الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمرات المطابع
تذكار الماضي - إذا قال أديب الشعر في أيامنا الحاضرة نشره في الصحف والمجلات على زعم أن الناس لا يطربون إلا لشعره ولا تستهويهم إلا بنات أفكاره. وقد يغالي بعضهم في تهوسه إلى حد أنه يحسب أن شعره من ضروريات الحياة فالجرائد والمجلات في مصر وفي سورية لا تفتأ تحمل في كل عدد من أعدادها شيئاً كثيراً من شعر النشأة الحديثة، والقراء لا يبرحون يتعرفون إلى شعراء من هذه الفئة لم يكونوا يعرفونهم من قبل.
كذلك لم نجد أديباً من هؤلاء ولوعاً بالشعر يقوله في أغراض كثيرة ويجيده في مواقف عديدة وهو يكاد يكون مجهولاً من إخوانه الأدباء مثل صاحب ديوان تذكار الماضي.
إذا قرأت هذا الديوان لم تذكر أنك قرأت شيئاً منه في الصحف والمجلات ولا عرفت صاحبه إيليا أفندي ظاهر أبا ماضي لولا أبيات نشرتها له جريدة العلم منذ عهد غير بعيد، فإذا جربت أن تتعرف إلى هذا الأديب بأدبه وشعره عرفت أنه سمح القريحة يحاول أن يأتي في أكثر أبياته بالمعاني الجديدة فينظمها في قالب يغلب فيه اندماج اللفظ ومتانة التركيب.
ذلك كله جيد ولكن الأجود أيضاً أنما هو تلك السهولة التي يجدها الناظم في نظمه على اختلاف الأوزان الشعرية والمواضيع المتنوعة!
في الديوان قصائد تقع في نحو ثمانين صفة تحامى فيها شاعرها المدائح وأشباهها منصرفاً إلى أغراض ثانية هي أجمل وقعاً في النفوس، أكثر دلالة على الشاعرية.
وفي الديوان أيضاً كلمة وجيزة أهدى بها الناظم مجموعة أقواله إلى الأمة المصرية وقد خاطبها بقوله عن ديوانه هذا وهو بحمد الله لا يجمع بين دفتيه سوى ما يرضي الحق ويرضيك ويرضي هذا الفن الجميل على أن كلمته هذه تغتفر له في جانب ما في الصفحات التي تتلوها من القصائد والمواضيع المختارة.
والديوان في جملته يبشر صاحبه بمستقبل مجيد في عالم الأدب ولاسيما إذا هو اعتنى باختيار ألفاظه الشعرية وتنقيتها، وتجنب التعابير التي هي أقرب إلى العامي منها إلى الفصيح. أما الشاعرية في حد ذاتها فهو مطبوع عليها.
الواجبات - تقول الآية الذهبية: افعلوا بالناس ما تريدون أن يفعل الناس بكم. وتقول الحكمة السائدة: إذا عرفت الواجب عليك كنت إنساناً حقيقياً. وتقول كارمن سيلفا ملكة
رومانيا الحالية في كتابها خواطر ملكة: لا سعادة إلا في الواجب فمعرفة الواجب هي أصعب ما يلاقيه الإنسان في جميع أدوار حياته. وفي
اعتبارنا أن الواجب لا يتسنى تحديده ووصفه فهو يتكيف بحسب الأحوال التي تقتضيه. غير أن من الواجبات ما أصبح عاماً معروفاً كواجبات الإنسان نحو نفسه، وواجباته نحو الهيئة الاجتماعية في نظر إجمالي وهو ما تحدّى ذكره ووصفه حضرة الفاضل سامي أفندي يواكيم الراسي أحد أدباء الجالية السورية في البرازيل في كتابه الواجبات - العامة والإفرادية.
أهدى إلينا حضرته هذا الكتاب فطلعنا معظمه فإذا هو نتيجة تفكر وتعمق في ما يحيط بكل إنسان من الأحوال. وخلاصة نظرات دقيقة تدل على ذكاء الكاتب واستدلاله بصغائر الأمور على كبائرها شأن المفكرين الباحثين الذين يقفون في بحثهم وتفكيرهم عند الأشياء التي يتجاوز عنها الكثيرون منا، ويعنون بدرس المسائل التي لا يخطر لمعظمنا أن يعنى بها هنيهة ما. تلك هي فلسفة الأشياء الصغيرة تبنى عليها الحقائق والنتائج.
فالواجبات - وإن كانا لا نوافق مؤلفه في كل أفكاره فيه - كتاب مفيد يحسن بأن يكون في مكاتب الأدباء إلى جانب الكتب العربية العصرية القليلة العدد في مثل هذا المواضيع المفيدة. أما لغته فسهلة سلسلة كأنما لم يحفل الكاتب إلا بالتعبير عن أفكاره بوضوح وجلاء غير مهتم لزخرفة العبارة وتزويق التركيب حتى لقد يعثر قلمه أحياناً ببعض الهنات فيهمله ويظل سائراً في طريقه. وكما يرى القارئ في غير هذا المكان فإننا اقتبسنا من الواجبات بعض الأفكار من الصفحات الأولى
منه دلالة على ما فيه من الفائدة. ولعلنا نفعل مثل ذلك في عدد آتٍ.
نشكر المؤلف على هديته ونلفت الأنظار إلى كتابه.
رواية البائسين - هي الرواية الاجتماعية الشهيرة التي وضعها فيكتور هوغو شاعر فرنسا الأكبر في نهضة آدابها الحديثة. وبطلها جان فالجان الذي حكم عليه بالنفي لأنه سرق كسرة خبزٍ ليسد بها رمق أولاد شقيقته يوم كانوا يتضورون جوعاً. كتبها مؤلفها سنة 1862 وهو حينذاك في الستين من عمره. فنالت شهرة بعيدة وترجمت إلى معظم اللغات لأن كاتبها الكبير جمع فيها جل آرائه وأفكاره في الهيأة الاجتماعية. ويضيق بنا المجال اليوم لتحليل هذه المبادئ وإيفائها حقها من الدرس والبحث. جاءنا الجزء الأول من هذه
الرواية منقولاً إلى العربية بقلم الكاتبين جرجي وصموئيل يني صاحبي مجلة المباحث الطرابلسية. وقد حاول المعربان أن يطابقا الترجمة عل الأصل قدر الإمكان ليحفظا أسلوب المؤلف وخطته الكتابية. . . وقد سبق لحافظ إبراهيم منذ بضع سنوات أن عرب أيضاً جزءاً من هذه الرواية فكان لظهوره ضجة في عالم الأدب العربي. ولا ندري لماذا أحجم شاعرنا عن متابعة عمله. هذا ونحن لا نزال نقول إن نقل آداب الإفرنج إلى لغتنا لمما يكسب العربية ثروة طائلة من المعاني بشرط أن يوفق أدباؤنا إلى تعريب الصالح منها وإيفائه حقه.