الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أقمتم بمكة شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرًا): يؤخذ من هذا أنَّه عليه السلام لم يصلِّ الجمعةَ بمكةَ عامَ حجةِ الوداع؛ لأنه دخلها في رابع ذي الحجة، وكان الأحدَ، فأقام بها عشرًا، واتفق خروجُه يومَ الأربعاء؛ لأنه نفرَ من مني يومَ الثلاثاء (1)، فلم ينتظر الجمعة القابلة.
و (2) أما الماضية، فصادفت عرفةَ، ولا جمعةَ فيها.
والظاهر: أن بقية الصحابة صلَّوا الجمعة بها؛ لأنه فُسِّح لهم في ثلاثة أيام بعد قضاء النّسُك، فيتفق خروجهم يوم الجمعة، ويكون سبب ذلك فرض الهجرة، وأنه عليه الصلاة والسلام لما ترك وطنه لله، تحرج أن يرجع فيه لوجهٍ (3) ما، فلهذا خرج، ولم يوسع على نفسه كما وَسّع على أصحابه (4)، فاستحسنوا -والله أعلم- أن لا يخرجوا من مكة إلا بعد الجمعة، كذا قاله ابن المنير.
* * *
باب: الصلاةِ بِمِنى
670 -
(1083) - حَدَّثَنا أَبو الْوَليدِ، قَالَ: حَدَّثَنا شُعْبةُ، أَنْبَأَنا أبُو إِسْحاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ حارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ: صَلَّى بِنا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -آمَنَ ما كانَ، بِمِنًى ركعَتَيْنِ.
(1) في "ع": "الثلاث".
(2)
الواو سقطت من "ع".
(3)
في "ن" و "ع": "بوجه".
(4)
في "م": "الصلاة"، وفي "ع":"الصحابة".
(آمنَ ما كان): -بالمد-؛ من الأمن ضد الخوف.
* * *
671 -
(1084) - حَدَّثَنا قتيْبةُ، قَالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الْواحِدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: صَلَّى بِنا عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ رضي الله عنه بِمِنًى أَربَعَ ركَعاتٍ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعبد الله بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، فاسْتَرجَعَ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنَى ركعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِمِنَى ركعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رضي الله عنه بِمِنًى ركْعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَربَعِ ركَعاتٍ ركْعَتانِ مُتَقَبَّلَتانِ.
(فاسترجع): أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ لما رأى من تفويت عثمان رضي الله عنه لفضيلة القصر، ولا يُفهم منه أن الإتمامَ غيرُ مجزئٍ؛ لأنه قال: فليت (1) حظي من أربعِ ركعتانِ (2) متقبلتان، فلو كانت تلك الصلاة لا تجزئ لفسادها، لم يكن له فيها حظ أصلًا.
قال ابن المنير: والقاعدةُ، أنَّه لا يتصور التخييرُ بين (3) واجب وغير واجب، ولا أن يكون الجائُز (4) الفعلِ والتركِ واجباً (5) مُخيرًا، ولا التخييرُ
(1) في "ج": "قال ليت".
(2)
في "ج": "ركعات".
(3)
في "م" و"ج": "من".
(4)
"الجائز" ليست في "ج".
(5)
في "ج": "واجب".
بين خَصلتين تدخل إحداهما (1) في الأخرى، وإنما يتصور الواجبُ المخير في شيئين فصاعدًا، يكون (2) الواجبُ منها أحدهما (3) لا بعينه (4)، ويكون أحدُهما مباينًا للآخر، فيختلف جهة الوجوب وجهة التخيير، فيتعلق الوجوبُ بالأعم، والتخييرُ بالأخص؛ كخصال الكفارة، ويُشْكِلُ على هذا القصرُ والإتمام؛ فإن الركعتين الزائدتين جاز تركهما (5) لا إلى بدل، ولا يقال: ركعتا القصر بدل؛ لدخولهما في الأربع، فهو إن فعل الركعتين، ترك الزائد (6) لا إلى بدل، وإن فعل الأربع، لم يترك الركعتين؛ لدخولهما (7) في الأربع، فينحصر التخيير إذن بين فعل الركعتين الزائدتين، وتركهما، وهو حقيقة الإباحة.
واليوم الثالث من أيام مني أشكلُ؛ فإن اليومين قبلَه فيهما حقيقةُ الواجب المتعين، واليوم الثالث فيه حقيقةُ الإباحة، ولا يمكن أن يُتخيل فيه ما يُتخيل في الركعات؛ فإنَّه ربما تُخُيل (8) أن الركعتين ضمن (9) الأربع،
(1) في "ج": "تدخل إحديهما".
(2)
في "ع" و "ج": "أن يكون".
(3)
"أحدهما" ليست في "ع" و"ج".
(4)
في "ن": "إحداهما في الأخرى، وإنما تتصور الواجب في شيئين فصاعدًا يكون الواجب منهما أحدهما لا بعينه".
(5)
في "ج": "الزائدتين جائز تركها".
(6)
في "ع": "والزائد".
(7)
في "ج": "لدخولها".
(8)
في "ع": "يحتمل".
(9)
في "ن" و"ع": "في ضمن".