الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو باع قبل حجر القاضي جاز عند أبي يوسف رحمه الله؛ لأنه لا بد من حجر القاضي عنده؛ لأن الحجر دائر بين الضرر والنظر والحجر لنظره، فلا بد من فعل القاضي، وعند محمد رحمه الله لا يجوز لأنه يبلغ محجورا عنده إذ العلة هي السفه بمنزلة الصبا وعلى هذا الخلاف إذا بلغ رشيدا ثم صار سفيها. وإن أعتق عبدا نفذ عتقه عندهما،
ــ
[البناية]
الذي لم يبلغ ملك ذلك وصيه أو أبوه.
والثانية: أن إذا أعتق عبدا جاز عتقه، ويسعى في قيمته، وكذا لو دبر يصح تدبيره، ولو مات عنه يسعى في قيمته مدبرا، وإعتاق الذي لم يبلغ لا يصح أصلا.
والثالثة: أن وصايا الغلام الذي قد بلغ مفسدا من التدبير وغيره باطل قياسا، ولكنا نستحسن أن ما وافق الحق وما تقرب به إلى الله تعالى وما يكون في غير وجه الفسق جائز كما يجوز وصية غيره وما يكون سفيها لا يجوز.
وأما وصايا الغلام الذي لم يبلغ لا تجوز أصلا.
والرابعة: إذا جاءت جاريته بولد، فادعاه ثبت نسبه، وكانت الجارية أم ولد له، فإن ماتت كانت حرة بخلاف الغلام الذي لم يبلغ، كذا ذكر في شرح " الكافي ".
وذكر خواهر زاده في "مبسوطه " من جملة الخصال الأربع النكاح، والطلاق، فقال: لا يجوز طلاق الصبي العاقل، ويجوز طلاق السفيه، وكذا يجوز نكاح السفيه ولا يجوز نكاح الصبي العاقل، ولم يذكر الوصايا وادعاه ولد فعلى هذا تكون الخصال التي يفترق فيها السفيه والصبي ستا.
[تصرفات المحجور عليه]
م: (ولو باع) ش: أي السفيه م: (قبل الحجر) ش: أي قبل حجر القاضي، وفي بعض النسخ كذلك م:(جاز عند أبي يوسف رحمه الله) ش: وبه قال الشافعي وأحمد م: (لأنه لا بد من حجر القاضي عنده؛ لأن الحجر دائر بين الضرر) ش: وهو إهدار آدميته م: (والنظر) ش: أي في إيقاع البيع على ملكه كما كان م: (والحجر لنظره فلا بد من فعل القاضي) ش: ليترجح أحد الجانبين على الآخر.
م: (وعند محمد رحمه الله لا يجوز) ش: وبه قال مالك م: (لأنه يبلغ محجورا عنده إذ العلة هي السفه بمنزلة الصبا) ش: وهو موجود قبل القضاء فيترتب عليه الحكم م: (وعلى هذا الخلاف إذا بلغ رشيدا ثم صار سفيها) ش: وعند أبي يوسف لا يصير محجورا حتى يقضي القاضي، وعند محمد يصير محجورا لمجرد السفه م:(وإن أعتق عبدا) ش: يعني بعد الحجر م: (نفذ عتقه عندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، وهو قول أبي حنيفة
وعند الشافعي رحمه الله: لا ينفذ. والأصل عندهما أن كل تصرف يؤثر فيه الهزل يؤثر فيه الحجر وما لا فلا؛ لأن السفيه في معنى الهازل من حيث إن الهازل يخرج كلامه لا على نهج كلام العقلاء، لاتباع الهوى ومكابرة العقل لا لنقصان في عقله، فكذلك السفيه والعتق مما لا يؤثر فيه الهزل فيصح منه.
ــ
[البناية]
رحمه الله أيضا، ولم يحضر قولهما بالذكر احترازا عن قوله لأن عند أبي حنيفة رحمه الله الحكم قبل الحجر وبعده سواء في نفاذ تصرفات المحجور بسبب السفه؛ لأنه تأثير للحجر عنده، بل احترازا عن قولهما في سائر التصرفات التي يؤثر فيه الحجر كالبيع والشراء والإقرار بالمال.
وعن قول الشافعي حيث قال: م: (وعند الشافعي لا ينفذ) ش: وبه قال أحمد رحمه الله، وهو قياس قول مالك؛ لأن تصرفات المحجور عليه غير نافذة م:(والأصل عندهما) ش: أي الأصل في هذا الباب عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله م: (أن كل تصرف يؤثر فيه الهزل يؤثر فيه الحجر، وما لا فلا) ش: أي وما لا يؤثر فيه الهزل فلا يؤثر فيه الحجر.
م: (لأن السفيه في معنى الهازل) ش: لا من كل وجه م: (من حيث إن الهازل يخرج كلامه، لا على نهج كلام العقلاء) ش: أي لا على الطريق الواضح، وهو بفتح النون، وسكون الهاء، وأما النهج بتحريك الهاء فهو البهر، وهو تتابع النفس، وهو من باب علم يعلم م:(لا تباع الهوى، ومكابرة العقل) ش: أي لأجل اتباعه هوى النفس وتعاليه العقل، لأنه يقصد اللعب دون ما وضع له الكلام م:(لا لنقصان في عقله، فكذلك السفيه) ش: يعني لا يخرج الهازل كلامه على نهج كلام العقلاء لاتباع الهوى ومكابرة العقل.
م: (والعتق مما لا يؤثر فيه الهزل فيصح منه) ش: أي من السفيه، وفيه بحث من أوجه:
الأول: أن السفيه لو حنث في يمينه وأعتق رقبة لم ينفذه القاضي، وكذا لو نذر بهدي أو غيره لم ينفذه، فهذا مما لا يؤثر فيه الهزل، لقوله صلى الله عليه وسلم:«ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد» ، وقد أثر فيه الحجر بالسفه.
والثاني: أن الهازل إذا أعتق عبده عتق، ولم يجب عليه سعاية، والمحجور بالسفه إذا أعتقه، وجب عليه السعاية فالهزل لم يؤثر في وجوب السعاية، والحجر أثر فيه.
والثالث: أن التعليل المذكور إنما يصح في حق السفيه لا في حق الهازل، والصحيح فيه
والأصل عنده: أن الحجر بسبب السفه بمنزلة الحجر بسبب الرق حتى لا ينفذ بعده شيء من تصرفاته إلا الطلاق كالمرقوق، والإعتاق لا يصح من الرقيق فكذلك من السفيه. وإذا صح عندهما كان على العبد أن يسعى في قيمته، لأن الحجر لمعنى النظر، وذلك في رد العتق إلا أنه متعذر فيجب رده برد القيمة كما في الحجر على المريض، وعن محمد رحمه الله أنه لا يجب السعاية.
ــ
[البناية]
أن يقال ولقصده اللعب به دون ما وضع الكلام له لا لنقصان في العقل.
والجواب: عن الأول أن القضاء بالحجر عن التصرفات المالية فيما يرجع إلى الإتلاف يستلزم عدم تنفيذ الكفارات والنذور، لأن في تنفيذهما إضاعة المقصود عن الحجر لإمكان أن يتصرف في جميع ماله باليمين والحنث والنذور.
وعن الثاني: ما سيجيء في الكتاب.
وعن الثالث: أن قصد اللعب بالكلام وترك ما وضع له من مكابرة العقل واتباع الهوى فلا فرق بينهما.
م: (والأصل عنده) ش: أي عند الشافعي م: (أن الحجر بسبب السفه بمنزلة الحجر بسبب الرق) ش: في أنه لا يزيل الخطاب ولا يخرج من أن يكون أهلا لإلزام العقوبة باللسان باكتساب سببها، كما أن الرق كذلك م:(حتى لا ينفذ بعده) ش: أي بعد الحجر م: (شيء من تصرفاته إلا الطلاق كالمرقوق والإعتاق لا يصح من الرقيق، فكذلك من السفيه) ش: قلنا: ليس السفه كالرق؛ لأن حجر الرق لحق الغير في المحل الذي يلاقيه تصرفه، حتى إن يصرف فيما لا حق للغير فيه نافذ كالإقرار بالحدود والقصاص، وهذا لا حق لأحد في المحل الذي يلاقيه تصرفه، فيكون نافذا.
م: (وإذا صح) ش: أي عتق السفيه م: (عندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله م: (كان على العبد أن يسعى في قيمته، لأن الحجر لمعنى النظر، وذلك) ش: أي النظر م: (في رد العتق) ش: أي إبطاله م: (إلا أنه متعذر) ش: لعدم قبوله الفسخ م: (فيجب رده برد القيمة) ش: أي رد العتق برد العبد إليه بالاستسعاء م: (كما في الحجر على المريض) ش: يعني لو أعتق عبدا في مرضه تجب السعاية في كل قيمته للغرماء أو ثلثي قيمته للورثة، إذا لم يكن عليه دين ولا مال له سواه لتعذر رد العتق، فكان رده بوجوب السعاية لحق آخر ما أدى الورثة.
م: (وعن محمد رحمه الله أنه لا يجب السعاية) ش: أي أن الشأن لا يجب السعاية على
لأنه لو وجبت إنما تجب حقا لمعتقه والسعاية ما عهد وجوبها في الشرع إلا لحق غير المعتق. ولو دبر عبده جاز؛ لأنه يوجب حق العتق فيعتبر بحقيقته، إلا أنه لا تجب السعاية ما دام المولى حيا، لأنه باق على ملكه. وإذا مات ولم يؤنس منه الرشد سعى في قيمته مدبرا لأنه عتق بموته وهو مدبر، فصار كما إذا أعتقه بعد التدبير.
ــ
[البناية]
العبد، جعل في " المبسوط " هذه الرواية عنه آخر قول أبي يوسف، وأما قوله الأول كقول محمد في وجوب السعاية.
م: (لأنه لو وجبت) ش: أي لأن السعاية وتذكير الضمير باعتبار السعي م: (إنما تجب حقا لمعتقه والسعاية ما عهد وجوبها في الشرع إلا لحق غير المعتق) ش: كما في إعتاق أحد الشريكين فإنه يسعى للساكت.
ولو ظاهر عن امرأته وصام أجزأه لأنه بمنزلة الغائب عن ماله. ولو أعتق عبدا عن ظهاره سعى الغلام في جميع قيمته ثم لا يجزئه عن ظهاره، لأنه يكون إعتاقا ببعض، فإن صام أحد الشهرين ثم صار مصلحا لم يجزئه إلا العتق بمنزلة معسر السير، كذا في شرح " الكافي ".
م: (ولو دبر) ش: أي السفيه م: (عبده جاز، لأنه يوجب حق العتق) ش: أي لأن التدبير دل عليه قوله دبر م: (فيعتبر بحقيقته) ش: أي بحقيقة العتق، لأنه لما ملكه أنشأ حقيقة العتق، فلأن يملك إنشاء حقه كان أولى م:(إلا أنه لا يجب السعاية ما دام المولى حيا لأنه باق على ملكه) ش: فلا يمكن إيجاب السعاية، لأن المولى لا يستوجب على عبده دينا، ألا ترى أنه لو دبر عبده بمال، وقبل العبد صح التدبير، ولم يجب المال بخلاف ما لو كاتبه، أو أعتقه على مال حيث يصح، لأنه لم يبق على ملكه حقيقة، أو يدا، أشار إليه في " المبسوط ".
م: (وإذا مات ولم يؤنس منه الرشد سعى في قيمته مدبرا، لأنه عتق بموته وهو مدبر، فصار كما إذا أعتقه بعد التدبير) ش: أي كما إذا أعتقه في حياته بعد أن دبره تحت السعاية، فكذا هنا. ألا ترى أن مصلحا لو دبر عبدا في صحته ثم مات وعليه دين مستغرق تجب السعاية عليه في قيمته المدبر لغرمائه، فكذا هاهنا، قيل ينبغي أن يسعى في قيمته قنا، لأن العتق حصل بالتدبير السابق وهو في تلك الحالة قن فوجب السعاية قنا، كما لو أعتقه.
أجيب: بأن الأصل أن المعلق بالشرط ليس بسبب قبله إلا أنه جعل هاهنا سببا قبله ضرورة، فلا تظهر مبينة في إيجاب السعاية عليه قنا، وإنما يظهر في حق المنع وتعلق العتق بموته، لأن الثابت أن الضرورة تتقدر بقدرها.
قيل: سلمنا ذلك لكن يجب أن يسعى في ثلثي قيمته، لأن التدبير وصية وفيها يسعى العبد كذلك.
ولو جاءت جاريته بولد فادعاه يثبت نسبه منه وكان الولي حرا والجارية أم ولد له لأنه محتاج إلى ذلك لإبقاء نسله، فألحق بالمصلح في حقه وإن لم يكن معها ولد وقال هذه أم ولدي كانت بمنزلة أم الولد لا يقدر على بيعها. وإن مات سعت في جميع قيمتها لأنه كالإقرار بالحرية إذ ليس لها شهادة الولد بخلاف الفصل الأول؛ لأن الولد شاهد لها، ونظيره المريض إذا ادعى ولد جاريته فهو على هذا التفصيل.
قال: وإن تزوج امرأة جاز نكاحها لأنه لا يؤثر فيه الهزل، ولأنه من حوائجه الأصلية وإن سمى لها مهرا جاز منه مقدار
ــ
[البناية]
وأجيب بأنه وصية من حيث النفاذ بعد الموت لا غير، ألا ترى أن الرجوع في الوصية صحيح دون التدبير.
م: (ولو جاءت جاريته) ش: أي جارية الذي بلغ غير رشيد م: (بولد فادعاه يثبت نسبه منه وكان الولد حرا والجارية أم ولد له لأنه محتاج إلى ذلك لإبقاء نسله) ش: لأن إبقاءه من الحوائج الأصلية لحياة ذكر الإنسان ببقاء الولد بعد موته م: (فألحق بالمصلح في حقه) ش: أي في حق الاستيلاد نظرا له، ولا يعلم فيه خلافا للثلاثة.
م: (وإن لم يكن معها) ش: أي مع الجارية م: (ولد وقال هذه أم ولدي كانت بمنزلة أم الولد لا يقدر على بيعها) ش: لأن دعوته كانت دعوة تحرير فلا يقدر على بيعها م: (وإن مات) ش: أي السفيه بعد هذه الدعوة م: (سمعت) ش: أي الجارية م: (في جميع قيمتها لأنه كالإقرار بالحرية) ش: أي لأن إقراره بأمومية الولد بدون الولد كالإقرار بالحرية م: (إذ ليس لها شهادة الولد) ش: فصار كأنه قال أنت حرة فيمتنع بيعها وتسعى في جميع قيمتها بعد موته.
م: (بخلاف الفصل الأول) ش: وهو ما إذا كان معها ولد م: (لأن الولد شاهد لها) ش: في إبطال حق الغير، فكذا في حكم دفع الحجر عن تصرفه م:(ونظيره المريض) ش: أي نظير حكم هذه المسألة بالوجهين نظير ما م: (إذا ادعى المريض ولد جاريته فهو على هذا التفصيل) ش: وهو الفرق بالذي ذكره بين الدعوة بالولد والدعوة بدون الولد، فإن كان معها ولد لا تسعى بعد موته، وإن لم يكن تسعى لحاجته إلى بقاء نسله فيكون مقدما على حق الغرماء.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإن تزوج امرأة جاز نكاحها) ش: ولفظا " المبسوطين " جاز نكاحه، وبه قال أحمد. وقال الشافعي ومالك وأبو الخطاب الحنبلي لا يجوز بغير إذن الولي، لأنه عقد معاوضة كالشراء، فلا يجوز بدون وليه م:(لأنه لا يؤثر فيه الهزل) ش: لأن النكاح لا يؤثر فيه الهزل، لأن الهزل فيه جد.
م: (ولأنه من حوائجه الأصلية، وإن سمى لها مهرا جاز منه) شك أي من المهر م: (مقدار