الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
دعوات من القلب:
اللهم إغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم وأبدله دارًا خيرًا من داره وزوجًا خيرًا من زوجه، وافسح له في قبره ونور له فيه، وأعذه من عذاب النار، اللهم اجعل مسكنه جنة النعيم مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
بهذه الدعوات الخالصة المخلصة أدعو بها من قلبي الراضي بقضاء الله وقدره لوالدي الشيخ عبد الله السليمان الحميد، الذي وافاه الأجل المحتوم صباح الاثنين الثالث من الشهر السادس، ذلك الرجل المجاهد في سبيل الله الذي أمضى عمره في خدمة دينه ومليكه ووطنه بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
نعم كان رحمه الله قد قضى قرابة ثلاثين عامًا في جهات تهامة من مناطق المملكة الجنوبية في البرك، والقنفذة، وجيزان، وغيرها، مجاهدًا في سبيل الله بتنوير بصائر الناس في تلك المناطق عن طريق النصح والوعظ والإرشاد والتوجيه الصحيح لمعرفة أمور دينهم وما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم بإلقاء النصائح التوجيهية سواء في المساجد أو المجتمعات، وتزويدهم بالنصائح المطبوعة التي يستفيدون منها، مع ما يقوم به من عمل القضاء في تلك الجهات وتدريس لبعض طلاب العلم هناك، حيث تولى الكثير منهم مناصب قضائية.
واضطرته ظروف عائلية بعد طول هذه المدة إلى الانتقال للقصيم بعد موافقة الجهات المختصة، فتم له ذلك بمباشرة عمله قاضيًا في بعض قري منطقة القصيم، ومنها الفوارة، والأسياح، والبكيرية، حتى أحيل إلى التقاعد في آخر النصف الأول من عام 1383 هـ بعد أن كان له الشرف في خدمة الدولة قرابة (أربعين عامًا).
ففرغ نفسه لطلاب العلم في أحد مساجد بريدة القريبة من مسكنه للقراءة عليهم والمطالعة حيث يقوم بشرح ما يقرأ عليه، ومع هذا وخلال تلك السنوات رأت جماعة تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة فتح العديد من مشاريعها الخيرية وهو تحفيظ القرآن الكريم بالمساجد حيث كلف رحمه الله بالإشراف على هذه الجماعة وطلبتها في القصيم، وملاحظة ما يقف في طريقهم من عقبات بدون مقابل احتسابًا لوجه الله وابتغاء لثوابه، حيث حفظ الكثير من صغار السن القرآن الكريم عن ظهر قلب حفظًا وتجويدًا، مع ما يقوم به رحمه الله بالشفاعة لمن يستحق الشفاعة وخصوصًا مع الفقراء والمحتاجين لدى الجهات التي تتطلب ذلك مهما كان مقرها وجهتها ويحضر الندوات التي تقام في المساجد في أوقاتها ولا يعطي لنفسه الراحة التامة عن مساعدة المحتاج، وبذل الصلح بين الطرفين مهما كانت قضيته في بيته، أو في المسجد أو في أي جهة كانت، حتى يذهب الطرفان من عنده متصالحان قد دب في نفسيهما المحبة والرضاء، وكان رحمه الله يؤدي مناسك العمرة في شهور رمضان من كل عام ويبقى في مكة المكرمة حتى الانتهاء من صيام الستة من شوال ويؤدي مناسك الحج في الوقت الذي يرى فيه نفسه نشيطًا حتى أقعده المرض وانتقل إلى رحمة الله بعد عمر يشهد له إن شاء الله بالخير والثناء الطيب والعمل الصالح الذي يرجو ثوابه من عند الله.
فرحمك الله رحمة واسعة وجعل قبرك روضة من رياض الجنة والحمد لله على قضائه وقدره فإنا لله وإنا إليه راجعون.
عبد العزيز بن عبد الله الحميد
ترجم له الأستاذ محمد بن عثمان القاضي ترجمة موسعة ذكر فيها تواريخ الأعمال التي قام بها الشيخ عبد الله بن سليمان الحميد وهو يعرفه معرفة شخصية.
وهذا نصها:
هو العالم الجليل الورع الزاهد الشيخ عبد الله بن سليمان بن عبد الله بن حميد، ولد هذا العالم في مدينة بريدة في بيت علم وتُقى ودين سنة 1320 هـ، ورباه والده أحسن تربية وقرأ القرآن وحفظه في الكتاتيب وتعلم مبادئ العلوم وقواعد الخط والحساب فيها ثم شرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة.
مشائخه: والده سليمان وعبد الله بن مفدَّى وعبد الله وعمر بن سليم وعبد العزيز العبادي وعبد الله بن سليمان بن بليهد وحمود بن حسين الشغدلي ومحمد بن كريديس لازم هؤلاء في أصول الدين وفروعه وفي الحديث والتفسير وعلوم العربية وتعيَّن في أحد جوامع بريدة وهو يافع في سنة 1338 هـ، ودرَّس في أصول الدين وفي الفرائض فيه سنة 1345 هـ وفي ذي الحجة سنة 1346 هـ سافر مع رجال الدعوة والإرشاد إلى تهامة في القنفذة إمامًا ومرشدًا ثم في العرضية وفي وادي حلي ثم خلف الشيخ محمد بن مقبل على قضاء القنفذة مدة إجازته، وفي سنة 1349 هـ تجوَّل في القنفذة وما حولها للدعوة والإرشاد وترتيب أئمة المساجد والمؤذنين بأمر من الحكومة، وفي سنة 1351 هـ نُقل إلى قضاء البرك والإمامة والخطابة في جامعه والدعوة والإرشاد فيه، وكان يصدع بكلمة الحق لا يخاف في الله لومة لائم، وظل في هذه المنطقة سنين ونفع الله به فقد تخرج على يديه قضاة ومدرسون وإداريون.
وفي سنة 1362 هـ نُقل إلى قضاء عسير في أبها وما حولها وفي عام 1363 هـ عاد إلى قضاء البرك، وفي سنة 1366 هـ نُقل إلى قضاء القنفذة وأنهى دعاوي قديمة، وفي سنة 1367 هـ نُقل قاضيًا في جيزان بعد محمد التويجري، وفي شهر شوال سنة 1370 هـ سافر إلى القصيم وعُيّن قاضيًا في الفوّارة من منطقة القصيم، وفي سنة 1372 هـ صحب الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد من قبل حكومتنا للنظر في دعاوى وقضايا في الحجاز، وفي سنة
1373 هـ عيَّنه الشيخ عمر بن حسن رئيس الهيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رئيسًا لهيئة القصيم والمرشدين والدعاة والوعَّاظ ثم طلب الإعفاء فأعفي. وفي سنة 1376 هـ تعين قاضيًا في الأسياح، وفي سنة 1378 هـ نُقل قاضيًا في البكيرية خلفًا للشيخ عبد العزيز السبيل، وظل في قضائها والإمامة والخطابة فيها إلى إحالته للتقاعد في دخول رجب سنة 1383 هـ.
وكانت له حلقات في كل المدن التي زاول العمل في قضائها وله تلامذة كثيرون منهم صالح بن عبد العزيز الخضيري وعبد الرحمن بن محمد الجطيلي وعبد الكريم التويجري، وعبد الله بن عمر بن سليم وعلي الحواس وعلي الغُضية وعبد الله الزامل وعبد الرحمن الزامل آل عفيسان في آخرين من الذين خارج نجد، وانتدبته حكومتنا الرشيدة في مهمات رسمية وقام بإنهائها على أكمل وجه، وكنت من رواد المكتبة العلمية في بريدة ورأيته مرارًا فيها، وعليه حلقة يدرسون عليه في الكافية الشافية لابن القيم، وفي غيرها إمرارًا على طريقة تدريس القدامى، وقد قام بتأسيس مكتبة علمية في البكيرية ذكره ابنه عبد العزيز وله مؤلفات كثيرة مختصرة ورسائل عديدة منها نصيحة المسلمين عن البدع وحسن الإفادة وفي النهي عن الربا والغش في المعاملات والهدية الثمينة ومجموعة خطب منبرية.
أثنى عليه ثُلة من العلماء ومن بينهم حافظ الحكمي، وقال إنه لم يقتصر علمه على حل القضايا فحسب بل تعداها إلى أعمال جليلة نافعة في التوجيه والإرشاد والوعي والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان يعتمر في رمضان كل عام ويحج كثيرًا ومرض زمنًا ولكنه لم يُقعِده عن حضور الجمع والجماعات، ولما اشتدَّ به المرض نقل إلى المستشفى وبقي عشرين يومًا وضعف جسمه ووافاه أجله المحتوم يوم .....
وقد أكثر من قراءة الكتب على والده أن قيامه بإمامة مسجد ماضي المعروف في بريدة، وأخذ من علوم الشريعة كثيرًا حتى تأهل ووصل إلى مكانة العلماء.
نشاطه العلمي وأعماله وسيرته:
أم الناس في أحد مساجد بريدة وهو صغير السن عدة سنوات، وفي عام 1346 هـ عُيِّن في تهامة اليمن، أولًا بالقنفدة إمامًا ومرشدًا في وادي حلي، ثم في العرضية ثم خلف الشيخ محمد بن صالح المقبل مدة إجازته بقضاء القنفدة.
وفي عام 1349 هـ تجول في قضاء القنفذة للدعوة والإرشاد وترتيب أئمة المساجد والمؤذنين بأمر من ولاة الأمور، وكان له في تلك المنطقة أثر طيب.
وفي بداية عام 1351 هـ نقل إلى قضاء البرك وتولى الإمامة والإرشاد فيها، ومكث فيها مدة طويلة وجلس للتدريس خلال هذه المدة ونفع الله به.
فكان له تلاميذ عدة، تولوا مناصب دينية وإدارية نذكر على سبيل المثال منهم الشيخ عبد الرحمن شيبان القائم بقضاء النماص (1)، والشيخ حسن زيد القائم بقضاء القحمة (2)، سابقًا وأحد القضاة في المحكمة الشرعية في أبها، ومحمد بن علي بن مشعي القائم بإمامة وخطابة المسجد الجامع في البرك، وغيرهم كثيرون لا تحضرني أسماؤهم.
وفي عام 1362 هـ نقل إلى قضاء عسير أبها وملحقاتها وكيلًا لقاضيها مدة مرضه، ثم عاد إلى البرك حتى عام 1366 هـ إذ نقل إلى قضاء القنفذة، وأسس مدة بقائه فيها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكتب نصائح لعموم مشايخ القبائل هناك، وكان له أثر طيب ونفع كثير، وأنهى دعاوي قديمة، ولكن لم يطب له المقام لرداءة الأحوال الجوية، فنقل منه إلى قضاء جازان ومكث فيها مدة، وبعد مراجعات كثيرة أعفي من القضاء في شوال عام 1370 هـ. وسافر إلى بلده،
(1) قاعدة بني شهر وبني عمرو في السارة في إمارة بلاد عسير ملحق بها عدد من القرى.
(2)
بلدة ذات إمارة يتبعها قرى بمنطقة جازان.
وفور وصوله كُلف بقضاء الفوارة من منطقة القصيم.
ولما كلف الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد بالتوجه إلى الحجاز للنظر في الدعاوى والقضايا القديمة، كلف الشيخ عبد الله بن حميد بمرافقته فرافقه وعاد معه بعد انقضاء المهمة.
وفي محرم عام 1373 هـ نقل إلى رئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقصيم فقام بها خير قيام، ورتب أعضاء المرشدين والوعاظ الآمرين بالمعروف في كل بلد من القصيم، ثم طلب الإعفاء منها وبالغ بالطلب، فنقل إلى قضاء الأسياح، وباشر العمل فيه في ربيع الأول من سنة 1376 هـ حتى عام 1378 هـ حيث نقل منه إلى قضاء البكيرية ولم يزل فيه حتى عام 1383 هـ حيث أحيل إلى التقاعد.
ولثقة المسؤولين بفضيلته ولكفاءته وإخلاصه وحرصه على العدل والخير، كان كثيرًا ما ينتدب في مهمات رسمية فيعينه الله ويسدد خطاه، وتحصل قناعة المتنازعين ورضاء الطرفين به.
وقد أسس مكتبة علمية في مدينة البكيرية زودها بالكتب النافعة بمساعدة بعض الأدباء الحريصين على منفعة المواطنين جزى الله الجميع خيرًا.
وقد أسهم رحمه الله بتأليف الكتب المفيدة فله مصنفات دينية قيمة، وله مجموعة خطب منبرية.
وقد أثنى عليه عدد من العلماء في سيرته.
فكتب في الثناء عليه عدد ممن عرفه من تلاميذه وغيرهم، وكتب عنه أحد تلاميذه مقالًا بعنوان:(إذا أحب الله عبدًا وضع له القبول في الأرض).
وقال فيه الشيخ حافظ بن أحمد حكمي عالم جازان المشهور رحمه الله: (إنه لما كان انسلاخ شهر رمضان عام 1370 هـ بلغنا خبر فادح، وحادث
جلل على الجميع وهو نقل قاضي جازان الشيخ عبد الله السليمان بن حميد، ذلك الكفؤ الشديد الأمين، ذو الورع الديني، والدين المتين الذي ما برئت ذمة ولي الأمر برائتها بمثله، ولا فرح الرعية بأحد فرحهم به، ولا حزنوا على مثله كلهم عامة وطلبة العلم خاصة، ذلك بأنه لم يكن عمله منحصرًا في وظيفته التي هي سماع الدعوى والبينة فحسب، بل اجتمعت فيه النصيحة بكل معانيها وجميع وجوهها، فكان مفتاحًا للخير، داعيًا إليه، حاثًّا عليه، حريصًا على براءة ذمة المسلمين، وإصلاحهم، حاضًّا لهم على ما يكفل نجاحهم وخلاصهم، مصلحًا ذات بينهم، مجدًا في تصحيح عقائدهم وأعمالهم، ورفضهم لقبيح الأعمال، ناشرًا في ذلك الرسائل، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر.
ومنهم الشيخ علي بن سليمان الحميد شغل عدة مناصب، آخرها مساعد رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقصيم، ثم رئيس هيئة الأمر بالمعروف في بريدة.
دهسته سيارة في جردة بريدة وسط جمع من الناس، فكان أن نادي بأقصى ما يستطيع من صوت مع أنه في حالة أقرب من الموت إلى الحياة قائلًا: اشهدوا تراي سامحته، إشهدوا تراي سامحته، ثم مات من يومه بسبب هذه الدهسة.
إنها عجيبة من الصعب تصورها لولا أنها مشهودة من كثير من الناس في ذلك اليوم.
وكان علي بن سليمان الحميد لي صديقًا لأنه كان ذكيًّا رقيق الطبع يحب النكت والنوادر، ويسجل المسائل ذات الوضع الخاص في الفقه، ونحوها مما كان العلماء الأوائل يسمونها باللطائف، وكذلك كان يكتب القصائد من الأشعار الفصيحة على قلتها، وحتى الموجود منها كان مقطوعات موزونة، وكان يسجل ذلك في ورقة أو ورقتين، وليس له مؤلف مكتوب فيما أعرفه.
وقد سألت ابنه عبد الرحمن عما إذا كان يوجد الآن شيء في أوراقه مما
ذكرته، فأخبرني أنه لا يوجد لديهم من ذلك شيء، ولا أشك بأن السبب هو أن الناس حتى طلبة العلم لم يكونوا يبالون بمثل هذه الأمور.
كان الشيخ علي بن سليمان الحميد شديدًا، في فرض العقوبة على الذين يخالفون الأوامر الشرعية كالذي يفتح دكانه في وقت الصلاة، وكالمرأة التي تظهر إلى السوق بلباس متبرج، ومن ذلك عقوبة من لا يحضرون صلاة الفجر مع الجماعة أي أنهم لا يصلون الفجر جماعة، وكان من أولئك عدد من طلاب معهدنا لأنهم شبان بعضهم غرباء لا يسكنون مع أهلهم، لذلك ربما غلبهم النوم، فكان إمام المسجد القريب من بيوتهم إذا عدهم مع الجماعة في صلاة الفجر والعدد للصلاة في الفجر هو أن ينادي مؤذن المسجد على جماعة المسجد واحدًا واحدًا، كل منهم باسمه فيقول: فلان بن فلان فإن قال: نعم، أو خير، أو حاضر، عرف أنه قد حضر صلاة الجماعة، لأن المساجد لم تكن فيها أنوار في الفصول الثلاثة التي هي غير فصل الشتاء حيث يكون في المسجد سراج.
ومن لم يجب النداء عرف أنه لم يصل، فيعظه إمام المسجد أو مؤذنه عن عدم العودة إلى التخلف عن صلاة الجماعة في الفجر، فإن عاد أخذ شماغه وهو غطاء رأسه.
وعندما تطورت الأمور وصار أخذ الشماغ لا يعد عقوبة فعالة صار أئمة المساجد يرفعون بأسماء المتخلفين عن صلاة الفجر إلى رئيس هيئة الأمر بالمعروف فيحضرهم عنده ويكتب عليهم تعهدًا يوقعون عليه أنهم سوف يحضرون صلاة الجماعة في الفجر، لا يتخلفون عنها، ومن عادوا للتخلف كتب رئيس هيئة الأمر بالمعروف إلى الأمير بحبسه، وقد يصل الأمر بالمصرين على ترك الصلاة مع الجماعة إلى التأديب بالضرب.
وكان الشيخ علي بن سليمان الحميد في المسئولية في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من موقعه نائبًا للرئيس ثم لكونه الرئيس، فصار لا يتساهل ولا
يتهاون في عقوبة من يرفع عنهم أئمة المساجد بأنهم لا يصلون الفجر مع الجماعة.
ومرة تخلف أحد موظفي المعهد العلمي وكنت مديره فكتب الشيخ علي بن سليمان الحميد إلى أمير القصيم يطلب منه حبسه عقابًا له على ذلك.
وقد أرسل إليَّ أمير القصيم آنذاك، وهو ابن بتال الأستاذ سالم بن إبراهيم الدبيب رئيس ديوان الإمارة يخبرني بذلك شفهيًّا ويقول: إذا لم تسووا الأمر مع رئيس الهيئة - يعني علي السليمان الحميد - فإننا سوف نسجن الرجل.
فشق عليَّ الأمر وكلمت الشيخ علي بن سليمان الحميد فوجدت إصرارًا منه على ذلك، فقلت له: إنه لا يليق أن يسجن مدرس بالمعهد، وماذا يبقى من منزلته عند طلبته، بل وعند سائر الناس، إذا سجن لتهاونه في أمر ديني؟
فقال الشيخ علي: هو يستحق، والمعهد الذي عينه في هذه الوظيفة يستحق.
وبعد أخذ ورد معه قبل الشيخ علي أن نكلفه بألا يعود إلى ترك صلاة الجماعة في الفجر في مقابل ألا يسجن وقد تم ذلك.
وهذه رسالة موجهة من الشيخ علي بن سليمان الحميد إليَّ وإلى صديقي الأستاذ علي الحصين، وقد كتبها الشيخ علي من القنفذة عندما وصل إليها قال:
بسم الله الرحمن الرحيم
جناب الأخوان الكرام المشايخ محمد بن ناصر العبودي وعلي عبد الله حصين - سلمهما الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام أدام الباري علينا وعليكم نعمة الإسلام.
موجب الكتاب إبلاغكم السلام والسؤال عن حالكم لا بكم سوء ولا مكروه، بعده نخبركما أننا ولله الحمد بأتم الصحة والعافية نرجو أنكم كذلك.
وصلنا القنفذة وتوجه الأخ عبد الله لجيزان وأنا مقيم بباقي أشغال للأخ وعن قريب أتوجه طرفكم إن شاء الله.
إخواني من طرف السند حق الاشتراك فهو ياصلكم والسبب الذي أخره أني اشتغلت بمكة ولا أعرف مكان عبد القدوس الأنصاري، ووجدناهم زائدين قيمة الاشتراك جعلوه عشرة أريل وإليكم السند بذلك.
أخي محمد، أرجوك غاية الرجاء أنك تكتب أسماء الكتب التي عندك لنا وتحفظها جزيت عنا خيرًا، هذا ما لزم بلغوا سلامنا أنفسكم والوالدين والشيخ والإخوان عموم كتبت هذا وأنا مشغلون الفكر ولا أحد من يوسع الصدر سوي كتب أطالع فيها ومن لدينا الأخ عبد الله توجه أمس هو والقرعاوي وحافظ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم: علي بن سليمان الحميد
16/ 5/ 67
ومنهم صالح بن سليمان الحميد أحد طلبة العلم على المشايخ أمَّ في مسجد في بريدة ثم بعث إلى اليمن السعودي الذي يراد به منطقة جازان، وما كان عنها جنوبًا مرشدًا وإن لم يتول منصبًا هناك.
ومات في تلك البلاد، لأنها كانت بلادًا وبيئة فيها حمى الملاريا، وغيرها من الأمراض المستوطنة.
ذكره الشيخ صالح العمري من بين تلاميذ الشيخ القاضي عبد الله بن محمد بن سليم فقال: تولى بعض المناصب الدينية في منطقة جيزان، وتوفي هناك، رحمه الله (1).
(1) علماء آل سليم، ص 132.
قال الشيخ صالح بن سليمان العمري:
الشيخ صالح بن سليمان بن حميد:
ولد رحمه الله بمدينة بريدة بحدود عام 1332 هـ تقريبًا، وقد تعلم القراءة والكتابة في بريدة، وحفظ القرآن عن ظهر قلب، ثم لازم الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم فأخذ عنه حتى توفي.
كما لازم الشيخ عمر بن محمد بن سليم وأخذ عنه، وهو أكثر مشايخه نفعًا له، كما أخذ عن الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي، واستمر في الطلب حتى أدرك في كثير من العلوم.
وفي آخر عام 1353 هـ اختاره شيخه الشيخ عمر ضمن العلماء الذين بعثوا إلى منطقة جيزان، وقد عين إمامًا ومرشدًا في تلك النواحي، واستمر على ذلك مدة سنتين أو ثلاثا، ثم توفي رحمه الله هناك.
وهو في رأيي أعلم من بعض المشائخ الذين عينوا قضاة هناك، ولكني لا أدري لماذا لم يعين قاضيًا إلَّا أن يكون الورع منعه من ذلك، وكان له نشاط في الدعوة والإرشاد، رحمه الله، توفي رحمه الله في حدود عام 1357 هـ تقريبًا. انتهى.
وأبوهم سليمان بن عبد الله بن حميد طالب علم مجيد كان إمامًا في مسجد ماضي في جنوب بريدة لمدة طويلة، وقد عرفته وهو مسنٌّ، وكنت صغيرًا فكان معروفًا بالديانة والصلاح وقوة الشخصية.
ترجمة الشيخ صالح العمري، فقال:
الشيخ سليمان بن عبد الله بن حميد: ولد في بريدة عام 1292 هـ وهو إمام مسجد ماضي في بريدة من عام 1338 هـ، فهو الذي خلف الشيخ عبد الله بن إبراهيم المعارك على الإمامة في هذا المسجد، كان من كبار طلبة العلم في بريدة
ومن المهتمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وله قوة في ذلك.
وهو والد الشيخ عبد الله السليمان بن حميد قاضي جيزان والبكيرية، ووالد الشيخ صالح السليمان بن حميد، ووالد الشيخ علي رئيس الهيئة ببريدة، أخذ عن الشيخين محمد بن عبد الله بن سليم والشيخ محمد بن عمر بن سليم، ثم أخذ عن الشيخين عبد الله وعمر بن محمد بن سليم، وفي حائل أخذ عن الشيخ صالح السالم البنيان، ولا أعلم أنه درس أو تولي شيئًا غير الإمامة رحمه الله توفي رحمه الله عام 1362 هـ حسب ما ذكره ابنه الشيخ عبد الله (1).
ومن متأخري أسرة (الحميد) هؤلاء الأستاذ عبد الرحمن بن علي بن سليمان الحميد من رجال التربية والتعليم، ذكره الأستاذ عبد الله بن سليمان المرزوق وترجم اله: ترجمة حافلة في كتابه (رجال من الميدان التربوي) فقال:
عبد الرحمن بن علي بن سليمان الحميد (أبو عبد الله):
ولد الأستاذ عبد الرحمن الحميد في مدينة بريدة عام تسعة وستين وثلاثمائة وألف للهجرة، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة السادة ببريدة (مدرسة القدس حاليًا) وقد أكمل الدراسة الابتدائية في سنتين حيث قفز (رفع) من الصف الأول إلى الثاني ثم إلى الثالث ونجح إلى الرابع في نفس العام، ومع بداية العام الدراسي التالي نقل إلى الصف الخامس ثم إلى السادس حيث حصل على الشهادة الابتدائية في نفس العام من المعهد العلمي ببريدة حيث التحق بالصف الثاني تمهيدي، وكان حصوله على الشهادة الابتدائية عام 1376 هـ والسبب في هذا - بعد توفيق الله - أنه قد درس على والده رحمه الله وحفظ عليه جزئي تبارك وعم وهو في الخامسة من عمره، إضافة إلى الأصول الثلاثة وآداب المشي إلى الصلاة، كما تعلم عليه مبادئ النحو والكتابة والتجويد، فلما
(1) علماء آل سليم وتلامذتهم، ص 249.
التحق بالمدرسة الابتدائية كان مستواه عاليًا وتميزه على زملائه واضحًا، فكان يرفع في السنة أكثر من مرة.
وبعد الابتدائية درس في المعهد العلمي ببريدة وأنهى فيه المرحلتين المتوسطة والثانوية عام 1383 هـ، ثم التحق بكلية الشريعة في الرياض، وحصل منها على الشهادة الجامعية عام 1387 هـ.
وإضافة إلى دراسته النظامية فقد طلب العلم على عدد من المشايخ، ومنهم: الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، والشيخ صالح بن أحمد الخريصي والشيخ محمد بن صالح المطوع، والشيخ علي بن عبد الرحمن الغضية، والشيخ محمد بن صالح المرشد، إضافة إلى والده رحم الله الجميع رحمة واسعة.
ابتدأ الأستاذ عبد الرحمن حياته العملية عام 1387 هـ معلمًا للغة العربية في متوسطة وثانوية عرعر، وفي نفس العام نقل إلى منطقة القصيم فتم توجيهه إلى متوسطة أبي عبيدة ببريدة فدرس فيها اللغة العربية حتى عام 1390 هـ ثم كلف بالإشراف الاجتماعي في متوسطة أبي عبيدة من عام 1390 هـ حتى عام 1396 هـ. حيث رشح مديرًا لمتوسطة ابن قدامة ببريدة، وقد بقي مديرًا لهذه المدرسة حتى عام 1406 هـ، ثم انتقل إلى الرياض، وهناك كلف بإدارة متوسطة الخليج، ثم كلف وهو مدير بالعمل موجهًا متعاونًا، وفي عام 1408 هـ رشح للتوجيه (الإشراف) التربوي.
وقد باشر عمله موجهًا (مشرفًا) تربويًا في شعبة التربية الإسلامية في إدارة تعليم الرياض (الإدارة العامة حاليا) في 7/ 11/ 1408 هـ، وفي عام 1412 هـ انتقل إلى منطقة القصيم فعمل فيها موجهًا (مشرفًا) تربويًا في شعبة (وحدة) التربية الإسلامية في إدارة تعليم القصيم (الإدارة العامة حاليًا) واستمر كذلك حتى أحيل على التقاعد المبكر بناء على طلبه في 7/ 6/ 1414 هـ.
حضر أبو عبد الله دورة التأهيل للإدارة المدرسية لما فوق المرحلة الابتدائية في كلية التربية بجامعة الملك سعود في الرياض ودورة في التوجيه التربوي في مركز خدمة المجتمع بجامعة الملك سعود في الرياض، ودورة في الإرشاد الوقائي من المخدرات في المركز الجامعي لخدمة المجتمع في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض (1).
وذكره الدكتور عبد الله الرميان في كتابه: (مساجد بريدة) لكونه أمَّ في جامع ابابطين، فقال:
عبد الرحمن بن علي بن سليمان الحميد: تَولَّى إمامة المسجد والخطابة فيه سنة 1398 هـ وبقي فيه مدة عشر سنوات حيث استقال من الإمامة سنة 1408 هـ فتكون إمامته لهذا المسجد في الفترة (1398 هـ - 1408 هـ).
ولد في بريدة سنة 1369 هـ ونشأ فيها وتلقى تعليمه في مراحله الأولى فيها، حتى تخرج من المعهد العلمي عام 1383 هـ ثم التحق بكلية الشريعة بالرياض، وتخرج منها سنة 1387 هـ، إلى أن قال: ثم انتقل إلى إدارة التعليم بمنطقة القصيم عام 1412 هـ، وفي عام 1414 هـ طلب الإحالة إلى التقاعد المبكر وتفرغ للأعمال الحرة (2).
ورد ذكر أحدهم وهو محمد الحميد - بترقيق الميم في محاسبة بينه وبين محمد السليمان (العمري) فصح آخر حساب في ذمة محمد الحميد لمحمد السليمان أربعة أريل إلَّا جرش، والجرش: هو ثلث الريال وليس القرش الذي نعرفه الآن، لأنه لم يكن يعرف فضلًا عن أن يوجد في نجد في ذلك الزمان.
وهذه الأربعة إلَّا الثلث مؤجلات يحل أجلهن في رمضان سنة 1290 هـ وأرهنه في ذلك بيته المعروف بشمالي بريدة الذي انتقل إليه من (نصرة السليم) .. الخ.
(1) رجال من الميدان التربوي، ص 140 - 142.
(2)
مساجد بريدة، ص 196.
والشاهدان فيها هما عمر السليمان بن فضل وعيسى العبد الكريم (العيسى)، والكاتب هو راشد السليمان ابن سبيهين وهو المعروف بأبو رقيبة، ثم حذفت كلمة (أبو) من اسم ذريته فصاروا يسمون الرقيبة.
وبيته الذي أشار إليه معروف لنا فهو يقع على شارع الصناعة القديم قبل أن يوسع الشارع إلى الجنوب من مسجد ابن شريدة في شمال بريدة القديمة، وقد عهدت أحفاده يسكنون فيه.
ومنهم إبراهيم
…
الحميد كان يعمل في خفر السواحل في جدة وكان قبل ذلك يذهب مع عقيل أهل الشام وكان يحفظ الشعر والأخبار ذا ذاكرة عجيبة.
حدثني فهد المبارك (أبو صدام) قال: سافر معي إبراهيم
…
الحميد من بريدة إلى جدة فكان طول الطريق يحدث وينشد الشعر حتى - والله - لقد تمنيت أن جدة أبعد من ذلك المكان وأننا لم نصل إلى جدة.