الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسائل غرام
بين نساء شهيرات ورجال عظام
الرسالة الثالثة
من كيلوباطرة إلى أنطونيوس
تحية وسلام يحملها رسول كليوباطرة حاكمة النيل المبارك، وسليلة البطالسة العظام، إلى أنطونيوس الشريف، النسر الجاثم على ضفاف التيبر.
مرت أربع سنوات على هجرك هذه البلاد التي دعاها آبائي في
القديم الأرض المظللة بأجنحة المجد والملائكة. قد عبثت بهبة الزهرة وهجرت هيكلها الذي فتحت لك فيه قلبي وخضدت شوكة كبريائي لأنني أحببتك غير حبي لسلفك القيصر وأردت أن أرى عرشك بقربي على ضفاف هذا النهر المقدس. أحللتني في قلبك إلى أن سحرتك عذارى فستا في شخص أوكتافيا الفاتنة فسدلت على الماضي حجاباً من النسيان وأغواك عرش روملس ففضلته على عرش أمجد في قلب امرأة طالما تمنى القياصرة والأكاسرة أن يركعوا عند موطئ قدميها.
كلما قارب الإله را أن يحتجب وراء الأفق ويغطس خلف أمواج الأبدية حملته لك تحيات أزكى من الطيب الآتي من الجنوب، وأنقى من النسمات المنبعثة من الرياحين. ذلك لأن الشعلة المقدسة لا تزال متأججة في أحشائي ولا تطفئها إلا رفرفة الأجنحة - أجنحة ذلك النسر الذي ينتقل الآن بين عذارى فستا كما تنتقل الفراشة في الحقول. فلتنتشر تلك الفراشة أجنحتها الذهبية وتعبر أمواج الأبدية راجعة إلى حيث الأزهار والرياحين.
ولقد كنت أظنك أيها القائد الشريف تكتفي بما قد نلته من جاه ومنعة، وتمسك عنان مطامعك عند الحد الذي بلغته من الشهرة والعظمة. فإنني أتمثل شبحك الهائل والمحبوب معاً - وقد ثبت قدمك الواحدة على ضفاف التيبر، والأخرى على ضفاف الفرات، فلم يبق أمامك مزيد للشهرة إلا في مخيلة الآلهة. لذلك أحبتك العذارى وصارت كل منهن تتغنى لك بنشيد ذلك الحكيم العبراني القائل أنا سمراء وجميلة يا بنات
الزهرة. لا تنظرن إلي لكوني سمراء لأن الشمس قد لوحتني. بنو أمي غضبوا علي فجعلوني ناطروة الكروم.
كن معافى أيها الشريف أنطونيوس. ولتحرسك الآلهة من قي الأعداء. ولكن لا تنس وأنت
مستو على منصة سلفيا إن في الأقاليم البعيدة عن حقول أريكية مليكة تضحي بتاجها في سبيل مسرتك ولا ينعم لها بال إلا إذا أشرقت عليها أشعة ابتسامتك. فتعال نتمتع بهذه الحياة في حمى أفروديتي. تعال نقم له معبداً في حقول الآلهة فنأكل ونشرب لن غداً نموت. لا تغرنك بسطة الملك وسعة الجاه فإن الحياة مستمدة من أشعة الزهرة لا من سهام مارس وكرسي رعمسيس ليس أقل مجداً من عرش روملس. تعال. تعال. لأن الحياة أقصر من أيام البنفسج، والأحلام التي أتعلل بها أبهج من أن يتمتع بها بنو البشر.
قد أعددت لك فلكاً ينسيك قصور رومية وعطرته بأريج يزري برياحين مادي وفارس وجعلت لك فيه من العبيد والإماء ما سوف تحسدنا عليهم الآلهة. فهلم إلي يا ساحر رومية وصديق القصير. هلم واسمع أناشيد الحب التي تلهج بها شفتاي. إن كان التيبر قد سحرك فالنيل يفك عنك قيود ذلك السحر. أو كانت تلال البلاتين قد أغوتك فإن أهرام الفراعنة تكون موطناً لقديمك. والأرض المظللة بأجنحة المجد والملائكة ترحب بك أينما حللت وحيثما أتيت.
إن رسولي الذي يحمل رسالتي هذه إليك يحمل أيضاً معه قارورة