المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العدد 14 - بتاريخ: 1 - 5 - 1911 ‌ ‌زهرة الشباب 1 يوم - مجلة «الزهور» المصرية - جـ ٢

[أنطون الجميل]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 12

- ‌السنة الثانية

- ‌إيماءة زائر

- ‌في حدائق العرب

- ‌الأب كابون وتولستوي أو حكيما روسيا

- ‌نحن وهم

- ‌في رياض الشعر

- ‌لاعب القمار ومدمن الخمر

- ‌بين القصور والأكواخ

- ‌تمدن المرأة العصرية

- ‌أحسن مقالة وأحسن قصيدة

- ‌في جنائن الغرب

- ‌جرائدسوريا ولبنان

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌عشرة أعداد الزهور

- ‌أزهار وأشواك

- ‌رواية الشهر

- ‌العدد 13

- ‌كل مياه البحر

- ‌إيماءة زائر

- ‌بين هدى وأدما

- ‌الحيدرية

- ‌الجرائد والمجلات في مصر

- ‌في جنائن الغرب

- ‌الطالب البائس

- ‌رثاء إمام

- ‌أنا قاتل عصفوري

- ‌في رياض الشعر

- ‌جرائد سورية ولبنان

- ‌أزهار وأشواك

- ‌رواية الشهر

- ‌العدد 14

- ‌زهرة الشباب

- ‌إلى السراية الصفراء

- ‌أيها البدر

- ‌في حدائق العرب

- ‌خطاب

- ‌الفتاتان

- ‌حول تمدن المرأة العصرية

- ‌في جنائن الغرب

- ‌في رياض الشعر

- ‌المراسلات السامية

- ‌يا أيها الريح

- ‌عناصر الجنس المصري

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌أزهار وأشواك

- ‌رواية الشهر

- ‌العدد 15

- ‌الزهور في عهدها الجديد

- ‌لو

- ‌عواطف وآمال

- ‌نظرة إشراف عام

- ‌صحافة سورية ولبنان

- ‌في جنائن الغرب

- ‌في رياض الشعر

- ‌رسائل غرام

- ‌رشيد بك نخلة

- ‌انت

- ‌أفكار وآراء

- ‌أحسن مقالة وأحسن قصيدة

- ‌أزهار وأشواك

- ‌تمدن المرأة العصرية

- ‌مولود عجيب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌رواية الشهر

- ‌آثار العباسيين في بغداد

- ‌العدد 16

- ‌تتويج ملك الإنكليز

- ‌في جنائن الغرب

- ‌نظرة إشراف عام

- ‌رسائل غرام

- ‌التعليم الإجباري

- ‌في رياض الشعر

- ‌في حدائق العرب

- ‌ألفرد ده موسه

- ‌الغناء العربي

- ‌ثمرات المطابع

- ‌إلى قراء الزهور

- ‌العدد 17

- ‌العودة

- ‌لم أجدها

- ‌حالة العلم في نجد

- ‌في جنائن الغرب

- ‌حديث القلوب

- ‌سياحة في إسبانيا

- ‌أين أريد بيتي

- ‌في رياض الشعر

- ‌مدارس البنات

- ‌أحمد عرابي

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌رواية الشهر

- ‌العدد 18

- ‌الأعلام العربية

- ‌في منازل الأموات

- ‌الشعر

- ‌رسائل غرام

- ‌الحاجة

- ‌حقائق

- ‌في جنائن الغرب

- ‌في حدائق العرب

- ‌الحقائق عندهم

- ‌في رياض الشعر

- ‌الزهور السياسية

- ‌السنوسيون

- ‌الوصايا العشر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌قوة تركيا وإيطاليا

- ‌اللورد أفبري

- ‌العدد 19

- ‌المطر

- ‌محاكم الأحداث

- ‌رسائل غرام

- ‌الحرب اليونانية العثمانية

- ‌الأستاذ مرغليوث

- ‌في حدائق العرب

- ‌في رياض الشعر

- ‌حلب الشهباء

- ‌المعلوم والمجهول

- ‌أزهار وأشواك

- ‌رواية الشهر

- ‌العدد 20

- ‌حول السنة الجديدة

- ‌البرد والصحة

- ‌وصف غرق

- ‌بينهما

- ‌ذكرى بعلبك

- ‌رسائل غرام

- ‌غرائب امريكا

- ‌في رياض الشعر

- ‌رصاص دم دم

- ‌محاكم الأحداث

- ‌أزهار وأشواك

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌ثمرات المطابع

- ‌رواية الشهر

- ‌العدد 21

- ‌حلم ويقظة

- ‌محادثة شبح

- ‌شيء عن الفن

- ‌في جنائن الغرب

- ‌رسائل غرام

- ‌الشعر

- ‌في رياض الشعر

- ‌سادوم وعامورة

- ‌محاكم الأحداث

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌جرائد جديدة

- ‌ختام السنة الثانية

الفصل: ‌ ‌العدد 14 - بتاريخ: 1 - 5 - 1911 ‌ ‌زهرة الشباب 1 يوم

‌العدد 14

- بتاريخ: 1 - 5 - 1911

‌زهرة الشباب

1

يوم من أيام الربيع: جو السماء صافٍ ووجه الأرض زاهر زاهٍ. خرجت إلى البرية وفي النفس عوامل لم أدرك سرها المكنون، وكنت آنئذٍ أجد لذة قلبية في الوحدة والانفراد.

نظرتُ إلى المغرب، فرأيتُ الشمس تتوارى وراء بحار من الذهب والياقوت، وستار الليل يمتدُّ شيئاً فشيئاً على وجه البسيطة وقد هبَّ نسيم لطيف ممسَّك فأحنى سنابل الحقل، وطلع القمر على أفق المشرق يتمايل تيهاً ويتمايس عجباً بين النجوم الزواهر وهو يرسل إلى الأرض أشعة أنواره الذهبية.

وبينما أنا أسير مرتشفاً هذه الأنوار العلوية، مستنشقاً هذه الروائح العطرية، إذ ظهرت لي في غسق المساء مخلوقةٌ عجيبة نظرت إليَّ وابتسمت، وقد سترها رداءٌ أنصع بياضاً من زنابق الحقل، ولاحت على وجهها حمرة أبهى من حمرة الورد الذي يكلل رأسها. وكان شعرها

ص: 113

الذهبي مسترسلاً على كتفيها. ومن عينيها الدعجاوين تنبعث أنوار الأمل والطهارة. . فمدَّت نحوي إحدى يديها وأشارت إليَّ بالثانية إشارة الحنو والانعطاف. . .

فبقيت برهةً شاخصاً إليها أقول في نفسي: لاشك إنها من سكان السماء. إذ لم يكن في بهائها الرائع شيءٌ أرضي، وكانت تحيط بها أنوار سماوية فتزيد في سنائها سناء. فمددت يدي وهتفت: ومن؟؟؟. . . .

فأجابتني بصوتٍ أرقّ من نسيم الربيع وأعذب من نغمة الشحرور: يا صاحٍ، وضعني الإله الخلاق في صدرك عند ولادتك، فنموت وترعرعت معك وها أنا قد بلغت أشدي مع سنتك السادسة عشرة. فحياتي حياتك وموتي موتك. أنا شقيقتك وأكون رفيقتك في قطع مفاوز هذه الحياة إلى أن أذوي وأذبل فأطرح على الحضيض، فأتركك في نصف الطريق بعد أن نكون قطعنا معاً النصف الأول منها، وليس هذا اليوم ببعيد يا أخي. فحياة الزهرة رمزٌ عن حياتي القصيرة. فمتى ذبلتُ تأسف عليَّ حين لا يجدي التأسف. فلا ماء عينيك يحييني ولا حرارة قلبك تنعشني. . . أنا لستُ غنية، وكل ثروتي في الزهور التي تكلل رأسي، لكني سأسكب عليك نعماً يحسدك عليها كبار الأرض وأغنياؤها. وأضع على مفرق رأسك إكليلاً يغبطك به كل من نظر إليه. سأتتبع آثارك دائماً دون أن تنظرني غير أنك دائماً تشعر

بوجودي. . . سأنفخ من روحي الطاهرة في الطبيعة لتروق عينك

ص: 114

وتبتسم لك في صباحك ومسائك. . . لكن عليك أن تقدّر هذه النعم قدرها قبل أن تفلت من يديك. وأدّخر منها للنصف الثاني من الطريق حيث أكون قد غادرتك. . . . .

قالت وكان كلامها ينسكب على قلبي كندى الصباح وبعد برهة استأنفت الكلام:

قلت لك يا أخي إن حياتي قصيرة ولكنه بوسعك أن تطيلها أو تقصرها. إن رجليّ نحيفتان فلا تقدني في المسالك الوعرة، وحمرة وجهي أبهى من حمرة الورد فلا تكدرها بريح الأهواء اللافحة، واعمل كي لا ينخزك الضمير إذا ما فقدتني. ومتى فارقتك فليبق ذكري محفوظاً طيَّ صدرك فينعشك ساعة القنوط ويضيء نبراسه ظلام حياتك

وحينئذ أحنت رأسها نحوي كالملاك الحارس وشعرت بيدها تخطُ على جبهتي علامة سرية ففتحت يديَّ

فكنت كالقابض على الهواء وتوارى طيفها في غسق المساء. . .

2

يوم من أيام الخريف: عبس وجه السماء واكفهر، وعريت الأرض من بهائها ورونقها. وكنت سائراً أجد في حزن الطبيعة صورة حزني وقد استولت عليًّ الوحشة التي تستولي على القلوب عند غروب شمس النهار.

فتراءت لي مخلوقة نظرت إليَّ وبكت، وقد اتشحت برداء ممزق بالٍ، ولاحت على خديها صفرة أشبه بصفرة الأوراق المتناثرة وقد حرقت

ص: 115

عينيها دموع الأسى، وكانت محنية الظهر كزنبقة ذابلة قُطعت عنها مياه الحياة. فعرفت فيها تلك التي ظهرت لي منذ خمسة عشر عاماً، وهتفت بصوت الرعشة: وما تريدين الآن؟. . .

فأجابتني بصوتٍ أشد حزناً من زمهرير هواء الشتاء:

قد أزفت ساعة الفراق وهو فراق أبدي، وقبل أن أتركك أحببت أن أودّعك وداعي الأخير. . .

لقد أنكرتني يا ناكر الجميل. قمت أنا بكل وعودي لكنك لم تكترث لها. وضعت على رأسك إكليل الطهارة وخفرتك بحراس الإيمان والأمل والمحبة. . . آنست وحدتك بأحلام ذهبية وشغلت مخيلتك بأفكار زهرية، جعلت السماء تبسم لك والأرض تتهلل أمامك. أما أنت فقل

لي بربك ماذا صنعت بكل هذه المواهب. . .؟ بذّرتها ودستها بالأقدام. . .

فهتف بصوتٍ تخنقهُ العبرات: قد زال الغشاء عن عينيّ. ألا رحماك إبقي. . . ردّي إليَّ الأمل والمحبة فأفارق الحياة ولساني يستمطر عليك البركات.

فأجابت:

أنت ستعيش بعد. أما أنا فعما قليل سأموت. انظر إليّ واعرف ما قاسيتُ من المشقات. أنهكتَ قواي وهددت عزيمتي. كنتُ أرفع إليك نداء الاستغاثة وأسألك الرحمة، أما أنت فلم تفهم هذا النداء بل كنت تقودني وتدفعني إلى المهالك. فمزَّق ثوبي شوك الطريق وأدمى

ص: 116