المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - [باب] حجة الوداع - مصابيح السنة - جـ ٢

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌6 - كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب ما تجب فيه الزكاة

- ‌3 - باب صدقة الفطر

- ‌4 - باب من لا تحل له الصدقة

- ‌5 - باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌6 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌7 - باب فضل الصدقة

- ‌8 - باب أفضل الصدقة

- ‌9 - باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌7 - كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب رؤية الهلال

- ‌فصل

- ‌3 - باب تنزيه الصوم

- ‌4 - باب صوم المسافر

- ‌5 - باب القضاء

- ‌6 - باب صيام التطوع

- ‌فصل

- ‌7 - باب ليلة القدر

- ‌8 - باب الاعتكاف

- ‌8 - كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ

- ‌[1 - باب]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌9 - كِتَابُ الدَّعَوَاتِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب ذكر اللَّه عز وجل والتقرب إليه

- ‌3 - باب أسماء اللَّه تعالى

- ‌4 - باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌5 - باب الاستغفار والتوبة

- ‌فصل

- ‌6 - باب ما يقول عند الصباح والمساء والمنام

- ‌7 - باب الدعوات في الأوقات

- ‌8 - باب الاستعاذة

- ‌9 - باب جامع الدعاء

- ‌10 - كتاب المناسك

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب الإحرام والتلبية

- ‌3 - [باب] حجة الوداع

- ‌4 - باب دخول مكة والطواف

- ‌5 - باب الوقوف بعرفة

- ‌6 - باب الدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌7 - باب رمي الجِمار

- ‌8 - باب الهَدْي

- ‌9 - باب الحلق

- ‌فصل

- ‌11 - باب ما يجتنبه المحرم

- ‌12 - باب المحرم يجتنب الصيد

- ‌13 - باب الإحصار وفوت الحج

- ‌14 - باب حرم مكة حرسها اللَّه

- ‌15 - باب حرم المدينة حرسها اللَّه

- ‌11 - كِتَابُ البُيُوعِ

- ‌1 - باب الكسب وطلب الحلال

- ‌2 - باب المساهلة في المعاملة

- ‌3 - باب الخِيَارِ

- ‌4 - باب الربا

- ‌5 - باب المنهي عنها من البيوع

- ‌فصل

- ‌7 - باب الاحتكار

- ‌8 - باب الإِفلاس والإِنظار

- ‌9 - باب الشركة والوكالة

- ‌10 - باب الغصب والعارية

- ‌11 - باب الشُّفْعَةِ

- ‌12 - باب المساقات والمزارعة

- ‌13 - باب الإِجارة

- ‌14 - باب إحياء الموات والشِّرْب

- ‌15 - باب العطايا

- ‌فصل

- ‌16 - باب اللُّقَطَة

- ‌17 - باب الفرائض

- ‌18 - باب الوصايا

- ‌12 - كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌3 - باب الولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌4 - باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌5 - باب المحرمات

- ‌6 - باب المباشرة

- ‌فصل

- ‌7 - باب الصَّداق

- ‌8 - باب الوليمة

- ‌9 - باب القَسْمِ

- ‌10 - باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌11 - باب الخلع والطلاق

- ‌12 - باب المطلقة ثلاثًا

- ‌فصل

- ‌13 - باب اللِّعَانِ

- ‌14 - باب العدة

- ‌15 - باب الاستبراء

- ‌16 - باب النفقات وحق المملوك

- ‌17 - باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌13 - كِتَابُ العِتْقِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض

- ‌3 - باب الأيمان والنذور

- ‌فصل في النذور

- ‌14 - كِتَابُ القِصَاصِ

- ‌[1 - باب]

- ‌3 - باب ما لا يُضْمَنُ من الجنايات

- ‌4 - باب القَسامة

- ‌5 - باب قتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌15 - كِتَابُ الحُدُودِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب قطع السرقة

- ‌3 - باب الشفاعة في الحدود

- ‌4 - باب حد الخمر

- ‌5 - باب لا يُدْعى على المحدود

- ‌6 - باب التعزيز

- ‌7 - باب بيان الخمر ووعيد شاربها

الفصل: ‌3 - [باب] حجة الوداع

‌3 - [باب] حجة الوداع

مِنَ الصِّحَاحِ:

1841 -

قال جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه: "إنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم مكثَ بالمدينةِ تِسْعَ سِنين لم يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ في النَّاسِ بالحَجِّ في العَاشِرَةِ، فَقَدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كَثيرٌ، فَخَرْجَنا مَعَهُ حَتَّى إذا أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أسماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بن أبي بَكْر، فَأَرْسَلَتْ إلى رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قال: اغْتَسِلِي واسْتَثْفِري (1) بثَوْبٍ وَأَحْرِمي. فَصَلَّى -يعني- رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ في المسجِدِ، ثمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ (2) حتَّى إذا اسْتَوَتْ بِهِ ناقَتُهُ على البَيْدَاءِ، أَهَلَّ بالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ لا شَرِيكَ لكَ. قال جابر: لَسْنَا نَنْوِي إلَّا الحَجَّ، لَسْنا نَعْرِفُ العُمْرَةَ، حتَّى إذا أَتَيْنَا البَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الركْنَ (3) وطَافَ سَبْعًا: رَمَلَ (3) ثلاثًا ومشَى أرْبَعًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إلى مَقَامِ إبراهيمَ فَقَرَأَ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (4) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَعَلَ المَقَامَ بينَهُ وبَيْنَ البَيْتِ. ويُروى: أنَّه قَرَأَ في الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثُم رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (5) أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّه [تعالى به](6) فَبَدَأَ بالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حتَّى رأى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّه وكَبَّرَهُ، وقال: لا إله إلَّا اللَّه

(1) الاستثفار: هو أن تشد في وسطها شيئًا وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم (النووي، شرح صحيح مسلم 8/ 172).

(2)

القصواء: اسم لناقته صلى الله عليه وسلم.

(3)

الركن: الحجر الأسود، ورمل: أسرع يهزّ منكبيه.

(4)

سورة البقرة (2)، الآية (125).

(5)

سورة البقرة (2)، الآية (158).

(6)

ليست في المطبوعة، واللفظ عند مسلم (أبدأ بما بدأ اللَّهُ به).

ص: 237

وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إله إلَّا اللَّه وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدهَ، وهَزَمَ الْأَحْزَاب وَحْدَهُ، [ولا شيء بعده](1)، ثُمَّ دَعَا بينَ ذلك، قالَ مِثْلَ هذا ثلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَمَشَى إلى المَرْوَةِ، حتَّى انْصَبَّتْ قدماهُ (2) في بَطْنِ الوادي سَعَى، حتَّى إذا صَعَدَتْ (3) قدمَاهُ مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ على الصَّفَا، حَتَّى إذا كَان آخِرُ طَوافٍ على المَرْوَةِ نادَى وَهُوَ على المَرْوَةِ والنَّاسُ تَحتَهُ فقال: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمري ما اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الهَدْيَ، وجَعَلْتُها عُمْرَةً، فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ ليَسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً. فقامَ سُراقَةُ بنُ [مالِكِ بنِ] (4) جُعْشُمٍ فقال: يا رسولَ اللَّه أَلِعَامِنا هذا أمْ للأبدِ؟ فَشَبَّكَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَصابِعَهُ وقال: دَخَلَتِ العُمْرَةُ في الحَجِّ، مَرَّتَيْنِ، لا بلْ لأبَدِ [أبدٍ](5) وقَدِمَ عَلَيَّ مِنَ اليَمَنِ بِبُدْنِ (6) النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ماذا قُلْتَ حينَ فَرَضْتَ الحَجَّ؟ قالَ: قُلْتُ: اللهمَّ إنِّي أُهِلُّ بما أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ صلى الله عليه وسلم. قال: فإنَّ مَعِيَ الهَدْيَ، قال [: فأهْدِ وامكثْ حرامًا] (7) فلا تَحِلّ. قال: فكانَ جماعَةُ الهَدْيِ الذي قَدِمَ بِهِ عَليٌّ مِنَ اليَمَنِ والذي أَتَى بِهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مائَةً. قال: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وقَصَّرُوا، إلَّا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ومَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فلمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى فَأهَلُوا بالحَجِّ، ورَكِبَ النَّبيُّ فَصَلَّى بها الظُّهْرَ والعَصْرَ والمَغْرِبَ والعِشَاءَ والفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قليلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِن شَعَرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ

(1) ليست في المطبوعة، ولا عند مسلم.

(2)

انصبَّت قدماه: أي انحدرت.

(3)

في مخطوطة برلين: (أصعدت)، وعند مسلم (حتَّى إذا صَعِدَتَا مشى).

(4)

ليست في مخطوطة برلين، وهي عند مسلم.

(5)

ليست في المطبوعة، وهي عند مسلم.

(6)

البُدن: جمع بَدَنَة، وهي ما يتقرّب بذبحه من الإبل.

(7)

ليست في مخطوطة برلين، ولا عند مسلم.

ص: 238

بنَمِرَةَ، فَسَارَ، فَنَزَلَ بها، حتَّى إذا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بالقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ (1) لَهُ، فَأتَى بَطْنَ الوادي فخَطَبَ النَّاسَ وقال: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمِ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدكُمْ هذا، أَلَا كُلَّ شَيءٍ مِنْ أَمْرِ الجاهِلِيَّةِ تَحْت قَدَميَّ مَوْضُوعٌ، ودِمَاءُ الجاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الحارِث -وكانَ مُسْتَرْضِعًا في بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ- ورِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وأَوَّلُ ربًّا أَضَعُ مِنْ رِبَانا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فإنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلَّهُ، فَاتَّقُوا اللَّه في النِّسَاءِ فإنِّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانِ اللَّه واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه، ولَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلكَ فاَضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمَعْرُوفِ، وقَدْ تَرَكْتُ فيكُمْ مَا لنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتابُ اللَّه، وأَنْتُمْ تُسْئَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ. فقال (2) بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُها إلى السَّماءِ ويَنْكُتُهَا (3) إلى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثلَاثَ مرات، ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ، ثُمَّ أقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أقامَ فَصَلَّى العَصْرَ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شيئًا، ثُمَّ رَكِبَ حتَّى أَتَى المَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ ناقَتِهِ القَصْوَاءِ إلى الصَّخَرَاتِ، وجَعَلَ حَبْلَ (4)

(1) رُحِلَتْ له: أي جعل عليها الرحل (النووي، شرح صحيح مسلم 8/ 181).

(2)

أي أشار.

(3)

قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 184: (هكذا ضبطناه ينكتها بعد الكاف تاء مثناة فوق، قال القاضي: كذا الرواية بالتاء المثناة فوق، قال: وهو بعيد المعنى، قال: قيل صوابه ينكبها بباء موحدة، قال: ورويناه في سنن أبي داود بالتاء المثناة من طريق ابن الأعرابي، وبالوحدة من طريق أبي بكر التمار، ومعناه: يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرًا إليهم، ومنه نكب كنانته إذا قلبها، هذا كلام القاضي).

(4)

قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 186: (روي حبل بالحاء وإسكان الباء، وروي بالجيم وفح الباء. قال القاضي عياض رحمه الله: الأول أشبه بالحديث. وحبل المشاة: أي مجتمعهم، وحبل: الرمل ما طال منه وضخم. وأما بالجيم فمعناه: طريقهم وحيث تسلك الرجالة).

ص: 239

المُشاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ واقفًا حتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ أُسامَةَ خَلْفَهُ، ودَفَعَ حَتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بها المَغْرِبَ والعِشاءَ بأَذَانٍ واحِدٍ وإقامَتَيْنِ، ولم يُسَبحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَصَلَّى الفَجْرَ حينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بأذَانٍ وإقامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ القَصوَاءَ حَتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرامَ (1)، فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَحَمِدَ اللَّه وكَبَّرَهُ وهَلَّلَهُ ووَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا حَتَّى أسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَع قَبْلَ أَنْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ الفَضْلَ بْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حتَّى أَتَى بَطْنَ محَسَّرٍ (2)، فَحَرَّكَ قليلًا ثُمَ سَلَكَ الطَّريقَ الوُسْطَى التي تَخْرُجُ على الجَمْرَةِ الكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الجَمْرَةَ التي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فرماهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبرُ مَعَ كُلِّ حصَاةٍ منها مِثْل حَصَى الخَذْفِ (3)، فَرَمَى مِنْ بَطْنِ الوادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إلى المَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ بيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَر ما غبَرَ (4)، وأَشْرَكَهُ في هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضعَةٍ (5)، فَجُعِلَت في قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، فَأكَلا مِنْ لَحْمِهَا وشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَأفَاضَ (6) إلى البَيْتِ فَصَلَّى بمَكَةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى [على](7) بني عَبْدِ المُطَّلِبِ يَسْقُونَ على زَمْزَمَ، فقالَ: انْزَعوا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ على سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ. فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ منهُ" (8).

(1) موضع خاص من المزدلفة ببناء معلوم.

(2)

موضع بين مزدلفة ومنى.

(3)

الخذف: الرمي برؤوس الأصابع.

(4)

ما غَبر: أي ما بقي.

(5)

البَضْعة: القطعة من اللحم.

(6)

أفاض: أسرع إلى بيت اللَّه الحرام.

(7)

ليست في مخطوطة برلين، ولا عند مسلم.

(8)

أخرجه مسلم في الصحيح 2/ 886 - 892، كتاب الحج (15)، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (19)، الحديث (147/ 1218)، وهو عنده أطول من هذا وفيه أحكام كثيرة، وقد اجتزأ منه البغوي هذا اللفظ.

ص: 240

1842 -

وقالت عائشة رضي الله عنها: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ومِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فلمَّا قَدِمْنا مَكَّةَ قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ولَمْ يُهْدِ فَلْيَحْلِلْ، ومَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وأَهْدَى فَلْيُهِلَّ بالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ ثُمَّ لا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُما -وفي روايةٍ (1): فلا يَحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ بنحْرِ هَدْيِهِ، ومَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ- وقالَتْ: فَحِضْت، ولَمْ أَطفْ بالبَيْتِ، ولا بَيْنَ الصفَا والمَرْوَةِ، فَلَمْ أَزَلْ حائِضًا حتَّى كانَ يَوْم عَرَفَةَ، ولَمْ أُهْلِلْ إلَّا بِعمْرَةٍ، فَأمَرَنِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَنْقُضَ رَأْسي وأمْتَشِطَ، وأُهِلَّ بالحَجِّ وأَتْركَ العُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ حتَّى قَضَيْتُ حَجِّي، فَبَعَثَ مَعِي عَبْدَ الرَّحمنِ بْنَ أَبي بَكْرٍ، وأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكانَ عُمْرَتِي مِنَ التَّنْعِيمِ. قالت: فَطَافَ الذينَ كانوا أَهَلُّوا بالعُمْرَةِ بالبيتِ وبَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا بَعْدَ أنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وأَمَّا الذينَ جَمَعُوا الحَجَّ والعُمْرَةَ فإنَّما طافوا طَوَافًا واحِدًا"(2).

1843 -

وقال عبد اللَّه بن عمر: "تَمَتَّعَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، فساقَ مَعَة الهَدْيَ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وبدأَ فَأَهَلَّ بالعُمْرَة، ثمَّ أَهَلَّ بالحَجِّ، فَتَمَتعَ النَّاسُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالعُمْرَةِ إلى الحجِّ فكانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، ومِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قالَ للنَّاسِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فإنَّهُ لَا يَحِلُّ من شيءٍ حَرُمَ مِنْه حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّةُ، ومَنْ لَمْ يَكنْ مِنْكُمْ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 419، كتاب الحيض (6)، باب كيف تهل الحائض بالحجِّ والعمرة (18)، الحديث (319)، ومسلم في الصحيح 2/ 870 - 871، كتاب الحج (15)، باب بيان وجوه الإِحرام (17)، الحديث (112/ 1211).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في المصدر السابق، وفي 3/ 415، كتاب الحج (25)، باب كيف تُهل الحائض والنُّفَساء (31)، الحديث (1556)، ومسلم في المصدر السابق، الحديث (111/ 1211) و (112/ 1211).

ص: 241