الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والساعات إنما تسير بموجب الوقت الأوسط وتدل عليه لا على الوقت الحقيقي. فإذا كانت ساعتك مضبوطة ودلت على الظهر فليس من الضرورة أن تكون الشمس في الهاجرة وأن يكون إذ ذاك الظهر الحقيقي بل قد يتقدم الظهر الأوسط على الحقيقي وقد يتأخر عنه، مثلاً في أول كانون الثاني إذ تكون الشمس الحقيقية في الهاجرة أي وقت الظهر الحقيقي تدل الساعات المضبوطة على الساعة 12 والدقيقة 3 والثانية 10 فيكون الظهر الأوسط قد مضى منذ 3 دقائق و10 ثانيات. وفي أول تشرين الثاني وقت الظهر الحقيقي تدل الساعات المضبوطة على الساعة 11 والدقيقة 43 والثانية 39 فيبقى للظهر الأوسط 16 دقيقة و21 ثانية.
ثم اعلم أن الزمن المتوسط يتغير بالانتقال من بلد إلى آخر فزمن القاهرة المتوسط مثلاً لا يطابق زمن باريس المتوسط أو غيرها من المدن.
البرد والصحة
ذكرنا في الجزء الماضي من الزهور نبذة عن المطر وماهيته ومصدره ومظاهره المختلفة، ونرى الآن أن نذكر شيئاً عن البرد وتأثيره في الصحة لأننا دخلنا في فصل الشتاء، فنقول:
إذا نظرنا إلى الإنسان من حيث تركيبه الطبيعي نجد أن الحر يؤثر فيه أكثر من البرد. فإنه يحتمل بصعوبة وبضنك شديد درجة الحرارة إذا بلغت الأربعين (في ميزان سنتغراد)، مع أنها درجة تقارب
درجة حرارة الجسم في حالته الطبيعية وهي 37 ْ، فيكون الفرق ثلاث درجات فقط. على أن الإنسان يحتمل البرد بسهولة حتى الدرجة 10 ْ و15 ْ تحت الصفر مع أن الفرق بينها وبين حرارة جسمه تكون 47 ْ أو 52 ْ درجة. ومن ذلك البيان يظهر بأجلى برهان انه أقدر على احتمال البرد من احتماله الحر.
نعم قد تسلم الحياة في بعض الأنحاء حيث تبلغ الحرارة 50 أو 53 درجة كما في السنغال أو غيرها من الأصقاع الأفريقية. لكن الاستيطان في مثل هذه الأماكن يصعب جداً على أهالي البلاد المعتدلة، وإذا ولد لهم أولاد تراهم مهازيل الجسم نحفاء البنية.
وبعكس ذلك نرى الجسم يتعود شيئاً فشيئاً احتمال البرد ولو شديداً، وقد قران أن الذي قصدوا القطب الشمالي قد وصلوا إلى أصقاع لا يقل بردها عن 40 أو 45 تحت الصفر.
غير أن هذه الأرقام مما لا يسوغ تعميمه على كل الأحوال. فهناك مسألة العمر وطريقة المعيشة وغير ذلك من الأمور والبواعث يكون لها أكبر تأثير في احتمال البرد. فالرجل الهرم، وقد قل غذاؤه، يحتاج إلى الحرارة أكثر من سواه. أما الولد فهو أسرع تأثراً من البرد، على أن أنسجته تحتمل فقد الحرارة إلى درجة مدهشة فتقوى على احتمال ما لو أصاب الشاب لفتك به.
ويمكن القول بالإجمال أن فصل الشتاء هو أفضل فصول السنة لصحة السواد الأعظم من الناس لولا تسرب إلى أحوال معيشتنا من
العادة المضرة كالمبالغة في تدفئة المنازل والإقبال على الأشربة الكحولية فإنه عندما كان الناس يصطلون على نار الحطب - وهي طريقة الفلاحين حتى الآن - لم تكن حرارة المسكن تزيد على الدرجة 15. أما اليوم فمع ما توفر لدينا من الاختراعات العصرية كاستعمال الكهربائية وغيرها لتوليد الحرارة واتقاء البرد، فقد تبلغ حرارة الغرفة 35 درجة أو أكثر. ولا يخفى ما يعقب ذلك من الضرر العظيم عند الانتقال إلى الهواء الطلق، فيكون تأثير البرد شديداً ومضراً بالصحة لأنه يجب
السير بالتدرج في ذلك كما غيره من الأمور. وقد بين ذلك أحد العلماء باختبار أجراه من هذا القبيل، فأخذ أسماكاً ووضعها في ماء درجة حرارته 28، ثم نقلها بغتة إلى ماء درجته 12، فماتت الأسماء للحال.
وإذا كان الإنسان يبالغ في اتخاذ الأردية وتوفير الملابس لوقاية جسمه من البرد، فإنه يجعل نفسه عرضة للسعال والنزلات الصدرية وغير ذلك من الأمراض عند أقل إهمال يبدر منه من هذا القبيل فتكون العاقبة غير محمودة.
وعليه فمن أفيد الأمور أن تدع نافذة غرفتك مفتوحة عندما لا تكون الحرارة دون الدرجة العاشرة. وهي طريقة ظهرت الآن فوائدها ومنافعها، وإذا اعتادها الإنسان كان له فيها أحسن واقٍ لما يتأتى عن ذلك من تجديد الهواء وتصلب الجسم. وفي كل الأحوال لا يجب أن تتجاوز حرارة غرفتك الدرجة 20 أو 25.
أما شاربو الكحول فإن البرد يؤثر فيهم أكثر مما في سواهم. لأن