الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عود إلى الحديث عن الأستاذ علي الحصين:
كتب إليَّ الأستاذ الدكتور عبدالحليم العبد اللطيف مدير التعليم في منطقة التعليم سابقا أنه يريد أن يكتب كتابًا عن الأستاذ علي الحصين ويريد مني أن أكتب له كلمة يضمنها ذلك الكتاب أذكر فيها ما أعرفه عن الحصين لكونه أصدق صديق لي.
واتصل بي الدكتور عبد الله بن الأستاذ علي الحصين يحبذ ذلك ويؤكد طلب الكتابة تلك، وقد كتبت ذلك في كلمة أنشر هنا منها ما لم أذكره بالنص قبل ذلك.
صديقي الشيخ علي بن عبد الله الحصيِّن:
تعرفت على الأستاذ علي بن عبد الله الحصيِّن لأول مرة في مدرسة بريدة الحكومية التي كان مديرها أستاذنا عبد الله بن إبراهيم السليم، وكانت هي المدرسة الوحيدة في بريدة آنذاك، ولم تكن الدراسة فيها تصل إلى إنهاء الدراسة الابتدائية، بل كانت بمثابة المدرسة التحضيرية، وكنا طلابًا فيها في عام 1360 هـ.
كان (علي الحصين) يكاتبني عندما أغيب عن بريدة مع شيخنا الشيخ عبد الله بن حميد إلى الرياض بكل ما يتعلق بالثقافة والكتب وأحوال الشيخ، وطلبة العلم وكنت أكاتبه بنحو ذلك.
بعد وفاة علي الحصيِّن:
بعد وفاة علي الحصيِّن، رحمه الله، كنا نراه في المنام كثيرًا، وأذكر أن شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قال لي: لقد رأيت (علي الحصين) في المنام قبل ليلتين وقد حضر وقت الصلاة فقمنا نصلي ولم يقم معنا للصلاة، فقال له البعض: قم صلّ يا علي، فقال: أنا ما عليَّ صلاة.
وقد عقب على ذلك الشيخ عبد الله بن حميد بقوله: لقد صدق علي الحصين بأنه ليس عليه صلاة لأنه ميت والدار الآخرة دار جزاء ليس فيها صلاة يثاب عليها الإنسان، لأن ذلك يكون في الدنيا التي هي دار عمل!
أما أنا فإنني كنت أراه في المنام ولما تكرر ذلك كنت أعجب - في المنام أيضا من كوني أراه مع أنه قد توفي ثم انتبه فأعرف أن ذلك أضغاث أحلام.
رحم الله صديقنا الأستاذ علي بن عبد الله الحصيِّن، وطيَّب الله ثراه.
وأشياء عامة:
لقد ظللت أنا وعلي الحصين صديقين لسنوات عديدة فكنا لا نفترق سواء في طلب العلم على المشايخ في المساجد أو في غيرها، وكنا نتذاكر من الكتب ولكننا كنا نتذاكر ونتباحث في المسائل العامة المهمة وفي المسائل التي هي غير ذلك وهي التي كدت أن أجعل لها هذا العنوان بصيغة أشياء تافهة، ولكنني آثرت كلمة عامة في وصفها على تافهة، لأنها ليست كلها تافهة.
من الأشياء التافهة أننا كنا نتندر على رجل من طلبة العلم مشهور بشدة محبته لشرب القهوة والشاي، والإكثار مهما حتى كان لا يعتذر مطلقًا عن تلبية دعوة من يدعوه إلى بيته ليشرب عنده الشاي والقهوة، وأحيانًا إذا لم يجد من يعزمه فإنه يعزم نفسه بأن يلح أو يصرح بذلك.
فاتفقت أنا وعلي الحصين على أن نختبره بأن نجعله يشرب أكبر قدر من فناجيل الشاي والقهوة لنعرف عدد الفناجيل من القهوة و (البيالات) التي يشربها من الشاي.
فرأينا أن يكون ذلك في قهوة علي الحصين في بيته لأنه ليس فيه من يحتشم منه ذلك الرجل وألا أحضر أنا أيضًا لئلا يستحيي مني.
حدثني علي الحصين قال: جهزت إبريقًا كبيرا مليئًا بالشاي ودلة مليئة بالقهوة.
وعندما شرب الرجل سبع بيالات التي هي الكاسات الزجاجية التي نشرب فيها الشاي، قال: بس، بلفظ منخفض كأنما لا يريد أن أسمعه حتى لا أقطع الشاي عنه، فقلت له: كيف، بس وحنا الآن تونا بادين؟ قال: فسر من ذلك، وقال: على هواك.
قال علي: فجعلت أسكب له من الإبريق والزِّم عليه آخر الأمر حتى شرب ستا وعشرين بيالة من الشاي، وأربعة وعشرين فنجالًا من القهوة! !
ومن الأشياء التافهة أن علي الحصين كان يشكو إليَّ من شدة الحر في القيظ وأنه لا يستطيع النوم في القائلة التي هي وقت اشتداد الحر في وسط النهار، وأنه حاول وسائل كثيرة لذلك فلم يستطع، وذلك قبل وجود الكهرباء.
وكان الناس يؤخرون صلاة الظهر أو يبردون بها حسب تعبيرهم المأخوذ من الحديث (ابردوا بصلاة الظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم)، ولكنهم على وجه العموم ينامون نومة القيلولة.
فقلت له ممازحًا: إذا أردت أن تنام هنيئًا في القائلة في شدة الحر فما عليك إلَّا أن تتزوج بعدة زوجات، فقاطعني بقوله: أنا لم أتزوج بزوجة واحدة، وكان ذلك بالفعل قبل أن يتزوج.
فقلت له: وينبغي أن يكون لك عدد من البنات فطلب مني تفسيرًا لذلك، فقلت له: إن كثيرًا من الناس المتزوجين بأكثر من زوجة يكلفون زوجاتهم بأن يروحوا عليهم أي أنهم يهفون عليهم بالمهفة اليدوية التي هي من الخوص عندما يريدون النوم، فإذا غلبهم النوم تركت الزوجة الهف أي الترويح على زوجها بالمروحة، فإذا كانت حسنة الحظ كان زوجها ثقيل النوم، فلم يشعر بتوقفها عن الترويح، أما إذا كان خفيف النوم فإنه بمجرد أن تقف عن الترويح وهو تحريك (المهفة) التي هي المروحة اليدوية من الخوص فإنه يسبها ويأمرها بمواصلة (الهفّ) عليه وهو نائم.
وبعضم يجعل بناته يروحن عليه وهو نائم، ويكون ذلك طيلة نومه في القائلة، أما في الليل فإن النوم كان على السطوح وهي ليست حارة حتى في الصيف كما هو معروف.