الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ:"فَإِنَّكَ إِذا فَعَلْتَ ذَلِكَ، هَجَمَتْ عَيْنُكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقّ، وَلأَهْلِكَ حَقّ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ".
(هَجَمت عينُك (1): أي: غارَتْ ودخلَتْ في موضعها؛ من قولك: هجمتُ على القوم: إذا دخلتُ عليهم، وهو بفتح الهاء والجيم.
(ونَفِهت): -بنون مفتوحة وفاء مكسورة-؛ أي: أَعْيَتْ وكَلَّتْ (2).
(وإن لنفسك عليك حقًا (3): -بالنصب- اسم إن (4)، ويروى بالرفع على أن اسم إن ضميرُ شأن حُذف، والجملة الاسمية بعدها خبرها، وكذا ما بعده (5).
* * *
باب: فَضْلِ مَنْ تَعارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى
(باب: فضل من تعارَّ من الليل فصلى): التعارّ -براء مشددة-: هو الانتباه بالليل معه صوت من استغفارٍ أو تسبيح أو نحوه، وإنما استعمله هنا دون الانتباه (6) والاستيقاظ؛ لزيادة معنى، وهو (7) الإخبار بأن من هَبَّ من
(1) في "ع": "عليك".
(2)
في "ج": "وأكلت".
(3)
في "ج": "حق".
(4)
"إن" ليست في "ج".
(5)
في "ج": "ما بعدها بها".
(6)
في "ج": "هنا والانتباه".
(7)
"وهو" ليست في "ع".
نومه ذاكرًا لله (1) تعالى مع الهبوب، فسأل الله خيرًا، أعطاه، فقال: تعارَّ؛ ليدل على المعنيين، وإنما يوجد (2) ذلك لمن تعوَّدَ الذكر، واستأنس به، وغلب عليه حتى صار حديثَ نفسِه في نومه ويقظته، ونظيرُه قوله تعالى:{يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107] فإن (3) معنى خَرَّ: سقط سقوطًا يُسمع منه خريرُه.
* * *
705 -
(1154) - حَدَّثَنا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنا الْوَليدُ، عَنِ الأَوْزاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُنادَة بْنُ أبي أُمَيَّةَ: حَدَّثَنِي عُبادَةُ بْنُ الصّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَن تَعارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُل شَيءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحانَ اللهِ، وَلا إِلَهَ إِلَّا الله، واللَّه أكبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ اغْفِر لِي، أَوْ دَعا، استُجِيبَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، قُبِلَتْ صَلَاتُهُ".
(جُنادة): بجيم مضمومة فنون (4) فألف فدال مهملة فهاء تأنيث.
(فإن توضأ وصلَّى، قُبلت صلاته): أورد (5) ابن المنير هنا سؤالًا، وهو: أنَّه لم يذكر في الحديث إلا قبولَ الصلاة، وهو من لوازم صحة
(1) في "ع": "وذكر الله".
(2)
في "ج": "وإنما يجوز".
(3)
في "ع": "قال".
(4)
في "ع" و"ج": "ونون".
(5)
في "ج": "ذكره".
الصلاة كيفما كانت، فاضلة أو مفضولة، فما وجه ترجمة البخاري بذلك على فضل الصلاة حينئذٍ، وهو أمر زائد على القبول العام؟
فأجاب (1): بأن القبول هنا أرجى منه في غير هذا الموطن، ولولا ذلك لسقطت فائدة الكلام، فبقربِ الرجاءِ فيه من اليقين تميّزَ على غيره، وثبتَ له الفضل.
قلت: أما أولًا: فلا نسلم أن القبول من لوازم الصحة بدليل صحة صلاة الآبق، وهي غير مقبولة، كما صرح به الشَّارع، وقد مر البحثُ فيه في أول كتاب: الوضوء.
وأما ثانيًا: فإن البخاري لم يترجم على فضل الصلاة المذكورة بمعنى إنافتها (2) في المزية على غيرها من الصلوات المستقبلة، وإنما بَوَّب لفضلِ من استيقظَ من الليل، [فذكر ذلك الذكر المخصوص، وصلَّى، ولا شك أنَّه أورد ما يقتضيه، وذلك أنَّه عليه الصلاة والسلام أخبر أنَّه إذا تعارَّ من الليل، وقال ما نص عليه من الذكر، ثمَّ دعا بالمغفرة أو غيرها، استُجيب له، وإن صلى، قُبلت صلاته، ولا شك في فضل من اتَّصف بذلك، وفوزِه بمزيةٍ عظيمةٍ على من لم يحصُل له، وليس في ذلك فضلُ الصلاة في هذه الحالة على غيرها من الصلوات المتقبلة، ولا أن رجاء (3) قبولها قريبٌ من اليقين، فتأمله.
(1) في "ن": "وأجاب".
(2)
في "ع": "بمعنى أنها".
(3)
في "ع" و "ج": "ولأن رجاء".