الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم هو (1) إن سلمتْ عاقبتُه، كان خيراً أبداً، وإن أدى إلى الوَبال وهلاك الماشية، كان شراً، ومخوفاً منه، وبيَّنَ للسائل بذلك أداءَ الخيرِ العاجلِ إلى الشرّ الآجِل، كذلك المباحُ حالاً إذا أدى إلى محظورٍ مآلاً، كان الأولى من الأول تركه، فصدق عليه أنه مباح؛ يعني: على تقدير السلامة، وصدقَ عليه أنه يتورَّع عنه (2) على تقدير أدائه إلى الهلكة، والاحتمالان متقابلان، فلو تحققنا وبالَ العاقبة، لجزمنا فيه (3) بالتحريم، ولو تحققنا فيه السلامةَ، لجزمنا بالتحليل الدائم، ولكن لما كان الأصلُ السلامةَ، والغالبُ الوبالَ، اقتضى تعارضُ الأصلِ والغالب حكماً متوسطاً، وهو يتخير (4) خلاف الأولوية، وهو المراد بالورع. انتهى كلامه رحمه الله، فتأمله (5).
باب: الزَّكاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالأَيْتَامِ فِي الْحِجْرِ
864 -
(1466) - حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبي، حَدَّثَنَا الأعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثنِي شَقِيقٌ، عَنْ عَمرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زينَبَ امرَأَةِ عبد الله رضي الله عنهما. قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لإبْراهِيمَ، فَحَدَّثَنِي إِبْراهِيمُ، عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَمرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زينَبَ امرَأَةِ عبد الله، بمِثْلِهِ سَوَاءً. قَالَتْ: كُنْتُ فِي الْمَسْجدِ، فَرَأَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيكُنَّ".
(1) في "ج": "المطلق وهو".
(2)
في "ن" و"ع" زيادة: "يعني".
(3)
"فيه" ليست في "ن" و"ع"، وفي "ج":"به".
(4)
في "ن" و"ع": "تنجيز".
(5)
"فتأمله "ليست في "ن".
وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عبد الله وَأَيْتَامٍ فِي حِجْرِها، قَالَ: فَقَالَتْ لِعبد الله: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامِي فِي حِجْري مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ: سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدْتُ امرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ، حَاجَتُها مِثْلُ حَاجَتِي، فَمَرَّ عَلَيْنَا بلالٌ، فَقُلْنَا: سَلِ النبي صلى الله عليه وسلم: أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ لِي فِي حِجْرِي، وَقُلْنَا: لَا تُخْبرْ بنَا، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:"مَنْ هُمَا؟ "، قَالَ: زينَبُ، قَالَ:"أَيُّ الزيَانِب؟ "، قَالَ: امرَأة عبد الله، قَالَ:"نعَم، لَها أَجْرَانِ: أجرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ".
(باب: الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر).
(عن زينبَ امرأةِ عبد الله): هي زينبُ بنتُ معاويةَ الثقفيةُ امرأةُ عبد الله بنِ مسعود.
وقيل: هي بنتُ أبي معاوية، قاله ابن منده، وأبو نعيم.
وقال أبو عمر (1): زينبُ بنتُ عبد الله بنِ معاويةَ، ولقب زينب هذه: ربطة (2).
وقيل: رائطة.
(فوجدت (3) امرأةً من الأنصار حاجتُها مثلُ حاجتي): اسم هذه المرأة زينبُ أيضاً. ذكر ذلك في "مختصر الاستيعاب".
(1) في "ج": "عمرو".
(2)
انظر: "الاستيعاب"(4/ 1856).
(3)
في "ج": "وجدت".
وقيل (1): هي امرأة أبي مسعود الأنصاري.
وقد ذكر ذلك أيضاً ابن الأثير في "أسد الغابة"، فقال: زينبُ الأنصاريةُ امرأةُ أبي مسعود، [روى (2) علقمةُ عن عبد الله: أن زينب الأنصاريةَ امرأةَ أبي مسعود] (3)، وزينبَ الثققيةَ أتتا رسولَ الله (4) تسألانه عن (5) الثفقة على أزواجهما (6).
(أَيَجْزي عني أن أُنفق على زوجي وأيتامٍ لي في حَجْري) حمل المازري رحمه الله هذه الصدقة كان امرأة ابين مسعود على الزكاة الواجبة، وقال: إنه الأظهر؛ لسؤالها عن الإجزاء، وهذه اللفظة إنما تستعمل في الواجب.
قلت: وعليه يدل تبويب البخاري.
وأما ما (7) ذكره من أن الإجزاء (8) إنما يستعمل في الواجب، إن أراد قولًا واحداً، فليس كذلك، فالخلاف في المسالة مأثور عند الأصوليين:
فمنهم من ذهب إلى أن الإجزاء يعم كلَّ مطلوب ومن واجب ومندوب.
(1) في "ن": "وقال".
(2)
في "ن" و"ع": "وروى".
(3)
ما بيّن معكوفتين سقط من "ج".
(4)
في "ن" و "ع" و"ج" زيادة: "صلى الله عليه وسلم".
(5)
في "ج": "نهى عن".
(6)
انظر: "أسد الغابة"(7/ 125).
(7)
"ما" ليست في "ع".
(8)
في "ع""ذكره في الإجزاء".
ومنهم من قال: بل (1) يختص بالواجب، ولا يستعمل في المندوب أصلاً.
وهذا هو الذي اعتمده المازري، ونصره القرافي، والأصفهاني شارحا "المحصول".
واستبعده الشيخ تقي الدين السبكي، وقال: كلام الفقهاء يقتضي أن المندوب يوصف بالإجزاء كالفرض.
وقد ورد في الحديث: "أربع لا تجزئ في الأضاحي"(2).
واستدل به من قال بوجوب الأضحية، وأنكر عليه (3).
ورد القاضي كلام المازري؛ لأن (4) قوله عليه السلام: "ولو من حُليكن"، وما ورد في بعض الروايات:"إِنَّ صَدَقَتها مِنْ صَنْعَةِ يَدها" يدل على أنها صدقة التطوّع (5)(6)، يريد القاضي: فلا يكون في ذلك حجةٌ لأشهبَ وغيرِه ممن أجاز إعطاءَ المرأةِ زكاتها لزوجها.
واستظهر ابن المنير كونَ الصدقة المذكورة هنا تطوعاً، وقال: لكن ذلك لا يسقط (7) حجةَ أشهبَ؛ لأن الذي منع إعطاءها الزكاة لزوجها إنما
(1)"بل "ليست في "ع".
(2)
رواه أبو داود (2802)، والنسائي (4369)، وابن ماجه (3144) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
(3)
انظر: "الإبهاج" للسبكي (1/ 72).
(4)
في "ن" و"ع": "بأن".
(5)
في "ج": "تطوع".
(6)
انظر: "إكمال المعلم"(3/ 521).
(7)
"لا يسقط" ليست في "ج".