الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل قال: وإذا استحق بعض نصيب أحدهما بعينه لم تفسخ القسمة عند أبي حنيفة رحمه الله ورجع بحصة ذلك في نصيب صاحبه. وقال أبو يوسف رحمه الله: تفسخ القسمة. قال رضي الله عنه: ذكر الاختلاف في استحقاق بعض بعينه، وهكذا ذكر في " الأسرار "
ــ
[البناية]
[فصل في بيان الاستحقاق في القسمة]
م: (فصل) ش: أي هذا فصل في بيان الاستحقاق م: (قال: وإذا استحق بعض نصيب أحدهما بعينه لم تفسخ القسمة عند أبي حنيفة رحمه الله ورجع بحصة ذلك في نصيب صاحبه. وقال أبو يوسف رحمه الله تفسخ القسمة) ش: أي قال القدوري في "مختصره "، يعني إذا كانت دار بين اثنين إما ورثاها وإما اشترياها فاقتسماها ثم استحق بعض نصيب أحدهما بعينه لا ينقض القسمة عند أبي حنيفة وعن قريب تذكر صورتها بأوضح من هذا.
وبقول أبي حنيفة قال مالك وفي بعض كتبه إن كان الشيء المستحق تافها يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك دراهم أو دنانير، ولا يكون بذلك شريكا لصاحبه، وقال أشهب: رجع بنصف نصيب صاحبه سواء كان المستحق قليلا أو كثيرا، وفيه المضرة ولا مضرة فيه، ولا ينقض القسمة. وبقول أبي يوسف قال الشافعي.
م: (قال رضي الله عنه: ذكر الاختلاف في استحقاق بعض بعينه، وهكذا ذكر في " الأسرار ") ش: أي كما ذكره القدوري ذكره أبو زيد في " إشارات الأسرار " وقال السغناقي صفة الحوالة هذه إلى " الأسرار " وقعت سهوا، لأن هذه المسألة مذكورة في " الأسرار " في الشائع وصفا وتعليلا من الجانبين وتكرارا بلفظ الشائع غير مرة.
قلت: عبارة " الأسرار " إذا اقتسم رجلان دارا بينهما ثم استحق من نصيب أحدهما بيت معين لم يبطل القسمة، ولكن يتخير القسمة المستحق عليه إن شاء ضرب في نصيب صاحبه بما يساوي صاحبه، وإن شاء استأنف عند أبي حنيفة.
وقال أبو يوسف: يستأنف القسمة وقول محمد مضطرب. والصحيح أن الاختلاف في استحقاق بعض شائع في نصيب أحدهما لأن محمدا ذكر الخلاف في استحقاق نصف ما في يد أحدهما في كتاب " الأصل ". وكذا ذكر الحاكم في " الكافي " والطحاوي والكرخي في "مختصريهما " وصاحب الذخيرة كلهم ذكروا على سؤال واحد، والنصف اسم للشائع لا محالة.
وقال الكرخي في "مختصره " قال محمد وإذا كانت دار بين رجلين نصفين فاقتسماها،
والصحيح أن الاختلاف في استحقاق بعض شائع من نصيب أحدهما، فأما في استحقاق بعض معين لا تفسخ القسمة بالإجماع، ولو استحق بعض شائع في الكل تفسخ بالاتفاق، فهذه ثلاثة أوجه، ولم يذكر قول محمد رحمه الله وذكره أبو سليمان مع أبي يوسف - وأبو حفص مع أبي حنيفة
ــ
[البناية]
فأخذ أحدهما الثلث من مقدمها وقسمت ستمائة وأخذ الآخر الثلثين من مؤخرها، وقيمتها ستمائة ثم اصطلحا على ذلك ميراثا كان بينهما أو شراء، ثم استحق نصف ما في يد صاحب المقدم، فإن أبا حنيفة قال في هذا يرجع صاحب المقدم على صاحب المؤخر بربع ما في يده، وقيمة ذلك مائة وخمسون درهما إن شاء، وإن شاء نقض القسمة وهو قول محمد وقال أبو يوسف يرد ما بقي في يده ويبطل القسمة ويكون ما بقي في أيديهما نصفين، انتهى
والحاصل أن المسألة على ثلاثة أوجه، ففي استحقاق بعض معين في أحد النصفين أو فيهما جميعا لا ينقض القسمة بالاتفاق. وفي استحقاق شيء شائع في النصفين تنقض القسمة بالاتفاق، وفي استحقاق بعض شائع في النصيبين أحد الطرفين لا تنقض القسمة عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف.
وهي مسألة الكتاب فدل على ما ذكرنا كله على صحة ما قاله السغناقي، وما قيل يمكن أن يحمل على اختلاف النسخ ليس بشيء. فإن الكتب التي ذكرنا شاهدة على هذا، على أن قول القدوري وإذ استحق بعض نصيب أحدهما بعينة ليس بنص في ذلك لجواز أن يكون قول القدوري بعينه متعلق بنصيب أحدهما لأنه بعض فيكون تقدير كلامه: وإذا استحق بعض شائع في نصيب أحدهما بعينه وحينئذ يكون الاختلاف في الشائع لا في المعين، فافهم.
م: (والصحيح أن الاختلاف في استحقاق بعض شائع من نصيب أحدهما، فأما في استحقاق بعض معين لا تفسخ القسمة بالإجماع، ولو استحق بعض شائع في الكل تفسخ بالاتفاق، فهذه ثلاثة أوجه) ش: وهي ظاهرة، وقد ذكرناها آنفا، وفي الصورة الثالثة اختلف أصحاب الشافعي.
وقال أبو يوسف: يبطل القسمة في المستحق ويكون في الباقي قولان. وقال أبو إسحاق يبطل في الكل قولا واحدا.
وقال مالك: لا تبطل القسمة واتبع كل وارث بقدر ما صار إليه إن قدر على قسمة من ذلك وهو الأصح م: (ولم يذكر قول محمد رحمه الله) ش: أي لم يذكر القدوري قول محمد رحمه الله لأنه مضطرب م: (وذكره أبو سليمان مع أبي يوسف) ش: أي وذكر أبو سليمان قول محمد مع أبي يوسف م: (وأبو حفص مع أبي حنيفة) ش: أي ذكر أبو حفص قول محمد مع أبي حنيفة.
وهو الأصح. لأبي يوسف رحمه الله: أن باستحقاق بعض شائع ظهر شريك ثالث لهما، والقسمة بدون رضاه باطلة كما إذا استحق بعض شائع في النصيبين. وهذا لأن باستحقاق جزء شائع ينعدم معنى القسمة وهو الإفراز؛ لأنه يوجب الرجوع بحصته في نصيب الآخر شائعا، بخلاف المعين. ولهما: أن معنى الإفراز لا ينعدم باستحقاق جزء شائع في نصيب أحدهما. ولهذا جازت القسمة على هذا الوجه في الابتداء بأن كان النصف المقدم مشتركا بينهما وبين ثالث، والنصف المؤخر بينهما لا شركة لغيرهما فيه فاقتسما
ــ
[البناية]
م: (وهو الأصح لأبي يوسف رحمه الله: أن باستحقاق بعض شائع ظهر شريك ثالث لهما) ش: أي للمتقاسمين م: (والقسمة بدون رضاه باطلة) ش: أي بدون رضاء الشريك الثالث، لأن موضع المسألة فيما إذا تراضيا على القسمة، لأنه اعتبر القسمة فيها، ولا بد من التراضي م:(كما إذا استحق بعض شائع في النصيبين) ش: أي في نصيب الشريك م: (وهذا) ش: أي بطلان القسمة أيضا في ظهور الاستحقاق في بعض شائع في النصيبين م: (لأن باستحقاق جزء شائع ينعدم معنى القسمة) ش: أي في النصيبين م: (وهو الإفراز) ش: أي في معنى القسمة، وهو الإفراز والتمييز.
م: (لأنه يوجب الرجوع بحصته في نصيب الآخر شائعا) ش: توضيحه أن استحقاقه وإن كان من نصيب صاحبه المقدم خاصة فذلك يؤدي إلى الشيوع على الكل، لأن صاحب المقدم يرجع بحصة ذلك مما في يد صاحب المؤخر، فيكون ذلك بمنزلة ما لو كان المستحق جزءا شائعا في الكل.
م: (بخلاف المعين) ش: لأن في استحقاق بعض معين يقع الإفراز فيما وراءه يمكن أن يبقى له ولاية الرجوع، يعني المستحق عليه بالخيار إن شاء أبطل القسمة لأنه استحق بعض المعقود عليه، وللتنقيص في الأعيان عيب، والعيب يوجب الخيار. وإن شاء لم يبطل القسمة ورجع على صاحبه بربع ما في يده اعتبارا بالجزء بالكل.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد م: (أن معنى الإفراز لا ينعدم باستحقاق جزء شائع في نصيب أحدهما) ش: لأنه لا يوجب الشيوع في نصيب الآخر م: (ولهذا جازت القسمة على هذا الوجه في الابتداء بأن كان النصف المقدم مشتركا بينهما وبين ثالث) ش: أي بأن كان النصف المقدم من الدار مشتركا بين شريكين وثالث، صورته: أن تكون دار على نصفين فالنصف المقدم منها مشتركا منها بين ثلاثة نفر، والنصف المقدم من هذا النصف لواحد منهم، والنصف الآخر بين اثنين على السوية م:(والنصف المؤخر بينهما) ش: أي بين هذين الاثنين على السوية.
م: (لا شركة لغيرهما فيه) ش: أي في النصف الآخر م: (فاقتسما) ش: أي هذان الاثنان م:
على أن لأحدهما ما لهما من المقدم وربع المؤخر يجوز. فكذا في الانتهاء، وصار كاستحقاق شيء معين، بخلاف الشائع في النصيبين؛ لأنه لو بقيت القسمة لتضرر الثالث بتفرق نصيبه في النصيبين، أما هاهنا فلا ضرر بالمستحق فافترقا، وصورة المسألة إذا أخذ أحدهما الثلث المقدم من الدار والآخر الثلثين من المؤخر، وقيمتهما سواء ثم استحق نصف المقدم، فعندهما: إن شاء نقض القسمة دفعا لعيب التشقيص، وإن شاء رجع على صاحبه برع ما في يده من المؤخر
ــ
[البناية]
(على أن لأحدهما ما لهما من المقدم وربع المؤخر يجوز) ش: أي على أن يأخذ أحدهما نصيبهما من النصف المقدم مع ربع النصف المؤخر، ويأخذ ما بقي من ذلك يجوز، لأن ما لا يمنع ابتداء القسمة لا يمنع بقاءها بالطريق الأولى، وهو معنى قوله م:(فكذا في الانتهاء، وصار كاستحقاق شيء معين) ش: أي في عدم انتفاء معنى الإفراز.
م: (بخلاف الشائع في النصيبين) ش: جواب عما قال أبو يوسف كما إذا استحق بعض شائع في النصيبين م: (لأنه لو بقيت القسمة) ش: في هذه الصورة م: (لتضرر الثالث بتفريق نصيبه في النصيبين) ش: في موضعين فيؤدي إلى الضرر منتف شرعا م: (وأما هاهنا فلا ضرر بالمستحق فافترقا) ش: أي الحكمان في المقيس والمقيس عليه في النصيبين، لأنه يحتاج إلى قسمة في يد كل واحد منهما، فتفرق نصيبه.
فإن قلت: إذا لم يكن للمستحق ضرر ولكن المستحق عليه يتضرر بتفريق نصيبه في التعين، أعني نصيب المستحق ونصيب الشريك الآخر.
قلت: ضرر المستحق عليه ليس بمنظور هنا، لأنه ضرورة إنشاء من فعلهما حيث اقتسما بدون الشريك الثالث ولم يفصحا عنه. على أنا نقول: هذا الإشكال يرد على الكل، لأن في استحقاق الجزء المعين يلزم هذا الضرر على المستحق عليه، ومع هذا لا ينقض القسمة بالإجماع.
م: (وصورة المسألة) ش: أي المسألة المذكورة في الكتاب لا المستشهد بها م: (إذا أخذ أحدهما الثلث المقدم من الدار والآخر الثلثين من المؤخر وقيمتهما سواء، ثم استحق نصف المقدم) ش: أي النصف من الثلث المقدم الذي وقع في نصيب أحدهما م: (فعندهما: إن شاء نقض القسمة دفعا لعيب التشقيص، وإن شاء رجع على صاحبه بربع ما في يده من المؤخر) ش: فإن جميع قيمة الدار ألف ومائتا درهم، ولما استحق النصف من الثلث المقدم شيء أن المشترك بينهما تسعا، ثم فهو كل واحد منهما في أربعمائة وخمسين.
والذي بقي في يد صاحب المقدم ثلاثمائة، وما في يد صاحب المؤخر يساوي ستمائة فيرجع عليه بربع ما في يده وقيمته مائة وخمسون حتى يسلم لكل واحد منهما ما يساوي
لأنه لو استحق كل المقدم رجع بنصف ما في يده، فإذا استحق النصف رجع بنصف النصف وهو الربع اعتبارا للجزء بالكل.
ولو باع صاحب المقدم نصفه ثم استحق النصف الباقي شائعا رجع بربع ما في يد الآخر عندهما لما ذكرنا، وسقط خياره ببيع البعض.
ــ
[البناية]
أربعمائة وخمسين م: (لأنه لو استحق كل المقدم رجع بنصف ما في يده، فإذا استحق النصف رجع بنصف النصف وهو الربع اعتبارا للجزء بالكل) ش: أي لأنه إنسان لو استحق كل المقدم من الدار وهو الثلث والباقي ظاهر.
م: (ولو باع صاحب المقدم نصفه) ش: ذكره تفريعا على مسألة القدوري، أي ولو باع صاحب المقدم والنصف من الثلث المقدم الذي وقع في نصيب أحدهما م:(ثم استحق النصف الباقي شائعا رجع بربع ما في يد الآخر عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -، وقد ذكر هنا قول محمد مع أبي يوسف - رحمهما الله - كما في الأول.
وذكر الكرخي قوله مع أبي حنيفة كما في الأول، وذلك لأن من أصل أبي حنيفة أن القسمة لا تنقض فيحتاج إلى تحقيق معنى المعادلة، فيقول لو استحق جميع ما في يده رجل بنصف ما في يد صاحبه.
وإذا استحق النصف رجع بالربع اعتبارا للجزء بالكل، وهو معنى قوله م:(لما ذكرنا) ش: يعني من قوله لأنه لو استحق كل المقدم رجع بنصف ما في يده إلى قوله اعتبارا للجزء بالكل م: (وسقط خياره ببيع البعض) ش: أي سقط خيار المستحق عليه في فسخ القسمة، لأنه باع البعض وبقي حق الرجوع بالربع تحقيقا للمعادلة.
وقال الكرخي في "مختصره ": فإن كانت مائة شاة ما بين رجلين نصفين ميراثا أو شراء فاقتسماها وأخذ أحدهما أربعين شاة فساوى خمسمائة، وأخذ الآخر ستين تساوي خمسمائة فاستحقت شاة من الأربعين تساوي عشرة دراهم، فإنه يرجع بخمسة دراهم في الستين شاة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله أيضا، فتكون الستين شاة بينهما يضرب فيها بخمسة دراهم، ويضرب فيها الآخر بخمسمائة درهم إلا خمسة دراهم، انتهى.
وهذا لا ينقض القسمة بالاتفاق، لأن الاستحقاق إذا ورد على شيء يعني لا ينقض القسمة وقد وردت على شاة بعينها فوجب الرجوع بنصف قيمة الشاة المستحقة لتحققت معنى المبادلة. وتبنى أن بينهما ألفا إلا عشرة دراهم، وقد وصل إلى صاحب الستين وخمسمائة إلى صاحب الأربعين أربعمائة وتسعين، وتبقى خمسة دراهم إلى تمام حقه فيضرب في الستين شاة بخمسة دراهم وشريكه بأربعمائة وخمسة وتسعين.