الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما روي عن محمد رحمه الله وأما المشتري من العدو، فقلنا: ذكر في " السير الكبير ": أن البينة بينة المالك القديم. فلنا أن نمنع وبعد التسليم نقول: لا يصح الثاني هنالك إلا بفسخ الأول. أما هاهنا بخلافه. ولأن بينة الشفيع ملزمة وبينة المشتري غير ملزمة، والبينات للالتزام.
قال: وإذا ادعى المشتري ثمنا وادعى البائع أقل منه ولم يقبض الثمن
ــ
[البناية]
والحال أنها ممنوعة م: (على ما روي عن محمد رحمه الله وأما المشتري من العدو فقلنا: ذكر في " السير الكبير " أن البينة بينة المالك القديم) ش: قال ابن سماعة روي عنه أن البينة بينة المولى القديم ولم يذكر فيه قول أبي يوسف لما كان بينهما من الوجه حيث صنف السير م: (فلنا أن نمنع) ش: أي فحينئذ لنا أن نمنع ما ذكره أبو يوسف من كون البينة للمشتري عند الاختلاف مع المولى في ثمن العبد المأمور م: (وبعد التسليم) ش: يعني وإن سلمنا أن البينة للمشتري مثل ما قال م: (نقول لا يصح الثاني) ش: أي البيع الثاني بين المشتري وبين المالك القديم م: (هنالك) ش: أي في مسألة العبد المأمور م: (إلا بفسخ الأول) ش: أي البيع الأول لتعذر التوفيق.
م: (أما هاهنا) ش: أي في مسألة اختلاف الشفيع والمشتري م: (بخلافه) ش: أي بخلاف حكم مسألة العبد المأمور لأن العقدين قائمان في حق الشفيع فله أن يأخذ بأيهما شاء، وهذه طريقة أبي حنيفة في هذه المسألة حكاها محمد وأخذ بها، والطريقة الثانية حكاها أبو يوسف ولم يأخذ بها وهي قوله م:(ولأن بينة الشفيع ملزمة) ش: لأنها لا تلزمه على المشتري تسليم الدار بما قال شاء أو لا.
م: (وبينة المشتري غير ملزمة) ش: لأنه لا يلزم على الشفيع شيئا لكونه مخيرا، وبه حصل الفرق بين بينة البائع والمشتري، لأن كل واحد من البينتين ملزمة، فرجحنا بالزيادة، وكذلك بينة الوكيل مع بينة الموكل وفي مسألة الشراء من العدو، وعلى هذه الطريقة البينة بينة المالك القديم أنها تلزمه وبينة المشتري لا م:(والبينات للالتزام) ش: يعني مشروعية البينات لإلزام الخصم وإثبات الحق عليه.
[ادعاء المشتري عكس ما يدعيه البائع في الشفعة]
م: (قال: وإذا ادعى المشتري ثمنا وادعى البائع أقل منه ولم يقبض الثمن) ش: أي قال القدوري رحمه الله أي والحال أن البائع لم يقبض الثمن.
وقال القدوري في "مختصره": ولا فرق بين أن تكون الدار في يد البائع أو في يد المشتري، ألا ترى ما ذكره الكرخي في "مختصره" بقوله وإن اختلف البائع والمشتري والشفيع في الثمن والدار في يد البائع أو في يد المشتري ولم ينقد الثمن والقول في ذلك قول البائع مع يمينه إن كان أكثر مما قال جميعا. انتهى.
أخذها الشفيع بما قاله البائع، وكان ذلك حطا عن المشتري، وهذا لأن الأمر إن كان على ما قال البائع فقد وجبت الشفعة به، وإن كان على ما قال المشتري فقد حط البائع بعض الثمن، وهذا الحط يظهر في حق الشفيع على ما نبين إن شاء الله تعالى. ولأن التملك على البائع بإيجابه فكان القول قوله في مقدار الثمن ما بقيت مطالبته فيأخذ الشفيع بقوله.
قال: ولو ادعى البائع الأكثر يتحالفان ويترادان
ــ
[البناية]
م: (أخذها الشفيع بما قاله البائع، وكان ذلك حطا عن المشتري) ش: أي من البائع عن ذمة المشتري م: (وهذا لأن الأمر إن كان على ما قال البائع فقد وجبت الشفعة به، وإن كان على ما قال المشتري فقد حط البائع بعض الثمن، وهذا الحط يظهر في حق الشفيع على ما نبين إن شاء الله تعالى) ش: أي في هذا الباب.
م: (ولأن التملك) ش: وجه آخر، ولأن تملك الشفيع البيع م:(على البائع بإيجابه) ش: أي بإيجاب البائع بقوله بعت، ألا ترى أنه لو أقر بالبيع والمشتري ينكر فللشفيع أن يأخذ بالشفعة م:(فكان القول قوله في مقدار الثمن) ش: سواء أدى المشتري الأقل أو الأكثر م: (ما بقيت مطالبته) ش: أي مطالبة البائع م: (فيأخذ الشفيع بقوله) ش: أي بقول البائع.
م: (قال: ولو ادعى البائع الأكثر) ش: أي مما قاله المشتري أو الشفيع فإنه وضع المسألة في " المبسوط " و " الذخيرة " في اختلاف هؤلاء، فإن قال الشفيع الثمن ألف، وقال المشتري ألفان، وقال البائع ثلاثة آلاف وأقاما البينة فالبينة بينة البائع؛ لأنها تثبت الزيادة ويأخذ الشفيع بما قاله البائع. وقال الشافعي، وأحمد: يأخذ بما قاله المشتري. ولو اختلفوا في مقداره فإن كان ما قاله البائع أكثر مما قالا، وليس لهما بينة م:(يتحالفان، ويترادان) ش: أي البائع، والمشتري بالحديث المعروف.
قال شيخ الإسلام علاء الدين الأسبيجابي رحمه الله في " شرح الكافي ": إذا اختلف البائع والمشتري، والشفيع في الثمن قبل نقد الثمن، والدار مقبوضة أو غير مقبوضة، أخذها الشفيع بما قال البائع إن شاء، وهذا على وجهين: إما أن يقع الاختلاف بينهم على وجه يدعي البائع أكثر الثمنين، أو المشتري.
أما إذا ادعى البائع أكثر الثمنين بأن قال: بعتها بألف درهم، والمشتري يقول: اشتريتها بألف، والشفيع يقول: اشتريتها بخمسمائة فإن المشتري مع البائع يتحالفان لاختلافهما في الثمن، فأيهما نكل ظهر أن الثمن بما يقوله الآخر يأخذها الشفيع بذلك.
ولو تحالفا يفسخ القاضي العقد بينهما، ويعود إلى ملك البائع، وأخذ الشفيع الدار من يد البائع بما يقوله البائع؛ لأن فسخ البيع لا يوجب بطلان حق الشفيع، وهل يحلف البائع ينبغي
وأيهما نكل ظهر أن الثمن ما يقوله الآخر، فيأخذ الشفيع بذلك. وإن حلفا يفسخ القاضي البيع على ما عرف، ويأخذها الشفيع بقول البائع؛ لأن فسخ البيع لا يوجب بطلان حق الشفيع.
قال: وإن كان قبض الثمن أخذ بما قال المشتري إن شاء، ولم يلتفت إلى قول البائع لأنه لما استوفى الثمن انتهى حكم العقد وخرج هو من البيت، وصار كالأجنبي وبقي الاختلاف بين المشتري والشفيع، وقد بيناه. ولو كان نقد الثمن غير ظاهر فقال البائع: بعت الدار بألف وقبضت الثمن يأخذها الشفيع بألف لأنه لما بدأ بالإقرار بالبيع تعلقت الشفعة به فبقوله بعد ذلك قبضت الثمن يريد إسقاط حق الشفيع
ــ
[البناية]
م: (وأيهما نكل) ش: الاثنين: وهما البائع والمشتري، وأعرض عن اليمين م:(ظهر أن الثمن ما يقوله الآخر فيأخذها الشفيع بذلك، وإن حلفا يفسخ القاضي البيع على ما عرف) ش: في موضعه في كتاب الدعوى م: (ويأخذها الشفيع بقول البائع؛ لأن فسخ البيع لا يوجب بطلان حق الشفيع) ش: خصوصا على قول العامة، فإن من ضرورة الأخذ بالشفعة فسخ البيع الذي جرى بين البائع والمشتري، فكان الفسخ مقرا حق الشفيع لا رافعا، وهذا بخلاف ما إذا باع دارا بيعا فاسدا فقضى القاضي بالرد لا يأخذها الشفيع لعدم تعلق حقه، أما قبل القبض فظاهر، وكذا بعده دفعا للفساد.
م: (قال: وإن كان قبض الثمن) ش: أي قال القدوري يعني وإن كان البائع قد قبض الثمن م: (أخذ) ش: أي الشفيع م: (بما قال المشتري إن شاء ولم يلتفت إلى قول البائع؛ لأنه لما استوفى الثمن انتهى حكم العقد وخرج هو من البيت، وصار كالأجنبي وبقي الاختلاف بين المشتري والشفيع، وقد بيناه) ش: أي بيان الحكم فيما مضى وهو أن القول قول المشتري إذا اختلفا في مقدار الثمن.
م: (ولو كان نقد الثمن غير ظاهر) ش: ذكر هذا تفريعا على مسألة القدوري، أي غير معلوم للشفيع م:(فقال البائع: بعت الدار بألف وقبضت الثمن يأخذها الشفيع بألف؛ لأنه) ش: أي البائع م: (لما بدأ بالإقرار بالبيع تعلقت الشفعة به) ش: أي بالإقرار بالبيع بذلك المقدار م: (فبقوله بعد ذلك) ش: أي فبقول البائع بعد الإقرار بالبيع م: (قبضت الثمن يريد إسقاط حق الشفيع) ش: أي حقه الذي تعلق بالبيع بما قال البائع من مقدار الثمن.
لأنه إن تحقق ذلك بقي أجنبيا من العقد إذ لا ملك له ولا يد، وحينئذ بحب أن يأخذ بما يدعيه المشتري لما تقدم آنفا أن الثمن إذا كان مقبوضا أخذ بما قال المشتري، وليس له إسقاط حق
فيرد عليه، ولو قال: قبضت الثمن وهو ألف لم يلتفت إلى قوله؛ لأن بالأول وهو الإقرار بقبض الثمن خرج من البين، وسقط اعتبار قوله في مقدار الثمن.
ــ
[البناية]
الشفيع م: (فيرد عليه) ش: أي على البائع.
م: (ولو قال: قبضت الثمن وهو ألف لم يلتفت إلى قوله) ش: مائة ألف ويأخذها بما قال المشتري م: (لأن بالأول وهو الإقرار بقبض الثمن خرج من البين وسقط اعتبار قوله في مقدار الثمن) ش: وروى الحسن عن أبي حنيفة أن البيع إذا كان في يد البائع فأقر بقبض الثمن، وزعم أنه ألف فالقول قوله؛ لأن التملك يقع على البائع فيرجع إلى قوله، وهذا ظاهر لأنه لم يصر أجنبيا لكونه ذا اليد وإن لم يكن مالكا، والله سبحانه وتعالى أعلم.