الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{رَحْمَةً مِنَّا} أي: لرحمتنا عليه.
{وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} أي: وتذكيرًا لذوي العقول.
…
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
(44)}
.
[44]
روي أن أيوب عليه السلام كانت زوجته مدة مرضه تختلف إليه، فيتلقاها الشيطان في صورة طبيب، ومرة في هيئة ناصح، فيقول لها: لو سجد هذا المريض للصنم الفلاني، لبرئ، ولو ذبح عناقًا للصنم الفلاني، لبرئ، ويعرض عليها وجوهًا من الكفر، فكانت هي ربما عرضت ذلك على أيوب، فيقول لها: أَلَقيتِ عدوَّ الله في طريقك؟ فلما أغضبته ونحوه (1)، حلف إن عوفي ليجلدنها مئة جلدة (2)، فلما عوفي، لطف الله تعالى بها؛ لخدمتها أيوب، فقال:
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} هو قبضة من الشجر فيها مئة قضيب.
{فَاضْرِبْ بِهِ} زوجتك لتبرَّ بيمينك {وَلَا تَحْنَثْ} أي: لا تدع الضرب فتحنث، فأخذ مئة عود، وضربها ضربة واحدة، فحلل الله يمينه، وهي رخصة في الحدود.
واختلف الأئمة فيها، فمذهب الشافعي إذا وجب الحد على مريض، وكان جلدًا، أُخِّر للمرض، فإن لم يرج برؤه، جُلد بعثكال عليه مئة غضن،
(1)"ونحوه" زيادة من "ت".
(2)
انظر: "تفسير القرطبي"(15/ 212).
فإن كان خمسون، ضرب به مرتين، وتمسه الأغصان، أو ينكس بعضها على بعض ليناله بعض الألم، فإن برئ، أجزأه، ومذهب أبي حنيفة: يؤخر فلا يجلد حتى يبرأ؛ كمذهب الشافعي، فإن كان ضعيف الخلقة يخاف عليه الهلاك لو ضرب ضربًا (1) شديدًا، يضرب مقدار ما يتحمله من الضرب، ومذهب مالك: لا يضرب إلا بالسوط، ويفرق الضرب، وعدد (2) الضربات مستحق لا يجوز تركه، فإن كان مريضًا، أخر إلى أن يبرأ؛ كمذهب الشافعي وأبي حنيفة، ومذهب أحمد: يقام الحد في الحال، ولا يؤخر للمرض، ولو رجي زواله، ويضرب بسوط يؤمن معه التلف؛ كالقضيب الصغير، فإن خشي عليه من السوط، أقيم بأطراف الثياب، وعثكول النخل، فإن خيف عليه من ذلك، جمع ضغث فيه مئة شمراخ، فضرب به ضربة واحدة؛ كقول الشافعي.
وأما إذا كان الحد رجمًا، فلا يؤخر بالاتفاق، ولا يقام الحد على حامل حتى تضع بغير خلاف، فأبو حنيفة إن كان حدها (3) الجلد، فحتى تتعالى؛ أي: تخرج من نفاسها، وإن كان الرجم، فعقيب الولادة، وإن لم يكن للصغير من يربيه، فحتى يستغني عنها، والشافعي: حتى ترضعه اللبأ ويستغني بغيرها، أو فطام لحولين، ومالك وأحمد: بمجرد الوضع.
{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} على البلاء، وقول أيوب:{مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ} لم يكن جزعًا؛ لأنها شكاية إلى المحبوب، فدل على أنه في غاية الصبر.
(1)"ضربًا" ساقطة من "ت" و"ش".
(2)
"الضرب وعدد "زيادة من "ت".
(3)
"حدها" ساقطة من "ت".