الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الحياة؟ ألم يمنحك الله شباباً وجمالاً وعقلاً وكل ما يتمناه الإنسان في هذا العالم؟ أليس مجال المجد متسعاً أمامك وقلب كل امرأة فدية لك؟ فافرح إذاً لأن الحياة أقصر من أيام البنفسج. افرح لأن عبوستك تزيد في دجى هذا العالم وظلماته. افرح لأن أشعة الابتسام تبدد غيوم الحزن. افرح لأن العزاء الوحيد الباقي لي بعدك هو أن أراك سعيداً في هذه الحياة.
سلام عليك من حشاشة ذائبة. سلام عليك من كبد مقروحة. سلام عليك من مقلة دامية. ربما كانت هذه آخر رسائلي إليك فقد أشار علي الأطباء بالابتعاد عن هذه المشاهد التي كيفما التفت تذكرني بك وبأيامنا الماضية.
أما أنا فمقيمة على حبك. ثابتة في ولائك. مقسمة أن لا أنساك. . .
سليم عبد الأحد
التعليم الإجباري
في مصر
يسر الزهور أن يكون في عداد محرريها فئة من السيدات والأوانس تساعد في حملة الأقلام على نشر لواء النهضة الأدبية. وإلى هذه الفئة نضيف اليوم اسم حضرة الكاتبة الفاضلة كريمة سعادة اسكندر بك عمون المحامي الشهير صاحبة اليد الطولى في عالم الأدب كما سيرى القراء ذلك من الرسائل التي وعدتنا بنشرها في الزهور. وقد علمنا أن هذه الكاتبة الأديبة تشتغل بوضع في المرأة وواجباتها سنعود إليه في فرصة أخرى. وهذه الآن طليعة تلك الرسائل:
جعل أفاضل القطر المصري منذ سنوات عديدة أمر التعليم الإجباري حديث النفس في خلواتهم وموضوع البحث في مجالسهم علماً منهم بأن الترقي الصحيح لا يكون إلا إذا نال كل فرد من أفراد الأمة حظه من العلم فالحمد لله الذي أوحى إليهم بهذه النهضة العلمية المبشرة بانبلاج فجر النجاح والوئام.
مصر بحاجة شديدة إلى ما يربط أبناء العناصر والأديان المختلفة فيها برباط متين، ويشغل همم أفرادها وأفكارها عما لا طائل تحته بما يفيدها ويرفه شأنها. فما هو هذا الشاغل وما هو ذلك الرباط المتين؟
هو العلم الذي يقيد أفراد الأمة بقيود الإخاء الأدبي ووحدة الطلب، ويحبب إليهم العدل ورعاية القوانين فيكفون عن المنازعات التي لا تجدي نفعاً، ويصبحون أهلاً للتمتع بالجلاء الذي طالما تاقوا إليه. وهو أيضاً الشاغل الذي يحبب إلى ذويه المال والتقدم فيطرحون عنهم الكسل ويسعون بجد مستزيدين من الثروة ما استطاعوا، آخذين عن الأمم الراقية كل ما من شأنه تحسين صنائعهم وزراعتهم فتزداد الأمة بأسرها بسطةً في عيشها ومنعة في كيانها.
ومن اول نتائج تعميم التعليم أنه ينقص الجنايات نقصاً عظيماً على حد قول جول سيمون لا تفرغ السجون إلا إذا امتلأت المدارس ولا تمتلئ المدارس إلا إذا صار التعليم إجبارياً. والإحصاءات تؤيد ما نقول وتدل على أن متوسط عدد المجرمين ينقص بنسبة زيادة عدد المتعلمين. ففي إنكلترا مثلاً بلغ عدد تلاميذ المدارس الابتدائية 5. 000. 000
تلميذ بعد
أن كان 1. 400. 000 وذلك من سنة 1870 التي صدر فيها دكريتو التعليم الإجباري إلى سنة 1894. فكان من نتائج هذه الزيادة نقص السجناء من 20800 إلى 13000 سجين ولو ازداد عدد هؤلاء بنسبة ازدياد عدد الأهالي لبلغ 28. 000 بدلاً من 13. 000 سجين ولأصبحت نفقات السجون 8. 000. 000 جنيه بدلاً من 4. 000. 000 جنيه. ومن الإحصاءات التالية نرى شدة تأثير التعليم الإجباري في إنجلترا وويلس من سنة 1870 إلى سنة 1899.
سنةجناياتمتشردونجرائم الأحداثعدد الأهالي187019789106022168100018741622النقص كان تدريجياً2308800018791533700024700000188414276000263132511889094527830179189291510029055550189977068334231061000 والحكومة الإنكليزية تخصص من مجموع الضرائب 8 ملايين جنيه سنوياً لتنفق على الفقراء فلو ازداد عدد الفقراء بنسبة ازدياد عدد الأهالي لاضطرت إلى مضاعفة ذلك المبلغ أي إلى إنفاق 16 مليون جنيه.
إن هذه النتائج تصدق على كل بلاد يكون فيها التعليم إجبارياً فلذلك نرى أعيان مصر يتوقون إليه وحكومتنا الحريصة على ترقي الأمة
راغبة فيه. فما هي إذاً الموانع التي صدتها عن نشره حتى الآن؟
هما اثنان. أولاص عدم وجود المال اللازم للقيام بنفقاته وثانياً احتياج الفلاح المصري إلى مساعدة اولاده له في زراعته.
أما الأجوبة على الاعتراض الأول فهي أولاً أنه لا يتعين على مدارس التعليم الإجباري أن تتعدى حد الكتاتيب الصغرى ولا أن تعلم علوماً عالية. وإنما يكون التعليم الإجباري مقصوراً فيها على القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وجغرافية مصر والقرآن الشريف. ولا ريب أن الفقهاء الذين يصلحون لتعليم هذه المبادئ كثيرون في البلاد المصرية، والرواتب التي يقنعون بها طفيفة جداً فلا تثقل كاهل الحكومة ولا تؤثر في ميزانيتها تأثيراً يذكر.
ولقد فرضت الحكومة زيادة خمسة في المئة على أموال الأطيان الأميرية لتضاف إلى نفقات التعليم. فلو أبلغت هذه الزيادة إلى عشرة في المئة لقابلها أفاضل المصريين بارتياح كلي متى علموا أنها لازمة للتعليم الإجباري وأنها ستنفق كلها عليه. وفوق ذلك نعلم كلنا أن
إيرادات الحكومة المصرية تفوق كل سنة نفقاتها بنحو 500. 000 جنيه فلماذا لا ينفق جزء من هذه الزيادة في سبيل التعليم الإجباري؟ ألا تفضل الحكومة أن تقول لنا عند نهاية كل عام أن زيادة إيراداتها عن نفقاتها كانت 100. 000 جنيه فقط ولكنها تنفق عن سعة في سبيل تعليم الشعب من أن تقول أن المتوفر نصف مليون جنيه ولكنها قابضة يدها عن بذل المال اللازم لنشر التعليم وتاركةً القوم يتمرغون في أوحال الجهل؟