الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في حدائق العرب
الأحنف
هو أبو فخر الضحاك بن قيس التميمي الأحنف. وكان قد شهد مع علي بن أبي طالب وقعةً بصفين. فلما استقر الأمر لمعاوية دخل عليه الأحنف يوماً فقال له معاوية: والله يا أحنف، ما أذكرُ يوم صفين إلاّ كانت حزازةٌ في قلبي إلى يوم القيامة.
فقال له الأحنف: والله يا معاوية، إن القلوب التي أبغضناك بها لفي صدورنا. وإن السيوف التي قاتلناك بها لفي أغمادها. وإن تدن من الحرب فترا ندنُ منك شبراً. وإن تمشِ إلينا نهرول إليك.
ثم قام وخرج
وكانت أخت معاوية من وراء حجابٍ تسمع كلامهُ. فقالت: يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتهدد ويتوعدُ. فقال: هذا الذي إذا غضب غضب لغضبه مئة ألف من بني تميم ولا يدرون لما غضب.
وأخبر النويري عنه قال: كان معاوية قد كتب إلى عماله أن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار. فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو بن حزم من المدينة، والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة. ثم أن معاوية قال للضحاك بن قيس الفيهري:
لما تجتمع الوفود إني متكلمٌ فإذا سكتُ، فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد ولد معاوية وتحض عليها. فلما جلس معاوية للناس، تكلم فعظم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال الضحاك: يا أمير المؤمنين، أنه لابدّ للناس من والٍ بعدك فذلك أحقن للدماء، وأصلح للدهماء،
وآمن للسبيل، وخيرٌ في العاقبة. والأيام عوجٌ كل يوم في شأن. ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه. وهو من أفضلنا علماً وحلماً، وأبعدنا رأياً. فحوله عهدك واجعله لنا علماً بعدك ومفرغاً نلجأ إليه ونسكن إلى ظله.
وتكلم عمرو بن سعيد الأشدق بنحو من ذلك. ثم قام يزيد بن المقنع العذري فقال: هذا أمير المؤمنين وأشار إلى معاوية فإن هلك فهذا وأشار إلى يزيد ومن أبى فهذا وأشار إلى سيفه.
فقال معاوية: أجلس فأنت سيد الخطباء فأذعن من حضر من الوفود.
فقال معاوية للأحنف: ما تقول يا أبا بحر. .
فقال الأحنف: نخافكم أن صدقنا، ونخاف الله إن كذبنا. وأنت يا أمير المؤمنين أعلم بيزيد في ليله ونهاره، وسره وعلانيته، ومدخله ومخرجه فإن كنت تعلمه لله تعالى ولهذا الأمة رضىً، فلا تشاور فيه. وإن كنت تعلم منه غير ذلك، فأنت صائرٌ إلى الآخرة، وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا.
ومن أقوال الأحنف المأثورة:
رب غيظ تجرعتهُ مخافةَ ما أشدُّ منه
كثرة المزاح تذهب الهيبة
السؤدد كرم الأخلاق وحسن الفعل
الداء اللسان البذي والخلق الردي
السنة الأولى للزهور
في الإدارة مجموعة الزهور للسنة الأولى مجلدة تجليداً متقناً وثمنها خمسون قرشاً صاغاً. ويضاف إلى ذلك أجرة البريد للخارج.