الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
الذكاة شرط حل الذبيحة
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3]
ــ
[البناية]
المجوس: محظور عقلا، فلا يرون إباحة ذبح الحيوان، قالوا: فيه إذهاب الروح الذي هو من أجزاء [......] ، وذهب العراقيون إلى أن الذبح محظور عقلا، ولكن الشرع أحله لأن فيه إضرارا بالحيوان، وقال الشيخ أبو الحسن القدوري رحمه الله في " شرحه ": الذبائح محظورة بالعقل لأن الأشياء في الأصل عندنا على الإباحة إلا ما كان فيه إدخال ضرر في الحيوان.
وقال شمس الأئمة السرخسي: هذا عندي باطل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتناول اللحم قبل مبعثه، ولا يظن به أنه كان يأكل ذبائح المشركين لأنهم كانوا يذبحون بأسماء الأصنام، فعرفنا أنه كان يذبح ويصطاد بنفسه وما كان يفعل ما كان محظورا عقلا كالكذب والظلم والسفه.
وأجيب بأنه يجوز أن يكون ما كان يأكل إلا ذبائح أهل الكتاب، وليس الذبح كالكذب والظلم لأن المحظور العقلي ضربان: ما يقطع بتحريمه فلا يرد الشرع بإباحته إلا عند الضرورة، وما فيه نوع تجويز من حيث مقدار منفعته فيجوز أن يرد الشرع بإباحته، وتقدم عليه قبله نظرا إلى نفعه كحجامة الأطفال وتداويه بما فيه ألم.
قلت: كل من الكلامين لا يخلو عن نظر. أما الأول فلأنه يحتاج إلى دليل على أنه كان يذبح بنفسه ويصطاد بنفسه قبل البعثة، وأما الثاني فلذلك يحتاج إلى دليل فلأنه يحتاج إلى دليل على أنه يأكل من ذبائح أهل الكتاب قبل البعثة، فلم لا يجوز أنه لم يكن أكل شيئا من الذبيحة إلا بعد البعثة؟
[الذكاة شرط حل الذبيحة]
م: (قال: الذكاة شرط حل الذبيحة) ش: قال الأترازي: وهذا وقع خلاف وضع الكتاب لأنه إذا ذكر لفظا قال في أول المسألة كان يشير به إلى ما ذكره في " الجامع الصغير " أو " مختصر القدوري "، وهنا لم تقع الإشارة إلى أحدهما ولهذا لم يذكره في البداية، وكان ينبغي أن لا يورد لفظ قال، أو يقول قال العبد الضعيف مشيرا به إلى نفسه.
قلت: هذا تطويل بلا فائدة لأنه ذكر في مواضع كثيرة من الكتاب لفظة قال بإضمار الفاعل وأراد به نفسه، فهذا أيضا مثله ولا يلزم تعيين الفاعل.
ألا ترى أنه عند إسناد القول إلى القدوري أو محمد بن الحسن لم يصرح بفاعله، فكذلك عند إسناده إلى نفسه، ولا يخفى هذا إلا على من لم يميز مسائل القدوري من مسائل " الجامع الصغير "، ومن لم يميز بينهما لا يستحق الخوض في الهداية م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] .
ولأن بها يتميز الدم النجس من اللحم الطاهر، وكما يثبت به الحل يثبت به الطهارة في المأكول وغيره فإنها تنبئ عنها، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:«ذكاة الأرض يبسها»
ــ
[البناية]
ش: بعد قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] استثنى من الحرمة المذكى فيكون حلالا.
والمترتب على المشتق معلول الصفة المشتق منها، لكن لما كان الحل ثابتا بالشرع جعلت شرطا م:(ولأن بها) ش: أي بالذكاة، وذكر الضمير باعتبار الذبح م:(يتميز الدم النجس من اللحم الطاهر) ش: ولا يلزم الجراد والسمك لأن حلهما بلا ذبح ثبت بالنص، وفي السنة المشهورة فخرجا من عموم الآية م:(وكما يثبت به) ش: أي بالذكاة على تأويل الذبح م: (الحل يثبت به الطهارة في المأكول وغيره) ش: أي غير المأكول إلا الآدمي والخنزير، فإن الذكاة لا تلحقهما.
قال الفقيه أبو الليث وذكر عن الكرخي أنه قال: إذا صلى ومعه شيء من لحم السباع وقد ذبح جازت صلاته، ولو وقع في الماء لم ينجسه. وكان الفقيه أبو جعفر يقول: هو نجس لا يجوز الصلاة معه ولو وقع في الماء أفسده، وهو موافق لقول نصير وبه نأخذ. هكذا ذكره في النوازل في كتاب الصلاة.
م: (فإنها تنبئ عنها) ش: أي فإن الذكاة تنبئ عن الطهارة م: (ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «ذكاة الأرض يبسها» ش: أي وكون الذكاة عبارة عن الطهارة لقوله صلى الله عليه وسلم: «ذكاة الأرض يبسها» أي طهارة الأرض عن رطوبة النجاسة يبسها بالشمس أو الهواء، وهذا ليس بحديث. قال في " الفائق ": هو من كلام محمد بن علي وهو محمد بن الحنفية لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن أبي جعفر محمد بن علي قال: ذكاة الأرض يبسها، وأخرج عنه وعن أبي قلابة قال: إذا جفت الأرض فقد ذكيت.
وروي عن عبد الرزاق في " مصنفه " وقال: أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: جفوف الأرض طهورها. والعجب من صاحب النهاية وشيخه الكاكي قبله كيف لم يتعرضا لهذا وسكتا عليه جزما منهما أنه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وآفة هذه الأشياء التقليد!
وقال في " القاموس " معناه: إذا يبست الأرض من رطوبة النجاسة فذاك يطهرها كما أن الذكاة تحل الذبيحة، وثم قال: الذكاة الحياة، من ذكت النار إذا حيت واشتعلت وكأن الأرض