الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهذا لا يجب على المحرم بقتله شيء، وإنما تكره الحشرات كلها استدلالا بالضب؛ لأنه منها.
قال: ولا يجوز
أكل الحمر الأهلية والبغال
ــ
[البناية]
والسلحفاة والضفدع، وقال أيضا: ولا بأس بأكل الطير كلها ما كان منها ذا ناب مخلب، وغير ذي مخلب كالبزاة والعقاب، والرخم، والحدأة، والغربان، وسائر سباع الطيور، وهي في ذلك بخلاف سباع الوحوش. وفي " الحلية ": والخنافس والعناكب، والقطاع، [
…
] من الخبائث.
[
…
] : دويبة كالسمك تسكن بالرمل ثقلة الجلد يعرض مقدمها، ويدق مؤخرها إذا أحست بإنسان غارت بالرمل. وكذا الخنفسة، أو سام أبرص [
] فسان، والزنانير، والذباب، وما أشبه ذلك، وما كان في بلاد العجم، وليس له شبيه فيما يحل ولا يحرم، فيه وجهان، وقال مالك، وابن أبي ليلى، والأوزاعي في ذلك كله الإباحة. وقال مالك: [
…
] مباح إذا ذكيت واحتجوا بالعمومات المبيحة من قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الآية.
ولنا قوله سبحانه وتعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] م: (ولهذا) ش: أي ولكون الزنبور من المؤذيات والسلحفاة من الحشرات م: (لا يجب على المحرم بقتله شيء) ش: أي بقتل كل واحد منهما.
م: (وإنما تكره الحشرات كلها استدلالا بالضب؛ لأنه منها) ش: أي لأن الضب من الحشرات. فإذا رتب الحكم على الجنس صحت على جميع أفراده كما إذا قال طبيب للمريض: لا تأكل لحم البعير، يتناول الكلام عن أكل جميع أفراده.
[أكل الحمر الأهلية والبغال]
م: (قال: ولا يجوز أكل الحمر الأهلية والبغال) ش: أي قال القدوري رضي الله عنه: قيد بالأهلية لأن في الحمر الوحشية لا خلاف لأحد في إباحتها، قال الكاكي رحمه الله: أو في " الكافي "، وغيره من كتب أصحابنا كان بشر المريسي ومالك يبيحان أكل الحمر، ولم أعثر على ذلك في كتبهم، وكتب أصحاب الشافعي، وأحمد - رحمهما الله.
وقال في " المغني " لابن قدامة: قال ابن عبد البر: لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمه، وإنما حكي عن ابن عباس، وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إباحته بظاهر قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ} [الأنعام: 145] الآية، انتهى.
قلت: ذكر في " التفريع " للمالكية: ولا بأس بأكل لحوم الحمر الأهلية، والبغال، ويكره أكل الخيل.
لما روى خالد بن الوليد رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمر» .
ــ
[البناية]
قال شيخ الإسلام في " شرح الكافي ": وتكره لحوم الحمر، والبغال، وقال مالك وبعض فقهاء الشام: لا بأس به، انتهى.
وأراد ببعض فقهاء الشام الأوزاعي، وبه صرح فخر الإسلام في " شرح الجامع الصغير " وقد احتجوا بما أخرجه أبو داود في الأطعمة: عن منصور بن عبيد أبي الحسن، عن عبد الرحمن، عن غالب بن أبجر قال:«أصابتنا سنة فلم يكن في مالي شيء أطعم أهلي إلا شيء من حمر وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية، فأتيته فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابتنا السنة، ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان الحمر، وإنك حرمت الحمر الأهلية، فقال: أطعم أهلك من سمين حمرك فإنما حرمتها من أجل جوال القرية» .
ورواه الطحاوي بلفظ: «أطعم أهلك من سمين مالك» " قوله: جوال القرية بالجيم وتشديد اللام، جمع جالة بمعنى جلالة، وهي آكلة العذرة.
وللجمهور الكتاب، قوله سبحانه وتعالى:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8](النحل: الآية 8) ، خرجت مخرج الامتنان، وقد من الله سبحانه وتعالى بمنفعة الركوب والزينة، ولو كان الأكل من هذه الأشياء حلالا لمن بذلك أيضا؛ لأن منفعة الأكل أكثر من منفعة الركوب والزينة لأن الإنسان يحيى بلا ركوب وزينة، ولا يحيى بلا أكل. ألا ترى أنه سبحانه وتعالى بدأ بذكر الأنعام قبل ذكر الزينة وحمل الأثقال. فقال:{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] إلى: {لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل: 7] فلم يذكر هنا منفعة الأكل مع أنه فوق منفعة الركوب والزينة دال أنه إنما لم يذكره لأن هذه الأشياء غير مأكولة اللحم.
والسنة وهي ما رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم خالد بن الوليد - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أشار إليه بقوله.
م: (لما روى خالد بن الوليد رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمر» ش: أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن بقية، حدثني ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب عن أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد -
وعن علي رضي الله عنه «أن النبي عليه الصلاة والسلام أهدر المتعة وحرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر»
ــ
[البناية]
- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير» هذا لفظ ابن ماجه.
ولفظ أبي داود قال: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم الحمر الأهلية، وخيلها، وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير» وعنده بقية عن ثور لم يقل فيه حدثني.
وكذلك رواه الواقدي في " المغازي ": حدثني ثور بن يزيد عن صالح، به بلفظ أبي داود، ثم قال الواقدي: ثبت عندنا أن خالدا لم يشهد خيبر وأسلم قبل الفتح، هو وعمرو بن العاص، وعثمان بن أبي طلحة، أول يوم من صفر سنة ثمان، انتهى كلامه.
ورواه أحمد في " مسنده "، والطبراني في " معجمه "، والدارقطني في " سننه ". قال أبو داود: هذا منسوخ. وقال النسائي: لا أعلم رواه غير شعبة ويشبه إن كان صحيحا أن يكون منسوخا لأن قوله في حديث جابر رضي الله عنه وأذن في لحوم الخيل دليل على ذلك، وأخرجه عن صالح، به، وأخرجه الدارقطني عن الواقدي، حدثنا ثور بن يزيد، به، ونقل عن موسى بن هارون، أنه قال: لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبوه ولا بجده وهذا حديث ضعيف.
وزعم الواقدي رحمه الله أن خالد بن الوليد رضي الله عنه أسلم بعد فتح خيبر. ثم أخرجه عن عمرو بن هارون البلخي حدثنا ثور بن يزيد عن يحيى بن المقدام بن معد يكرب عن أبيه عن جده خالد بن الوليد رضي الله عنه فذكره، قال: لم يذكر في إسناده صالحا، وهذا إسناد مضطرب، وقال البخاري في " تاريخه ": صالح بن يحيى بن المقدام فيه نظر، وقال البيهقي في " المعرفة ": إسناده مضطرب وهو مخالف لحديث الثقات، انتهى.
ومنهم علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أشار إليه قوله: م: (وعن علي رضي الله عنه «أن النبي عليه الصلاة والسلام أهدر المتعة وحرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر» ش: أخرجه البخاري، ومسلم عن عبد الله، والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الأنسية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ذكره البخاري رحمه الله في " غزوة خيبر "، ومسلم في " الذبائح "، وأخرجاه في " النكاح " أيضا كذلك، وفي لفظ البخاري عام خيبر، وفي لفظ له: زمن خيبر.
ومنهم عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أخرج حديثه البخاري رحمه الله مسندا إلى سالم، ونافع عن ابن عمر رضي الله عنهما «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر،» ومنهم البراء، وابن أبي أوفى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أخرج حديثهما البخاري أيضا بإسناده إليهما، قالا:«نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية» ومنهم أبو ثعلبة أخرج البخاري أيضا حديثه قال: «حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية» .
ومنهم عبد الله بن عمر بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أخرج حديثه أبو داود عن طاوس عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلالة، وعن ركوبها، وأكل لحمها» .
ومنهم عبد الله بن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أخرج حديثه الطحاوي بإسناده إلى مجاهد، عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية» .
ومنهم أبو سليط، وكان بدريًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أخرج حديثه الطحاوي أيضا بإسناده إلى عبد الله بن أبي سليط عن أبيه وكان بدريا، قال: «لقد أتانا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر ونحن [
…
] وإن القدور تفور بها فأكفأناها على وجوهها» .
ومنهم أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أخرج حديثه الطحاوي أيضا بإسناده إلى ابن سيرين عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: «لما افتتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر أصابوا حمرا فطبخوا منها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ينهيانكم عنها فإنها نجس فأكفئت القدور» .
وأخرجه البيهقي أيضا في " سننه "، ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه أخرج حديثه الترمذي عن محمد بن عمرو بن أبي سلمة عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، والمجثمة، والحمر الإنسية» . وقال: حديث حسن صحيح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ومنهم المقداد - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أخرج حديثه البيهقي أيضا من حديث معاوية بن صالح، حدثني ابن جابر أنه سمع المقدام صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء يوم خيبر ومنها الحمار الأهلي» . وقال الذهبي: إسناده قوي.
ومنهم سلمة [بن الأكوع]- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أخرجه حديثه البخاري، ومسلم رحمه الله عنه قال:«لما قدمنا خيبر رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نيرانا توقد قال: علام توقد هذه النيران؟ قالوا له: على لحوم الحمر الأهلية، قال: " أهريقوا، واكسروها " فقيل: يا رسول الله: " أونهريقها ونغسلها؟ " قال: أو ذاك» .
ومنهم جابر رضي الله عنه على ما يأتي عن قريب فهؤلاء الأربعة عشر صحابيا رووا تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية، والجواب عن حديث غالب بن الحر أنه حديث في إسناده اختلاف كثير، منهم من يقول: عن عبيد الله بن الحسن، منهم من يقول: عن عبد الرحمن بن معقل، ومنهم من يقول: عن ابن معقل، وغالب بن الحر ويقال: الحر بن غالب، ومنهم من يقول: غالب بن ذريح بن غالب، ومنهم من يقول: عن أناس من مزينة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول أن رجلين سألا النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه الاختلافات بعضها في " معجم الطبراني " رحمه الله، وبعضها في " مصنف " ابن أبي شيبة، وبعضها في " مصنف " عبد الرزاق، وبعضها في " مسند البزار "، وقال البزار رحمه الله: لا يعلم لغالب بن الحر غير هذا الحديث.
وقد اختلف فيه فبعض أصحاب عبيد بن الحسن يقول: عن غالب بن الحر، ومنهم من يقول: عن الحر بن غالب، ومنهم من يقول: عن غالب بن ذريح، انتهى.
وكذلك اختلف في الميتة. فمنهم من يقول: كل من سمين مالك، وقال البيهقي رحمه الله في " المعرفة " وحديث غالب بن الحر إسناده مضطرب وإن صح فإنما رخص له عند الضرورة حيث يباح الميتة. وقال في " سننه الكبرى ": ومثل هذا لا يعارض الصحاح المصرحة بالتحريم، انتهى.
قلت: الدليل على أنه أباح ذلك عند الضرورة ما حدث الطحاوي رحمه الله في " شرح الآثار " مسندا إلى غالب بن ذريح، «قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه أصابتنا سنة، وإن سمين مالنا في الحمر فقال: كلوا من سمين مالكم» فأخبر أن ما كان أباح لهم ذلك في عام سنة ضرورة، ولا يدل