الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن عند اتحاد الجنس يتحد المقصود فيحصل التعديل في القسمة والتكميل في المنفعة.
ولا يقسم الجنسين بينهما بعضهما في بعض، لأنه لا اختلاط بين الجنسين، فلا تقع القسمة تمييزا، بل تقع معاوضة، وسبيل التراضي دون جبر القاضي. ويقسم كل موزون ومكيل كثير أو قليل، والمعدود المتقارب وتبر الذهب والفضة وتبر الحديد والنحاس والإبل بانفرادها، والبقر والغنم، ولا يقسم شاة وبعيرا وبرذونا وحمارا
ــ
[البناية]
وإن كانت أغناما أو إبلا أو بقرا أو جماعة ثياب من جنس واحد فإنه يقسمها، فأما الرقيق فلا يقسم بينهم عند أبي حنيفة لأنها كأجناس مختلفة لاختلاف منافعهم، وعندهما يقسم كالأغنام والإبل والبقر. وإن كان مع الرقيق مال أخذ قسمه كله في قولهم م:(لأن عند اتحاد الجنس يتحد المقصود فيحصل التعديل في القسمة والتكميل في المنفعة) ش: لإمكان التعديل بالكيل والوزن تمييزا بلا تفاوت، وكذلك الذهب والفضة والعددي المتقارب.
وأما الثياب والحيوانات فيمكن أن يجعل كل اثنين منهما بواحد أو واحد وبعض واحد.
[لا يقسم ما يتلفه القسم]
م: (ولا يقسم الجنسين بعضهما في بعض) ش: هذا لفظ القدوري في "مختصره "، أي لا يقسم القاضي جبرا الأجناس المختلفة قسمة الجميع بأن جمع نصيب أحدهما في الإبل والآخر في البقر، وبه قال مالك والشافعي - رحمهما الله - م:(لأنه لا اختلاط بين الجنسين، فلا تقع القسمة تمييزا، بل تقع معاوضة وسبيل التراضي دون جبر القاضي) ش: لأن ولاية الإجبار للقاضي يثبت معنى التمييز.
م: (ويقسم القاضي كل موزون ومكيل كثير أو قليل) ش: ذكر هذا تفريعا على مسألة القدوري م: (والمعدود المتقارب) ش: بالنصب أيضا، أي يقسم المعدود المتقارب م:(وتبر الذهب والفضة، وتبر الحديد والنحاس) ش: بالنصب عطف على المنصوب قبله، والتبر القطعة المأخوذة من المعدن م:(والإبل بانفرادها، والبقر والغنم) ش: بالنصب أيضا، أي يقسم الإبل والبقر بانفرادها وهو بكسر الهمزة والباء الموحدة. وفي بعض النسخ. والآنك بفتح الهمزة وضم النون وفي آخره كاف وهو الأشرب، وهي مناسبة لما قبله، والنسخة الأولى مناسبة لما بعدها، فافهم. والبقر والغنم بالنصب أيضا عطفا، أي يقسمها بانفراد كل واحد منهما لقلة التفاوت.
م: (ولا يقسم شاة وبعيرا وبرذونا وحمارا) ش: أي لا يقسم القاضي جبرا في هذه الأشياء قسمة جميعا بأن يجمع نصيب أحد الورثة في الشاة خاصة ونصيب الأخرى في البعير خاصة، بل يقسم الشاة بينهما والبعير بينهما على ما يستحقان. وفي " الذخيرة " والحاصل أن القاضي رحمه الله لا يقسم الأجناس المختلفة من كل وجه قسمة جميع إذا أتى ذلك بعض الشركاء.
ولا يقسم الأواني لأنها باختلاف الصنعة التحقت بالأجناس الخمسة ويقسم الثياب الهروية لاتحاد الصنف، ولا يقسم ثوبا واحدا لاشتمال القسمة على الضرر، إذ هي لا تتحقق إلا بالقطع ولا ثوبين إذا اختلفت قيمتهما.
ــ
[البناية]
وفي الجنس المتحد يقسم عند طلب البعض، وبه قال الفقهاء. وقال أبو ثور وأصحاب الظاهر: يقسم في الأجناس المختلفة ويخرج نصيب كل ما يقرعه في شخص من أشخاص وفي نوع من أنواعه استدلالا بما روى البخاري عن علي بن الحاكم الأنصاري بإسناده إلى رافع بن خديج «أنه صلى الله عليه وسلم قسم الغنيمة فعدل عشرة من الغنم ببعير واحد» .
قلنا: حديث غريب فلا يترك لأجل عمومات النصوص في أن الجبر لا يجري في المبادلات والقسمة بالسهم في الأجناس المختلفة مبادلة حقيقية، مع أن الحديث لا يكون حجة لاحتمال أن ذلك بطريق القسمة بالتراضي بقرينة لفظ تعدل عشرة الحديث مع أن حق الغانمين في المالية لا في المعين، ولهذا للإمام بيعها وقسمة ثمنها.
م: (ولا يقسم الأواني) ش: من الذهب والفضة والنحاس بعضها في بعض م: (لأنها باختلاف الصنعة التحقت بالأجناس المختلفة) ش: كالإجانة والقمقم والطشت، والمتخذة من الصفر مثلا وكذلك الأبواب المتخذة من القطن أو الكتان إذا اختلف بالصنعة كالقباء والجبة والقميص لا يقسم بعضها في بعض جبرا.
م: (ويقسم الثياب الهروية لاتحاد الجنس) ش: احترز به لأنها أجناس مختلفة، والقسمة تكون بطريق المعاوضة عن اختلاف الصنعة لأنه ذكره في " المبسوط "، ولا يقسم ثوبا لظبا وثوبا هرويا وسادة وبساطا لأنها أجناس مختلفة، والقسمة تكون بطريق المعاوضة والجبر لا يجري في المعاوضات فلا بد من التراضي م:(ولا يقسم ثوبا واحدا لاشتمال القسمة على الضرر، إذ هي لا تتحقق إلا بالقطع) .
ش: هذا أيضا تفريع على مسألة القدوري، أي الثوب الذي يخالف أوله آخره في الجودة، أو يكون ذا علم بعد قطعه يكون إتلافا، حتى لو لم يكن كذلك قسمة.
قوله: لاحتمال القسمة على الضرر إذ هي لا تتحقق إلا بالقطع، لأنها إتلاف جزء منها ومنه، وفي ذلك ضرر على المتقاسمين فلا يجوز للقاضي فعله، فإن تراضيا لم يفعله القاضي أيضا لما فيه من إتلاف الملك، ولكنهما يقتسمانها - إن شاء الله تعالى - بأنفسهما، أي ولا يقسم القاضي أيضا.
م: (ولا ثوبين إذا اختلفت قيمتهما) ش: لأنه لا يمكن التعديل إلا بزيادة دراهم مع الأوكس
لما بينا، بخلاف ثلاثة أثواب إذا جعل ثوب بثوبين أو ثوب وربع ثوب بثوب وثلاثة أرباع ثوب؛ لأنه قسمة البعض المشترك دون البعض وذلك جائز.
ــ
[البناية]
ولا يجوز إدخال الدراهم في القسمة جبرا، لأن القسمة حق في الملك المشترك والشركة بينهما في الثياب، فلو أدخل في القسمة دراهم يقسم ما ليس بمشترك، وهذا لا يصح، فإن تراضيا على ذلك جاز للقاضي بأن يقسم، لأنه إتلاف في ذلك لما لهم، كذا في " شرح الأقطع " م:(لما بينا) ش: إشارة إلى قوله بل يقع معاوضة وسبيلها التراضي.
م: (بخلاف ثلاثة أثواب إذا جعل ثوب بثوبين) ش: يعني يصح قسمتها بأن يجعل ثوب بثوبين يعني إذا كان قيمة الثوب الواحد مثل قيمة الثوبين وأراد أحدهما القسمة وإلى الآخر يقسم القاضي بينهما ويعطي أحدهما ثوبا وللآخر ثوبين م: (أو ثوب وربع ثوب) ش: أي ويجعل ثوب وربع ثوب م: (بثوب وثلاثة أرباع ثوب) ش: فإن كانت ثلاثة أثواب قيمة أحدهم دينار وربع وقيمة الآخر دينار وثلاثة أرباع دينار فإنه يقسم ويعطي الثوب الذي قيمته دينار وربع دينار لواحد، ويعطي الثوب الذي قيمته دينار وثلاثة أرباع دينار والثوب الآخر يشترك بينهما أرباعا، ربع لمن أخذ الثوب الذي قيمته دينار وربع دينار، وهذا لا يصير قسمة م:(لأنه قسمة البعض المشترك دون البعض) ش: لأن كل واحد منهما منفرد بثوب ويبقى الشركة في ثوب، وفي " النهاية " الأصح أن يقال: وإن استوت القيمة كان نصيب كل واحد ثوبا ونصفا فيقسم الثوبين بينهما ويدع الثالث مشتركا، وكذا لو استقام أن يجعل نصيب أحدهما ثوبا وثلثي الآخر كما ذكرنا.
وقال الكرخي في "مختصره": وكل صنف من الثياب ليستقيم فيه القسمة، فأما الثوب الواحد فلا يستقيم فيه القسمة، وكذلك الثوبان إذا اختلفت قيمتها لا تستقيم القسمة، إلا أن يراد دفع الأوكس دراهم قسمناه على الذي نصيبه الأفضل، فإن كان أحد الثوبين يساوي عشرين والآخر يساوي ثلاثين فإنهما يقومان على هذه القيمة ثم يقرع بينهما على أيهما أصابه الأوكس وأخذ ذلك مع سدس الأفضل.
فإن كرها ذلك وأجمعا على أن يزاد دراهم أسهم بينهما على أنه أيهما أصابه الأفضل رد خمسة دراهم على صاحب الأوكس، والثوب للواحد لا يستقيم فيه إذا كره أحدهما، فإن اختار ذلك ما لم يقسم إلا أن يصطلحا على سعة فيما بينهما فأما الحاكم فلا يسعة وثلاثة أثواب يستقيم فيها القسمة على ما فسرت لك من القيم ثوب بثوبين أو ثوب وربع ثوب وثلاثة أرباع أو دراهم يردها الذي نصيبه الأفضل على صاحب الأوكس لأنه قيمة ذلك البعض دون البعض م:(وذلك جائز) ش: لأنه يتيسر عليه التمييز في بعض المشترك، ولو تيسر ذلك في الكل عند طلب
وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يقسم الرقيق والجواهر لتفاوتهما. وقالا: يقسم الرقيق لاتحاد الجنس كما في الإبل والغنم ورقيق المغنم. وله: أن التفاوت في الآدمي فاحش لتفاوت المعاني الباطنة
ــ
[البناية]
بعض الشركاء فكذلك في البعض وما فيه معاوضة يحتاج إلى التراضي.
م: (وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يقسم الرقيق والجواهر لتفاوتهما) ش: أي بانفرادهما، أما إذا كان مع الرقيق شيء آخر يقسم بالاتفاق، وهذا أيضا من مسائل القدوري.
وقال السغناقي في الباب الثاني من كتاب المضاربة في " الجامع الكبير ": إن أبا حنيفة لا يرى قسمة الرقيق وإن كان الجنس واحدا للتفاوت بين الرقيقين في الذكاء والذهن، وألحقهما بالجنسين المختلفين.
ومعناه أي لا يجمع نصيب كل شريك في رقيق واحد فكذلك عندهما على رواية " الجامع الصغير " وكتاب المضاربة الكبيرة قبل أن رأى القاضي الصلاح في القسمة، فأما على رواية كتاب الصوم ورواية كتاب العين يريان القسمة ويجعلان نصيب كل شريك في رقيق واحد، انتهى.
وقال فخر الدين قاضي خان: وفي كتاب الوصايا من " الجامع الصغير " قال أبو حنيفة: لا يقسم الرقيق، يريد به قسمة الجمع بأن يجعل نصيب أحدهما في عبد، ونصيب الآخر في عبد فيدفع عبدا إلى هذا وعبدا إلى ذلك في غير رضا الشركاء إلا أن يكون معهم شيء آخر من غنم أو ثياب أو متاع فحينئذ يقسم ويجعل الرقيق بيعا كغيرهم، وقالا: القاضي بالخيار إن شاء قسم الكل دفعة واحدة، وإن شاء قسم كل عبد قسمة على حدة.
م: (وقالا: يقسم الرقيق) ش: أي قسمة جبر، وبه قالت الثلاثة م:(لاتحاد الجنس) ش: يعني أن الرقيق جنس واحد إذا كانوا ذكورا أو إناثا، وإنما التفاوت في القيمة وذا لا يمنع الصحة م:(كما في الإبل والغنم ورقيق المغنم) ش: أي وكما يقسم بالاتفاق في الإبل والبقر، فكما يقسم رقيق الغنيمة بلا خلاف كسائر الأموال، ولكون الرقيق كسائر الحيوان في العقود يثبت في الذمة مهرا ولا يثبت سلما.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن التفاوت في الآدمي فاحش لتفاوت المعاني الباطنة) ش: كالذهن والكياسة والأمانة والفروسية والكتابة، ألا ترى أن واحدا قد يظهر الفطنة والفضل وهو تلبيته في نفسه أبله، وقد يظهر البله وله ذهن وافر وعلم غزير، وهذا ظاهر حيث لا ينكر عاقل مستغن يدل عليه قول بعضهم ولم أر في الدنيا أشد تفاوتا من الناس حتى عد ألف
فصار كالجنس المختلف، بخلاف الحيوانات؛ لأن التفاوت فيها يقل عند اتحاد الجنس، ألا ترى أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان ومن الحيوانات جنس واحد، بخلاف المغانم؛ لأن حق الغانمين في المالية حتى كان للإمام بيعها وقسمة ثمنها، وهنا يتعلق بالعين والمالية جميعا فافترقا.
ــ
[البناية]
بواحد.
وقال الآخر: الأدب فرد يعدل الألف زائدا وألفا تراهم لا يساوون واحدا، ولأن المطلوب من العبد منه يختلف اختلافا فاحشا، لأنه قد يقصد من أحدهما الزراعة ومن الآخر الخدمة ونحو ذلك، ويصلح من أحدهما كما لا يصلح من الآخر، وإذا اختلفت الأعراض م:(فصار كالجنس المختلف) ش: فتعذر التعديل بين الأمرين إلا إذا كان مع العبد مال آخر، فحينئذ يقسم قسمة الجمع من غير رضا الشركاء، فيجعل الرقيق تبعا ولا يثبت مقصودا كبيع الشرب والطريق ونحو ذلك.
فإن قلت: مثل هذا يجب أن لا يقوم المستهلك من العبد.
قلت: لما لم يكن في التقوم به قوم فالقسمة منها به، فلم يجز أن يثبت من غير تعديل.
م: (بخلاف الحيوانات؛ لأن التفاوت فيها يقل عند اتحاد الجنس) ش: جواب عن قولهما لاتحاد الجنس كما في الإبل والغنم، وقيد بقوله عند اتحاد الجنس احترازا عما اختلف الجنس وأن الجنسين لا يقسم بعضها في بعض على ما مر.
م: (ألا ترى) ش: توضيح لبيان الفرق نهى الرقيق وسائر الحيوانات م: (أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان، ومن الحيوانات جنس واحد) ش: وليس ذلك إلا باعتبار التفاوت، حتى لو اشترى شخصا على أنه عبد فإذا هو جارية لا ينعقد العقد، ولو اشترى غنما أو إبلا على أنه ذكر فإذا هو أنثى ينعقد العقد م:(بخلاف المغانم) ش: جواب عن قولهما رقيق المغنم وذلك م: (لأن حق الغانمين في المالية حتى كان للإمام بيعها) ش:
أي بيع الغنائم م: (وقسمة ثمنها) ش: بين الغانمين م: (وهنا) ش: أي في شركة الملك م: (يتعلق بالعين والمالية جميعا فافترقا) ش: أي فافترق حكم رقيق المغنم وحكم شركة المالك، فلا يجوز، وقياسهما من أحدهما على الآخر.
فإن قيل: لو تزوج أو خالع على عبد صح، فصار كسائر الحيوانات فليكن في القسمة كذلك.
أجيب: بأن القسمة تحتاج إلى الإفراز فلا يتحقق في القسمة بخلاف ما ذكرتم فإنه لا