الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأراد يوماً أن يذهب إلى البيت وليس في جيبه نقود. فركب عربة حتى إذا وصل إلى داره وولجها أطل للسائق من النافذة وقال له يا عربجي. سيدي مش عاوز يركب. . .
وقال إمام يتغزل بغادة بيضاء:
أنت عبدٌ والهوى أخبرني
…
أن وصل العبد في الحب حرام
قلت: يا هذي أنا عبد الهوى
…
والهوى يحكم ما بين الأنام
وإذا ما كنت عبداً أسوداً
…
فاعلمي أني فتى حر الكلام
وقال متغزلاً بغادة سوداء مثله:
وسوداء كالليل البهيم عشقتها
…
لأجمع بين الحظ واللون في عيني
إذا ضمَّنا ليلٌ تبسم ثغرها
…
فلولا سناه بت في جنح ليلين
وقال شاكياً:
نسبوني إلى العبيد مجازاً
…
بعد فضلي واستشهدوا بسوادي
ضاع قدري فقمت أندب حظي
…
فسوادي عليه ثوب حداد
أضفت كل ذلك إلى ما سبق لي ذكره عن صديقي الإمام إعلاناً لفضله وقياماً بواجب الحرفة.
حاصد
تمدن المرأة العصرية
طالت المناقشة في هذا الموضوع وخرج المتناظرون كما قلنا في العدد السابق عن دائرة البحث الأول، فباتوا يتناقشون في ما إذا كان عدد الفضلاء يزيد على الفاضلات أو إذا كان الأمر بالعكس وهذا ما يصعب تقريره. وجاءتنا ردود كثيرة نظماً ونثراً يضطرنا ضيق المقام إلى الاكتفاء بتلخيصها أو الإشارة إليها. منها مقالة
طويلة معتدلة اللهجة بإمضاء منصف حاول صاحبها أن يوفق بين الفريقين فقال بعد مقدمة أثنى فيها على الآنستين اللتين فتحتا هذا الباب:
. . . قد أجادت الآنسة هدى بوصف الحالة السائر عليها العدد العديد من نسائنا وفتياتنا الجاهلات، وقد أصابت المرمى بانتقادها تلك العادات الذميمة التي ستؤول بنا إذا طال أمدها إلى الهلاك والدمار أدبياً ومادياً. ولكنها بالغت جداً أو أنها غلطت في التقدير فتوهمت أن الحالة أسوأ مما هي وتصورت أن الفاضلات من الشرقيات أقل من القليل، ووافقها على ذلك طيرها المغرد، فأصدرا حكمهما الجائر وأعلنا قضاءهما المبرم. وإني لمخالف لهما ف الرأي ومتفق مع كاتبة بيروت، فأرى أن الفاضلات الحكيمات لم يزلن والحمد لله أكثر كثيراً من الجاهلات الخاملات، مما يبشرنا بحسن المصير ويؤملنا بحميد المنتهى، بشرط أن نثابر على ما نحن مجدون في أثره من الإصلاح.
. . . . قُيّض للذكر طبقاً لناموس القوة وشدة البأس أن يكون المتسلط المتبوع، وللأنثى بحكم ضعف الجسم ونحافة البنية أن تكون الخاضعة التابعة. وهو ناموس سارٍ منذ بدء العالم حتى اليوم، وعام بين المخلوقات كافة دون استثناء. . . وعليه لا غرو إذا رأينا المرأة تتوخى أن ترضي الرجل في كل عمل من أعمالها وتحاول أن تنال منه الالتفات والإعجاب. فحق والحالة هذه للآنسة أدما أن تقول إن معظم ما تؤاخذ به المرأة العصرية من التفرنج والتورط في اتباع المودة سببه الرجال لأنهم يميلون إلى هذه المظاهر.
ثم بين الكاتب الأديب ما ألت إليه حال شبان هذا العصر من سوء فهم التمدن، وقال إن إصلاح المرأة الذي ينشده المتناظرون لا يتم إلا بإصلاح الرجال:
يجب علينا أن نصلح أنفسنا أولاً ومن ثم نسعى وراء إصلاح نسائنا وبناتنا، ولربما لا نبقى بحاجةٍ إلى هذا وقتئذ إذا أنهن يسبقننا حالاً إلى الإصلاح طبقاً لرغائبنا وسيراً مع أميالنا. وإن لمخالف حسوناً فيما نسب إليهن من الضعف ووهن المبدأ، فإنهن وإن يكن ضعيفات
الجسم نحيفات القوام، فهن قويات الشعور شديدات الإحساس، وما كان غيظهن من انتقاد الآنسة هدى وسرورهن من مدافعة أديبة بيروت إلا نتيجة هذين العاملين وهما كما يشهد الجميع رمز الرقي وعلامة التفوق في سمو الأخلاق. وقد نسي أديبنا على ما يظهر ما وصفهن به شيخنا العازار حيث قال:
وصفوا المرأة بالضعف وقد
…
جهلوا ما قال فيها الكما
هي في الأرض إله مثلما
…
خالق الأرض إله في السما
ثم رد منصف على حكاية حسون مع زوجته مما لم يخرج في المعنى عن رد سلمى وهند في العدد الماضي.
أما حسون فقد أرسل إلينا ردين الأول على سلمى والثاني على هند. ونحن لما تقدم من الأسباب نقتصر على نشر الأول منهما خصوصاً لأنه يرجع البحث إلى نقطته الأصلية ويظهر بأحسن بيان الغاية من هذه المناظرة، ويبين بطريقةٍ منطقية واضحة دور المرأة في المجتمع الإنساني ووجوب إصلاحها. ولنا الأم بأن يكون جوابه المقحم خاتمة هذه المناقشة، قال موجهاً الكلام إلى سلمى:
أسلم لك جدلاً بأن معظم الفتيان على شاكلة فتاك، وأسمح لنفسي
بأن أقرعه على سلوكه الفظ مع فتاة من مثيلاتك حليتها الأدب والفضل وزينتها اللطف وخفة الدم. . . ولكن تسليمي هذا لا يخرجنا من الدائرة التي رسمناها وهي أن وجود فتيان أشقياء لا يجيز للفتيات أن يكن على مثالهم. ولما كان قصدنا الإصلاح وكنت من المسلمات بوجود النقص الذي ذكرناه في السيدات وجب أن تسلمي حتماً بأننا على حق فيما ذهبنا إليه وبأنه يجب تقويم ما اعوج فيهن بصرف النظر عما في أخلاق الرجال من الاعوجاج. فعيب الرجل يقتصر غالباً على الرجل وحده على حين أن نقص المرأة يتعداها إلى أولادها وهذا هو السبب الذي يحملنا على المناداة بوجوب إصلاحها قبل إصلاحه وإليك البرهان:
قوام الهيئة الاجتماعية موقوف على قوام العائلة وقوام العائلة منوط بالتربية البيتية والتربية البيتية من اختصا المرأة دون الرجل: فالرجل عادةً بعيد عن البيت منهك في أشغاله. فهو لا يرى أولاده إلا خلسة ويظهر ذلك جلياً في البلاد الحية التي تتطلب الجهاد اليومي حتى يتمكن الإنسان من حفظ مركزه بين الناس.
أما المرأة فواجبها وحالها الطبيعية تقتضي عليها بان تكون في البيت مع أولادها. فهم يشبون على ما تريد ويتخلقون بأخلاقها.
فهي إذن مسؤولة عن التربية البيتية أي عن قوام العائلة. نظرة يا سيدتي إلى العائلات يثبت لك صدق ما قدمنا. ولا تجهلين أن أمثلة العامة هي فلسفة الشعوب وأن فلسفة الشعوب هي من أصدق النظريات وأشدها انطباقاً على الواقع ففي كل الدنيا تقول العامة ما معناه: إن البنت