الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل و
من غصب عينا فغيبها فضمنه المالك قيمتها
ملكها وهذا عندنا وقال الشافعي رحمه الله: لا يملكها لأن الغصب عدوان محض فلا يصلح سببا للملك كما في المدبر ولنا: أنه ملك البدل بكماله والمبدل قابل للنقل من ملك إلى ملك فيملكه دفعا للضرر عنه بخلاف المدبر؛ لأنه غير قابل للنقل لحق المدبر
ــ
[البناية]
[فصل مسائل متفرقة تتعلق بالغصب]
[من غصب عينا فغيبها فضمنه المالك قيمتها]
م: (فصل) ش: أي هذا الفصل محتوى على مسائل متفرقة تتعلق بالغصب، فلذلك أخره.
م: (ومن غصب عينا فغيبها) ش: بالغين المعجمة م: (فضمنه المالك قيمتها ملكها) ش: أي ملك الغاصب تلك العين، وبه قال مالك م:(وهذا عندنا) ش: أي تملك الغاصب العين المغصوبة بعد الضمان مذهبنا.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا يملكها) ش: وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: حتى لو ظهر من يستردها ويرد القيمة. وقال البرغوي: فائدة الخلاف في ملك اكتسب ونفوذ البيع وجوب الثمن على الغاصب؛ لأنه ملكه عندنا م: (لأن الغصب عدوان محض) ش: أي حرام خالص ما فيه وجه إباحة م: (فلا يصلح سببا للملك) ش: لأن الملك مشروع، وغير المشروع لا يكون مفضيا إلى المشروع، إذ أدنى درجات السبب أن يكون إباحة فلا يملكه م:(كما في المدبر) ش: بأن غصبه وغيبه وضمن قيمته، فإنما يملكه بالاتفاق.
م: (ولنا: أنه) ش: أي المالك م: (ملك البدل) ش: وهو القيمة م: (بكماله) ش: أي يدا ورقبة وكل من ملك بدل شيء خرج المبدل عن ملكه في مقابلته ودخل في ملك صاحب البدل دفعا للضرر عن مالك البدل، لكن يشترط أن يكون المبدل قابلا للنقل من ملك إلى ملك، أشار إليه بقوله: م: (والمبدل قابل للنقل من ملك إلى ملك) ش: احترز عن المبدل فإنه غير قابل للنقل على ما يجيء الآن م: (فيملكه) ش: أي إذا كان كذلك يملك الغاصب المغصوب أداء البدل م: (دفعا للضرر عنه) ش: أي عن الغاصب وتحقيقا للعدل كما في سائر المبادلات.
م: (بخلاف المدبر؛ لأنه غير قابل للنقل لحق المدبر) ش: وكلامه يشير إلى أن سبب الملك هو الغصب، وإلا لم يكن تعليل [
…
] الثلاثة مالك مناسبا وهو مذهب القاضي أبي زيد، فإنه قال في " الأسرار ": قال علماؤنا: الغصب يفيد الملك في المغصوب عند القضاء بالضمان أو التراضي.
وقال شمس الأئمة في " المبسوط ": وهذا وهم، فإن الملك لا يثبت عند أداء الضمان من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وقت الغصب للغاصب حقيقة، وهذا لا يسلم له الولد. ولو كان الغصب هو السبب للملك لكان إذا تم له الملك بذلك السبب يملك الزوائد المتصلة والمنفصلة ومع هذا في هذه العبارة بعض الشبهة، فالغصب عدوان محض، والملك حكم مشروع مرغوب فيه فيكون سببه مشروعا مرغوبا فيه، ولا يصلح أن يجعل العدوان المحض سببا له، فإنه ترغيب للناس فيه لتحصيل ما هو مرغوب لهم به. ولا يجوز إضافة مثله إلى المشروع.
قيل: فيه نظر؛ لأنه لا يراد بكون الغصب سببا للملك عند أداء الضمان أنه يوجبه مطلقا بل بطريق الاستناد، والثابت به ثابت من وجه دون وجه، فلا يظهر أثره في ثبوت الزيادة المنقطعة.
ولا نسلم أن يقال: الغصب موجب لرد العين وللقيمة عند تعذر رد العين، ثم يثبت الملك للغاصب شرطا للقضاء بالقيمة لا مقصودا بالغصب، ولهذا لا يملك الولد فإنه بعد الانفصال لا يبقى تبعا وما يثبت شرطا يثبت تبعا، والكسب ليس كذلك؛ لأنه بدل المنفعة فيكون تبعا محضا فيملكه الغاصب.
وقال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي ": فإذا أبق العبد المغصوب من يد الغاصب فالملك بالخيار إن شاء انتظر إلى ظهوره عليه فيأخذه، وإن شاء لم ينتظر وضمن الغاصب قيمته. فلو ظهر العبد بعد ذلك فإنه ينظر، إن أخذ صاحبه القيمة التي سماها ورضي بها إما بتصادقهما عليها، أو بقيام البينة، أو بنكول الغاصب عن اليمين، فلا سبيل له على العبد عندنا، وعند الشافعي رحمه الله له أن يأخذ عبدا بعينه.
ولو أخذ القيمة بقول الغاصب ويمينه على ما يدعيه المالك من الزيادة فإن المالك بالخيار إن شاء حبس القيمة ورضي بها وسلم العبد إلى الغاصب، وإن شاء رد القيمة التي أخذها ويسترد العبد وللغاصب أن يحبس العبد حتى يأخذ القيمة. ولو مات العبد عند الغاصب قبل رد القيمة عليه فلا يرد القيمة ولكن يأخذ من الغاصب فضل القيمة إن كان في قيمة العبد فضل على ما أخذ، وإن لم يكن فيه فضل فلا شيء له سوى القيمة المأخوذة.
وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: إذا ظهر العبد وقيمته مثل ما قال المالك فلا خيار للمالك ولا سبيل له على العبد، في ظاهر الرواية له الخيار من غير تفصيل، ولو كان المغصوب مدبرا وأبق عند الغاصب فإنه يضمن القيمة؛ لأن المدبر يضمن بالغصب، ولكنه لا يصير ملكا للغاصب، حتى إنه لو ظهر يرده على مولاه ويسترد منه القيمة، وليس للغاصب حبسه لأجل القيمة؛ لأنه لا يجوز بيعه ولا يجوز حبسه بالدين.
نعم قد يفسخ التدبير بالقضاء لكن البيع بعده يصادف القن. قال: والقول في القيمة قول الغاصب مع يمينه لأن المالك يدعي الزيادة وهو ينكر والقول قول المنكر مع يمينه إلا أن يقيم المالك البينة بأكثر من ذلك لأنه أثبته بالحجة الملزمة
ــ
[البناية]
وإن كان المغصوب أم ولد فلا ضمان على الغاصب عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن في أصله أن أم الولد ليست بمال، وعندهما هي كالمدبر. وفرق أبو حنيفة رحمه الله بينهما في الغصب وساوى بينهما في الشراء.
ولو قبضهما المشتري بتسليم البائع وهلك عند المشتري فلا ضمان عليه فيهما جميعا عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما يضمن القيمة فيهما جميعا. ولو جني على كل واحد منهما وجب الأرش فيهما جميعا على الجاني بالإجماع، انتهى.
م: (نعم قد يفسخ التدبير بالقضاء) ش: هذا جواب عما يقال لا نسلم أن المدبر لا يقبل النقل، فإن مولاه لو باعه وحكم القاضي بجواز بيعه جاز البيع وفسخ التدبير. وتقرير الجواب القول بالوجوب يعني هو كذلك لكن في ضمن قضاء القاضي في الفصل المشار إليه م:(لكن البيع بعده يصادف القن) ش: لا المدبر فيجوز بيعه القن بهذا الطريق، وأما ما نحن فيه فلم ينفسخ التدبير والكلام فيه.
م: (قال: والقول في القيمة قول الغاصب مع يمينه) ش: أي قال القدوري رحمه الله وهذا لا يعلم فيه خلاف م: (لأن المالك يدعي الزيادة وهو ينكر) ش: أي الغاصب ينكر تلك الزيادة.
م: (والقول قول المنكر مع يمينه) ش: لقوله صلى الله عليه وسلم: «اليمين على من أنكر» م: (إلا أن يقيم المالك البينة بأكثر من ذلك) ش: أي من الذي يدعيه الغاصب م: (لأنه أثبته) ش: أي لأن المالك أثبت ما ادعاه من الزيادة م: (بالحجة الملزمة) ش: وهي البينة، فإن عجز عن إقامة البينة وطلب يمين الغاصب وللغاصب بينة تشهد بقيمة المغصوب لم تقبل بينته بل يحلف على دعواه؛ لأن بينته تنفي الزيادة، والبينة على النفي لا تقبل.
وقال بعض المشايخ: ينبغي أن يقبل لإسقاط اليمين كالمودع إذا ادعى رد الوديعة فالقول قوله. ولو أقام البينة على ذلك قبلت، وكان القاضي أبو علي النسفي يقول: هذه المسألة عدت مشكلة. ومن المشايخ رحمهم الله من فرق بين هذا، ومسألة الوديعة وهو الصحيح؛ لأن المودع ليس عليه إلا باليمين، وبإقامة البينة أسقطها وارتفعت الخصومة. وأما الغاصب فعليه هاهنا اليمين والقيمة، وبإقامة البينة لم يسقط اليمين، فلا يكون في مانع المودع.
وفي " المبسوط " و " الذخيرة " في دعوى الغصب ذكر الجنس والصيغة ليس بشرط كما في
قال: فإن ظهرت العين وقيمتها أكثر مما ضمن وقد ضمنها بقول المالك أو ببينة أقامها أو بنكول الغاصب عن اليمن فلا خيار للمالك وهو للغاصب؛ لأنه تم له الملك بسبب اتصل به رضا المالك حيث ادعى هذا المقدار قال: وإن كان ضمنه بقول الغاصب مع يمينه فهو بالخيار إن شاء أمضى الضمان، وإن شاء أخذ العين ورد العوض؛ لأنه لم يتم رضاه بهذا المقدار حيث يدعي الزيادة
ــ
[البناية]
سائر الدعاوى؛ لأن محمدا رحمه الله ذكر في الأصل أقام بينة على رجل أنه غصب جارية له يحبس المدعى عليه حتى يجيء بها ويردها. قال الحلواني رحمه الله هذه المسألة مما يحفظ؛ لأنه قال: أقام بينة، ولم يذكر جنسها وصفتها وقيمتها. قال بعض المشايخ رحمهم الله: تأويل المسألة أنه ذكر الجنس والصفة والقيمة.
وقال أبو بكر الأعمش: تأويلها أن الشهود شهدوا على إقرار الغاصب بذلك، فأما الشهادة على فعل الغاصب فلا تقبل مع جهالة المغصوب، لكن القضاء بالمجهول غير ممكن ولكن الأصح أن هذه الدعوى والشهادة مقبولة بدون ذكر الجنس والصفة للضرورة؛ لأن الغاصب يمتنع عن إحضار المغصوب عادة وحين يغصب إنما يأتي من الشهود معاينة فعل الغصب دون العلم بأوصاف المغصوب فسقط اعتبار علمهم للتعذر فصار ثبوت ذلك الغصب بالبينة كثبوته بإقراره فيحبس.
م: (قال: فإن ظهرت العين) ش: أي قال القدوري: فإن ظهرت العين المغصوبة م: (وقيمتها أكثر مما ضمن) ش: أي والحال أن قيمتها أكثر مما ضمن الغاصب م: (وقد ضمنها بقول المالك) ش: أي والحال أنه قد ضمن الغاصب العين المغصوبة بقول صاحبها م: (أو ببينة أقامها) ش: أي وضمنها بينة أقامها المالك.
م: (أو بنكول الغاصب عن اليمن) ش: بأن عجز المالك عن إقامة البينة على ما ادعاه فطلب يمين الغاصب فنكل عنها وحكم عليه بما ادعاه المالك م: (فلا خيار للمالك) ش: في هذه الصور كلها وبه قال مالك. وعند الشافعي رضي الله عنه وأحمد له الخيار لعدم زوال ملكه عندهما عنه م: (وهو) ش: أي العين المغصوبة ذكر الضمير على تأويل المغصوب م: (للغاصب؛ لأنه تم له الملك بسبب اتصل به رضا المالك حيث ادعى هذا المقدار) ش: ولم يدع الزيادة.
م: (قال: وإن كان ضمنه) ش: أي قال القدوري، أي وإن كان المالك ضمن الغاصب م:(بقول الغاصب مع يمينه فهو بالخيار إن شاء أمضى الضمان، وإن شاء أخذ العين ورد العوض؛ لأنه لم يتم رضاه بهذا المقدار حيث يدعي الزيادة) ش: أراد أن رضاه بهذه المبادلة لم يتم، وإنما أخذه بما زعمه الغاصب ضرورة عدم البينة، وإن الشيء خير من لا شيء وعدم تمام الرضا يمنع لزوم
وأخذه دونها لعدم الحجة، ولو ظهرت العين وقيمتها مثل ما ضمنه أو دونه في هذا الفصل الأخير فكذلك الجواب في ظاهر الرواية وهو الأصح خلافا لما قاله الكرخي رحمه الله أنه لا خيار له؛ لأنه لم يتم رضاه حيث لم يعط له ما يدعيه والخيار لفوات الرضا.
ــ
[البناية]
المبادلة، كما إذا باع مكرها وسلم مكرها م:(وأخذه دونها لعدم الحجة) ش: هذا جواب عما يقال إن أخذه القيمة.
وإن كانت ناقصة يدل على تمام الرضا فكانت المسألة كالأول، فأجاب بقوله وأخذه دونها، أي أخذ المالك ما دون الزيادة لا يدل على تمام الرضا؛ لأنه إنما أخذ ذلك للضرورة وهي عدم الحجة، فلا يدل على رضاه، بخلاف المسألة المتقدمة؛ لأن دعواه ملك القيمة كانت باختياره.
م: (ولو ظهرت العين وقيمتها) ش: أي والحال أن قيمتها م: (مثل ما ضمنه أو دونه في هذا الفصل الأخير) ش: يعني فيما ضمنه الغاصب بقوله مع يمينه م: (فكذلك الجواب) ش: يعني فهو بالخيار إن شاء أمضى الضمان، وإن شاء أخذ العين ورد العوض، م:(في ظاهر الرواية وهو الأصح) ش: لأنه هو المذكور في الأصل مطلقا، وكذلك الطحاوي أطلق الرواية في " مختصره ".
م: (خلافا لما قال " الكرخي " رحمه الله أنه لا خيار له) ش: لأنه توفر عليه بدل ملكه بكماله م: (لأنه لم يتم رضاه) ش: دليل قوله وهو الأصح؛ لا دليل قول " الكرخي " م: (حيث لم يعط له) ش: أي المالك، وهو على صيغة المجهول م:(ما يدعيه) ش: من القيمة م: (والخيار لفوات الرضا) ش: أي ثبوت الخيار له لفوات رضاه بما أعطي من القيمة، وقد ذهب القدوري في شرحه لمختصر " الكرخي " إلى ما ذهب إليه " الكرخي " حيث قال: فأما إذا قضى عليه بقوله ثم ظهرت العين وقيمتها مثل ما قال الغاصب أو أقل فلا سبيل لصاحبها عليها؛ لأنه استوفى البدل ولم يظهر فيه زيادة.
وأما إذا كانت القيمة أكثر مما قال الغاصب فالمغصوب منه بالخيار، وذلك؛ لأنه لم يستوف بدل العين الذي ادعاه ولم يرض بزوال ملكه عنها بما دون ذلك من البدل، فكان له الخيار.
ثم قال القدوري: وكان أبو بكر الرازي يقول إن هذا محمول على أن هذه الزيادة لا تجوز أن تكون مما يحدث مثلها فيما بين التضمين والظهور، فأما إذا كانت مما يجوز أن يحدث فادعى الغاصب أنها حدثت وادعى المغصوب منه إن كانت، فالقول قول الغاصب مع يمينه؛ لأن التمليك قد صح، ويجوز أن يكون الأمر على ما قال الغاصب فلا يفسخ التمليك بالشك.
ثم قال القدوري: ومن أصحابنا من قال لا رواية في العين إذا ظهرت وقيمتها مثل ما قال