الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نعود للشيخ ابن حسين تزوج بنت صالح الجقَّالي وأتت منه بولد مات في صغره وبالجملة فهو محبوب عند أهالي عنيزة لأنه مسالم وإن كان يميل إلى الشدة في الأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعد إعفائه من قضاء عنيزة استمر في مسجده بالعجيبة إمامًا ومرشدًا ومدرسًا ويتنقل ما بين المريدسية والربيعية في أملاكه وأهله الذين فيها لأن له زوجة هناك وله أهل في بريدة، وكان يخرج بعد صلاة الفجر ثم يعود من الربيعية قبيل الظهر وربما خلف ابنه عبد الله اليوم واليومين للإقامة في الربيعية.
وكان من أخص أصدقائه والدي الشيخ عثمان فكان يفضي له بالأسرار ويستشيره ودامت الصداقة بينهما حتى توفي والدي.
ولما توفي شيخه عمر بن سليم بذي الحجة من عام 1362 هـ، وكان استتابه على قضائها وعلى الإمامة والخطابة في مرضه طلبه أعيان جماعة بريدة من الملك فعينه قاضيًا في بريدة فباشر عمله ولكن مدته لم تطل بقي نصف سنة فقط وحصل بينه وبين بعض جماعتها خلافات فطلب من الملك إعفاءه من القضاء فأعفاه، وتعين الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد خلفًا له وسدد في أقضيته وأحبه أهالي بريدة (1).
عبد الله بن الشيخ محمد الحسين:
ومن أسرة الحسين من العلماء ابنه أي ابن الشيخ محمد الحسين وهو عبد الله، فقد نشأ على ما كان عليه أبوه من العبادة والورع، وهدؤ في الطبع، وعفة اللسان، إلى جانب طلب العلم بهدوء وتؤدة فكان زميلًا لنا في المطلب، وكان يحضر حلقات الدروس معنا، وإن لم يكن منتظمًا فيها مثلنا، بل كان أكثر انتظامه في طلبة العلم على والده الشيخ محمد الحسين وعلى الشيخ صالح
(1) روضة الناظرين، ج 2، ص 289 - 193، (الطبعة الثانية).
الخريصي، وقد عينه شيخنا الشيخ عبد الله بن حميد مرشدًا في عدة أماكن كان أشهرها وأطولها (مرشدًا لأهل قرية النخيل قرب الحناكية) ولكنه لم يكن يطيل الغياب عن بريدة، بل يأتي إليها في المناسبات، وإذا جاء إليها كان أول من يتصل بهم طلبة العلم من زملائه وأنا منهم.
وقد تقاعد عن العمل منذ سنوات، وصار يصلي إمامًا في مسجد العجيبة، ولا يزال حتى الآن - 1427 هـ.
ومنهم ابنه سليمان رئيس مركز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الصفراء - 1427 هـ.
ومن الحسين هؤلاء عبد الله بن حسين الصالح أبا الخيل كان يعرف عند الناس بالزاهد، كان كثير العبادة وقيام الليل، إلى جانب الإكثار من النوافل في النهار منصرفًا عن الأمور الدنيوية.
وكان له ابنان صالحان أيضا أحدهما في سني والآخر أكبر منه، لا أدري ما فعل الله بهما.
ومنهم إبراهيم بن صالح العبد الرحمن الصالح الحسين أمير الصباخ.
وهو إخباري مجيد، دقيق في أخباره حافظ للأشعار العامية التي قيلت في بريدة وبخاصة شعر العوني الذي كان يحفظ أكثره عن ظهر قلب، وكنت أنوي تصحيح شعر العوني عليه، لأن بعض الرواة والطبَّاعين أفسدوا بعضه، كما كنت أريد كتابة القصائد عن المهنا وأبا الخيل أبناء عمه التي كان يحفظها للعوني والصغير وعلى الحميدة، وأبووني، ولكن اخترمته المنية فحالت دون ذلك وكنت أرجأته لغيابي بل وبعدي عن بريدة وأهلها.
وأخوه حسين الصالح الحسين المعروف بالحسَّاب.
لأنه يهتم بحساب السنة والنجوم على البديهة وهو لا يكتب وإن كان يقرأ القرآن، ومع ذلك صار عند الناس حجة في حساب الأنواء والنجوم التي يعرفها الناس مثل طلوع الثريا والتويبع والمرزم والجوزا إلخ، ومثل دخول الوسمي والشتاء والصيف، وكان لهجًا بذلك يبدأ به حتى من لا يسأل ولذلك عرف بالحَسَّاب، على قلة من يعتنون به هذه العناية من المتأخرين.
ولهما أخ ثالث اسمه عبد الرحمن كان يبدو أنه ليس كامل التصرف، ومع ذلك رويت عنه طرائف منها أنه كان في مجلس شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد والشيخ عبد الله رجل مهيب، فخاطبه الشيخ عبد الله من باب المجاملة قائلا له: قرِّبْ، يا شيخ عبد الرحمن، فقال: يا شيخ عبد الله: إن كان أنا شيخ صحيح، فوظفني بإحدى وظائف القضاء، وإن كان ما أناب صحيح شيخ فالله سبحانه وتعالى يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} .
واشترى مرة خيشة مليئة بالجراد من رجل من أهل القرى محتاج للنقود اشتراها منه عصرًا وأدخلها بيته فجاءه الرجل من صباح الغد يريد ثمن الجراد، فقال: ما عندي شيء الآن فأبدا الرجل له حاجته للنقود، وحاجته للخروج من بريدة فما كان منه إلا أن أخرج خيشة الجراد وهي كيسه، ولم يكن أحدث فيها شيئًا وانحلّ وكاءُ الخيشة وهو يقول: خذ جرادك، وقد طار الجراد من الخيشة وملأ الجو، ولكنه أعطاه ثمنها.
وقد مات الإخوة الثلاثة الأمير إبراهيم الصالح الحسين وأخواه في أوقات متقاربة.
وكانت وفاة الأمير إبراهيم في رجب من عام 1417 هـ.
ومن الحسين هؤلاء الدكتور محمد بن إبراهيم بن صالح بن عبد الرحمن بن حسين الصالح، يحمل شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم ويعمل الآن - 1427 هـ - أستاذًا في جامعة القصيم
له كتاب (في أسرة أبا الخيل) وهي أسرته، طبع في 127 صفحة، ولم تذكر المطبعة ولا تاريخ الطبع.
وعندما توفي الأمير إبراهيم بن صالح الحسين أمير (الصباح) رثاه الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن اليحيى الآتي ذكره في حرف الياء فقال:
هذه أبيات قلائل في أخ عزيز وصديق حميم انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس الموافق 17/ 7/ 1417 هـ، في مدينة بريدة ألا وهو الأخ إبراهيم الصالح الحسين أبا الخيل رئيس مركز إمارة الصباح، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
فُجِعْتُ والأمرُ محْتُومُ ومكْتتبُ
…
للهِ في نائباتِ الدهرِ نَحْتَسِبُ
نَبْكي صديقًا عزيرًا ضَمْه جَدَثٌ
…
عليه نارُ الأسى في القلبِ تلتهبُ
نبكي اديبًا اريبًا حاذقًا فطِنًا
…
نَدِيْمَ مَجْلِسه قدْ زانهُ الأدبُ
إذا أتيتَ رأيتَ البشْرَ يَصْحَبُهْ
…
وإنْ تُخَاطِبُه يَبْدُو المَنطِقُ العَذِبُ
يُعطيك ما شئتَ من شعر ومن حكمٍ
…
حتى تَصور أنَّ الناطقَ الكُتُبُ
نشأ شَغُوفًا بروض العلم تُسْعِفُهُ
…
للحفظِ ذاكرةٌ في حِفظها العَجَبُ
عندَ الوهيبي مَنْ كانتْ لهُ هِمَمُ
…
نِعْمَ المؤدِبُ في تعليمِهِ الأدَبُ
كذا الخريصي مَنْ طابتْ مجالِسَهُ
…
كمْ قدْ جَثتْ عِندَها الأكتافُ والرُكَبُ
ولازمَ الشهمُ شيخًا فاضلًا عَلَمًا
…
هو المُضيَانُ مَنْ تسمو بهِ الرُتَبُ
أئمة الحق والتوحيدُ ديْدَنُهُمُ
…
مشاعلٌ للهدى أعْلامُنا النُّجُبُ
فحِفظُهُ لكتَّابِ اللهِ مفخرةٌ
…
اكرمْ بها رِفعة تُرْجَى بها القُرَبُ
فالموتُ موردُ صدقْ سوفَ نشربُهُ
…
وإنْ تَبَايَن في انظارنا السببُ
كلٌّ سيفنى وإن طالَ الزمانُ بهِ
…
وكلُّ صاح لهُ مِنْ بعدِ ذا العَطَبُ
هذا مصيرُ بَنى الدُنيا وإن سلموا
…
إذا تَيقنتَ هذا يبطلُ العَجَبُ
يفنى الجميعُ ويبقى اللهُ خَالِقنا
…
لا يعتريهِ تعالى النقصُ والثُوَبُ
أين الأحبة والأحبابُ بعدهموا
…
أمرْرْ عليهم غدت مِنْ فوقِهمُ تُرَبُ
قد فارقوا الدارَ والأعمالُ تَقدُمُهْم
…
يا قلبُ ماذا تَرْجِي بعدَ ما ذهبوا