الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في حدائق العرب
الزوج والزوجة
قال رجل للحسن: إن لي بنية فمن ترى أن أزوجها؟ - قال: زوجها ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
* * *
وقيل أيضاً للحسن: فلان خطب إلينا فلانة، قال: أهو موسر من عقل ودين؟ - قال: نعم. - قال: فزوجوه.
* * *
قال الأصمعي: اخبرني رجل من بني العنبر عن رجل من أصحابه، وكان مقلاً، فخطب إليه مكثر من مال مقل من عقل. فشاور فيه رجلاً يقال له أبو يزيد، فقال: لا تفعل ولا تزوج إلا عاقلاً ديناً، فإنه إن لم يكرمها لم يظلمها. ثم شاور رجلاً آخر يقال له أبو العلاء، فقال له: زوجه فإن ماله لها، وحمقه على نفسه. فزوجه فرأى منه ما يكره في نفسه وابنته، فأنشد:
ألهفي إذ عصيت أبا يزيد
…
ولهفي إذ أطعت أبا العلاء
وكانت هفوة من غير ريح
…
وكانت زلقة من غير ماء
* * *
خطب عمرو بن حجر إلى عوف بن محلم الشيباني ابنته أم أياس. فقال: نعم أزوجكها على أن اسمي بنيها، وأزوج بناتها. فقال عمرو بن
حجر: أما بنونا فنسميهم بأسمائنا وأسماء آبائنا وعمومتنا، وأما بناتنا فنزوجهن أكفاءهن من لملوك، ولكني أصدقها عقاراص في كندة وأمنحها حاجات قومها فلا ترد لأحد منهم حاجة.
فقبل ذلك منه أبوها وزوجه إياها، وخلت بها أمها فقالت:
أي بنية، إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي منه درجت، إلى رجل لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فكوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً تكن لك ذخراً:
أما الأولى والثانية، فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له بالطاعة.
وأما الثالثة والرابعة، فالتفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم
منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة، فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع مَلَهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة، فالاحتراس بمال، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة، فلا تعصين له أمراً، ولا فتشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهتماً، والكآبة بين يديه إذا كان فرحاً.
فولدت له الحرث بن عمرو جد امرئ القيس.
* * *
قال ابن عبد ربه: الهناء كله مقصور على الحليلة الصالحة والزوجة الموافقة. والبلاء كله موكول بالقرينة السوء التي لا تسكن النفس على عشرتها ولا تقر العين برؤيتها.
* * *
ذكروا أن هنداً ابنة عتبة بن ربيعة قالت لأبيها: يا أبنت إنك زوجتني من هذا الرجل ولم تؤامرني في نفسي. فعرض لي معه ما عرض فلا تزوجني من أحد حتى تعرض علي أمره وتبين لي خصاله.
فخطبها سهيل بن عمروا وأبو سفيان بن حرب فدخل عليها أبوها وهو يقول:
أتاك سهيل وابن حرب وفيهما
…
رضاً لك يا هند الهنود ومقنع
وما منهما إلا يعاش بفضله
…
وما منهما إلا يضر وينفع
وما منهما إلا كريم مرزأ
…
وما منهما إلا أغر سميذع
فدونك فاختاري فأنت بصيرة
…
ولا تخدعي إن المخادع يخدع
قالت: يا أبت والله ما أصنع بهذا شيئاً، ولكن فسر لي أمرهما وبين لي خصالهما حتى أختار لنفي أشدهما موافقة لي. فبدأ بذكر سهيل بن عمرو فقال: أما أحدهما ففي ثروة وسعة من العيش، أن تابعته تابعك وإن ملت عنه حط إليك تحكمين في أهله وماله. وأما الآخر فموسع عليه منظور إليه في الحسب والنسب والرأي الأريب مدره أرومته وعز عشيرته
شديد الغيرة كبير الطهرة لا ينام على ضعة ولا يرفع عصاه عن أهله.