الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيها البدر
يسر الزهور أن تقدم اليوم إلى قرائها أديباً لبنانياً لم تشغله وظائف الحكومة عن الاشتغال بالعمل والأدب، وهو حضرة رشيد بك نخلة قائم مقام قضاء جزّين. وسيرى القراء في ما سيتحفهم به على صفحات هذه المجلة من المقاطيع الشعرية والمقالات الأدبية أية منزلة رفيعة أدركها في عالم الكتابة. ولما كان حضرته مجهولاً من أدباء مصر اقترحنا على أحد مواطنيه من الكتّاب المطلعين على أسرار الأدب أن يكتب للزهور درساً بيانياً عنه سننشره في عددٍ تالٍ:
تآكلت العيون، وتناهبت القلوب، وما تركت مضجعاً هادئاً، ولا جنياً مطمئنة أيها البدر. . .
ما التصقت في كبد القبة الزرقاء ساهياً لاهياً إلا لتزيد غصة عاشقيك، وتحول ملايين أميال المسافة بينك وبين القلوب، فيمتنع التفاهم حتى بالخفوق والأنين أيها البدر. .
دموع الحب وتنهدات الوحشة وزفرات المهجورين، زهور منثورة على قدمي نورك وبهائك يا عريس السماء. . .
شكاوي الموجعين وتذكر المساكين وصدى قرع صدور البائسين، نغماتٌ ربما طربت لها وأنت نشوان عالق حيث تنخلع عنك الرقاب أيها المحلّق السماوي. . .
الطوى من يوم إلى يوم، والسهر من ليلٍ إلى ليل، والتسجي على نواتئ الصخور ومناخز الأشواط، بالعين السابحة والفكرة السائحة، كل ذلك ربما اتخذته تفرغاً إليك وتدلهاً أيها المحبب البدري.
انتزاع الإحساس من الآدميين، وتجلمد قلوب بني الإنسان، وتعري شجر الخريف من لباسه الورقي، ونضوب موارد الماء، وعقم بطن الدأماء، كل هذا ربما اعتبرته تجرداً لحبك وتخلياً عن سواك أيها الكوكب الدري. . .
أنت منذ كنتَ، ونحن منذ كنا. . . أنت تنظر إلى ما هو دونك نظراتٍ ليس فيها من المعنى إلا أنك ذو نظرٍ وتنظر (وقد لا يكون ذلك) ونحن على وفرة ما حول العيون من البهارج والجمال لا ننظر إلا إلى ما فوق. . . إليك أنت ننظر. . . بكل المعاني وبملء ما يتسع مجال النظر. أيها السراج المشعل بغازٍ إلهي والعالق في لا شيء.
الليل إذا كفر وتولى الصب الضجر، وسئم المهجور موعد مبزغ النور، وافترشت جنبهُ التراب والتحفت بأم السحاب، وتحول من حركة إلى سكون ومن فكرٍ إلى عيون. . يقولون
إنك أنت السلوى بدون مَنّ، وأنك إن لم تكنها إذاً فمن. . . أهو كذلك يا سمير العاشقين. . .
القلوب مواطن الرحمة - قبل هذا الجيل - فهل لك بين ضلوعك أيها البدر ذاك العضو الأجوف الذي يسمونه قلباً. . . .
رشيد نخلة
السنة الأولى للزهور
في الإدارة مجموعة الزهور للسنة الأولى مجلدة تجليداً متقناً. وثمنها خمسون غرشاً صاغاً ويضاف إلى ذلك أجرة البريد للخارج.