الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: -بالفتح-: ما عادل الشيء من غير جنسه، و-بالكسر-: ما عادله من جنسه.
وقيل: لغتان بمعنى.
(ثم يربيها لصاحبها): الضمير راجع إلى الصدقة، والتربية: القيامُ على الشيء وتعاهدُه، والمعنى: تضعيفُ الله أجر (1) الصدقة لصاحبها وتكثيره.
(فَلُوّه): - بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو- على الأفصح، ويقال: - بكسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو-، قاله (2) النووي (3).
والمراد به: المهر حين يُفطم، يقال: فَلَوْتُهُ عن أمه؛ أي: فَطمتُه، وهو حينئذٍ يحتاج إلى تربية غير الأم.
باب: الصَّدقةِ قبلَ الرَّدِّ
825 -
(1411) - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شعبَةُ، حَدَّثَنَا معبَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "تَصَدَّقُوا؛ فَإِنَّهُ يَأتِي عَلَيْكُم زَمَانٌ، يَمشِي الرَّجُلُ بصَدَقَتِهِ فَلَا يَجدُ مَنْ يَقْبَلُها، يَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بالأمسِ لَقَبلْتُها، فَأَمَّا الْيَوْمَ، فَلَا حَاجَةَ لِي بها".
(1)"الله أجر" ليست في "ج".
(2)
في "ج": "وقال".
(3)
انظر: "شرح مسلم"(7/ 99).
(فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته): الجملة الفعلية الثانية في محل رفع على أنها صفة لزمان، والعائدُ محذوف؛ أي: فيه، وهل حُذفَ الجارُّ والمجرور معًا، أو حُذف الجارُّ وحدَه، فانتصب الضمير، واتصل بالفعل، ثم حذف منصوبا؛ قولان: الأول: لسيبويه، والثاني: للأخفش.
وسيأتي في هذا الباب حديثٌ فيه زيادة: "من الذهب"، وفيه تنبيه على ما سواه بطريق الأولى، و (1) القصد: حصولُ عدم القبول مع اجتماع ثلاثة أشياء: عرض الرجل صدقته على مَن يأخذها، ومشيُه بها، وكونها من ذهب.
فإن قيل: الحديث خرجَ مخرج التهديد على تأخير الصدقة، فما وجهُ التهديد فيه، مع أن الذي لا يجد من يقبل صدقته قد فعل ما في وُسْعه كما فعل الواجد (2) لمن قبل صدقته؟
والجواب: أن التهديد مصروف لمن أَخَّرها عن مستحقها، وَمَطَلَه بها حتى استغنى ذلك الفقيرُ المستحق، فغنى الفقير لا يخلِّص ذمةَ الغني المماطل في وقت الحاجة، قاله ابن المنير.
826 -
(1412) - حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْب، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ
(1)"و" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "الواحد".
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ، فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعرِضَهُ، فَيَقُولَ الَّذِي يَعرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي".
(فيفيض): من فاضَ (1) الإناءُ: إذا امتلأ، وهو منصوب (2) بالعطف على (3) الفعل المنصوب من قوله:"حتى يكثرَ فيكم المال".
(حتى يُهِمَّ رَبَّ المال مَنْ يقبل الصدقة (4)): -بضم الياء- من "يُهِمَّ" مضارع أَهمَّهُ: إذا أحزنه، و"ربَّ المال (5) " منصوبٌ مفعولٌ بيُهِمَّ (6)، و"من يقبل" في محل رفع (7) على أنه الفاعل؛ أي: حتى يُحزن ربَّ المال مَنْ يقبل صدقته، فأسند الفعل إليه من حيث كان سبباً في حزن صاحب المال.
ومنهم من قيده بضم الهاء؛ من "هَمَّ" بمعنى: قصدَ، و"ربُّ المال" مرفوعٌ فاعلٌ، و"من يقبل" مفعول؛ أي: يقصدُه فلا يجدُه.
قال الزركشي: وهذا حكاه القاضي، والنووي، وغيرهما، وليس بشيء؛ إذ يصير التقدير: يقصد الرجلُ من يأخذُ ماله، فيستحيل، وليس المعنى إلا على الأول (8).
(1) في "ع": "أفاض".
(2)
في "ع": "منصوب مفعول".
(3)
من قوله: "حذف الجار والمجرور معاً"(ص: 349) إلى هنا سقط من "ج".
(4)
في "ن" و"ع ": "صدقته".
(5)
"المال" ليست في "ن".
(6)
في "ن": "يهم".
(7)
في "ن" و "ع": "الرفع".
(8)
انظر: "التنقيح"(1/ 341).
قلت: لا استحالة أصلاً؛ فإنهم قالوا: المعنى: أنه يقصد من يأخذ ماله، فلا يجده، وإذا لم يجد الإنسان طلبته التي (1) هو حريص عليها، فلا شك أنه يحزن ويقلق؛ لفوات مقصوده، فعاد هذا إلى المعنى الأول، و (2) علم أنه شيء حسن {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] والهجومُ على تخطئةِ الأئمةِ مرتعُه وَخيم.
(فيقولَ): -بالنصب- عطفاً على الفعل المنصوب قبلَه.
(لا أَرَبَ في): أي: لا حاجةَ لي.
قال الزركشي: قيل: وكأنه سقط من الكتاب: "فيه (3) "(4).
قلت: وهذا أيضاً عجيب، فلو ثبت لنا رواية (5) صحيحة فيها التصريح ب: فيه، لم يَسُغْ لنا الإقدامُ على أن نقول: حذف البخاريُّ من الحديث هذا اللفظَ؛ فإن رواته متفقون على رواية هذا الحديث بدون هذه اللفظة (6)، والمعنى عليها في (7) كلام المتكلم بقوله: لا أربَ لي، فهي محذوفة في (8) لفظ ذلك المتكلم؛ لقيام القرينة، وليس المراد: أنه قال:
(1) في "ج": "الذي".
(2)
الواو ليست في "ج".
(3)
في "ع": "فيه أيضاً".
(4)
المرجع السابق (1/ 341).
(5)
في "ن": "رؤية".
(6)
في "ع": "اللفظ".
(7)
في "ع": "من".
(8)
في "ن": "من".
لا أرب لي فيه، فسقط (1) من كتاب البخاري: فيه (2)، هذا ما لا يقال أصلًا، فتأمله.
827 -
(1413) - حَدَّثَنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصم النَّبيلُ، أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بشْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ، حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِم رضي الله عنه يَقُولُ: كنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ، وَالآَخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمَّا قَطْعُ السَّبيلِ: فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكَ إِلَاّ قَلِيل حَتَّى تَخْرُجَ الْعِيرُ إِلَى مَكَّةَ بغَيْرِ خَفِيرٍ، وَأَمَّا الْعَيْلَةُ: فَإِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى يَطُوفَ أَحَدكُم بصَدَقَتِهِ، لَا يَجدُ مَنْ يَقْبَلُها مِنْهُ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدكم بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ، وَلَا تَرْجُمَان يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَتقُولَنَّ لَهُ: أَلم أُوتِكَ مَالًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ: أَلَف أُرسِلْ إِلَيْكَ رَسُولاً؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَاّ النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَرَى إِلأَ النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدكُمُ النَّارَ وَلَوْ بشِقِّ تَمرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجدْ، فَبكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
(سعدانُ): غير منصرف.
(ابنُ بشْرٍ (3)): بكسر الموحدة وإسكان الشين (4) المعجمة.
(1) في "ن": "سقط".
(2)
فيه "ليست في "ج".
(3)
في "ن": "سعدان بن بشر".
(4)
"الشين" ليست في "ج".
(مُحِلُّ بنُ خليفة): بميم مضمومة وحاء مهملة مكسورة.
(يشكو العيلة): أي: الفقر.
(يشكو قطع السبيل): فسادَ السُّراق (1) وأهل الشر المتعرضين لمن يسلك السبل.
(حتى تخرج العِير): -بكسر العين المهملة-: القافلة.
(إلى مكة بغير خفير (2)): -بخاء معجمة-: مَنْ (3) يكون القوم في ضمانه وخِفارته؛ أي (4): ذِمَّته.
828 -
(1414) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبي بُرْدَةَ، عَنْ أَبي مُوسَى رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بالصدَقَةِ مِنَ الذَّهب، ثُمَّ لَا يَجدُ أَحَداً يَأْخُذُها مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امرَأَةً يَلُذْنَ بهِ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ".
(يلُذْن به): - بلام مضمومة وذال معجمة ساكنة-؛ أي: يستترن (5) به
(1) في "ج": "السرق".
(2)
في "م" و"ج": "تخفير".
(3)
في "ن": "من أن".
(4)
في "ج": "إلى".
(5)
في "م": "يستترون"، وفي "ج":"يسيرون".