الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مأذوناً فيه عرفاً، ولهذا لو حجر عليها بالنص، حرم عليها أن تتصدق من ماله، ولو بتمرة.
باب: لَا صَدَقَةَ إِلَاّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى
وَمَنْ تَصَدَّقَ وَهْوَ مُحْتَاج، أَوْ أَهْلُهُ مُحتَاجٌ، أَوْ عَلَيْهِ دَينٌ، فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْهبةِ، وَهْوَ رَدٌّ عَلَيْهِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ أموَالَ النَّاسِ. قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلَافها، أتلَفَهُ اللَّهُ". إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفاً بالصَّبْرِ، فَيُؤثرَ عَلَى نفسِهِ، وَلَوْ كانَ بهِ خَصَاصَةٌ، كَفِعْلِ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه حِينَ تَصَدَّقَ بمَالِهِ، وَكَذَلِكَ آثَرَ الأَنْصَارُ الْمُهاجِرِينَ، وَنهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ أَموَالَ النَّاسِ بعِلَّةِ الصَّدَقَةِ.
(ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال): استدل به البخاري على رد صدقة المديان، والمنهيُّ عنه إضاعةُ الإنسانِ لمالِ نفسه، [لا لأموال الناس، ذاك أغلظُ، لكن إذا نُهي الإنسان في مال نفسه](1) عن الإضاعة، فهي في مال غيره أولى بالنهي، وما يُتخيل أن الصدقة ليست إضاعةً غيرُ ظاهر؛ لأن الصدقة إذا عورضت بحق الدَّين لم يبقَ فيها ثواب، فبطلَ كونُها صدقة، وبقيت إضاعة (2) محضة.
(1) ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(2)
في "ن": "إضاعة المال".
839 -
(1426) - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عبد الله، عَنْ يُونسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّب: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بمَنْ تَعُولُ".
(خيرُ الصدقة ما كان عن ظهر غِنىً): كيفية الجمع بين هذا، وبين قوله:"لا صَدَقَةَ إِلَاّ عَنْ ظَهْرِ غِنىً" أن يقال (1): النفيُ للكمال، فكأنه قال: لا صدقةَ كاملةً، أو لا صدقةَ توصف بأنها خيرُ الصدقات، إلا صدقة الغني، فيجتمع الطريقان، والله أعلم.
(وابدأ بمن تعول): قال الزركشي: بالهمز، وتركه؛ أي: بمن (2) يلزمك نفقته (3).
840 -
(1427) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهيبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ حَكِيم بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ".
(اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى): حمله بعضهم على أن المراد باليد
(1) في "ن": "يقول".
(2)
في "ج": "من".
(3)
انظر: "التنقيح "(1/ 346).
العليا: المعطِية (1)، واليد السفلى: المانعة، وسيأتي قريباً في الحديث ما يدفعه (2).
قال ابن المنير: الأيدي ثلاث: يد معطية، ويد آخذة، ويد متعففَةٌ لا معطيةٌ ولا آخذةٌ، ولا خلف أن المعطية أفضلُهن، فهي (3) أولى بأن (4) تكون العليا، والمتعفِّفَةُ الوسطى، والآخِذَةُ السفلى، ثم إن تَصَوُّر العلوِّ والسفل إنما يظهر في الإعطاء والأخذ؛ لأن المعطي يُناول الآخذ في يده، فعلوُّ يده على يد الآخذ حِساً، ولهذا كان بعض العارفين إذا أعطى الفقير، وضعَ العطية في يد نفسه، وأمر الفقير بتناولها؛ لتكون يدُ الفقير هي العليا؛ أدباً مع قوله تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 104]، فلما (5) أضيف الأخذ إلى الله (6)، تواضع لله، فوضع يده أسفلَ من يد الفقير الآخذ.
(ومن يستعفف (7) يعفُّه الله): -بضم الفاء المشددة- من "يعفُّه"، وهو مجزوم في جواب الشرط، لكن الضمةَ إتباعٌ لضمةِ هاءِ الضمير.
(1) في "ن": "هي المعطية".
(2)
في "ج": "يمنعه".
(3)
في "ج": "وهي".
(4)
في "ن": "أن".
(5)
في "ع": "قال فلما".
(6)
لفظ الجلالة "الله" ليس في "ج".
(7)
في "م":"يستعف".