الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الْعَرْض فِي الزَّكاةِ
وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذٌ رضي الله عنه لأَهْلِ الْيَمنِ: ائْتُونِي بعَرْضٍ، ثِيَابٍ خَمِيص أَوْ لَبيسٍ، فِي الصَّدَقَةِ، مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ، أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لأَصحَاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالْمَدِينَةِ.
وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَأَمَّا خَالِدٌ: احتبَسَ أَدرَاعَهُ وَأَعتُدَهُ فِي سَبيلِ اللَّهِ".
وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ".
فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الْفَرْض مِنْ غَيْرِها، فَجَعَلَتِ الْمَرْأة تُلْقِي خُرْصَها وَسِخَابَها. وَلَم يَخُصَّ الذَّهبَ وَالْفِضَّةَ مِنَ الْعُرُوض.
(باب: العرض في الزكاة): قال الجوهري: العَرْض: المتاع، وكلُّ شيء فهو عرض سوى الدراهم والدنانير؛ فإنها عَيْن (1).
(وقال طاوس: قال معاذ لأهل اليمن): الحديث منقطع؛ لأن طاوساً لم يلق معاذاً، وبتقدير صحته، فقد قيل: إنه كان في الجزية، لا في الصدقة.
[قلت: كيف هذا مع قوله: "ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة"؟](2).
قال ابن المنير: أحسنُ محمل عندي في حديث معاذ أن يُحمل على أنه كان يقبض منهم الزكاة بأعيانها غيرَ مقومة، فإذا قبضها، عاوض عنها حينئذ مَنْ شاء بما شاء من العروض.
قلت: فالمحذور باق بحاله إذا تأملت.
(1) انظر: "الصحاح"(3/ 1083)، (مادة: عرض).
(2)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
ثم قال: ولعله كان يبيع صدقةَ زيدٍ من (1) عمرٍو حتى يخلص من بيع الصدقة لصاحبها (2)، وذلك مكروه، وقد كرهه مالكٌ للحديث فيه، وليس أنه كان يأخذ العَرضَ (3) ابتداء من المتصدِّق، ولا في حديثه دليل على ذلك، والأمر محتمل، والحكاية عينية، فليس فيها دليل مع تساوي الاحتمال، هذا كلامه.
وفيه نظر.
(خميص): -بالصاد المهملة-: اسمُ جنسٍ جمعيّ، والواحد (4) خميصةٌ؛ ثيابُ خَزٍّ أو صوف معلمة (5) كانوا يلبسونها، والمشهور: خميس، بالسين.
قال أبو عبيد: هو ما طوله خمسة أذرع (6).
(أو لَبيس): -بلام مفتوحة وباء موحدة مكسورة مخففة-؛ أي: ملبوس، وقيل: لا حجة فيه على أخذ العَرْض (7) في الزكاة مطلقاً؛ لأن هذا إنما وقع لمصلحة رآها؛ من حيثُ علمَ حاجةَ أهل المدينة لذلك.
(وأما خالد، فقد احتبس (8)): أي: وقف.
(1) في "ج": "ابن".
(2)
في "ن": "لحاجبها".
(3)
في "ع": "العوض".
(4)
في "ج": "حد".
(5)
"معلمة" ليست في "ع" و"ج"، وفي "ن":"معملة".
(6)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 241).
(7)
في "ع": "العوض".
(8)
كذا في رواية أبي ذر وأبي الوقت، وفي اليونينية:"احتبس"، وهي المعتمدة في النص.
(أدراعَه): جمع (1) درع، وهي الزَّرَدِية (2).
(وأَعتُده): -بضم المثناة من فوق- جمع عَتاد -بفتح العين-، وهو المعد من السلاح والدواب للحرب (3).
ويروى: "أعتاده"(4).
ويروى: "أَعبُدَه"(5) - بالباء الموحدة- جمع عبد.
قال الزركشي: وصححه (6) ابن مُفَوَّز، وأفرد فيه مصنفاً (7).
قلت: ولا أدري كيف ينتهض (8) حديثُ وقفِ خالدٍ لأدراعه (9) وأعتدِه دليلاً للبخاري على أخذ العرض (10) في الزكاة، فتأمله، وسيأتي فيه كلام في باب قول الله:{وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60].
(تصدقن ولو من حُليكن، فلم يستئن صدقةَ الفرض من غيرها): وهذا مشكل أيضاً؛ فإن الصدقةَ فيه تطوعٌ لا زكاة، ولهذا قال -عليه
(1) في "ع": "هي جمع".
(2)
في "ج": "وهي الزردية جمع درع".
(3)
في "ج": "للحروب".
(4)
رواه مسلم (983) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
رواه النسائي في "السنن الكبرى"(2243)، وابن خزيمة في "صحيحه"(2330) عن عمر رضي الله عنه.
(6)
في "ن"و "ع": "صححها".
(7)
انظر: "التنقيح"(1/ 350).
(8)
في "ن" و"ع: "ينهض".
(9)
في "ع" و "ج": "لأذراعه".
(10)
في "ع": "العوض".
السلام-: "ولو من حُليكن"، فدل على أنها لم تكن صدقة محدودة على حد الزكاة.
(فجعلت المرأةُ تلقي خرصها وسخابها): السخاب: القلادةُ ليستْ من فضة ولا ذهب.
وقال ابنُ دُرَيد: قلادةٌ من قَرَنْفُل أو غيرِه (1).
قال الزركشي: وهذا موضع الحجة على أخذ القيمة في الزكاة (2).
قلت: وقد علمت أنه لا حجة فيه.
851 -
(1448) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبي، قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ: أَنَّ أَنسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ وَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقتهُ بنْتَ مَخَاضٍ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بنْتُ لَبُونٍ، فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهماً، أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهها، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ".
(ويعطيه المصدِّق): -بكسر الدال-: هو الساعي.
قيل: وكان أبو عبيد يرويه بفتحها (3)، ويروي: أنه صاحب المال، وخالفه عامة الرواة.
(1) انظر: "جمهرة اللغة"(1/ 289).
(2)
انظر: "التنقيح"(1/ 350).
(3)
المرجع السابق، الموضع نفسه.