الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ورويناه بالدال المهملة في حديث ابن أبي شيبة؛ أي: دفعته دفعًا شديدًا (1).
(فذكرت قول سليمان): سأل ابن المنير: كيف امتنع عليه الصلاة والسلام من ربطه لأجل دعوة سليمان، فمقتضاه (2) أن غيره لا يتمكن من الشيطان، وقد تمكن النّبيّ صلى الله عليه وسلم منه حيثُ أخذَه فذعَتَهُ؟
وأجاب: بأن الّذي اختص به سليمان عليه السلام[إظهارُ صورِ الجانِّ للناس، والتمكن منهم بالتسخير وغيره رأيَ العين لكلِّ أحد (3)، ولهذا امتنع عليه السلام](4) - من تعاطي ذلك؛ لعلّمه بالخصوصية، وأما أخذُه عليه السلام له، وذَعْتُه إياه، فكان في حيز الغيب الّذي لم يره سواه صلوات الله عليه وسلامه.
* * *
باب: إذا انفلتتِ الدَّابةُ في الصَّلاةِ
719 -
(1211) - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: كُنَّا بِالأَهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُوريَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى جُرُفِ نَهَرٍ، إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ، وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا، قَالَ شُعْبةُ: هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ
(1) انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 259).
(2)
في "ن": "ومقتضاه"، وفي "م":"فمقتضيه".
(3)
"رأي العين لكل أحد" ليست في "ع".
(4)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
بِهَذَا الشَّيْخِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ، وَإِنِّي غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ، أَوْ سَبع غَزَوَاتٍ، أوْ ثَمَانَ، وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّي أَنْ كُنْتُ أَنْ أُرَاجِعَ مَعَ دَابَّتِي، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا، فَيَشُقَّ عَلَيَّ.
(على جُرُف نهر): بجيم وراء مضمومتين، ويروى بحاء مهملة مفتوحة وراء ساكنة.
(أو سبعَ غزوات، أو ثمانيَ): -بفتح الياء بلا تنوين- خرجه ابن مالك على وجوه:
أحدها: أن يكون أراد: أو ثمانيَ غزوات، ثمّ حذف المضاف إليه، وأبقى المضاف على ما كان عليه قبل الحذف، وحَسَّن الحذفَ دلالةُ المتقدم؛ كقوله:
خَمْسُ ذَوْدٍ أَوْ سِتُّ عُوِّضْتُ مِنْهَا
…
مِئَةً غَيْرَ أَبْكُرٍ وَإِفَالِ (1)
الثّاني: أن تكون الإضافة (2) غيرَ مقصودة، وترك تنوينه لمشابهته جواري لفظًا؛ وهو ظاهر (3)، ومعنى؛ لدلالته على جمع.
الثّالث: أن يكون في اللّفظ ثمانيًا - بالنصب والتّنوين- إِلَّا أنه كُتب على اللُّغة الربعية (4)؛ فإنهم يقفون على المنون المنصوبِ بالسكون، فلا
(1) في "ع" و"ج": "أبكم ذا".
(2)
في "ن": "بإلإضافة".
(3)
في "ع": "وهو شاهد وظاهر".
(4)
في "م": "بيعية".
يحتاج الكاتبُ - على (1) لغتهم - إلى (2) ألفٍ (3).
قلت: التخريجُ إنّما هو لقوله: ثمانيَ - بلا تنوين -، وقد صرح هو بذلك في "التوضيح"، فلا وجه حينئذ للوجه الثّالث.
(وإني أن كنتُ أرجعُ (4) مع دابتي أَحَبُّ إلي): إِنِّي - بكسر الهمزة وتشديد النون -، والياء اسمها، والخبر محذوف؛ لدلالة الحال عليه؛ أي: وإني (5) فعلتُ ما رأيتموه.
و"أن" من قوله: "أن كنتُ" مصدرية، ولام العلّة محذوفة، والتاء من قوله:"كنتُ" اسم كان، وقوله:"أَنْ أرجع" بتأويل المصدر (6) مرفوعٌ بالابتداء، خبرُه "أَحَبُّ إليَّ"، والجملة الاسمية خبر كان، هكذا ينبغي أن يعرب هذا الكلام، ومعناه: إنِّي فعلتُ ما رأيتموه من اتباع الدابة لأجل أن كُنْتُ رجوعُها (7) أحبُّ إليَّ من تركها.
(فيشقَّ عليَّ): بالنصب عطفًا على المنصوب من قوله: أحبَّ إليَّ من أن أدعها، وبالرفع على معنى: فذلك يشقُّ عليَّ.
* * *
(1) في "ن": "إلى".
(2)
"إلى" ليست في "ن".
(3)
انظر: "شواهد التوضيح"(ص: 47).
(4)
كذا عند أبي ذر الهروي وغيره: "أن أرجع"، وفي اليونينية:"أن أراجع"، وهي المعتمدة في النص.
(5)
في "ج": "وإني إن".
(6)
في "ن": "مصدر".
(7)
في "ع": "كان رجوعها".
720 -
(1212) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عبد الله، أَخْبَرَنَا يُونسٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ بِسُورَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ ركَعَ حَتَّى قَضَاهَا، وَسَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيةِ، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّهمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَصَلُّوا، حَتَّى يُفْرَجَ عَنْكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا كُلَّ شَيْءِ وُعِدْتُهُ، حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ رَأَيْتُمُونِي جَعَلْتُ أَتَقَدَّمُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، حِينَ رَأَيْتُمُوني تَأَخَّرْتُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ، وَهُوَ الَّذِي سَيَّبَ السَّوَائِبَ".
(حتّى يُفْرَجَ): من الإفراج - بالجيم - على البناء للمفعول.
(حتّى لقد رأيتُ): كذا ثبت، وعند الحميدي (1):"رأيتني"(2).
قال الزركشي: قيل: و (3) هو الصواب (4).
قلت: لا نسلم انحصارَ الصواب فيه، بل الأولُ صوابٌ أيضًا، وعليه: فالمفعولُ محذوف؛ لدلالة ما تقدّم عليه، وقوله:"أريد" حال من فاعل "رأيت"؛ أي: أبصرتُ ما أبصرتُه في حال كوني أريدُ أن آخذَ.
(قِطفًا من الجنَّة): - بكسر القاف -: هو ما يُقطف؛ أي: يُقطع ويُجتنى؛ كالذِّبْحِ بمعنى المذبوح، والمراد به: عنقود من العنب كما جاء
(1) في "ع": "الحميد".
(2)
ورواه مسلم (901).
(3)
الواو سقطت من "ع".
(4)
انظر: "التنقيح"(1/ 296).