الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الجواب عن الاعتراض الثاني فهو أن أشد احتياج الفلاح لمساعدة أولاده له إنما يكون في زمن زرع القطن وخله وجمعه. وكل ذلك الزمن لا تزيد مدته عن الثلاثة الأشهر فما على الحكومة إلا أن تجعل تلك الأيام أيام الإجازات المدرسية فيربح فيها التلميذ عقله من عناء الدروس، ويروض عضلاته بالأشغال الزراعية. على أنه إذا كان لابد للفلاح من يد تعينه على عمله متى كان أولاده بعيدين عنه في المدارس فإن له من أيدي بناته تلك المعونة المطلوبة، إلى أن تسمح الأحوال بأن يشمل التعليم الإجباري صبيان مصر وبناتها.
هند إسكندر عمون
في رياض الشعر
أمين بك ناصر الدين رئيس تحرير جريدة الصفاء اللبنانية شاعر مجيد وكاتب بليغ. شهير في سورية ومجهول في مصر فالزهور تفتخر بأن تضمه إلى عداد أنصارها الذين يتكاثرون يوماً فيوماً، وسيزداد القراء معرفة بأدبه الزاهر مما سنتابع نشره من شعره الرائق مشفوعاً برسمه ونبذة من ترجمة حياته وهو لا يزال في ربيعها:
الحي يخاطب الجماد
أو شاعر يناجي صورة
أراك يا رسم لا تنفك مبتسماً
…
أذاك شانك أم ذوق الذي رسما
تستقبل الصبح جذلاناً بلا سبب
…
ولا يسموك أن تستقبل الظلما
سيان عندك يوم كله طرب
…
وآخر بسمات الهم قد وسما
ولا يروعك سيف الموت منصلتاً
…
والخطب مندفعاً والدهر منقما
كفاك يا رسم فخراً أن مثلك لم
…
ينقل لحاجته فوق الثرة قدما
كفاك عزة نفس أن تدوم ولا
…
تأتيك منة إنسان قد احتكما
لا ينطوي لك قلب ما بقيت على
…
حقد ولا يتعدى طبعك الكرما
وأنت خير نديم للذين رأوا
…
تجنب الناس أمراً يدفع السأما
ترعى لراسمك العهد المتين ولا
…
أرى من الناس إلا مخفراً ذمما
والحي يسقم أحياناً وأنت على
…
أتم عافية لا تعرف السقما
ويدرك الهرم الإنسان بعد مدى
…
وأنت غض شباب آمن هرما
وتهزم الناس أرزاء تروعهم
…
في حين يرجع عنك الرزء منهزما
أراك تفصح عما فيك من طرب
…
وأن عدمت لسناً ناطقاً وفما
سلمت يا رسم من هم ومن كدر
…
وما على الأرض حي منهما سلما
يا ساهراً لم يذق ليلاً غرار كرى
…
وراقداً لم يؤرق منذ ما رسما
تضاحك الشمس منك الوجه مشرقة
…
ويلثم البدر ثغراً منك قد بسما
لك الطبيعة صفو العيش قد قسمت
…
وضده وجزيل اليأس لي قسما
كن موضعي ولا كن رسما فذلك لي
…
خير وخذ فكرتي والطرس والقلما
أمين ناصر الدين
الحب المكتوم
كان لأبيان فليكس أرفر الني نشرنا تعريبها في جنائن الغرب (ج 3 ص 139) أحسن وقع في نفوس الأدباء لما فيها من رقة الشعور. ولقد تبارى الكثيرون من شعرائنا في سبكها في شعر عربي، غير أنهم لم يراعوا الأمانة في تأدية معاني الشاعر الإفرنجي. وكان أكثر ما نظم انطباقاً على الأصل ما جاءنا من حضرة الشاعر المجيد صاحب التوقيع، قال:
يا غراماً في مهجتي أبدياً
…
من لحاظ بلحظة دب فيا
حادث في الهوى تكتم حتى
…
كاد يخفى في النفس مني عليا
لا دواء للداء مصدره الح
…
ب الذي بات عن سواي خفيا
سببته تلك التي ليس تدري
…
أنه قد غدا هوى عذريا
ويح قلبي أمر بالقرب منها
…
لا أراها ترنو بلحظ إليا
معها دائماً ووحدي دوماً
…
دانياً دائماً ودوماً قصيا
سوف أقضي الحياة لم أعط شيئاً
…
كيف يعطى من ليس يطلب شيا
وأراها وإن تكن ذات قلب
…
وشعور رقا كطبع الحميا
تتخطى الحياة ليست تبالي
…
مات مضنى الغرام أو ظل حيا
وحفيف الهوى يرافق منها
…
خطوات تخطفت مقلتيا
هكذا وهي في الأمانة ترعى
…
لشروط الزواج عهداً وفيا
تقرأ الشعر وهي ملء سطور الش
…
عر وصفاً ولطعةً ومحيا
ثم تغدو تساءل النفس عمن
…
تركتني في الحب صبا بكيا
* * *
ويح حظي هي التي تيمتني
…
بهواها وليس تعلم شيا
رشيد نخلة
مجد العرب
كفاك يا طير شدواً هجت بي طربا
…
أما تراني حزين القلب مكتئبا
لو كنت مثلي مقصوص الجناح لما
…
شدوت بل كنت تلقى الويل والحربا
لم ينصف الدهر جيدينا فطوقني
…
من الحديد وحلّى جيده ذهبا
هب لي جناحيك مأجوراً أطر بهما
…
ينفّس الجو عني هذه الكربا
أعرهما لي أطر في الجو مرتفعاً
…
حتى أعانق في أبراجها الشهبا
نفسي تتوق إلى العلياء مذ علمت
…
أني امرؤ ورثت أخلاقه العربا
إني لأعجب ممن يستخف بنا
…
أن لا يرى خطة استخفافه عجبا
سلوا القرون الخوالي عن مفاخرنا
…
سلوا الرماح سلوا الهندية القضبا
سلوا الزمان الذي كانت تتيه بنا
…
فيه المعالي وكنا السادة النجبا
وكان فارسنا إن جال جولته
…
في نصرة المجد رد الجحفل اللجبا
إن صاح رددت الآفاق صيحته
…
واهتزت الأرض والأفلاك إن ضربا
كتائب تترامى في حميتها
…
إلى الردى لا ترى جبناً ولا هربا
من كل لاحق روح راح يطلبها
…
بسيفه غير ملحوق إذا طلبا
كالسيف منصلتاً والليث مفترساً
…
والسيل منحدراً والبحر مضطربا
فجاءنا زمن صرنا به خدماً
…
لغيرنا وغدت أرواحنا سلبا
أرى الممالك داستنا بأرجلها
…
كما ركبنا على أعناقها حقبا
ما لي أرى الشرق لا تصفو موارده
…
لأهله ويراها غيرنا ضربا
لو أن للشرق روحاً أو له كبداً
…
ترق بث لنا شكواه وانتحبا
يا ويح للدهر يلهو بي ويلعب بي
…
أبعد ما شاب يهوى اللهو واللعبا
أنا امرؤ في صميم الذل مرتبتي
…
من مصر لا نبطا قومي ولا جلبا
يا أيها الموسرون اليوم يومكم
…
شيدوا لنا من معالي جاهكم حسبا
رقوا المعارف تدعوكم بلادكم
…
لا تخذلوها فإن الحق قد وجبا
كم من تعيس يسيل النحس من يده
…
أمسى سعيداً وكم من غاصب غصبا
حلفا
محمد توفيق علي
ضابط بالجيش
شبت وما شاب
غرست هواك في قلبي ربيعاً
…
فشبَّ وشبت في زمنٍ قريب
فما أنا راجعٌ زمن التصابي
…
ولا هو بالغٌ زمن المشيب
عبد الحليم المصري
البدر والليل
لعلها آخر ما نظمه إمام العبد
كان إمام قد أشفى، فدعا بدواة وقلم وكتب الأبيات التالية، وفي حروفها على الورق ما يشعر بارتجاف يده، ثم أوصى إحدى النسوة اللواتي كن يعطفن عليه في شدته بأن ترسل ما كتب إلى مجلة الزهور. فلما قضى لرحمة ربه، وقد ضعضع الأسى والبؤس من حوله، ذهب أمر الرسالة عن تلك المرأة الحزينة، حتى إذا جفت الدمعة إلا قليلاً وبردت الجمرات إلا بعضها بلغت الأبيات إلينا وروح إمام ترفرف بين كلماتها وسطورها. وهذه هي:
تمنى أن يجازيني بوجدٍ
…
فكان الوجد أسبق من مناه
واحرمني لذيذ النوم لما
…
جرى حكم الإله على هواه
رآه البدر أحسن منه وجهاً
…
فحدَّث نفسه لما رآه
وألبسني عليه الحب ثوباً
…
يريك الليل أطول من مداه
عرفت الحظ من لوني وثوبي
…
فأين يكون في الدنيا سناه؟
إمام العبد