الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرع الذي خولك الحق بمحاربتي وقتلي، خولني الحق الصراح بقتالك وإراقة دمك. والقانون الذي أباح لك أن تجتاح بلادي، أباح لي أن أدافع عن نفسي ووطني بكل أنواع الدفاع. الشر بالشر والبادئ أظلم. اقتلني إذا استطعت ولا تهزأ بي، كما أقتلك إذا قدرت ولا أسخر منك. سواءٌ علي وسواء عليك رصاص دم دم أو مدافع كروب ومكسيم!!
ولكن حبذا قول ولي الدين يكن:
لا أحب الوغى ولا أنا منه
…
كل ما يقتل النفوس حرام
محاكم الأحداث
محاكم الأحداث التي نحن بصددها غايتها العظمى إصلاح الأحداث بأية طريقة كانت. فلا يوجد لديها نظامات مسنونة تجري عليها في معاملة هؤلاء الأحداث فهي تعامل كل ولد بحسب مقتضى حاله وظروفه. تبحث لتمنع وقوع الذنب أو الجرم قبل ارتكابه وغرضها الإصلاح والمساعدة. مساعدة الذين يريدون أن يساعدوا أنفسهم دون أن يتسنى لهم ذلك.
فتسهل لهم السبل وتوردهم أقرب موارد الإصلاح وهم لو تركوا وشأنهم لأصبحوا أشقياء قتلة مجرمين فهي تشعر بعظم مسؤوليتها وتعلم أن الولد يشب على ما يربى عليه. فتبدأ من البدء وتزيل الموانع والعقبات القائمة في سبيل ترقيه. وترده عن الطريق التي قد تؤدي به إلى الهلاك والشقاء، فتغرس في نفسه حب الفضائل والصفات الشريفة في زمنٍ تتأثر عواطفه
فيه أشد التأثر للمؤثرات الخارجية والانفعالات الداخلية. تهتم بالأحداث والصغار على اختلاف طبقاتهم ونحلهم ومشاربهم وأعمارهم. فتدرس الواحد منهم درساً مدققاً إذ تبحث عن أحواله وطرق معيشته وعائلته (إن كان له عائلة) ومحيطه وكل ما يتعلق به. ولا تقضي أمراً قبل تأكدها من صحة ما رأته وسمعته عن ذاك الحدث.
كل هذا قد يظهر للقارئ سهل المتناول. لكنه ليس كذلك حقيقة. فأسباب البلاء متعددة جداً لا تتوفر معرفتها حالاً في كل حين. وأهم جرائم الأحداث الكذب والغش والسرقة واللعن والحلف والكلام القبيح الفاسد وارتكاب المنكر وما أشبه. والأسباب الداعية لهذه المساوئ كثيرة متنوعة يصعب إحصاؤها وعدها. تنشأ من عدم وجود من فيهم الكفاءة لتربية الصغار تربية حسنة.
وما جر عليهم هذه الويلات إلا جهل والديهم أو عدم اكتراثهم لأولادهم. أو أن الأحوال قضت بتفريق الأب والأم كالطلاق والسكر والجهل والسياسة الخرقاء (كما سنرى). كل هذه قد تتحد معاً أو بعضها معاً فيترك الأولاد وشأنهم لا وازع أو مرشد يهديهم الصراط المستقيم فيضلون ويهيمون ويصبحون ضربة على الإنسانية وعيالاً على المحسنين.
ولنبحث الآن في الأسباب والعلل التي تؤدي بالأحداث إلى سوء العاقبة وشر المصير. وتوصلاً لهذه الغاية قد اعتمدت الإحصاءات المأخوذة عن مائة قضية من قضايا الأحداث ممن أحضروا أمام محكمة واحدة من محاكم الأحداث في ولاية شيكاغو من ولاية أمريكا المتحدة.
فكانت كما يأتي:
48 منهم أحد والديهم غائب أو متوفي
31 منهم أمهاتهم يشتغلن ليعلن اولادهن
3 منهم عدد عائلاتهم فوق العشرة أشخاص
36 منهم بحالة الفقر المدقع
33 منهم أحوال بيوتهم سيئة ورديئة
36 منهم محيطهم غير صالح لسكناهم
1 منهم لا بيت ولا مأوى له
وهذه الأسباب المذكورة ينتج بعضها عن بعض. فيتسبب عن موت الأب فرضاً فقر مدقع تلتزم الأم معه أن تشتغل لتعول بنيها القاصرين فتهمل أمر أولادها وتربيهم فتسيء أحوالهم.
يتجلى للناظر حالاً أن أكثر هذه السباب عدداً هو غياب أحد الوالدين أو موته. فالوالدان هما ركنا العائلة التي تقوم بهما. فإن فقد أحدهما أصبحت العائلة واهية القوى. فيخسر الأولاد فنجد ما يأتي:
20 منهم أمهاتهم بدون عمل
34 منهم أمهاتهم يعملن أعمالاً طفيفة قليلة الأجرة
16 منهم أمهاتهم يشتغلن طول النهار خارج البيت بالغسل والكنس والمسح إلخ
10 منهم أمهاتهم يشتغلن طول النهار في البيت بأشغال متنوعة
4 منهم أمهاتهم يشتغلن طول النهار خارج البيت أعمالاً غير المذكورة آنفاً
6 منهم أمهاتهم ساكنات بعيداً عنهم
10 منهم بدون أمهات
كلنا يعلم أهمية مركز الأم في البيت من حيث تربية الصغار وتنشئتهم على الطرق المثلى فيشبون رجالاً يعتمد عليهم. ولكن متى تركت الأم أمر صغارها أو اضطرت إلى ذلك لا يقدر الأب أن يقوم بوظيفتها حق القيام. فيخسر الأولاد عناية الأم وحنوها وإرشادها. فيشبون وهم خلو من صفات الرجولية الحقة. هذا من جهة تأثير الأم على الأولاد أما تأثير الأب عليهم ففي الجدول الآتي أرقام تدل عليه:
37 منهم آباؤهم يعملون دول النهار بالمعان والمعامل وما شاكل
31 منهم آباؤهم يحترفون حرفة حقيرة
17 منهم آباؤهم لهم أشغال تشغلهم طول النهار
6 منهم آباؤهم يعملون أعمالاً شتى
19 منهم آباؤهم عجّز لا يستطيعون عملاً ما
10 منهم آباؤهم لا عمل لهم
فمن مقارنة أرقام هذه الجداول ترى نسبة عدد الأحداث المجرمين إلى الأحوال التي وجدوا فيها. وهناك أمور كثيرة تختص بهذه المحاكم سنعود إليها في العدد القادم.
توفيق جريديني