذا أذن لأم الولد ابتداء حيث يجوز؛ لأنه صريح فلا اعتبار للدلالة عندنا.
م: (ويضمن المولى قيمتها إن ركبتها ديون لإتلافه محلا تعلق به حق الغرماء، إذ به) ش: أي بالاستيلاد م: (يمتنع البيع، وبه) ش: أي وبالبيع م: (يقضي حقهم) ش: أي حق الغرماء.
م: (قال) ش: أي القدوري: ومحمد في " الجامع الصغير " م: (وإذا استدانت المأذون لها أكثر من قيمتها) ش: قيد بكونها أكثر لتظهر الفائدة في أن المولى يضمن قيمتها دون الزيادة عليها م: (فدبرها المولى فهي مأذون لها على حالها لانعدام دلالة الحجر، إذ العادة ما جرت بتحصين المدبرة ولا منافاة بين حكميهما أيضا) ش: أي حكم الإذن والتدبير؛ لأن بالتدبير يثبت حق العتق وإن كان حق العتق لا يؤثر في مكان الحجر عليه م: (والمولى ضامن لقيمتها لما قررناه في أم الولد) ش: أشار به إلى قوله لإتلافه محلا تعلق به حق الغرماء.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإذا حجر في المأذون فإقراره جائز فيما في يده من المال عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: يعني إقراره لغير مولاه بما في يده؛ لأنه لو أقر باستهلاك رقبته لا يجوز بالإجماع، حتى إذا لم يف ما في يده لا تباع رقبته بالإجماع ولا فيما انتزعه المولى من يده قبل الحجر. وكذا لو كان دينه وقت الإذن مستغرقا لما في يده فأقر بعد حجره بدين آخر لا يصدق بالإجماع. وكذا لو كان الحجر عليه بسبب بيع المولى ثم أقر في يد المشتري بدين عليه لا يصدق بالإجماع. وكذا لو كان في يد كسبه عبد بالاحتطاب والاصطياد ونحوهما مما هو ليس بتجارة لا يصدق بالإجماع.
م: (ومعناه) ش: أي معنى قول القدوري فإقراره جائز م: (أن يقر بما في يده أنه أمانة لغيره أو غصب منه، أو يقر بدين عليه فيقضي مما في يده) ش: إنما فسر، بهذا التفسير؛ لأن مطلق الإقرار بما
أنه أمانة لغيره أو غصب منه، أو يقر بدين عليه فيقضي مما في يده. وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: لا يجوز إقراره، لهما: أن المصحح لإقراره إن كان هو الإذن فقد زال بالحجر، وإن كان اليد فالحجر أبطلها؛ لأن يد المحجور غير معتبرة. وصار كما إذا أخذ المولى كسبه من يده قبل إقراره أو ثبت حجره بالبيع من غيره، ولهذا لا يصح إقراره في حق الرقبة بعد الحجر. وله: أن المصحح هو اليد، ولهذا لا يصح إقرار المأذون فيما أخذه المولى من يده، واليد باقية حقيقة، وشرط بطلانها بالحجر حكما فراغها عن حاجته وإقراره دليل تحققها،
ــ
[البناية]
في يده أن يقيم منه المغصوب، والديون لا الأمانات، فلهذا قدم ذكر الأمانة فتبين المراد منه فافهم. قوله فيقضي مما في يده أي يقضي للمقر له من الذي في يده.
م: (وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: لا يجوز إقراره) ش: وبه قالت الثلاثة ويؤخذ به بعد العتق وما في يده لمولاه م: (لهما: أن المصح لإقراره إن كان هو الإذن فقد زال بالحجر، وإن كان اليد فالحجر أبطلها) ش: أي اليد م: (لأن يد المحجور غير معتبرة) ش: شرعا.
فإن قيل: لا نسلم أن يده غير معتبرة فإنه لو استودع وديعة ثم غاب ليس لمولاه أخذها والمسألة في " المبسوط ". ولو كانت غير معتبرة كانت الوديعة كثوب ألقته الريح في حجر رجل وكان حضور العبد وغيبته سواء، أجيب بأن تأويلها إذا لم يعلم المودع أن الوديعة كسب العبد، أما إذا علم ذلك فللمولى أخذه، وكذا إذا علم أنه مال المولى ولم يعلم بأنه كسب العبد.
م: (وصار كما إذا أخذ المولى كسبه من يده قبل إقراره) ش: أي حكم إقراره بما في يده لغير المولى، كما إذا أخذ المولى
…
إلى أخره حيث لا يسمع إقراره فيه بالاتفاق م: (أو ثبت حجره بالبيع من غيره) ش: أي أو صار كما إذا ثبت حجر العبد يبيعه مولاه من غيره فإنه لا يصح إقراره أيضا م: (ولهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لا يصح إقراره في حق الرقبة بعد الحجر) ش: يعني إذا أقر بعد الحجر بمال لا يصح هذا الإقرار في حق الرقبة حتى لا يباع به بالاتفاق.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن المصحح) ش: لإقراره م: (هو اليد، ولهذا لا يصح إقرار المأذون فيما أخذه المولى من يده) ش: لزوال المصحح م: (واليد) ش: أي يد العبد م: (باقية حقيقة) ش: وهو ظاهر؛ لأن الكلام في الإقرار بما في يده م: (وشرط بطلانها بالحجر حكما فراغها عن حاجته) ش: أي شرط بطلان اليد بالحجر من حيث الحكم فراغ اليد عن حاجته م: (وإقراره دليل تحققها) ش: أي تحقق الحاجة.
ولقائل أن يقول دليل تحقق الحاجة مطلقا أو عند صحته، والأول ممنوع، والثاني مسلم، ولكن صحة هذا الإقرار في حيز النزاع فلا يصح أخذه في الدليل. والجواب أن مطلقه دليل تحققها حملا لحال المقر على الصلاح.
بخلاف ما إذا انتزعه المولى من يده قبل الإقرار لأن يد المولى ثابتة حقيقة وحكما فلا تبطل بإقراره وكذا ملكه ثابت في رقبته فلا يبطل بإقراره من غير رضاه وهذا بخلاف ما إذا باعه لأن العبد قد تبدل بتبدل الملك على ما عرف فلا يبقى ما ثبت بحكم الملك ولهذا لم يكن خصما فيما باشره قبل البيع.
ــ
[البناية]
فإن قيل: لو كان إقراره دليل تحقيقها يصح بما انتزعه المولى من يده قبل الإقرار.
أجيب: بأن يد المولى ثابتة حقيقة وحكما. أما حقيقة فلأن الكلام فيما انتزعه من يده، وأما حكما فلأن النزع كان قبل ثبوت الدين فلا تبطل يده بإقراره؛ لأنه إقرار بما ليس في يده أصلا وهو باطل.
م: (بخلاف ما إذا انتزعه المولى من يده قبل الإقرار) ش: هذا وما بعده إشارة إلى جواب عما استشهد أبو يوسف ومحمد رحمهما الله به من المسائل الاتفاقية م: (لأن يد المولى ثابتة حقيقة) ش: وهو ظاهر، لأنه في يده وهو ملكه م:(وحكما) ش: وهو أنه قبضه قبل ظهور الدين م: (فلا تبطل) ش: أي يد المولى م: (بإقراره) ش: أي بإقرار العبد.
م: (وكذا ملكه ثابت في رقبته فلا يبطل بإقراره من غير رضاه) ش: أي من غير رضى المولى إذ لا يد للعبد في رقبته بعد الحجر م: (وهذا) ش: أي ما ذكرنا من الحكم م: (بخلاف ما إذا باعه) ش: أي باع المأذون وفي يده كسب فأقر فإنه لا يصح م: (لأن العبد قد تبدل بتبدل الملك) ش: أي لأنه صار كعبد آخر لتجدد الملك فصار بمنزلة شخص آخر بحكم تبدل الملك م: (على ما عرف) ش: إشارة إلى «حديث بريرة رضي الله عنها فهو لها صدقة ولنا هدية» فإن الحكم فيه تبدل بتبدل الملك على ما عرف في موضعه م: (فلا يبقى) ش: أي إذا كان الأمر كذلك لا يبقى للعبد المأذون بعد بيعه م: (ما ثبت بحكم الملك) ش: أي ما ثبت له من حكم الإذن الذي كان ثابتا عليه للمولى بحكم أنه ملك المولى فلا جرم لم يصح إقراره بما في يده بعد البيع لعدم إبقاء الإذن.
م: (ولهذا) ش: توضيح لتبدل العبد بتبدل الملك م: (لم يكن) ش: العبد م: (خصما فيما باشره قبل البيع) ش: أي لم يكن خصما في حقوق عقد باشره عند الأول قبل بيعه من التسلم والتسليم والرد بالعيب.
وإن كان خصما فيها بعد الحجر قبل البيع، وعلى هذا إذا حجر المأذون وفي يده ألف فأقر بعدما أذن له ثابتا بألف لا يلزمه في الإذن الأول قضاء من ذلك الألف عنده، وعندهما هذا الألف للمولى ويصح هذا الإقرار فيؤمر المولى بقضاء دين أو يباع. وفي " الأسرار " وعلى هذا الخلاف إذا حجر الصبي المأذون وفي يده كسب فيقر به يصح عنده خلافا لهما.