الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَنْبِهِ" (1)، ويروى: -بالرفع- فـ "من" موصولة] (2)، أو شرطية، والرفع على حدِّ قولِ زهير:[من البسيط]
وَإِنْ أتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْأَلَةٍ
…
يَقُولُ لَا غَائِبٌ مَالِي ولا حَرِمُ
(بما نيح عليه): بإدخال حرف الجر على "ما"، فهي مصدرية غيرُ ظرفية؛ أي: بالنياحة عليه، [ويروى:"مَا نِيحَ عَلَيْهِ" بلا باء، فهي مصدرية ظرفية] (3)؛ أي: مدةَ النواحِ عليه.
* * *
باب: رِثاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سعدَ بنَ خَولةَ
763 -
(1295) - حَدَّثَنَا عبد الله بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبيهِ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ:"لَا"، فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: "لَا"، ثُمَّ قَالَ:"الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كبِيرٌ، أَوْ كثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أُخَلَّفُ
(1) تقدّم برقم (35) عند البخاريّ.
(2)
ما بين معكوفتين سقط من "ن".
(3)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
بَعْدَ أَصْحَابي؟ قَالَ: "إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فتعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَّا ازْدَدْتَ بهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنتفِعَ بكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْض لأَصْحَابي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ"، يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بمَكَّةَ.
(قلت: فالشطر (1)": قيده الزمخشري في "الفائق" بالنصب بفعل مضمر (2)؛ أي: أوجب الشطر (3).
وقال السهيلي في "أماليه": الخفضُ فيه أظهرُ من النصب؛ لأن النصبَ بإضمار فعل (4)، والخفض مردودٌ على قوله: بثلثي مالي.
(ثمّ قال: الثلثُ، والثلث كثير): جوز في الثلث الأوّل النصب على الإغراء، أو بفعل مضمر؛ أي: هب الثلث، واقتصر عليه في "الفائق"، وجوز الرفع فيه على أنه فاعل فعل محذوف؛ أي: يكفيك الثلثُ، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: المشروع الثلث.
قلت: ولا يمتنع أن يكون مبتدأ حُذف خبره؛ أي: الثلثُ كافٍ.
(إنك أن تذر ورثتَكَ أغنياءَ خيرٌ): روي بفتح الهمزة وكسرها؛ فالفتح على أما مصدرية، والكسر على أما شرطية، قال النووي: وكلاهما صحيح (5).
(1) كذا في رواية أبي ذر الهروي عن الحموي والمستملي، وفي اليونينية:"بالشطر"، وهي المعتمدة في النص.
(2)
في "ع": "بالنصب بصر".
(3)
انظر: "الفائق في غريب الحديث"(2/ 244).
(4)
في "ج": "لأن النصب أفعل".
(5)
انظر: "شرح النووي على مسلم"(11/ 77).
قال الزركشي في "تعليق العمدة": ورجح القرطبي الفتحَ، وقال: الكسرُ لا معنى له (1).
قلت: في كلامه تدافُع، فإن جعلتها مصدرية، فهي وصِلَتُها في محل رفع على الابتداء، والخبرُ خيرٌ (2)، وإن جُعلت شرطيةَ، فالتقدير: فخير (3)؛ أي: فهو خيرٌ، فحذفت فاء الجواب (4) كما في قوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180]؛ أي: فالوصية، على ما خرجه (5) عليه الأخفش.
(عالة): جمع عائل، وهو الفقير.
(يتكففون النَّاس): أي: يسألون النَّاس (6) بأكُفِّهِم، أو يسألونهم كَفًّا من طعام، أو ما يَكُفُّ الجوع (7)، قاله في "الفائق"(8).
(حتّى ما تجعلُ): قال الزركشي: برفع اللام [كفَّت "ما" حتّى عن عملها (9).
قلت: ظن رحمه الله أن "ما" زائدةٌ كافَّةٌ عن عمل النصب، وليس كذلك؛ إذ لا معنى] (10) للتركيب حينئذ إن تأملت، بل هي اسم موصول،
(1) انظر: "النكت على العمدة"(ص: 260).
(2)
"خير" ليست في "ع" و "ج".
(3)
في "ج": "خير".
(4)
في "ن" و"ع": "فحذفت فالجواب".
(5)
في "ج": "ما خرج".
(6)
"النَّاس" ليست في "ج".
(7)
في "ج": "من الجوع".
(8)
انظر: "الفائق"(2/ 244).
(9)
انظر: "التنقيح"(1/ 317).
(10)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
و"حتّى" عاطفة؛ أي: إِلَّا أُجِرْتَ بتلك النفقة الّتي تبتغي بها وجهَ الله حتَّى بالشيء (1) الّذي تجعلُه في فم امرأتك.
فإن قلت: يشترط في "حتّى" العاطفة على المجرور (2) أن يُعاد الخافضُ.
قلت: قيده ابن مالك بأن لا يتعين للعطف؛ نحو: عجبتُ من القومِ حَتَّى بنيهم.
قال ابن هشام: يريد: أن الموضع الّذي يصح أن تحل "إلى" فيه محل "حتّى" العاطفة، فهي محتملة للجارة، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجار عندَ قصد العطف؛ نحو: اعتكفتُ في الشهرِ حتّى في آخرِه، بخلاف المثال، وما في الحديث (3).
فإن قلت: لا يُعطف على الضمير المخفوض إِلَّا بإعادة الخافض.
قلت: المختار (4) عند ابن مالك وغيره خلافُه، وهو المذهب الكُوفيُّ؛ لكثرة شواهده نظما ونثرًا، على أنه لو جُعل العطف على المنصوب المتقدم؛ أي: أن تنفقَ نفقةً حتّى الشيءَ الّذي تجعلُه في في امرأتك، إِلَّا أُجرتَ، لاستقامَ، ولم يَرِدْ شيء ممّا تقدّم.
(ثمّ لعلّك أن تخلَّفَ): فيه دخول "أن" على خبر "لعلَّ"، وهو قليل، ويحتاج إلى التأويل.
(1)"بالشيء" ليست في "ع".
(2)
في "ن": "مجرور".
(3)
انظر: "مغني اللبيب"(ص: 172 - 173).
(4)
المختار" ليست في "ع".
(يرثي له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم): هذا موضع التّرجمة، ونازعه الإسماعيلي، وقال: ليس هذا من مراثي الموتى، وإنما هو من إشفاق النّبي صلى الله عليه وسلم من (1) موته بمكة بعد هجرته منها، وكراهة ما حدث عليه من ذلك؛ كقولك: أنا (2) أرثي لك ممّا جرى عليك؛ كأنه يتحزَّنُ عليه.
قال الزركشي: ثمّ (3) هو بتقدير تسليمه فليس بمرفوع، وإنّما هو مُدْرَجٌ من قول الزّهريُّ (4).
(أن مات بمكة): هو بفتح "أن"؛ أي: من أجل موته بمكة، ولا يجوز الكسر (5) على إرادة الشرط؛ لأنه كان انقضى (6) أمره وتَمَّ. قاله في "المشارق"(7).
قال ابن عبد البرّ: لم يختلفوا في أن سعدَ بنَ خولةَ مات بمكة في حجة الوداع، قال: ورثى له من أجل أنه مات بمكة، وهي الأرضُ الّتي هاجر منها، ويدلُّ لذلك قوله:"اللَّهُمَّ أَمْض لأِصْحَابي هِجْرَتَهُمْ، وَلا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابهِمْ".
قال: وهذا يردُّ قولَ من قال: إنّه رثى له؛ لأنه ماتَ قبل أن يُهاجر،
(1) في "ع": "على".
(2)
في "ع": "إنّما".
(3)
"ثمّ "ليست في "ع".
(4)
انظر: "التنقيح"(1/ 317).
(5)
في "ج": "ولا يجوز أكثر".
(6)
في "ع": "قد انقضى"، وفي "ج":"كان يقضي".
(7)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 42).