الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل من اطلع على شعره، ولقد نظم عددًا من القصائد في عدد من المناسبات التي شارك فيها أو عاصرها كمعركة المليدا والطرفية - الصريف وغيرها، ولكنها وللأسف الشديد ضاعت ولم يصلنا منها إلَّا النزر اليسير كمعركة البكيرية وغيرها كما سنعرف.
ويغلب على شعره الحماسة وذكر الحرب ويتميز بالقوة والجزالة في اللفظ على حد سواء.
ومما يثبت ويدلل على هذه الوطنية أن علي الحميدة وبما أنه من رجال العقيلات قام بجلب بضاعة من السيوف إلى بريدة ليدافعوا عن أنفسهم رغم عدم ربحية هذا العمل وقال في هذه المناسبة هذه الأبيات:
يا الله يا جابر عز كل مفجوع
…
تجبر عزا للي كل ما جاه راعه
ذالي ثلاث سنين ما شفت منفوع
…
وما شفت من ربعي بتاعه (1)
أحد من الذلة كنس خشَّه الطوع
…
واحد ذلف للشام يبغي بضاعه
وحنا بضاعتنا سيوف لها صوع
…
نناحي بها العدوان في كل ساعه
كله لعيني ديرة مالها فزوع
…
تبكي على عصر مضى والجماعه
تقول خلوني وانا ما أقدر أفوع
…
وغدوا بي الأجناب كني طماعه
فهو يشير هنا إلى أنه جلس ثلاث سنين دون فائدة مادية تذكر من هذا العمل، وذكر هروب البعض من مواجهة الوضع الصعب وأن من الناس من تنكر لمبادئه، ويتضح من خلال الأبيات حبه وهيامه الشديد في بلده ومسقط رأسه:(بريدة).
قتل الأستاذ عبد الله بن عبد العزيز الحميدة:
في عام 1318 هـ يقال: أن علي المحمد هجا أمير بريدة من طرف (ابن رشيد) بقصيدة، وقيل: إنه تعارك مع أحد رجاله وجنده وأرداه قتيلًا.
(1) كذا في الأصل الذي نقلنا منه.
ومنهم من قال: وشاية من أحد المرتزقة.
المهم أن سالم أراد وطلب أن يُحضر علي الحميدة حيًّا أو ميتًا، ولكن علي ترك بريدة وتوجه إلى عنيزة ماشيا على قدميه وقام رجال الأمير بتتبعه حتى وصلوا إلى عنيزة فلما رأوه هناك لاحقوه فدخل أحد البيوت ووجد صاحب البيت جالسًا في القهوة عند المشب - الوجار - فسأله عن خبره فأخبره الخبر فخبأه في دكة الحطب.
وسرعان ما دخل رجال الأمير بعد ذلك وسألوا عنه فقال: لقد صعد إلى الطاية العلوة، أي: السطح، فلما صعدوا قام بإخراجه فرأوه يسير في الشارع وهم في سطح ذلك البيت فنزلوا، وكان عددهم ستة رجال مسلحين، أما هو فلم يكن معه أي سلاح وقتها.
الحاصل أنه وبسرعة توجه إلى بيت لعائلة البسام ولم يجد فيه إلَّا امرأة تقوم بعمل المطازيز فصرخت وقالت: من أنت وماذا تريد؟ فقال: أنا أريد الابتعاد عن رجال ابن رشيد، وليس لي غرض آخر، فأشارت إلى الجصة وهي: بناية من الجص تبني لحفظ التمر وتبريده وقيل: أختبأ في بئر في المنزل.
الذي حصل أن رجال ابن رشيد دخلوا المنزل أيضًا فسألوها فقالت: لم أر أحدًا، فاستحيوا منها وخرجوا، وعندما دخل زوجها فأعلمته بالأمر وجاء زوجها إلى علي وسأله عن اسمه وحاله فأخبره عما سأل، فقال له علي: أريد قبل خروجي أن تحضُر والدتي لتوديعها، فأرسلوا إليها فجاءت مع أخيها سعود على حمار وكانت حينها كبيرة وطاعنة في السن فلما رأته بكت، ويقال: إنه كان به أثر جروح بعد تلك المطاردة.
الذي حدث بعد هذا أن البسام قام بتجهيز ذلول وقربة وزاد وبندقية وذخيرة فأخذها علي شاكرًا له صنيعه.
خرج من عنيزة قاطعًا الصريف والطرفية حتى وصل إلى الأسياح وهو يريد العراق وفي الأسياح أراد أن يأخذ بعض الوقت للراحة والتزود بالماء من أحد الآبار أو العيون هناك فرأى رجالًا تابعين لابن سبهان ولم يكونوا يعلمون بالخبر، فلم يقوموا بعمل أي شيء فارتحل من مكانه ذاك وتوجه شمالًا.
ولما صعد طعسين، في تلك اللحظة وصل إلى تلك الآبار رجال سالم الذين كانوا يتتبعونه وهو على ظهور الخيل فسألوا الرجال الذين مر بهم علي عن وصفه فأخبروهم أنهم رأوا رجلًا مر بهم على ناقة وهو ليس بعيد عنهم الآن، فقاموا بتتبع أثره فلما اقتربوا بعض الشيء سمع الفارس علي المحمد الحميدة صوت إطلاق نار فأناخ الناقة وقال: الآن رجل لرجل وأنا معي سلاحي، فأطلق النار وأصاب أحدهم فسقط، ثم قاموا بإطلاق النار عليه وأصابت (فشقة) فخذه فتحامل على نفسه وقام بربط شمالة الناقة على فخذه في مكان الجرح حتى يتوقف الدم.
ثم واصل القتال فأسقط أحدهم صريعا وأصاب آخرين فلما رأوا أن الأمر جد وأن من أمامهم شجاع مقدام قاموا بالانسحاب ومن ثم الفرار.
أما هو فلم يكن منه إلَّا أن تحامل على نفسه وواصل المسير إلى العراق.
لما وصل إلى بغداد استدعى الطبيب وطلب منه أن يخرج الفشقة التي في فخذه فاستخرجها بدون بنج أو تخدير.
لبث علي الحميدة فترة في العراق ثم توجه بعدها إلى الكويت، ولقد قال بهذه المناسبة قصيدة وهو في الطريق، بين فيها صدق التجائه إلى الله ومدى صعوبة حالته ثم توعد خصومه فيها وامتدح فيها البسام ثم ختمها بالصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونترك القارئ العزيز مع القصيدة ليستمتع معها:
يا الله يا للي عالم بالخفيات
…
يا فارج الضيقات جزل العطية
راجيك يا سماك سبع السموات
…
عبدك شكالك رافع لك يديه
أظهرت يونس من بحورٍ عميقات
…
نحا وهو في غبَّة خرمسيّه
وذا النون يوم انه دعى بالظليمات
…
أدعيتها من عقب همه فضيه
تفرج لمن ضاقت عليه الوسيعات
…
متوازي به علت باطنيه
عزَّاه يا كبدٍ على النار محماة
…
ومن المضايم يابساتٍ شفيّه
كني قريص صابني سم حيَّات
…
فكروا بي الاجناب والأهليه
والله ما أقوم قران التحيات
…
الناس لي ناموا عيوني شقيه
من شن مشاكيني على كل حزَّات
…
متمكن وسط الضلوع الخفيه
من ( .... ) جاني مفاجاة
…
يبري لابن سبهان مثل الرديه
جاروا علي يا الله عليك المكافاة
…
عادون ما بقلوبهم مرحميه
جوني بغر مير صارت سلامات
…
أذران ربي يوم ضاقت عليّه
من ظالم ما هو بدري العقوبات
…
ما احسبي إلَّا زرت حوض المنية
هو ما درى إن الليالي مديرات
…
هو يحسبه كنه ولا له قفيه
كساه سالم بالسنة خمس مرات
…
أيضًا عباةٍ فوقها مشهديه
( .... ) يا كوبان ماذي بهمَّات
…
عدواننا حطيتهم لك حفيه
والله ما يجلي عن الصدر ضيقات
…
إلَّا أن رميتك عند بابك سديّه
سيفٍ شطيرٍ يشلع الرأس بهواة
…
يشرح من الهامة لحدِّ الشطيه
ماني من اللي ياخذونه بغرَّات
…
غصب على من له قريب ودنيه
أطلب عسى من وسعه عقب ضيقات
…
عسى منازلها الجنان العليّه
عسى تهزَّع له غصونٍ طرِّيات
…
عساه ما تحرم شفاعة نبيِّه
يا الله يا مسقي رياض محيلات
…
يا مفرَّج الضيقات مبري الشكيه
صلاة ربي عد رمل الثويرات
…
واعداد ما زار الحرم من مطيّه
على نبي الله مني صلوات
…
على محمد طوَّع الجاهيليه
قال الأستاذ عبد الله بن عبد العزيز الحميدة:
ولعلي بن محمد الحميدة قصدية أخرى سجل فيها البطولات وهول المعركة فيقول فيها:
آه ويلاه من كبر البلاوي
…
كنَّ بالقلب دولابٍ يديره
ما تمثلت في قبلي هواوي
…
مير احسب لحكاياتٍ كبيره
وأنت يا لايمي بالقول غاوي
…
لابتي طيّروا في كل ديره
كيف يرضى بها فرخ النداوي
…
كان راحوا وانا حالي خطيره
اقبل الشور يا زبن الجلاوي
…
الردي لا تحطه لك ذخيره
إذكروا يوم هيجات العزاوي
…
كم فرقنا عشيرٍ عن عشيره
بالهنادي تعاقبنا الا هاوي
…
لين زحناه بسيوفٍ شطيره
نرخص العمر من خوف الشناوي
…
في نهار كما جود المطيره
واحمد الله وإنا بالله رجاوي
…
يوم صارت على العند كسيره
وقال أيضًا:
وله أخرى لم يصلنا منها إلَّا هذه الأبيات وقد صور فيها المعركة تصويرًا بديعًا وبليغًا وقد أجاد في ذلك، وأشاد باهل بريدة وشيخهم صالح الحسن والذين انضووا تحت قيادة موحد البلاد وأسد الجزيرة الملك عبد العزيز آل سعود، كما يهجو فيها الخصوم ويذكر هزيمتهم، يعتبر شاهد عيان ومشارك أساسي في المعركة:
العفو يا كون حضرته مسيان
…
يبرق ويرعد وبرقه كالمخيله
شي منه يعتق وشي بصبيان
…
أحدٍ عتق واحدٍ خويه يشيله
هذاك صالح شاع صيته بالأكوان
…
كد شاع صيته وابتلع كل ديره
دون المحارم ما تزحزح ولا لان
…
وينخا قروم خصهم من قبيله
أولاد علي نسيوا الموت ما كان
…
توحي صريخ سيوفهم بالدبيلة
وهذه أبيات من شعر العرضة وهو شعر حربي وقد ذكر في هذه الأبيات الجنود الذين شاركوا في المعركة والذين جاء كثير منهم من (مشهد) بلد في فارس،