الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشيخ إسكندر العازار:
حقاق من العاج قد ركبت
…
على صحن صدر من المرمر
خشين السقوط فأثبتها
…
بشبه مسامير من عنبر
وقال خليل مطران في قصيدة له عن فتاة حاربت في صفوف الرجال مخفية أنوثتها تحت بزة الفرسان وبعد أن أبلت البلاء الحسن قبض الأعداء عليها وهم يحسبونها فتى عنيداً ولشد ما كانت دهشتهم حين خلعت بزتها وأبرزت نهديها وهما على ما يصفهما الشاعر بقوله:
فأقصى الفتى عنه حراسه
…
وشق عن الصدر ما يرتدي
وأبرز نهدي فتاةٍ كعاب
…
بطرف حيي ووجه ندي
كحقي لجين بقفلي عقيق
…
وكنزين في رصد مرصد
فكبر مما رآه الأمير
…
وهلل كل من الشهد
وراعهم ذانك التوأمان
…
وطوقاهما من دم الأكبد
ووثبهما عندما أطلقا
…
إلى خارج الدرع والمجد
كوثب صغار المها الظامئات
…
نفرن خفافاً إلى مورد
مدارس البنات
قد لفتت حالة فتيات مصر وما هن عليه بالنسبة إلى أخواتهن في البلاد الأوروبية انتباه المفكرين إلى ضرورة إنشاء المدارس لهن، وانتشرت جذوة هذه الفكرة بين طبقات الأمة، فبادر الجميع إلى تحقيقها، وأنشئ في وقت قصير بعض المدارس لهذه الغاية. ولذلك
أحببت أن أجيء بهذه الأسطر مبينة بها حالة مدارسنا الحاضرة ليعمل مؤسسو المدارس على ملاقاة هذا الخلل، فيفوز بالغاية التي يرمون إليها من وراء إنشاء هذه المعاهد.
إن مدارس البنات في مصر ينقصها أشياء كثيرة، إن لم أقل إن ما ينقصها هو أهم ما وجدت لأجله. وذلك لأن المديرات سرن في تنظيم مدارسهن على طريقة لا تؤدي إلى الغاية المرموقة بل ربما كان القصد من إنشاء بعض مدارسنا الربح أو إنقاذ غاية أو لسبب آخر.
وجدت المدارس لتربية الأخلاق، وتثقيف العقول منذ الصغر إذ يسهل في ذلك العهد تكييفها بالكيفية التي يريدها من يتولون أمرها. فلذلك ليس الحمل الملقى على عاتق مديرات المدارس ومعلماتها بالحمل الخفيف بل هو عبء ثقيل كما لا يخفى على بصير.
تأتي الابنة للمدرسة تصحبها والدتها أو ولية أمرها، فتقابلها الرئيسة بوجهٍ باش مرحبة، مطنبة بوصف ما تبذله لتعليم تلميذاتها وتهذبهن، وهو وصف نظري جميل لو حققه العمل، تقول: مدرستي ليست كسائر المدارس، أنا أعلم تلميذاتي قبل كل شيء علم ترتيب المنزل والخياطة وباقي الأشغال اليدوية والقراءة والكتابة إلخ إلخ، وإن شاء الله في نهاية هذه السنة المدرسية سترين ابنتك قد اكتسبت الشيء الكثير وأمكنها في عطلة الصيف القادم أن تساعدك في تدبير أمور البيت.
فتخرج الأم والأمل ملء صدرها وقد طربت لهذا الوصف، وتدخل الابنة إلى المدرسة فتقضي فيها سنتها، ومتى جاءت عطلة الصيف
ورجعت الابنة إلى منزل والديها، تكون قد نسيت ما اكتسبته من أمها أو إذا كان قد خصها الله بمواهب الذكاء النادر ترجع إلى البيت كما كانت.
البروجرام الذي تلته الرئيسة جميل ولطيف وقد أفعم قلب الأم فرحاً. فما سبب عدم تقدم التلميذة؟ قد يجوز أن تكون السنة الأولى سنة إعدادية لا يعول عليها فعسى أن تجيء السنة الثانية بنتيجة أحسن.
تجيء السنة الثانية كالأولى والثالثة كالثانية، وتخرج الفتاة من المدرسة وهي لم تستفد إلا الشيء القليل الذي لا يكاد يذكر. فأين هي من ذلك البروجرام البديع! هل كان يا ترى حبراً على ورق أو علالة تعلل بها الأمهات؟ لم ننكر أن البروجرام كان جميلاً ولكن لم توفر المدرسة أسباب تنفيذه بإيجاد المعلمات ذوات الكفاءة لأن هم الرئيسة الأول كان إيجاد معلمة براتب طفيف. فلذلك نستنكر إنشاء المدارس للربح لأن المتاجرة بمعاهد التربية حرام، والغبن واقع على الفتاة أم المستقبل، فتخرج من المدرسة حيث قضت السنين الطوال ترتقي من صف إلى صف وقد اكتفت من العلوم بالقشور، فتعرف من النحو والصرف صعوبتهما، ومن الفلك والكيمياء اسمهما، ومن الطبيعيات غرابتها وقس على ذلك، هذه حالة معظم فتياتنا المتعلمات، وإن كان هناك فئة منها تنبغ في الدرس وتشرف المدرسة التي ربتها، على أن القليل لا يقاس عليه. وهذه حالة أكثر مدارسنا وإن كان هناك مدارس قد بلغت من التقدم شأواً بعيداً كبعض مدارس الراهبات والإنكليز.
هذه هي المسألة الخطيرة التي يجب على المفكرين وقادة الرأي العام