الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا شقاء ولا ضوضاء، والطبيعة في هدوّ وسكون
وهناك عندما الفجر يلوح. على النغمات الأطيار ونسمات الأسحار، يرتاد فضاء اللَاّنهاية
صوت رنان، تردّد صداه الأزمان:
سلاماً يا ابنة الطبيعة الساذجة، يا ربيية الفضيلة الطهري، البرية من عيوب المدنية. .
وتبرز فتاة الكوخ، ومظهرها رسول الشفقة وعامل النشاط وملاك السلام، وتحيي الأكوان!
فتحنُّ إليها الإلهة وتباركها السماوات!
وهناك يتجلى شبح الإنسانية! فيقيم الصلاة، ويقدم القربان بين تصاعد بخور الذكرى. وحنان الألحان السماوية، حتى إذا ما حل الروح، بارك الأم وابنتها، وتوارى. وفي ثغره ابتسامة الأبدية. . .
انطاكية
سمعان بطرس اللاذقاني
تمدن المرأة العصرية
دارت خلال السنة الماضية على صفحات الزهور مناقشة في المرأة العصرية وتمدنها بين الآنستين هدى كيورك وأدما كيرلس، نددت الكاتبة الأولى بالمرأة لأنها أخذت بقشور التمدن دون اللباب وفندت الثانية أقوالها مبينة أن الذنب - أن كان هناك ذنب - على الرجل لا على المرأة. وانقسم القراء إلى قريقين فريق يؤيد هذه، وفريق ينتصر لتلك. وكتب أحد الأدباء بإمضاء حسون محاولاً أن ينصف بين الكاتبتين. ولكن الآنسة أدما رأت في مقاله ما يشفُّ عن التجيز فبعثت إلينا بالرد الآتي:
طال الآخذ والرد في هذا الموضوع وما كنت لأعود إليه اليوم لولا تعرض حسون للوقوف موقف الحكم فكان صارماً شديدأً وإني والكثيرات من رفيقاتي لمندهشات من فتح صاحب الزهور صدر مجلته لمثل هذا الحكم الجائر، وهو الكاتب الذي طالما ترنمنا بكتاباته الشائقة في الدفاع عن حقوق المرأة المهضومة. . وقبل أن أجول الجولة الأخيرة في هذا الموضوع أرجو من الأدباء أن لا يحملوا كلامي على محمل الامتعاض من انتصار الغير لمناظرتي. كلاّ وإيم الحق، بل أن ذلك ليطربني وأرى فيه دليلاً أدمغ به خصمي إذ هو يعترف أن في صفوفنا نحن النساء من يجاهر بالحق ولو كان علينا. . وبعد هذه المقدمة أقول لحضرة الخصم الجديد الذي يحاول الظهور بمظهر الحكم المنصف:
يا أيها الرجل المعلم غيرهُ
…
هلاّ لنفسك كان ذا التعليمُ
وقبل أن تنظر إلى القذى في عين أختك انزع الجسر من عينك. ثم أصلح تربية الرجال لأن الرجل بيده كل شيء في شرقنا، وليست المرأة - إن صالحة وإن صالحة - إلا صنعة يديه أدبياً. فهي إذا كانت الآن كما تزعمون فلانكم أنتم أردتموها كذلك يا معشر الرجال. وأنا قد كتبت ما كتبت واثقة بالإصابة لأن ما قلته من البديهات التي لا تحتاج إلى برهان، وقوة الحقيقة أوضح من نور الشمس. ولكن أكثر الأذهان في هذا العصر لا تكترث لأقوال النساء. على أنه لابدَّ من أن يأتي عصرٌ ينظرون فيه لا إلى من قال بل إلى ما قال. فيظهر الخفي على أهل هذا الزمان بأحسن جلاء. ويرى هذا القلم الذي يعدُّونه قصبة مرضوضةً