الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أزهار وأشواك
سمكة أبريل
رويت لقرائي السنة الماضية حكاية هذه السمكة أو الكذبة فاكتفي اليوم برواية إحدى الكذبات المشهورة في هذا الصدد: أعلن أحد الظرفاء في جريدة باريسية عن رغبته في الزواج وطلب من الراغبات في الاقتران به أن يكتبن إليه عن عنوانهنّ إلى نمرة عينها لهن. وأردف هذا الإعلان بإعلان آخر عن لسان فتاة غنية جميلة تطلب من الشبان الراغبين في الزواج مثل ما طلب في إعلانه الأول من الشابات. فاجتمع لديه في مدة وجيزة ما يناهز المئتين من الأجوبة الواردة من الفتيات ومثلها من أجوبة الفتيان، فأجاب كلاً بمفرده ضارباً له موعداً في إحدى ساحات باريس العمومية للمقابلة وطلب من الفتى - أو الفتاة - أن يزين صدره بوردة بيضاء لسهولة التعارف ثم كتب - دائماً باسم مستعار - إلى مدير البوليس ينبئه بوجود مؤامرة من الحزب الملكي ضد الجمهورية وعزم الأعضاء على مباغتة الحكومة بمظاهرة كبيرة وأفهمه أن شارة المتآمرين وردة بيضاء. فلما أزف الموعد اجتمع في الساحة المعينة أربعمئة فتى وفتاة تقريباً وعلى صدورهم الورد الأبيض. وإذا بالبوليس مقبلٌ بخيله ورجله للقبض على أعضاء المؤامرة الموهومة. ولم يلبث أن جاءت إشارة تلفونية من المحافظة أن قد أتاها أن المسألة من قبيل كذبة أول أبريل. . . فضحك البوليس وضحك المتآمرون وضحك خصوصاً مدبر هذه الحيلة. . .
زيٌّ جديد
وما أكثر أزيائك يا سيدتي! وما أدهش تفننك في ملابسك. . . ضلّ الحكيم القائل لا جديد تحت الشمس أو أن قوله وصل إلينا ناقصاً مبتوراً، ولا شك أنه استثنى مما نفى فقال:. . . إلا ما تولدهُ أدمغة النساء ويا لله من أدمغة بنات حواء! حملت في ما مضى الحملة الشعواء على مودة المقيدات فنالني ما نالني من غضب السيدات أثناء تلك الحملة. ولذلك لستُ بمجددها اليوم بمناسبة مودة السراويل والشناتين التي بدت طلائعها في ربوعنا، بل أن أتقهقر بانتظام أمامها. وأخلي لها المكان، فامرحي أيتها الحسناء ما شئت في شنتانك الجديد وسروالك الحديث، فقد كفى ما أصاب رجليك وساقيك من الضغط والتقييد. وأنا أضع على رسمك الذي زينت بهِ هذه الصفحة باقة من أزهاري، حافظاً أشواكي لوقتٍ
آخر.
الحكومة والأدباء
أبت حكومتنا المصرية إلا أن تضع يدها على كل كاتب أديب أو شاعر بليغ. وآخر من استهواه ذهبها الوهاج واستماله راتبها الضخم حافظ إبراهيم شاعر النيل، فاختطفته من بين الرياض التي كان يغازلها، والنجوم التي كان يناجيها، وجماعة البؤساء التي كان يسليها، ووضعته في المكتب الخديوية لينسقها ويحليها، ومن عرف ما في دماغ حافظ من بديع المحفوظ أيقن أن الحكومة قد ضمّت إلى مكتبتها الجامدة مكتبة حية. وإذا كان
قد شق على الكثيرين أن يروا حافظاً منصرفاً عن خدمة دولة الشعر إلى دولة الإدارة فإنهم يتعزون متى عرفوا أنه ضمن حياته عن غير طريق القصبة المشقوفة. وقد خاطبه أحمد نسيم بهذه الأبيات:
أديبَ الأمتين لك البقاءُ
…
سعدت فلا عناء ولا شقاء
نقضت عنك أيامٌ طوال
…
من البأساءِ وارتفع البلاءُ
أتيتُ إليك في بردَى أديبٍ
…
كريم لا يدنسه الرياءُ
يصوغ لك التهاني في قوافٍ
…
لها بك في متانتها اقتداءُ
كعهدك لا تكن إلا وفياً
…
سجيّته المروءةُ والوفاءُ
أتحجبك المناصب عن نسيم
…
وتُبعدك المراتبُ والعلاءُ
وألا كيف كنتَ فأنت خدنٌ
…
خليقته المودةُ والإخاءُ
أتذكر يومَ تذكر بؤس عيش
…
وأنت إزاَءه وأنا سواءُ
ويوم نذمُّ دنيانا ونشكو
…
أناساً خاب عندهمُ الرجاءُ. . .
تقول إذا استطعت وهبت نفسي
…
فما عندي سوى نفسي سخاءُ
فأما الآن ليس لديك عذرٌ
…
ولا لك عن مواساتي إباءُ
إذا أنشدتُ بين يديك شعري
…
وتمداحي فقد وجب العطاءُ
وفي عشرين ديناراً لمثلي
…
إذا مُنحت قنوعٌ واكتفاءُ
بحق البؤسِ إن لم تعطينها
…
فما لك بعدها إلا الهجاءُ
وإلا فالسلامُ عليك مني
…
إذا قالوا على الشعر العفاءُ
فليحذر حافظ اليوم هجاء زملائهِ المعجبين بهِ بالأمس، وليكن لحالهم ذاكراً، ولعهدهم حافظاً.
حاصد