الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب القسمة
قال:
القسمة في الأعيان المشتركة
مشروعة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام: باشرها في المغانم والمواريث
ــ
[البناية]
[كتاب القسمة]
[تعريف القسمة وشروطها]
م: (كتاب القسمة) ش: أي هذا الكتاب في بيان أحكام القسمة فيكون ارتفاع الكتاب على أنه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز نصبه على اقرأ كتاب القسمة - أو خذه أو هاك.
وإيراده عقيب الشفعة لأن كلا منهما من نتائج النصيب الشائع، فإن أحد الشريكين إذا أراد الافتراق مع بقاء ملكه بطلب القسمة ومع عدمه باع ووجب عنده الشفعة وقدم الشفعة لأن بقاء ما كان على أصل وهي في اللغة اسم للاقتسام كالقدوة اسم للاقتداء أو الأسوة اسم للانتساء.
وقال الجوهري: القسم مصدر قسمت الشيء فانقسم، والقسم بالكسر الحظ والنصيب من الخير، وقاسمه المال فتقاسماه واقتسماه بينهما، والاسم القسمة مؤنثة. وقال السغناقي: نصيب الإنسان من الشيء، يقال: قسمت الشيء بين الشركاء وأعطيت كل شيء يده بقسمته وقسمه. وفي الشريعة جميع النصيب الشائع في مكان، وسببها طلب الشريك الانتفاع بنصيبه على الخصوص، ولهذا لو طلبها يجب على القاضي إجابته على ذلك، ذكره في " المبسوط ".
وركنها ما يحصل بها الإفراز والتمييز بين النصيبين كالمكيل في المكيلات والموزون في الموزونات، والزرع في المزروعات، والعدد في المعدودات.
وشرطها أن لا تفوت منفعته بالقسمة، ولهذا لا يقسم الحائط والحمام ونحوهما.
[القسمة في الأعيان المشتركة]
م: (قال: القسمة في الأعيان المشتركة مشروعة) ش: أي قال صاحب " الهداية " رحمه الله أي مشروعة بالكتاب وهو قوله سبحانه وتعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [القمر: 28](القمر: الآية 28)، وقوله سبحانه وتعالى:{لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155](الشعراء: الآية 155) . في قصة ناقة صالح صلى الله عليه وسلم، وشريعة من قبلنا تلزمنا إذا لم يكن فيه نكير. وقوله سبحانه وتعالى:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8](النساء: الآية 8)، وبالسنة أشار إليها بقوله م:(لأن النبي عليه الصلاة والسلام باشرها في المغانم والمواريث) ش: أي باشر القسمة، أما قسمته صلى الله عليه وسلم في الغنائم فقد ذكرناها في كتاب السير.
وجرى التوارث بها من غير نكير. ثم هي لا تعرى عن معنى المبادلة؛ لأن ما يجتمع لأحدهما بعضه كان له وبعضه كان لصاحبه فهو يأخذه
ــ
[البناية]
وأما قسمة المواريث فمنها ما أخرجه البخاري عن هذيل بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للبنت النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال:{قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [الأنعام: 56] . أقضي فيها بما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للابنة النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.
ومنها ما أخرجه النسائي عن عبد الله بن شداد «عن ابنة حمزة قالت مات مولى لي فترك ابنة فقسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سلم ماله بيني وبين ابنته، فجعل لي النصف ولها النصف» وقد تكلمنا فيه مستوفى في الولاء.
ومنها ما أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن عبد الله بن محمد بن عقيل، «عن جابر بن عبد الله أن امرأة سعد بن الربيع قالت: يا رسول الله إن سعدا هلك وترك ابنتين وأخاه، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد، وإنما تنكح النساء على أموالهن، فقال صلى الله عليه وسلم:"ادع لي أخاه"، فجاء فقال "ادفع إلى ابنتيه الثلثين وإلى امرأته الثمن ولك ما بقي» .
ورواه الحاكم في "المستدرك " وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
م: (وجرى التوارث بها) ش: أي القسمة م: (من غير نكير) ش: من أحد الأئمة، وأفاد بهذا أن الأمة أيضا أجمعت على جواز القسمة وفعلها: م: (ثم هي) ش: أي القسمة م: (لا تعرى عن معنى المبادلة) ش: أي لا تخلو عن معنى المبادلة م: (لأن ما يجتمع لأحدهما) ش: أي لأحد المتقاسمين م: (بعضه) ش: أي بعض ما يجتمع، وارتفاعه على أنه بدل من الضمير الذي في يجتمع م:(كان له وبعضه كان لصاحبه) ش:
وهو الثاني من المتقاسمين م: (فهو) ش: أي أحد المتقاسمين م: (يأخذه) ش: أي يأخذ
عوضا عما بقي من حقه في نصيب صاحبه، فكان مبادلة وإفرازا.
ــ
[البناية]
ذلك البعض الذي كان لصاحبه م: (عوضا عن ما بقي من حقه في نصيب صاحبه) ش: انتصاب عوضا على الحال من الضمير المنصوب في يأخذه م: (فكان مبادلة) ش: أي إذا كان الأمر كذلك تكون القسمة مبادلة حقيقة، وإنما ذكر الفعل باعتبار القسم والتقاسم م:(وإفرازا) ش: من حيث الحكم. أي تمييزا يقال: أفرزت الشيء إذا عزلته من غيره وميزته مثل فرزته وفارز شريكه أي فاصله.
اعلم أن القسمة قد تقع في أموال متغايرة ومتجانسة، أما المغايرة فمثل الدور والأراضي المختلفة والثياب والدواب وصنوف الأموال المتغايرة، ففي هذه المواضع تقع القسمة معاوضة فيها معنى الإفراز.
وأما المعاوضة فلأنه نقل حقه من محل إلى محل آخر بعوض وأما الإفراز فلأن المالك لم يحدث بالقسم، لأنه كان ثابتا قبلها، لكن على سبيل الاختلاط فهو بالقسمة يتميز عن ملكه وملك صاحبه يبين حقه في هذا المقسوم، فلما ظهر معنى المعاوضة هاهنا توقفت الصحة على اختيارهما حتى لو أراد أحدهما أن يقسم وامتنع الآخر لا يجبر عليه، لأن الجبر على المعاوضة لا يستقيم.
وأما المجانسة فمثل المكيل والموزون والدراهم والدنانير، فإن معنى الإفراز ظاهر هنا، لأن ما صار له بالقسمة لا يغاير ما كان له قبل ذلك، فصار كأنه عين حقها لاستوائهما في تعلق المصالح والأعراض بهما، ولهذا يأخذ أحد الشريكين نصيبه حال غيبة الآخر.
وكذا يبيع أحدهما نصيبه في غيبة الآخر. وكذا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة إذا اشتراه ثم اقتسماه.
بخلاف الأشياء المتغايرة حيث لا يأخذ أحدهما نصيبه في عين الآخر، وكذا لا يبيعه مرابحة. وفي " الفتاوى الصغرى " القسمة ثلاثة أنواع، قسمة لا يجبر الآبي كقسمة الأجناس المختلفة. وقسمة يجبر في ذوات الأمثال كالمكيلات والموزونات، وقسمة يجبر الآبي في غير المثليات كالثياب من نوع واحد والبقر والغنم. والخيارات ثلاثة: خيار شرط، وخيار عيب، وخيار رؤية.
ففي قسمة الأجناس المختلفة ثبت الخيارات أجمع، وقسمة ذوات الأمثال كالمكيلات والموزونات فإنه يثبت خيار العيب، وهل يثبت خيار الرؤية والشرط، على رواية أبي سليمان يثبت وهو الصحيح وعليه الفتوى، وعلى رواية أبي حفص لا يثبت.