الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في عذاب القبرِ
802 -
(1375) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عبد الله، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِبمَ، حَدَّثَنِي أَبي، عَنْ صَالحٍ، حَدَّثَنِي نَافِع: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْقَلِيب، فَقَالَ:"وَجَدتمْ مَا وَعَدَ رَبّكمْ حَقًّا؟ "، فَقِيلَ لَهُ: تدعُو أَموَاتاً؟! فَقَالَ: "مَا أَنْتم بأَسْمَعَ مِنْهُم، وَلَكِنْ لَا يُجيبُونَ".
(ما أنتم بأسمعَ منهم، ولكن لا يجيبون): الزركشي: ذكر البخاري في غزوة بدر بعدَ هذا: "قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعَهم توبيخًا ونقمةً"(1)، وعلى هذا التأويل جمهورُ الأمة، وليس في قول عائشة (2) ما يعارض روايةَ ابنِ عمر؛ لإمكان أنه قال في قتلى بدر القولين جميعًا، ولم تحفظ عائشة إلا أحدهما، وحفظ غيرُها سماعهم بعد إحيائهم، وقد كثرت الأحاديثُ في عذاب القبر حتى قال غيرُ ما واحدٍ: إنها متواترة، لا يصحُّ عليها (3) التواطؤ، وإن لم يصحَّ مثلُها لم يصح شيء من أمر الدين.
قال أبو عثمان الحداد: وليس في قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] ما يعارضُ ما ثبت من عذاب القبر؛ لأن الله تعالى أخبره بحياة الشهداء قبل يوم القيامة، وليست مرادة بقوله (4)
(1) رواه البخاري (3976) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
في "ع" زيادة: "رضي الله عنها".
(3)
في "ج": "عليه".
(4)
في "ن": "لقوله".
تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، فكذا حياة المقبور قبل الحشر (1).
قال ابن المنير: وأشكل ما في القضية أنه (2) إذا ثبتت (3) حياتهم، لزمَ أن يثبتَ موتُهم بعد هذه الحياة؛ ليجتمع الخلقُ كلُّهم في الموت عند قوله تعالى:{لِمَنِ المُلْكُ اليَومَ} [غافر: 16]، فيلزم (4) تعدد الموت، وقد قال تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56].
والجواب الواضحُ عندي: أن معنى قوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} [الدخان: 56]؛ أي: ألمَ الموت، فيكون الموت الذي يعقب الحياة الآخرة بعد الموت الأول لا يُذاق ألمه أَلبتة.
ويجوز ذلك في حكم التقدير (5) بلا إشكال، وما وضعت العرب اسمَ الموتِ إلا للمؤلم على ما فهموه، لا باعتبار كونه ضداً للحياة (6)، فعلى هذا يخلق الله لتلك الحياة الثانية ضداً يُعدمها به (7)، لا يُسمى (8) ذلك الضد موتاً، وإن كان للحياة ضدًّا؛ جمعاً بين الأدلة العقلية والنقلية واللغوية.
(1) انظر: "التنقيح"(1/ 329).
(2)
في "ع": "لأنه".
(3)
في "ع": "ثبت".
(4)
في "م" و"ج": "يلزم".
(5)
في "ن": "القدير".
(6)
في "ع": "ضد الحياة".
(7)
"به" ليست في "ن" و"ع".
(8)
في "م""ج": "يتميز".