الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحجر بسبب الدين
قال أبو حنيفة رحمه الله لا أحجر في الدين، وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه لأن في الحجر إهدار أهليته، فلا يجوز لدفع ضرر خاص فإن كان له مال يتصرف فيه الحاكم لأنه نوع حجر، ولأنه تجارة لا عن تراض فيكون باطلا بالنص،
ــ
[البناية]
[باب الحجر بسبب الدين]
م: (باب الحجر بسبب الدين) ش: أي هذا باب في بيان الحجر بسبب الدين. أخره عن حجر السفيه؛ لأن هذه الحجر موقوف على طلب الغرماء، فيكون فيه وصف زائد على المشاركة في أصل الحجر، فصار كالمركب فأخر لذلك.
م: (قال أبو حنيفة رحمه الله لا أحجر في الدين) ش: هذا كلام مجمل وفصله بقوله م: (وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه) ش: إنما أسند الفعل إلى نفسه في الموضعين تنبيها على شدة تأكيده على منع الحجر لا يقال: إن فيه تعظيما للنفس، لأن المعنى لو استفتيت أو رفع أمره إلى الحاكم لم أحجر عليه والكلام في موضعين:
أحدهما: أن من ركبه الديون وليس في ماله وفاء وخيف أن يلجأ ماله بطريق الإقرار، ويبيع التحلية وطلب الغرماء من القاضي الحجر عليه، لا يحجر عليه عند أبي حنيفة، وقالا: يحجر عليه، وبه قالت: الثلاثة.
والآخر: أنه لا يباع على المديون ماله في قوله، خلافا لهم والعروض، والعقار فيه سواء، عند مبادلة أحد النقدين بالآخر، فللقاضي أن يفعل ذلك عنده استحسانا لقضاء دينه م:(لأن في الحجر إهدار أهليته، فلا يجوز لدفع ضرر خاص) ش: وهو ضرر الدائن.
فإن قلت: العبد محجور لدفع ضرر خاص وهو ضرر المولى.
قلت: العبد أهدر أهليته وآدميته بالكفر.
م: (فإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم، لأنه نوع حجر) ش: لأن بيع ماله غير مستحق لقضاء الدين لإمكان أدائه بوجه آخر فلا يكون للقاضي أن يباشر ذلك عليه عند امتناعه كما في الإجارة والتزويج إذ يمكنه قضاؤه بالاستقراض والاستيهاب.
م: (ولأنه تجارة لا عن تراض) ش: أي ولأن بيعه ما له بغير رضاه تجارة من غير تراض م: (فيكون باطلا بالنص) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً
ولكن يحبسه أبدا حتى يبيعه في دينه إيفاء لحق الغرماء ودفعا لظلمه. وقالا: إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء، لأن الحجر على السفيه إنما جوزناه نظرا له، وفي هذا الحجر نظر للغرماء، لأنه عساه يلجئ ماله فيفوت حقهم. ومعنى قولهما: ومنعه من البيع أن يكون بأقل من ثمن المثل. أما البيع بثمن المثل لا يبطل حق الغرماء والمنع لحقهم فلا يمنع منه.
ــ
[البناية]
عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29](النساء: الآية 29)، م:(ولكن يحبسه أبدا) ش: ولكن القاضي يحبس ماله أبدا.
وفي بعض النسخ ولكن يحبسه وأبدا نصب على الظرف م: (حتى يبيعه في دينه إيفاء لحق الغرماء ودفعا لظلمه) ش: الذي تحقق بالامتناع من قضاء الدين منه والحبس بالدين مشروع بالإجماع.
فإن قلت: روى الدارقطني من حديث ابن مالك، عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ رضي الله عنه ماله في دين كان عليه» . وعن عبد الرحمن بن كعب قال: كان معاذ شابا سخيا، وكان لا يمسك شيئا، فلم يزل يدان حتى أغرق ماله في الدين، فأتى غرماؤه النبي صلى الله عليه وسلم كلهم، فلو ترك أحد لترك معاذ لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله حتى قام معاذ بغير شيء. قلت: هذا حكاية حال على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو الآن ما لم يكن وفاء لدينه فالتمس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بينوا لي بيع ماله لبقي بدينه بواسطة بموكب تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنا نقول أنه مرسل وهو ليس بحجة عند الخصم.
م: (وقالا: إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء، لأن الحجر على السفيه إنما جوزناه نظرا له، وفي هذا الحجر نظر للغرماء، لأنه عساه يلجئ ماله) ش: أي لأن المفلس المديون عسى أن يبيع ماله تلجئة من عظيم لا يمكن الانتزاع من يده، أو بقوله بماله.
وقال تاج الشريعة: أي يقر لغير الغرماء حتى لا يصل إليهم وهو بتشديد الجيم من لجأ تلجئة، وثلاث لجاء ولجأت إليه يجاء بالتحريك وملجأ والموضع لجاء وملجأ أيضا م:(فيفوت حقهم) ش: أي حق الغرماء.
م: (ومعنى قولهما) ش: أي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله م: (منعه من البيع أن يكون بأقل من ثمن المثل) ش: أي أن يبيع بالغبن يسيرا كان أو فاحشا م: (أما البيع بثمن المثل لا يبطل حق الغرماء والمنع لحقهم فلا يمنع منه) ش: أي المنع إنما كان لحق الغرماء، فإذا كان بثمن المثل لا يمنع.