الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: إن ثبتت (1) لنا رواية بفتح (2) الهمزة من "أَنْ (3) " أمكن تخريجُها على مذهب الكوفيين في صحة مجيء أن المفتوحة الهمزة شرطيةً كإن المكسورة، ورجحه ابن هشام (4)، والمعنى حينئذ صحيح بلا شك.
قال ابن المنير: إنما ترجم البخاري على موت الفجأة، وذكر الحديث الذي (5) أثبت الأجر لهذه التي ماتت فجأة؛ ليُتبين (6) معاني الأحاديث التي وردت في الاستعاذة من موت الفجاة، وأنها (7) لا يؤيس من صاحبها، ولا يخرج بها (8) عن حكم الإسلام، ورجاء الثواب، وإن كانت مستعاذاً منها؛ لما يفوت بها من خير الوصية والاستعداد (9).
باب: ما جاء في قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أبي بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما
809 -
(1389) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ هِشَامٍ. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مرْوَانَ يَحيىَ بْنُ أَبي زكرِيَّاءَ، عَنْ
(1) في "ع": "ثبت".
(2)
في "ع": "فتح".
(3)
"من أن" ليست في "ج".
(4)
انظر: "مغني اللبيب"(ص: 53).
(5)
"الذي" ليست في "ن".
(6)
في "ع" و"ج": "ليبين".
(7)
في "ع": "وإنما".
(8)
في "ن": "لها"، وفي "ج":"بصاحبها".
(9)
في "ج": "والاستعاذ".
هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيتعَذَّرُ فِي مَرَضهِ: "أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ؟ أَيْنَ أَنَا غَدا؟ "؛ اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي.
(ليتعذر): كذا هو لأبي ذر: بعين مهملة وذال معجمة.
قال الخطابي: التعذُر كالممتنع (1)، ولسائر الرواة:"ليتقدر" بالقاف والدال المهملة (2).
قال الداودي: معناه: يسأل (3) عن قدرِ ما بقي إلى يومها؛ ليهون عليه بعض (4) ما يجد؛ لأن المريض يجدُ عندَ بعض أهله ما لا يجدُه عند بعض من الأُنس والسكون.
(أين أنا اليوم؟): يريد: لمن النوبة اليوم؟ ولمن النوبة غداً؟
(بين سَحْري ونحري): -بفتح أولهما وإسكان ثانيهما-، تريد: بين جنبي وصدري، فالسَّحْرُ: الرئة، فأطلقته على الجنب مجازاً من باب (5) تسميةِ المحلّ باسمِ الحالَّ فيه، والنَّخرُ: الصدر.
810 -
(1392) - حَدَّثَنَا قتيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ المَجيدِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرّحْمنِ، عَنْ عَمرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، قال: رَأَيْتُ عُمَرَ
(1) في "ن": "كالتمتع"، وفي "ع":"كالتمنع".
(2)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 71).
(3)
في "ج": "قيل".
(4)
في "ن": "بعد".
(5)
"باب" ليست في "ن".
ابْنَ الخَطَّاب رضي الله عنه، قَالَ: يَا عبد الله بْنَ عُمَرَ! اذْهبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب عَلَيْكِ السَّلَامَ، ثُمَّ سَلهَا أَنْ أُدفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، قَالَتْ: كنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، فَلأُوثرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نفسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا كَانَ شَيْء أَهمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبضْتُ، فَاحمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي، فَادفِنُوني، وَإِلَّا، فَرُدُّؤنِي إِلَى مَقَابرِ الْمُسْلِمِينَ.
إِنِّي لَا أَعلَمُ أَحَداً أَحَق بهذَا الأَمْرِ مِنْ هؤُلَاءَ النَّفَرِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي، فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَسَمَّى: عُثْمَانَ، وَعَلياً، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاصٍ.
وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَبْشِر يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ببُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ الْقِدَمِ فِي الإسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهادَةُ بَعْدَ هذَا كُلِّهِ. فَقَالَ: لَيْتَنِي يَا بْنَ أَخِي وَذَلِكَ كفَافاً، لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعدِي بالْمُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْراً أَنْ يَعرِفَ لَهُم حَقَّهُم، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُم حُرمَتَهم، وَأُوصِيهِ بالأَنْصَارِ خَيْراً، الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ، أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهم، وَيُعفَى عَنْ مُسِيئهمْ، وَأُوصِيهِ بذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوفَى لَهُم بعَهْدِهم، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِم، وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِم.
(حُصين بن عبد الرحمن): بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة، مصغَّر.
(قالت: كنتُ (1) أريدُه لنفسي، فلأوثرنه اليومَ على نفسي): قد ورد أن الحظوظ الدينية لا إيثارَ فيها؛ كالصف الأول ونحوِه، فكيف آثرتْ عائشةُ عمرَ رضي الله عنهما؟
وأجاب ابن المنير: بأن الحظوظ المستحقة بالسوابق ينبغي فيها إيثارُ الأفضل، فعلمت عائشة فضلَ عمر (2)، فآثرته كما ينبغي لصاحب المنزل إذا كان مفضولاً أن يؤثر (3) بفضل الإمامة من هو أفضلُ منه إذا حضر منزلَه، وإن كان الحقُّ لصاحب المنزل.
(المضْجَع): بفتح الجيم.
(فإذا قُبضت، فاحملوني، ثم سلموا، ثم قل: يستأذن عمرُ بن الخطاب، فإن أذنت لي، فادفنوني): فيه (4) من الفقه أن (5) من ومحمد (6) بعِدَة يجوز له الرجوعُ فيها، ولا يُقضى عليه بالوفاء بها؛ لأن عمر (7) لو علم لزومَ ذلك لها، لم يستأذن ثانياً.
(1) في "ن": "أكنت".
(2)
في "ع" زيادة: "رضي الله عنه".
(3)
في "ج": "يفضل يؤثر".
(4)
في "ع": "قيل فيه".
(5)
"أن" ليست في "ع".
(6)
في "ج""وعده".
(7)
في "ع" زيادة "رضي الله عنه".
قلت: فيه نظر.
أما أولاً: فلأنها (1) لو كان لها الرجوعُ، لم يكن في استئذانها أولاً (2) كبيرُ فائدة، ولا اطمأنت نفسُ عمر رضي الله عنه مما كان أهمَّ الأشياء عنده.
وأما ثانياً: فلأن لمن (3) يرى اللزومَ بمجرد القول أن يقول (4): قد صار الحقُّ متمحِّضاً لعمر (5) رضي الله عنه، لكنه لورعه وعلوِّ مرتبته في الدين قصد ألا يضاجع سيدَ الخلق -صلوات الله عليه وسلامه- إلا على أكمل الوجوه، فبالغ لنفسه في الاحتياط حيث أمر بالاستئذان.
ثانياً: ليتحقق بقاءَ طيب نفسِ عائشة رضي الله عنها بما أذنتْ فيه أولاً، وينتفي (6) ما كان يخشاه من عدم استمرار طيب نفسها بدفنه في بيتها، وأن تكون قد نزعت (7) عما (8) أذنتْ فيه، وإن كان ذلك غيرَ مؤثِّر في الحكم، والاحتياطُ بالخروج من الخلاف، والعملُ [بالأمر المتيقن لم يزل دأبَ أهل الورع، وهو الأليقُ بمقام عمر رضي الله عنه](9)، فليس حينئذ
(1) في "ن": "فلأنه".
(2)
في "ع": "أو لها".
(3)
في "ع": "من"، وفي "ج":"لم".
(4)
في "ن": "أنا نقول"، وفي "ع":"إنما يقول".
(5)
"لعمر" ليست في "ن".
(6)
في "ن": "ينبغي".
(7)
في "ع" و"ج": "ترغب".
(8)
في "ج": "بما".
(9)
ما بين معكوفتين سقط من "ع".