الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحُمَيْد:
بتفخيم الميم أيضًا على لفظ سابقه.
أسرة من أهل بريدة ووهطان، وكانوا قبل ذلك في الصباخ، وهم أبناء عم للمبارك بمعنى أن (المبارك) متفرعون من الحميد.
ذكرني أهل المعرفة أن أصلهم يرجع إلى بني خالد.
وهم أسرة متميزة بمزايا طيبة بل جليلة في كثير من الصفات، ففيهم المتدينون المشهورون المحبون للعلم والعلماء، وفيهم رجال المال والأعمال التجارية الناجحة.
وكان منهم فلاحون متميزون بسعة الفلايح وكثرة الأعمال فيها.
عرفنا من الشخصيات البارزة في (الحميد) مبارك بن حمد الحميد، وهو معروف بالصدق وحسن المعاملة، وكان معتمدًا لدى أكثر أهل القرى يجلبون إليه القمح والحبوب ويقيمون عنده يستضيفهم، وكان معروفًا لا يقول فيما يتعلق بالمعاملات إلَّا الصدق، وكان يبيع العيش الذي هو القمح واللقيمي في دكان له في جنوب جردة بريدة، فكان كثير من الناس يشترون منه من دون أن يحددوا الثمن مقدمًا لثقتهم به، وأنه لا يزيد في ثمن سلعته، كما أنه لا يغش أو يدلس فيها.
وكان والدي رحمه الله يحبه ويثني عليه، وإذا أراد شراء شيء من القمح أرسلني إليه، وقال لي: لا تقل له بكم؟ بس قل له: يقول أبوي: يعطيك بكذا ريالًا عيش طيب.
واعتماد بعض أهل القرى عليه، ومعاملتهم له جاء في قصة ذهاب الفريق إبراهيم الطاسان من النبهانية حيث أهله إلى بريدة فالشام.
وقصته مذكورة في كتابنا الذي لا يزال تحت التأليف وهو (معجم أسر غرب القصيم) وذلك أنه تبع أناسًا من أهل النبهانية بلده كانوا مسافرين إلى
بريدة وتبعد أربع مراحل أي أربعة أيام على الإبل لمن يسير في النهار، فلما وصل إلى بريدة قصد بيت (مبارك الحمد الحميد) ولم يكن في بريدة في ذلك الوقت ولا في غيرها من مدن نحد مطاعم ولا مقاه ولا فنادق، لذلك لابد لمن يأتي إليها من خارجها أن ينزل على رجل من أهلها في بيته.
رحب به (مبارك الحمد) لأن والده عميل له، وبعد أيام أخبره إبراهيم الطاسان أنه يريد أن يذهب إلى الشام مع عقيل، فسهل له ذلك، وسافر بالفعل إلى الشام!
وابنه حمد بن مبارك الحمد درس عندنا في المعهد العلمي في بريدة فترة عندما فتحنا المعهد في عام 1373 هـ. ولم يكمل دراسته فيه، وإنما التحق بالمدرسة الثانوية ثم تركها مشتغلًا بالتجارة عند أبناء عمومته آل راشد الحميد.
ثم اشتغل بالتجارة والأعمال التجارية الحرة حتى أصبح من التجار الناجحين.
أذكر فيما يتعلق بحمد هذا أنني عندما سافرت إلى بيروت لأول مرة في عام 1375 هـ سافرت إلى جدة للذهاب منها إلى لبنان لأنه لم تكن تقوم طائرات من الرياض إلى بيروت في ذلك الحين، فسافرت مع الخطوط اللبنانية التي كانت تسمى (إير ليبان) من جدة إلى بيروت على نية أن أسافر بعد خمسة أيام أو أسبوع من بيروت إلى القاهرة، وأن أقضي هذه المدة ما بين لبنان وسوريا وفلسطين حيث كنت قررت أن أزور القدس وأصلي في المسجد الأقصى، وذلك قبل أن يستولي عليه اليهود.
وصادف أن سافر من جدة إلى بيروت على الطائرة نفسها حمد المبارك الحمد فأخبر آل راشد، وكان الإخوان عبد العزيز الراشد وسليمان الراشد في لبنان لهم بيت ومحل تجاري ويستقبلون الناس ويستضيفونهم، فأرسلوه إليَّ مع سيارة وسائق لهم، فطاف بي أنحاء لبنان من الفجر إلى قرب منتصف الليل حيث كنا تعشينا في زحلة على ضيافتهم.
ثم لم أر (حمد المبارك) لمدة زادت على أربعين سنة، وحدث أن كنت مسافرًا إلى أثينا من الرياض في طائرة يونانية كان هدفي أن أسافر سفرًا عابرًا من مطار أثينا إلى روما، إذ لم يكن لي عمل آنذاك في أثينا، وإنما كنت ذاهبًا إلى روما، ولم يكن في الدرجة الأولى في الطائرة أحد غيري ورجل آخر عربي ورجل أوروبي، ومرت هذه الطائرة بالكويت حيث لبثنا في مطاره ساعتين تعرفت أثناءها على الراكب العربي؛ وإذا به (حمد المبارك) يبدو كأنما أغار عليه الزمن واستلب منه الشياب وأدخله في دائرة الكهولة، ولذلك لم أعرفه ولم يعرفني أول الأمر، وعندما تعارفنا قال لي: كنت أظن الشيخ محمد العبودي الآن (شايب طايح)! فقلت: أما شايب فنعم، وأما طائح فلا!
وكان كتب حمد المبارك هذا الكتاب المؤرخ في 4 شعبان من عام 1374 هـ إليَّ من بيروت: