الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثائق الحميدان:
الحميدان هؤلاء فلاحون في الخب وهو خب البريدي الذي إذا أطلق اسم (الخب) لم ينصرف إلَّا إليه لأهميته، والفلاحون كلهم محتاجون إلى أن يستدينوا من التجار ديونًا يوفونها من ثمرة النخل إذا حان جدادها، ولابد لذلك من مكاتبة وتوثيق ويستدعي ذلك ذكر التاريخ وذكر أسماء الدائن والمدين والشهود على الدين.
وهذا نفعنا في تتبع أسماء بعض الأسر، ولو لم يكن ذلك موجودا لأصبح ذكر شخصيات تلك الأسر من الفلاحين من الأساطير الشفهية التي تنسى بسرعة.
ولذلك حرصت على إيراد تلك الوثائق للاستفادة التاريخية منها، رغم ما قد يصحب ذلك من كراهية بعض الأسر من كون المنتسب إلى أسرتهم لم يذكر إلَّا في معرض الدَّين والدائنين، ولكن تلك كانت حالة البلاد والعباد الاقتصادية الحرجة، وليس في ذكر الدين حرج على أحد كما ذكرت ذلك في مقدمة الكتاب.
وقد عثرت على أوراق عديدة تذكر محمد بن عثمان بن حميدان راع الخب - أي خب البريدي.
وتذكر كما تذكر غيرها علو همة الرجل، وثقة التجار به لأنه كان يستدين مبالغ كبيرة ويسددها لهم ثم يستدين غيرها من ذلك ما ورد في هذه الوثيقة التي تتضمن مداينة بينه وبين غصن الناصر (بن سالم) وهو رأس أسرة الغصن السالم وثري معروف إن الدين فيها هو ألفان من وزنات التمر شقر ومكتومي عوض أربعة .... يحل التمر في صفر الخير من عام 1275 وأقر محمد بن عثمان أنه أرهن غصن على هذا الدين ثمرته على عمارته فيه وهي ثلثان الملك ونصف، وأيضًا أقر أن لحق عليه في ذمته وقال الكاتب: أعني محمد بن عثمان بن حميدان لغصن - الناصر، مائة وخمسين وزنة تمر شقر، و
…
وزنة تمر من تمر السكره الفائق لغيره وأيضًا سبعة أربيل وأرهن
…
ولم يذكر كاتب الوثيقة، وليس فيها إلَّا كلمات معدودة تحتاج إلى تفسير مثل العمارة وسبق الكلام عليها، وسوف يأتي أيضًا ربما في أكثر من موضع وأنها ما يملكه الفلاح في النخل والفلاحة التي ليست له، وإنما هي لقوم آخرين اتفقوا على أن يفلحها ويستغلها بجزء من ثمرتها للذين يملكونها، وغالبًا ما تكون العمارة جزءا من ثمرة النخل أكثر من نصيب مالكي النخل.
أما السكرة الفائقة لغيرها فهي السكرية المعروفة الآن، وكان يقال لها سكرية الجمعة، لأنها نبتت أول الأمر في ملك لآل جمعة في حويلان.
ويدلنا على ذلك أن غصن الناصر ذكر سكرة الجمعة في مداينة أخرى إذ طلب أن يكون التمر منها، وقد ذكرت ذلك في ترجمة (الجمعة) في حرف الجيم.
وهذه وثيقة مداينة كاملة مؤرخة ومعروف كاتبها والشهود فيها، وهي تشبه التي قبلها حتى في ذكر تمرة السكرية التي أسميت هنا (السكيكرة) تصغير السكرة، المنسوبة إلى السكر لفرط حلاوتها، والوثيقة بخط حمد بن سويلم كتبها في 25 من ربيع الأول سنة 1274 هـ.
والشاهد فيها محمد بن عبد المحسن بن سيف.
وتحتها وثيقة أخرى بخط إبراهيم بن علي بن مقبل وهو أخو الشيخ القاضي الشهير سليمان بن علي المقبل كتبها في نهار رابع من جمادى الآخر سنة 1274 هـ والدائن فيها هو غصن بن ناصر (السالم) والشاهد فيها هو حسين بن هديب.
ووثيقة ثالثة بخط إبراهيم بن علي المقبل أيضًا فيها مبلغان يحل أجل أحدهما في عام 1275 هـ ويحل أجل الثاني في عام 1276 هـ والشاهد فيها علي العجلان.
وتحتها وثيقة رابعة بخط إبراهيم بن علي المقبل أيضًا وتتضمن دينًا بمبلغ ضيئل هو خمسة وعشرون صاع حنطة، ومع ذلك كان الشاهد رجلًا كبير القدر، بل يعتبر من الزعماء في بريدة وهو عودة الرديني رأس أسرة العودة الرديني الآتي ذكرهم في حرف العين، وستأتي ترجمته هناك.
على أن الأمر يحتاج إلى تدقيق، فربما يكون هذا الرجل من الحميدان المتفرعين من الربيش.
ووثيقة خامسة بعد هذه الرابعة وقد اختلف الكاتب فيها فهو صالح الجناحي الذي سبق الكلام عليه في أسرة (الجناحي) في حرف الجيم.
وتتضمن هذه دينا بثمانية عشرة ريالًا، وهذا مبلغ جيد في ذلك الوقت يكفي أن نقرأه لنعرف ذلك إذ ذكر أنه ثمن ناقة والناقة تساوي في معدل الثمن ثلاثة آلاف ريال في الوقت الحاضر، وفهمنا أن هذا الدين داخل في رهن سابق الغصن يحل الدين في صفر 1275 هـ وأيضًا ريال ثمن صفحة، والصفحة هي
جلد البعير المدبوغ الذي تتخذ منه الغروب القوية التي تخرج الماء من البئر السقي النخل والرزع.
والشاهد على هذه الوثيقة هو الثري المعروف في وقته عمر الجاسر.
ووجدنا وثيقة أخرى أقدم عهدًا من التي قبلها لأنها تخص عثمان آل حميدان، وكاتبها هو الشيخ القاضي الشهير سليمان بن علي آل مقبل، وتاريخها في 12 من ذي القعدة من عام 1285 هـ.
والدائن فيها هو علي الناصر وهو أخ لغصن الناصر من أسرة السالم نفسها، وعلي أكثر ثراءا، وأرفع قدرا من أخيه غصن، ولذا ذكره ابن بشر في تاريخه.
والوثيقة واضحة الخط وإن تكن سيئة الوضع وتصويرها ليس ناصعًا.
وتقول: أقر عثمان آل حميدان بأن في ذمته لعلي الناصر ألف وزنة تمر تزيد خمسمائة وزنة تمر، وتزيد كذا: عبارة يأتون بها لتأكيد المعنى بدلًا من أن يقولوا كما
نقول نحن ألف وخمسمائة وزنة تمر ثم قالت: وسبعة اريل أي أن الدين هو تمر وريالات فضية يحل أجل هذا الدين في شهر رمضان سنة 1258 هـ.
والدين كبير لأن ألف وخمسمائة وزنة تمر تساوي ألفين ومائتين وخمسين كيلو من التمر، وهذا كبير بالنسبة إلى تلك العصور والشاهد فيها من أسرة الدائن (آل سالم) وهو مبارك السالم.
ولكون الحميدان متفرعين من أسرة التركي المتفرعة من أسرة البريدي العريقة التي نسب إليها (خب البريدي)، يوصف في الوثائق بأنه راع الخب أي صاحب خب البريدي، ومن ذلك هذه الوثيقة المؤرخة في عام 1300 هـ حيث ذكرت حميدان العثمان راع الخب وهي بخط الشيخ العالم محمد العبد العزيز
الصقعبي، وذكر حميدان هذا وهو في شهادة إقرار بين محمد العلي بن منيع بأنه مستعد بأن ثلثي المكان الذي يراد به حائط النخل الذي اشترى من سليمان العبد الكريم الجاسر وأخيه جاسر بأن يسقمه ويبرده من جميع النوائب.
فيسقمه بمعني يتعهده بما يلزم له من السقي وغيره، وقولها يبرده أي لا يلحقه شيء من المصاريف الإضافية كالنوائب التي قد يأخذها الحكام بمثابة ضرائب يفرضونها على النخيل.
ومنهم دحيم بن حميدان التركي كان فلاحا في القصيعة في ملك الحميدان، ذكر لي الأستاذ سليمان العيد أنه لم يجد من يدينه فدخل إلى بريدة يبحث عمن يدينه حتى يشتري إيلا يصدِّر عليها أي يسني عليها، ولم يجد فوجدوه في الطريق بين بريدة والقصيعة ميتًا قد تغطى بمشلحه، وقال الناس: إنه مات قهرًا، وظني أن ذلك إشاعة، وإنما مات بسبب آخر، والله أعلم.
ومن (الحميدان التركي) هؤلاء أناس سكنوا في القصيعة وصاروا من أهلها منذ وقت بعيد.