الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطابع من هذا العدد. وبهذه المناسبة ننشر للقراء أبياتاً نظمها الشاعر خليل أفندي مطران وكتبها على
الصفحة الأولى من ديوان شعر لموسه أهداه إلى فتاة أديبة:
عاش هذا الفتى محباً شقيا
…
وقضى نحبه محباً شقيا
وبكى دمع عينه في سطور
…
جعلته على الندى مبكيا
منشد للغرام لم يشد إلا
…
كان إنشاده نواحاً شجيا
شاعر كان عمره بيت تشبيبٍ
…
وكان الأنين فيه الرويا
فأقر إي شرح حاله وأعجبي من
…
ذلك القلب كيف بات خليا
إن في نظمه لحساً لطيفاً
…
باقياً منه في السطور خفيا
فاذرفي دمعةً عليه تعيدي
…
ورق الطرس بالحياة نديا
وتثيري من روحه نسماتٍ
…
وتفيحي منها عبيراً ذكيا
الغناء العربي
في مصر
عبده الحمولي - زرئ الغناء العربي في مصر في أوائل الشهر الماضي بالمرحوم الشيخ يوسف المنيلاوي أحد مشاهير المغنين الذين عاصروا عبده الحمولي وأخذوا عنه.
كان الحمولي في مصر كما كان إبراهيم الموصلي في بغداد. كلاهما إمام المغنين في عصره. وكما التف حول الموصلي جماعة ممن عاصروه فأخذوا
عنه ثم تفننوا في الذي أخذوه وحسنوا فيه، هكذا الفت حول الحمولي كثيرون من المتأخرين فأخذوا عنه ثم تفننوا في الذي أخذوه أيضاً. وكان أشهر هؤلاء محمد أفندي سالم والشيخ يوسف المنيلاوي.
يخرج المالكين من حشمة الم
…
لك وينسى الوقود ذكر وقاره
يسمع الليل منه في الفجر يا ل
…
يل فيصغي مستمهلاً في فراه
شوقي
وكانت لعبده طريقة في غلناء ابتكرها لنفسه فأنزلته المنزلة الأولى
بين أرباب هذا الفن الجميل فاقتبس المنيلاوي ما حلا له منها وحسن فيه حتى لقد كان يسمعه الحمولي نفسه فيقول: أخذ عنا فسبقنا.
والله لو أنصف العشاق أنفسهم
…
أعطوك ما ادخروا منها وما صانوا
وما أنت حين تغنيهم وتطربهم
…
إلا نسيم الصبا والقوم أغصان
فأجاد في تقليده إياه ولم يزل إلى يومنا هذا المغني الوحيد الذي يقلد عبده في الأغاني التي سمعها منه وهي مزيته الأولى.
آثر الناس عن عبده أنه ولد في طنطا، وكان له أخ أكبر منه فوقع شقاق بين أخيه وأبيه، ففر به أخوه من وجه والدهما هائماً به في الخلوات لا يجدان أحداً يأنسان به ويلجآن إليه، حتى دنا الغروب فسخر الله لهما رجلاً آواهما في ليلتهما ثم أقاما عنده أياماً. ومن غريب الاتفاق أن الرجل كان يشتغل بصناعة الغناء ويضرب الآلة المعروفة بالقانون، فلما سمع صوت عبده أعجبه فعاد به إلى طنطا واشتغل معه فيها مدة وجيزة. وقد بقي تأثير تلك الوحشة والانفراد مع التعب والجوع في تلك الليلة التي خرج فيها عبده من بين أبيه مرسوماً في نفسه فكنت تراه إلى آخر عمره ينقبض صدره، ويتقطب وجهه كلما دخل عليه
أوان الغروب. ولما اشتهر صيته وتفرد في صناعه الغناء ألحقه المرحوم إسماعيل باشا الخديوي الأسبق بمعيته، وسافر معه إلى الأستانة مراراً فاقتبس شيئاً كثيراً من الغناء التركي وأدلخه في الغناء العربي وقد حسنه وتفنن فيه. وغنى وهو في عاصمة الترك السلطان عبد الحميد، واتصل بكبار أهل الدولة يومئذ فأوعزوا مقامه على شده أثرتهم بالعز لأنفسهم. وقصد إلى الأستانة مرة أخرى فلقي فيها ما أقصاه عنها كل حياته.
وآثروا عنه كرم الأخلاق ورقة المعشر والمروءة وسلامة الطوية. حدثنا بعضهم قال: جمع عبده في منزله حلقة من الفضلاء فغناهم حتى الهزيع الثالث من الليل. وأنه لكذلك إذ أقبل عليه خادمه الخاص فأسر إليه أمراً فهب من موضعه معتذراً للقوم بما حضره. ومشى عابس الوجه مقطب الحاجبين. ثم كانت ساعة ورجع إلى مكانه فجس عوده وغنى
أصحابه صوتاً شجياً مؤثراً كان يشرق بدمعه في خلاله. ثم استمر في الغناء حتى كان الهزيع الرابع من الليل، فهم ضيوفه بالانصراف، فأقبل عليهم يحدثهم في أمره قال: إنكم شاركتموني في فرحي فهلا تشاركونني في حزني؟ وكان له ولد وحيد أتاه الخادم بنعيه وهو يغني فمضى إلى ذويه فبكاه معهم حيناً ثم عاد فغنى أصحابه فقد آثره عنه بعض المغنين وأودعه في آلة الغناء المعروفة فونوغراف وقد سمعناه فهو منتهى ما يكون من الرقة والتأثير.
وآثروا عن مروءته وبذله للمعروف حوادث يعلمها الناس لا يجهلونها وجميعها يدل على أخلاقه الفاضلة رحمه الله.
محمد عثمان - إذا ذكرت عبده الحمولي تبادر إلى ذهنك فوراً ذكر المرحوم محمد عثمان. فقد كان هذا الرجل إلى جانب عبده ما كان معبد إلى جانب إسحق بن إبراهيم الموصلي. غير أن عثمان ابتلي بداء عقيم ذهب بجمال صوته وطلاوته فانصرف إلى تأليف الألحان فكان بصيراً بأخذ النغم من مواضعها وبجمعها على نسق مستحب كلفاً بصناعته، جاداً في إتقانها إرادة أن يستعيض عن طلاوة الصوت بحسن الأسلوب ولطف السياق ولهذا كان لا يغني منفرداً إلا على أجنحة الآلات. فإذا لحن أغنية وأسمعها لأول مرة خرجت متقنة الوضع رائقة للسمع، ولكن يبدو عليها إثر إعنات الفكر ويشتم منها ريح الشمع المذاب في السهر على تخريج أجزائها، وتوجيه ضروبها والملائمة بين رناتها ومعانيها. وعلى الحقيقة
فإن عثمان كان في أخريات عمره واضع معظم الألحان فيأخذه عبده عنه، وهو ضريبه، ويكسوه من الحلي والحلل ما تشاء بديهته الخاصة به.
الشيخ المسلوب - ومن ذكر محمد عثمان ذكر معه الشيح محمد عبد الرحيم الشهير بالمسلوب فقد كان هذا الرجل وما برح إلى يومنا هذا شيخ الملحنين. غير أن الكبر أقعده عن الإنشاد في السنين الأخيرة - وهو خير من أنشد الأذكار الصوفية في هذا العصر - وحالت الشيخوخة بينه وبين صناعته الجميلة فأقصى نفسه عن حلقات الغناء. ولكنه ما فتئ يجيد التلحين والوضع إذا سئل شيئاً منها.
إذا لقيت هذا الرجل الشيخ اليوم لقيت راوية للغناء العربي في هذا العصر. فإن حدثته حدثك من تاريخ الغناء في القرن الفائت ما لا تحتويه بطون الأوراق فهو تاريخ حي للغناء والمغنين.
محمد سالم - وكما أقعدت الأيام الشيخ المسلوب أعجزت معه أيضاً زميله محمد سالم وهو أحد أربعة يحق لنا أن نسميهم بأئمة الغناء العربي في مصر في العهد الأخير. نريد بالثلاثة الآخرين عبده الحمولي ومحمد عثمان وسلامة حجازي.
كان محمد سالم إبان عهده بالفن من نظراء عبده في الإتقان وجودة الأداء. وقد اعترف له عبده نفسه بذلك إذ كان يقول عنه
أحسن الأصوات ف مصر صوتان: صوت سالم في الرجال، وصوت ألمز في النساء.
المغنون والملحنون - من المغنين من اشتهر بالغناء وبالتلحين معاً، ومنهم من عرف بإحدى هاتين المزيتين فقط. فمن الفئة الأولى عبده الحمولي ومحمد عثمان، والشيخ سلامة حجازي.
ومن الذين أخذوا بالتلحين وحده الشيخ عبد الرحيم المسلوب، وأبو خليل القباني الدمشقي، وإبراهيم أفندي القباني، وداود أفندي حسني، وأحمد أفندي غنيمة.
أما الذين أخذوا وغنوا فكثيرون أشهرهم محمد أفندي سالم، والشيخ يوسف المنيلاوي، وعبد الحي أفندي حلمي، ومحمد أفندي السبع والشيخ سيد السفطي، وعلي أفندي عبد الباري، وكثيرون آخرون.
النساء المغنيات - ولم يكن نصيب النساء من الإجادة في الغناء بأقل كثيراً من حظ الرجال
منه فقد اشتهرت ألمز زوجة المرحوم عبده الحمولي بحسن الأداء ورخامة الصوت، وفهم أسرار الصناعة، وعرفت ليلى - وليلى أشهر من أن تعرف - بطلاوة الصوت وعذوبته والبراعة الفائقة في الأداء والمقدرة على الأخذ والتقليد.
وهناك قيان زاولن هذه الصناعة واختلفت منزلتهن فيها باختلاف استعداد كل قينة منهن، وباختلاف الوسط الذي نشأت كل
واحدة فيه. على أن أشهرهن اليوم توحيدة والسويسية وبهية اللواتي يغنين عامة الناس في قهوات مصر.
أشهر الأغاني - من الأغاني ما تداولها الناس وغنوها ناسين أسماء ملحنيها على حين أن الواجب يقضي بأن يعرف الملحن بالأغاني التي وضعها كما يعرف الشاعر بالقصائد التي نظمها. لهذا رأينا - ضناً بفضل أولئك الملحنين أن يذهب به النسيان - ذكر أشهر الأغاني مقرونة بأسماء الملحنين كما ترى.
أشهر الألحان التي وضعها عبدو:
أهين النفي وأتذلل إليكم. . .
غرامك علمني النوح. . .
كادني الهوى وصبحت عليل. . .
قده المياس زود وجدي. . .
جددي يا نفس حظك. . .
متع حياتك بالأحباب. . .
أشهر أغاني محمد عثمان:
يا ما أنت وحشني. .
قدك أمير الأغصان. .
القلب سلم من زمان. . .
عهد الأخوة نحفظه. .
اليوم صفا داعي الطرب. . .
أشهر أغاني المسلوب:
ناحت فأجبتها. . .
رايح فين يا مسليني. .
في مجلس الأنس الهني. . .
أشهر أغاني إبراهيم القباني:
الكمال في الملاح صدف
البلبل جاني وقال لي. . .
تضحكني الحواسد في غرامي. .
يعيش ويعشق قلبي. .
أشهر أغاني داود حسني:
يا طالع السعد افرح لي. .
دع العذول. .
سلمت روحك يا فؤادي. .
أسير العشق. .
عزيز حبك
القلب في ودك