الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الاستسقاء في خُطبةِ الجمعة غير مستقبلِ القبلة
637 -
(1014) - حَدَّثَنا قُتَيْبةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَنسِ بْنِ مالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، مِنْ بابٍ كانَ نحوَ دارِ الْقَضاءِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائِمٌ يَخْطُبُ، فاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائِمًا، ثُمَّ قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ! هَلَكَتِ الأَمْوالُ، وانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فادْعُ اللهَ يُغِيثُنا. فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ أغِثْنا، اللهُمَّ أغِثْنا، اللهُمَّ أغِثْنا". قَالَ أَنسٌ: وَلا واللهِ! ما نَرَى في السَّماءِ مِنْ سَحابٍ، وَلا قَزَعَةً، وَما بَيْنَنا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دارٍ. قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرائِهِ سَحابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّماءَ، انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلا واللهِ! ما رَأَينا الشَّمسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٍ مِنْ ذَلِكَ الْبابِ في الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يَخْطُبُ، فاسْتَقْبَلَهُ قائِمًا، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ! هَلَكَتِ الأَمْوالُ، وانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فادع اللهَ يُمْسِكْها عَنَّا. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ حَوالَيْنا وَلا عَلَيْنا، اللهُمَّ عَلَى الآكامِ والظِّرابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنابِتِ الشَّجَرِ". قَالَ: فَأَقْلَعَتْ، وَخَرَجْنا نَمْشِي في الشَّمْسِ.
قَالَ شَريك: سألْتُ أَنسَ بنُ مالِكَ: أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ فَقالَ: ما أدرِي.
(سَلْع): كفَلْس: جبل بالمدينة، وقد مر.
(مثلُ الترس): في كثافتها واستدارتها.
(سَبْتاً): أي: من سبت إلى سبت؛ بدليل الرواية الأخرى: "من جُمعة إلى جُمعة"، وقيل: إنما السبتُ قطعةٌ من الزمان.
وللقابسي وأبي ذر: "سبتنا (1) " كما يقال: "جمعتنا"، والمعروف (2) الأول.
ورواه الداودي: "ستًا"، وفسره (3) بستة أيام، قال القاضي: وهو وهم وتصحيف (4)(5).
(ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يخطب فاستقبله): يروى: قائماً هكذا -بالنصب- على أنَّه حال من فاعل يخطب، وهو الضمير المستكِنُّ فيه، ويروى بالرفع، على أنَّه خبرٌ أول.
(حوالينا): ظرف لمحذوف؛ أي: أنزلِ المطرَ، و (6) نحو ذلك.
(ولا علينا): يريد: في المدينة والمباني والمساكن مما لا (7) يتضرر بتوالي المطر عليه.
(الإكام): على وزن الجِبال، وروي:"الآكام" بهمزة مفتوحة بعدها ألف.
(والظِّراب): -بظاء معجمة (8) مكسورة-: الروابي (9) الصغار، واحدها
(1) في "ج": "سبتاً".
(2)
في "ن": "ومعروف".
(3)
في "ج": "فسره".
(4)
في "ع": "تصحيف ووهم".
(5)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 203).
(6)
في "ن" و"ع": "أو".
(7)
"لا" ليست في "ن"و "ع".
(8)
"معجمة" ليست في "ن".
(9)
"الروابي" ليست في "ع".
ظَرِب؛ مثل: كَتِف (1)، قال الزركشي: وخُصَّت بالذكر؛ لأنها أوفقُ للزراعة من رؤوس الجبال (2).
قلت: الجبال أيضًا مما ذُكر في متن الحديث هنا، فما هذه الخصوصية بالذكر، ولعله يريد الحديثَ [الذي في الترجمة الآتية؛ فإنَّه لم يُذكر فيه الجبال](3).
(فادع الله يَغثنا): -بفتح الياء، وبالجزم- على الجواب، وروي برفع الفعل وضم الياء، من الإغاثة، وهي الإجابة، ولعل الأصل: أن يغيثَنا، فحذفت "أن" فارتفع (4) الفعل، وهل (5) ذلك مقيس؟ فيه خلاف.
(اللهم أَغِثْنا): قال الزركشي: كذا الرواية بالهمز رباعيًا؛ أي: هَبْ لنا غيثاً؛ والهمزة فيه للتعدية، وقيل: صوابُه: غِثْنا؛ من غاث، قالوا: وأما أغثنا، فإنه من الإغاثة، وليس من طلب الغيث (6).
قلت: على تقدير تسليمه لا يضر اعتبار الإغاثة من الغوث في هذا المقام، ولا ثمَّ ما يُنافيه، والروايةُ ثابتة به، ولها وجه، فلا سبيل إلى دفعها بمجرد ما قيل، فتأمله.
(1)"كتف" ليست في "ج".
(2)
انظر: "التنقيح"(1/ 265).
(3)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(4)
في "ج": "فرفع".
(5)
في "ج": "وأهل".
(6)
انظر: "التنقيح"(1/ 264).
(فسألت أنسًا: أهو الرجل الأوّل؟ فقال: ما (1) أدري): هذا مع أنَّه عبر أولًا بقوله: إن رجلًا دخل المسجد، وعبر ثانياً بقوله: ثمَّ دخل رجل من ذلك الباب، فأتى برجل نكرةً في الموضعين، مع تجويز أن يكون الثاني هو الأول، ففيه أن النكرةَ إذا أُعيدت نكرةً لا يُجزم بأن مدلولها ثانياً غيرُ مدلولها أولًا، بل الأمرُ محتملٌ، والمسألة مقررة في محلها، فلا نُطوِّل بذكرها.
(اللهمَّ حَوالينا و (2) لا علينا): تقدم مثله.
قال ابن المنير: وفي إدخال الواو معنى دقيق (3)، وذلك أنَّه (4) لو أسقطها، لكان مستسقِياً للآكام والظراب ونحوها (5) مما لا يُستسقى له؛ لقلة الحاجة إلى الماء هنالك، وحيث أدخل الواو، آذن بأن طلبَ المطر على هذه الجهات ليس مقصودًا لعينه (6)، ولكن ليكونَ وقايةً من أذى (7) المطر على نفس المدينة، فليست الواو مخلَصَة للعطف، ولكنها كواو التعليل وفائه، فالمراد: أنَّه إن سبق في قضائك (8) أنْ لا بدَّ من المطر، فاجعله حول المدينة، ويدل على أن الواو ليست لمحض العطف اقترانهُا (9)
(1) في "م": "لا".
(2)
الواو سقطت من "م".
(3)
في "ع": "رقيق".
(4)
"أنه" ليست في "ن".
(5)
في "ع": "ونحوهما".
(6)
في "ج": "بعينه".
(7)
"أذى" ليست في "ن" و"ج".
(8)
في "ن": "فضائل".
(9)
في "ج": "لا يترائها".
بحرف النفي (1)، ولم يتقدم مثله.
ولو قلت: اضرب زيدًا ولا عَمْرًا، ما (2) استقام على العطف.
قلت: لم يستقم إلى إجراءُ هذا الكلام على القواعد، وليس لنا في كلام العرب واو وُضعت للتعليل، وليس (3)"لا" هنا للنفي، وإنما هي (4) الدعائية (5)؛ مثل:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286]، والمراد: أنزل المطر حوالينا حيث لا نستضرُّ به، ولا تُنزله علينا حيث نستضرُّ به، فلم يطلب منع الغيث بالكلية، وهو من حسن الأدب في الدعاء (6)؛ لأنَّ الغيث رحمة الله (7) ونعمتُه [المطلوبة، فكيف يُطلب منه رفعُ نعمته](8) وكشفُ رحمته؟! وإنما يُسأل سبحانه كشفَ البلاء، والمزيدَ من النعماء، وكذا فعل عليه السلام؛ فإنما سأل جلبَ النفع ودفعَ الضرر (9)، فهو استسقاء (10) بالنسبة إلى محلين، والواو لمحض العطف، و"لا" جازمة، لا نافية، ولا إشكال ألبتة، ولو حذفت الواو، وجعلت "لا" نافية، وهي مع ذلك للعطف، لاستقام
(1) في "ج": "النهي".
(2)
في "ن" و "ع" و"ج": "وأما".
(3)
في "م": "وليس".
(4)
"هي" ليست في "ج".
(5)
في "ن": "ادعائية"، في "ج":"الدعاء".
(6)
في "ن": "الدعائية؛ مثل ربنا لا تؤاخذنا".
(7)
لفظ الجلالة "الله" ليس في "ج".
(8)
ما بين معكوفتين سقط من "ن".
(9)
في "ن": "الضر".
(10)
في "ن" و "ع" زيادة: "واستصحاء".