الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتحرزن (1)؛ من الملاذ (2)؛ ليقوم (3) بحوائجهن، ولا يطمع فيهن، وسبب قلة (4) الرجال كثرةُ الحروب والقتال الواقع في آخر الزمان؛ لقوله:"ويكثر الهرج"(5)، وقيل: يستغثن (6) به؛ أي: يلتجئن إليه، يقال: لاذَ لِواذاً ولِياذاً.
باب: اتَّقوا النَّارَ ولو بشقِّ تمرةٍ، والقليلِ من الصَّدقةِ
829 -
(1415) - حَدَّثَنَا عبيد الله بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النعمَانِ الْحَكَمُ -هُوَ ابْنُ عبد الله الْبَصرِيُّ-، حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَنْ سُليْمَانَ، عَنْ أَبي وَائِلٍ، عَنْ أَبي مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ، كنَّا نُحَامِلُ، فَجَاءَ رَجُل فَتَصَدَّقَ بشَيْءٍ كَثِيرٍ، فَقَالُوا: مُرَائِي، وَجَاءَ رَجُل فَتَصَدَّقَ بصَاعٍ، فَقَالُوا: إِنَّ اللَّه لَغَنِي عَنْ صَاعِ هذَا، فَنَزَلَتِ:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79].
(كنا نُحامل): أي: نحمل على ظهورنا بأجرة، يقال: حامَلْتَه كما يقال: زارَعتُه.
(1) في "ن": "ويتحرون"، وفي "ع":"يتجرون".
(2)
في "ن" و"ج": "البلاد".
(3)
في "ج": "وليقوم".
(4)
في "ع": "وقلة سبب"، وفي "ج":"ولسبب".
(5)
رواه البخاري (6037) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
في "ج": "يستعين".
وقال الخطابي: يريد نتكلَّف الحملَ؛ لنكتسب ما نتصدَّقُ به (1).
(فجاء رجل فتصدق بشيء كثير): هو عبد الرحمن بن عوف، تصدق بنصف ماله، وكان مالُه (2) ثمانية آلاف دينار. قاله ابن التين (3).
(وجاء رجل فتصدق بصاع (4)): هو أبو عقيل.
قال (5) في "أسد الغابة": واختُلف (6) في اسمه فقيل: حَبْحابٌ (7)، قاله قتادة، لم يزد على ذلك، وذكره (8) في الحاء المهملة (9).
وقال السهيلي: اسمه (10) جثجاث (11)، هكذا وجد بخط بعض الحفاظ مضبوطاً بالنقط (12)، بجيمين وثاءين مثلثتين.
(1) وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (3/ 333).
(2)
"وكان ماله" ليست في "ع".
(3)
في "ج": "ابن المنير".
(4)
في "ع" و"ج": "فتصدق بنصف صاع".
(5)
في "ع": "وقال".
(6)
في "ج": "واختلفوا".
(7)
في "ع": "حثحاث".
(8)
في "ن": "ذكره".
(9)
انظر: "أسد الغابة"(1/ 667).
(10)
"اسمه" ليست في "ج".
(11)
انظر: "الروض الأنف"(4/ 326).
(12)
"بالنقط" ليست في "ع".
830 -
(1416) - حدثنا سَعِيدُ بنُ يَحيَى، حدثنا أبي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عنْ شَقِيقٍ، عن أبي مَسْعُودٍ الأَنْصارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَنَا بالصَّدَقَةِ، انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ، فتحَامَلَ، فَيُصِيبُ الْمُدَّ، وَإِن لِبَعْضهِمُ الْيَوْمَ لَمِئَةَ ألفٍ.
(انطلق أحدنا إلى السوق فيُحامل): يروى بمثناة من تحت مضمومة، مضارع حامَلَ، ويروى بمثناة من فوق مفتوحة، على أنه فعل ماض.
(فيصيب المدَّ): أي: يكري (1) نفسَه ويؤاجرُها (2) بمدٍّ واحدٍ يأخذه.
(وإن لبعضهم اليوم لَمِئَةَ (3) ألف): بنصب مئة على أنه اسمُ "إن"، ولبعضهم خبرها، و"اليوم" ظرف (4) متعلق بالظرف المستقر الذي هو الخبر، أو بالعامل فيه، على الخلاف.
ويروى برفع مئة، وهو مشكل.
فإن قلت: لم لا يجعل اسم إن ضمير شأن محذوفاً؛ نحو: "إِنَّ مِنْ أَشدِّ الناسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ"(5)، ومئة ألف مرفوع بالابتداء، والمتقدم خبره؟
(1) في "ع": "يكوي".
(2)
في "ع": "يؤجرها".
(3)
في "م": "مئة".
(4)
في "ن" زيادة: "على أنه".
(5)
رواه البخاري (5950) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
قلت: يمنع منه اقتران المبتدأ بلام الابتداء، وهي مانعة من تقدم الخبر على المبتدأ المقرون بها، ودعوى زيادتها (1) ضعيف جداً، فتأمله.
831 -
(1417) - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عبد الله بْنَ معْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشِقِّ تَمرَةٍ".
(عبد الله بن معْقِل): بعين مهملة ساكنة وقاف مكسورة.
(بشِقِّ تمرة): بكسر الشين.
832 -
(1418) - حَدَّثَنَا بشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الله، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بْنُ أَبي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأة مَعَهَا ابْنَتَانِ لَها تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئاً غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتها إِيَّاها، فَقَسَمَتْها بَيْنَ ابْنَتَيْها، وَلَمْ تأكُلْ مِنْها، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:"مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هذِهِ الْبَنَاتِ بشَيْءٍ، كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ".
(1) في "ن": "زياداتها".
(فلم تجد (1) عندي غيرَ تمرة، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها):
أخذ ابن المنير رحمه الله يحاول بيانَ (2) موقع (3) الاستدلال على أن شقَّ التمرة (4) يقي من النار في حديث عائشة هذا بأن قال: موقعُ (5) الاستدلال من جهة أم البنتين؛ لأنها لما قسمت التمرة بينهما، فقد تصدقت على كل واحدة بشق تمرة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حقها كلاماً عاماً يندرج (6) فيه حيث يقول:"مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هذهِ البَنَاتِ بشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ".
قلت: لم يدخل البخاري رحمه الله تحت عهدة الاستدلال بهذا (7) الحديث بعينه على أن الصدقة بشق التمرة يقي من النار حتى يُتكلَّف له مثلُ هذا؛ فإنه عقد الباب للأمر باتقاء النار ولو بشق تمرة، وللقليل (8) من الصدقة، وقد وفى بالأمرين معًا.
فحديثُ ابنِ معقل فيه الأمرُ باتقاء النار ولو بشقّ تمرة، وحديثُ عائشة رضي الله عنها (9) - فيه الصدقةُ بالشيء القليل، كما أن في الأحاديث المتقدمة الإشارةَ إلى القليل من الصدقة، فأيُّ حاجة بعد ذلك إلى التكلف؟
(1) في "ع": "يجد".
(2)
في "ن": "بناء".
(3)
في "ع": "يحاول بين مواقع".
(4)
في "ع": "التمر".
(5)
في "ج": "موضع".
(6)
في "ع": "تندرج".
(7)
في "ن": "لهذا".
(8)
في "ع": "للقليل"، وفي "ج":"والقليل".
(9)
"رضي الله عنها" ليست في "ن".